المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كما الزجاج ..



صبا نجد
06/04/2006, 12:13 AM
إضاءة ..
شخبطة خطها يوما قلمي .. آثرت إخراجها لكم .. أتمنى أن تجد قبولا ..



لحقت عبير بوالدها وهو يهم بالخروج من المنزل ، حاملا في يده حقيبته التي تحتضن أوراقه المهمة .. كان قصير النظر في الحياة بحيث لا ير ابعد من كرشه الذي يسير أمامه ..

هم الأب بالخروج .. يده تمسك بالمقبض الذهبي للباب .. نادته من خلفه : أبي متى ستعود ؟

رد عليها قائلا : غدا ، سأذهب للمدينة المجاورة لدي بعض الأعمال .

عبير : إذن اشتر لي مجلة "صدى الحرية " عدد هذا الأسبوع .

ـ الصادرة من واشنطن ؟

ـ نعم .

خرج الأب بعد أن وعد ابنته بأن يحضر لها ما أرادت .

الساعة 12:30 بعد منتصف الليل ، الريح تخطف كل مايقف في طريقها ، كما أنها تحمل قطرات المطر المشوبة بالغبار ..

عبير مستلقية على سريرها الناعم الوثير .. حاملة بين كفيها الناعمتين رواية كتبها أحد الساقطين في هذا العالم والتي تحمل بين طياتها السم الزعاف الذي ينفث في عقول شبابنا من بنين وبنات .. رن جرس الهاتف قامت متثاقلة لتر من يتصل في هذا الوقت إنه ذلك الصنف من البشر الخالي من الذوق الذي لا يحترم الوقت ، ولا ينظر للساعة قبل أن يتصل .. رددت هذه الكلمات وهي ترفع سماعة الهاتف ..

ـ أووه أبي !! أهلا بك .. ماذا ........

قاطعها قائلا : لا شيء ياحبيبتي ، ولكن أحببت أن أسألك : ماذا تريدين بمجلة صدى الحرية ؟!!

ـ قالت لي إحدى الزميلات أن فيها شيئا يهمني ..

ـ حسنا ، لكن ماذا عن صديقتك سلمى محمد ؟ هل مازالت تصارع هذا العالم وتحاول أن تقف في وجهه ، أمازالت لا تؤمن بأننا نعيش على فتات خبز أسيادنا ولا يحق لنا أن نعترض وإلا فقدناه ، وزوجها ذلك الإسلامي المتطرف أما زال يجري خلف مايسميه بالدين والمذهب ؟!

ـ أبي ألا تذكر أنك نهيتني عن محادثتها وأمرتني بقطع علاقتي بها ؟ أنا "ترددت عبير " أنا لم أحدثها بعد سجنها ونفيها مع زوجها ..

ـ هذا عشمي فيك يابنتي .. أراك غدا تصبحين على خير ..

ـ !!!!!!!!!!!!!!!!!

أغلقت عبير سماعة الهاتف ورفعت يدها مبعدة خصلة حمراء من شعرها انسدلت على جبينها الأبيض المشرق .. ذهبت لتكمل تلك الرواية فهي شارفت على النهاية .. استلمت الرواية وتمددت على سريرها وبدأت تقرأ " أجبرت الظروف هشاما أن يسافر إلى غرب البلاد ، رحل وفي قلبه حبا لابنة جارهم متوقد ..........." توقفت عن القراءة فقد مرت أمام ناظريها صديقتها الحميمة سلمى .. مالذي ذكر والدي بها بعد سنتين من نفيها هي وزوجها ؟!!

رحلت بها ذاكرتها في محيط الذكريات وبدأت تفكر ..

أتذكر أني التقيت بها في السنة الأولى من مرحلتي الجامعية لقد كانت فتاة تتقد نضجا وذكاء .. فكرت أن تنظم حزب معارضة لسياسة المحتل في بعض الأمور ، لكن بعد رفع طلب الموافقة على تنظيم الحزب قوبل طلبها بالرفض ، بل وأصبح المسؤولون يكيدون لها ليوقعوها لكن كان إله الكون حاميها ، كانت جميلة بكل ماتحمله هذه الكلمة من معان ولم تفكر يوما أن يكون جمالها سلعة كما تفعل بعض الرخيصات بل كانت تستره بنقاب يحجب ذلك القمر المنير .. هذا النقاب جعلها محط سخرية بعض التافهين والتافهات في الجامعة .. تزوجت ونحن في السنة الثانية من أحمد عبدالرحمن ذلك الشاب الوسيم صاحب البشرة البرونزية الذي ترتسم على وجهه بعض الشعيرات التي كونت له لحية زادت وسامته ، أحمد من تمنته بعض طالبات الجامعة ليكون زوجا لإحداهن .. منت أتمنى أن يتزوجها أخي خالد لكن أخي كان تافها وعندما سمع اقتراحي في أن يتزوجها قهقه قائلا : مجنون أنا أتزوج واحدة كهذه ؟!

