المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لَقِيتُها لَيْتَنِي مَا كُنْتُ أَلْقَاهَا



أبو شامة المغربي
01/04/2006, 11:39 AM
لَقِيتُها لَيْتَنِي مَا كُنْتُ أَلْقَاهَا




لَقِيتُها لَيْتَنِي مَا كُنْتُ أَلْقَاهَا ** تَمْشِي وَقَدْ أَثْقَلَ الإمْلاقُ مَمْشَاهَا

أَثْوَابُهَا رَثَّةٌ والرِّجْلُ حَافِيَةٌ ** وَالدَّمْعُ تَذْرِفُهُ في الخَدِّ عَيْنَاهَا



بَكَتْ مِنَ الفَقْرِ فَاحْمَرَّتْ مَدَامِعُهَا ** وَاصْفَرَّ كَالوَرْسِ مِنْ جُوعٍ مُحَيَّاهَا



مَاتَ الذي كَانَ يَحْمِيهَا وَيُسْعِدُهَا ** فَالدَّهْرُ مِنْ بَعْدِهِ بِالفَقْرِ أَشْقَاهَا



المَوْتُ أَفْجَعَهَا وَالفَقْرُ أَوْجَعَهَا ** وَالهَمُّ أَنْحَلَهَا وَالغَمُّ أَضْنَاهَا



فَمَنْظَرُ الحُزْنِ مَشْهُودٌ بِمَنْظَرِهَا ** وَالبُؤْسُ مَرْآهُ مَقْرُونٌ بِمَرْآهَا



كَرُّ الجَدِيدَيْنِ قَدْ أَبْلَى عَبَاءَتَهَا ** فَانْشَقَّ أَسْفَلُهَا وَانْشَقَّ أَعْلاَهَا



وَمَزَّقَ الدَّهْرُ، وَيْلَ الدَّهْرِ، مِئْزَرَهَا ** حَتَّى بَدَا مِنْ شُقُوقِ الثَّوْبِ جَنْبَاهَا



تَمْشِي بِأَطْمَارِهَا وَالبَرْدُ يَلْسَعُهَا ** كَأَنَّهُ عَقْرَبٌ شَالَتْ زُبَانَاهَا



حَتَّى غَدَا جِسْمُهَا بِالبَرْدِ مُرْتَجِفَاً ** كَالغُصْنِ في الرِّيحِ وَاصْطَكَّتْ ثَنَايَاهَا



تَمْشِي وَتَحْمِلُ بِاليُسْرَى وَلِيدَتَهَا ** حَمْلاً عَلَى الصَّدْرِ مَدْعُومَاً بِيُمْنَاهَا



قَدْ قَمَّطَتْهَا بِأَهْدَامٍ مُمَزَّقَةٍ ** في العَيْنِ مَنْشَرُهَا سَمْجٌ وَمَطْوَاهَا



مَا أَنْسَ لا أنْسَ أَنِّي كُنْتُ أَسْمَعُهَا ** تَشْكُو إِلَى رَبِّهَا أوْصَابَ دُنْيَاهَا



تَقُولُ يَا رَبِّ، لا تَتْرُكْ بِلاَ لَبَنٍ ** هَذِي الرَّضِيعَةَ وَارْحَمْنِي وَإيَاهَا



مَا تَصْنَعُ الأُمُّ في تَرْبِيبِ طِفْلَتِهَا ** إِنْ مَسَّهَا الضُّرُّ حَتَّى جَفَّ ثَدْيَاهَا



يَا رَبِّ مَا حِيلَتِي فِيهَا وَقَدْ ذَبُلَتْ ** كَزَهْرَةِ الرَّوْضِ فَقْدُ الغَيْثِ أَظْمَاهَا



مَا بَالُهَا وَهْيَ طُولَ اللَّيْلِ بَاكِيَةٌ ** وَالأُمُّ سَاهِرَةٌ تَبْكِي لِمَبْكَاهَا



يَكَادُ يَنْقَدُّ قَلْبِي حِينَ أَنْظُرُهَا ** تَبْكِي وَتَفْتَحُ لِي مِنْ جُوعِهَا فَاهَا



وَيْلُمِّهَا طِفْلَةً بَاتَتْ مُرَوَّعَةً ** وَبِتُّ مِنْ حَوْلِهَا في اللَّيْلِ أَرْعَاهَا



تَبْكِي لِتَشْكُوَ مِنْ دَاءٍ أَلَمَّ بِهَا ** وَلَسْتُ أَفْهَمُ مِنْهَا كُنْهَ شَكْوَاهَا



قَدْ فَاتَهَا النُّطْقُ كَالعَجْمَاءِ، أَرْحَمُهَا ** وَلَسْتُ أَعْلَمُ أَيَّ السُّقْمِ آذَاهَا

(معروف الرصافي)








د. أبو شامة المغربي


kalimates@maktoob.com

طارق شفيق حقي
01/04/2006, 08:47 PM
لَقِيتُها لَيْتَنِي مَا كُنْتُ أَلْقَاهَا ** تَمْشِي وَقَدْ أَثْقَلَ الإمْلاقُ مَمْشَاهَا


الله الله

كم هي رائعة ان تأتي الكلمات موزونة فيشتاق لها المرء وتهف لها الروح

تمشي وقد أثقل الإملاق ممشاها


حريصة الثوب

والثوب الحريص هو الثوب الرث الممزق

سلمت أبوشامة

ضوء القمر
07/04/2006, 06:46 PM
سلام الله عليك اخي ابو شامة
اشكرك لطرحك هذه القصيدة الرائعة ها هنا
كما اشكرك لتذكيري باياها ايام طفولتي
حيث انني اذكر انه حين كنت في التاسعة من عمري
طلب منا مدرس العربية ان نحفطها عن ظهر قلب
و لما سول لي الشيطان ما سول و تخلفت عن حفظها
عوقبت بكتابتها عشرين مرة
و بذلك حفظتها رغم انفي...لكنني احببتها رغم ذلك..
الأنها عكست حقيقة نحاول غض الطرف عنها...ام احببتها لتخليد ذكرى العقوبة؟
على كل دعك مما كتبت ـ انا ـ اعلاه...فلربما هو محض خزعبلات لا اقل و لا اكثر

اخي شكرا مرة اخرى
اسعدك الله في الدارين
اختك "ضوء القمر"

صبا نجد
07/04/2006, 10:20 PM
أخي أبو شامة ..
شكرا لك ..
فنسوة كهذه في مجتمعات مسلمة دليل ضعف وانكسار ..
فأين المسلمون ؟!!
دمت بود ..