المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بحيرى الراهب يبشر بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم



أبو شامة المغربي
09/04/2006, 07:00 PM
بحيرى الراهب يبشر بسيدنا محمد
صلى الله عليه وسلم

عن داود بن الحصين قال:
لما خرج أبو طالب إلى الشام وخرج معه رسول الله صلى الله عليهوسلم في المرة الأولى، وهو ابن اثنتي عشرة سنة، فلما نزل الركب بصرى من الشام وبها راهب يقال له بحيرى في صومعة له، وكان علماء النصارى يكونون في تلك الصومعة يتوارثونها عن كتاب يدرسونه.
فلما نزلوا بحيرى وكان كثيراً ما يمرون به لا يكلمهم حتى إذا كان ذلك العام ونزلوا منزلاً قريباً من صومعته قد كانوا ينزلونه قبل ذلك كلما مروا، فصنع لهم طعاما ثم دعاهم، وإنما حمله على دعائهم أنه رآهم حين طلعوا وغمامة تظل رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين القوم حتى نزلوا تحت الشجرة، ثم نظر إلى تلك الغمامة أظلت تلك الشجرة، واخضلت أغصان الشجرة على النبي صلى الله عليه وسلم حين أستظل تحتها، فلما رأى بحيرى ذلك نزل من صومعته وأمر بذلك الطعام فأتي به وأرسل إليهم.
فقال: إني قد صنعت لكم طعاما يا معشر قريش، وأنا أحب أن تحضروه كلكم ولا تخلفوا منكم صغيراً ولا كبيراً حراً ولا عبداً، فإن هذا شيء تكرموني به.
فقال رجل: إن لك لشأناً يا بحيرى ما كنت تصنع بنا هذا، فما شأنك اليوم؟
قال: فإني أحببت أن أكرمكم ولكم حق فاجتمعوا إليه.
وتخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين القوم لحداثة سنه ليس في القوم أصغر منه في رحالهم تحت الشجرة.
فلما نظر بحيرى إلى القوم، فلم ير الصفة التي يعرف ويجدها عنده، وجعل ينظر ولا يرى الغمامة على أحد من القوم ويراها متخلفة على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال بحيرى: يا معشر قريش لا يتخلفن منكم أحد عن طعامي.
قالوا ما تخلف أحد إلا غلام هو أحدث القوم سنا في رحالهم فقال: ادعوه فليحضر طعامي، فما أقبح أن تحضروا ويتخلف رجل واحد مع أني أراه من أنفسكم، فقال القوم هو والله أوسطنا نسبا، وهو بن أخي هذا الرجل يعنون أبا طالب، وهو من ولد عبد المطلب.
فقال الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف: والله إن كان بنا للؤم أن يتخلف بن عبد المطلب من بيننا ثم قام إليه فاحتضنه، وأقبل به حتى أجلسه على الطعام والغمامة تسير على رأسه، وجعل بحيرى يلحظه لحظا شديدا، وينظر إلى أشياء في جسده قد كان يجدها عنده من صفته.
فلما تفرقوا عن طعامهم قام إليه الراهب فقال: يا غلام أسألك بحق اللات والعزى إلا أخبرتني عما أسألك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسألني باللات والعزى، فو الله ما أبغضت شيئا بغضهما.
قال: فبالله إلا أخبرتني عما أسألك عنه.
قال: سلني عما بدا لك.
فجعل يسأله عن أشياء من حاله حتى نومه، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره فيوافق ذلك ما عنده، ثم جعل ينظر بين عينيه، ثم كشف عن ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه على موضع الصفة التي عنده.
قال: فقبل موضع الخاتم، وقالت قريش: إن لمحمد عند هذا الراهب لقدرا، وجعل أبو طالب، لما يرى من الراهب، يخاف على ابن أخيه.
فقال الراهب لأبي طالب: ما هذا الغلام منك؟
قال أبو طالب: ابني.
قال: ما هو بابنك، وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيا.
قال: فابن أخي.
قال: فما فعل أبوه؟
قال: هلك وأمه حبلى به.
قال: فما فعلت أمه؟
قال: توفيت قريبا.
قال: صدقت، ارجع بابن أخيك إلى بلده، وأحذر عليه اليهود فو الله لئن رأوه وعرفوا منه ما أعرف ليبغنه عنتا، فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم نجده في كتبنا، وما روينا عن آبائنا، وأعلم أني قد أديت إليك النصيحة.
فلما فرغوا من تجاراتهم خرج به سريعاً، وكان رجال من يهود قد رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرفوا صفته، فأرادوا أن يغتالوه، فذهبوا إلى بحيرى، فذاكروه أمره، فنهاهم أشد النهي، وقال لهم: أتجدون صفته؟ قالوا: نعم، قال: فما لكم إليه سبيل فصدقوه وتركوه (http://www.hqw7.com/q7-a003-1.htm#2#2).

http://www.hqw7.com/q7-a003-1.htm (http://www.hqw7.com/q7-a003-1.htm)




د. أبو شامة المغربي

kalimates@maktoob.com (kalimates@maktoob.com)