فقدت والدتها وأخاها في حادث سيارة بعد زواجها بخمسة أشهر .. كانت تحدثني كثيرا عن احمد حيث كان لها الزوج والأخ والأم والأب .. كان كل شيء في حياتها .. كانا أجمل عصفورين في هذا الكون .. بنيا بيتا يدافع عن الإسلام في كل مكان .. على الرغم من الأسى والألم والتشريد الذي لقيه ذلك العش الخير فقد سجنا ستة أشهر ثم نفيا خارج البلاد كان ذلك بسبب مقالة رائعة وقعت باسميهما ، جاء في بعض سطورها " .. أما الحرية التي تتحدث عنها رئيسنا العزيز ، فالحرية حرية رأي وفكر وليست حرية مأكل وملبس .... الحرية قشة تعلق بها الواهمون في هذه البلاد ...... مالحرية إلا أكذوبة صنعتها ـ رئيسنا العزيز ـ بأمر من يوجهك ، مالحرية إلا دمية يتقاذفها المسؤولون في هذه البلاد ....." .

اتصلت الأسبوع الماضي وحدثتني بأنها وزوجها يحضران لمؤتمر في شيكاغو ، وكانت أطروحتهما بعنوان " ماذا فعلت إسرائيل ومن يحميها بالعالم ؟!" كانت الأطروحة حسبما قالت لي : تحتوي على حقائق لا يعلم بها إلا زعماء اليهود .. قالت : إناه ستتصل يوم الاثنين ـ بعد غد ـ لتخبرني ماذا جرى في ذلك المؤتمر ..

عادت عبير بقاربها الصغير بعد أن أبحرت في محيط ذكرياتها ..

ابتسمت ابتسامة عريضة وقالت : الحمد لله صدّق والدي أني قطعت علاقتي بها ، من المجنون الذي يكون له صاحبة مثلها ويتخلى عنها ؟!! قالت عبير هذا الكلام على الرغم من أن صديقتها هي التي لم تقطع العلاقة ولكن ظلت تحادث عبيرا من المنفى ، والأهم من ذلك أنها كانت تتصل على عبير من الهاتف العام وفي كل مرة من هاتف مختلف حتى لا تضعها في مأزق مع المحتل ..

استسلمت للنوم الذي بدأ يصارع جفنيها ..

الساعة 10:45 صباحا ..

شخص مايطرق باب غرفة عبير استيقظت لتر من الطارق ..

أبي صباح الخير ... كيف حالك ؟!

بخير .. وهذه المجلة التي طلبت ..

أخذت المجلة بلهفة وقبل أن تغسل وجهها شرعت في تصفحها بعد أن جلست على الأريكة الموجودة في إحدى زوايا غرفتها ..

ذهلت عندما رأت الصورة الموجودة في الصفحة الأولى .. من هذه ومن الذي معها ؟؟!!

رفعت طرفها لتقرأ العنوان الموجود فوق الصورة .. رفعت صوتها " مقتل المفكر الإسلامي أحمد عبدالرحمن وزوجته في موقف للحافلات في شيكاغو قبل دقائق من حظورهما مؤتمر هناك "

نزلت على خدها دمعة حارة حفرت أخدودا في ذلك الخد المتورد .. صرخت من فعل هذه وكيف ولماذا ؟! إنها نفس نهاية البطل محمد * في تلك الرواية التي أهدتني إياها ودمعتها على خدها وهي تقول : اقرئي ماذا قدم محمد للإسلام ، ثم اسألي نفسك ماذا قدمت ؟

انتفضت عبير واقفة رمت المجلة من بين يديها .. فكرت بالمحتل وبمكانة والدها في المجتمع .. كانت دمعتها قد جفت مع قهقهة عالية أطلقتها وهي تردد : مجنون من يصاحب سلمى .. غبي من يجعلها قدوة له (!!!!) ..


* محمد بطل رواية خولة القزويني "عندما يفكر الرجل " ..

ودمتم بخير

طارق شفيق حقي
07/04/2006, 06:30 PM
صبا نجد وكما الزجاج والقصة



والنقد ينتظر

سنعود

ضوء القمر
07/04/2006, 07:17 PM
الغالية صبا
جميلة هته القصة بنفس قدر الالم الذي يسكن ربوعها
بموت سلمى و امثال زوجها يقوى عضد الاسلام
فهم شهداء هناك ابطال هنا
ترى اقدمنا نحن الى ديننا شيئا لنصرته؟؟؟هذا هو السؤال الذي يطرح نفسه في ايامنا....
على كل
مادام الامل في امة محمد بوجود امثالك عزيزتي
اليك الود مضاعفا
اختك "ضوء القمر"

محمود الحسن
10/04/2006, 09:31 AM
في كل زاوية من حياتنا هناك ما يدعونا للتأمل والعودة للأناقة والحس

تقديري للأسلوب الممتع