المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خفايا وأسرار في وثائق الخارجية البريطانية لعام 1975 -



طارق شفيق حقي
12/03/2006, 06:54 PM
خفايا وأسرار في وثائق الخارجية البريطانية لعام 1975 - الحلقة (1) .


خفايا وأسرار في وثائق الخارجية البريطانية لعام 1975 ـ الحلقة الأولى
مصر تتعهد بتنفيذ بند سري يستثني شركات أميركية من المقاطعة العربية


كشفت الخارجية البريطانية، أخيراً، النقاب عن جانب مهم من وثائقها التي تضم أسراراً وخبايا طال حجبها ثلاثين عاماً، تتعلق بالكثير من القضايا المحورية في الشرق الأوسط بعد انقضاء ثلاثة عقود على إدراجها في ملفاتها. وعلى الرغم من حجب بعض الوثائق التي تتسم بالتعقيد وبالطابع الخلافي، إلا ان ما كشف عنه من وثائق يكفي لإلقاء الضوء على حقائق مخفية من تلك الفترة حول العلاقة الإسرائيلية ـ البريطانية والموقف البريطاني من توريد السلاح للدول العربية وإسرائيل .


غير أن اللافت في الوثائق هو ما تضمنته من شرح مستفيض حول حزب البعث العراقي وخلافه مع نظيره السوري مع التركيز على صدام حسين ووصفه بالرجل القوي داخل العراق والحاكم الفعلي مع أنه كان ما يزال نائباً للرئيس أحمد حسن البكر. بالإضافة إلى وجود بعض الوثائق التي تحدثت عن الوضع في لبنان ومسألة فتح قنوات اتصال مع منظمة التحرير الفلسطينية.


«البيان» تعرض هذه القراءة الموضوعية في الوثائق من دون تبني الآراء الواردة فيها، باعتبار أن هذه الوثائق تعبر عن توجهات السياسة البريطانية ومصالحها وثقتنا بحنكة القارئ العربي كبيرة.


لا شك أن العلاقات البريطانية ـ الإسرائيلية كانت، ولا تزال، علاقات قوية ومتميزة. كيف لا، وهي التي ساهمت مساهمة جوهرية في قيام دولة إسرائيل من خلال الوعد الذي منحه اللورد بلفور لليهود بإقامة وطن قومي لهم في فلسطين، وما تبعه من مساندة ودعم في استيعاب موجات الهجرة الصهيونية وعون عسكري مباشر وغير مباشر لإسرائيل في حروبها المختلفة مع العرب.


ويبدو أن قوة هذه العلاقة قد سمحت للمسؤولين الإسرائيليين سواء من خلال إقناع الدول الأعضاء في المجموعة الاقتصادية الأوروبية بتوقيع البروتوكول المالي الملحق بالاتفاقية التجارية التي أبرمتها المجموعة مع إسرائيل، والذي يسمح للأخيرة بأخذ قروض مالية من بنك الاستثمار الأوروبي أو محاولة تخفيف آثار المقاطعة العربية لإسرائيل والشركات الغربية التي تتعامل معها من خلال الضغط على دول المغرب العربي للقبول باتفاقات مع المجموعة الاقتصادية الأوروبية تتضمن بنوداً تنص على عدم التمييز ضد الشركات التي تتعامل مع إسرائيل.


وهذه الضغوط أو المطالب الإسرائيلية تبدو واضحة في محضر اجتماع عقد بمقر الخارجية البريطانية بين وزير الدولة لشؤون الخارجية والكومنولث (غير العضو في المجلس الوزاري) عضو البرلمان المكرم هون روي هاترسلي والسفير الإسرائيلي، يوم الاثنين 6 أكتوبر 1975.


ونلاحظ من قراءتنا للمحضر أن هناك تأييداً واضحاً من بريطانيا للموقف الإسرائيلي بشأن المطالبة بسرعة المصادقة على البروتوكول المالي الملحق بالاتفاقية التجارية الموقعة بين إسرائيل والمجموعة الاقتصادية الأوروبية. ونشير هنا إلى بعض النقاط التي استرعت انتباهنا في هذه الوثيقة :


ـ إن إسرائيل تطالب المجموعة الاقتصادية الأوروبية بالمصادقة السريعة على البروتوكول وعدم ربطه بتقدم المفاوضات الجارية مع دول المغرب العربي.


ـ إن الجانب البريطاني قد دعم فكرة تطبيق البروتوكول المالي على الاتفاقية التجارية التي وقعتها إسرائيل مع المجموعة الاقتصادية الأوروبية والذي سيمنحها مدخلاً إلى بنك الاستثمار الأوروبي.


ـ إن مصر ولبنان قد وافقتا على البنود التي تنص على عدم التمييز ضد الشركات التي تتعامل مع إسرائيل في الاتفاقيات التجارية مع المجموعة الاقتصادية الأوروبية.


ـ إن دول المغرب العربي وعلى رأسها الجزائر رفضت القبول بتوقيع أية اتفاقيات تجارية تتضمن بنوداً تنص على عدم التمييز ضد الشركات التي تتعامل مع إسرائيل.


ـ إن نصوص الاتفاقية الثانية لفض الاشتباك التي وقعت بين إسرائيل ومصر تتضمن بنداً سرياً يوافق فيه المصريون على تجاهل قائمة المقاطعة فيما يتعلق بشركات أميركية محددة.


ـ إن إسرائيل قلقة من احتمال صدور إعلان سياسي أوروبي بخصوص الشرق الأوسط، وهي تعارض مثل هذا الإعلان، لأنها تمر بمرحلة في مفاوضاتها مع الدول العربية؛ وإن صدور مثل هذا الإعلان في هذا التوقيت لن يكون مفيداً لها.


ـ أحال الوزير البريطاني السفير الإسرائيلي إلى التصريحات التي تصدر في الغالب عن وزراء الخارجية البريطانيين حول أهمية عدم القيام بأي شيء من شأنه أن ينسف جهود الدكتور كيسنجر التي يبذلها في الشرق الأوسط.


هذه هي الخطوط العريضة التي تضمنتها الوثيقة، التي قد تصلح لأن تكون مفتاحاً لقراءة أعمق للوثائق المنتمية إلى المرحلة ذاتها، وفيما يلي نص هذه الوثيقة:


* «سري


محضر اجتماع عقد بين وزير الدولة لشؤون الخارجية والكومنولث عضو البرلمان المكرم هون روي هاترسلي والسفير الإسرائيلي في مقر وزارة الخارجية في الساعة 30,9 صباح يوم الاثنين الموافق 6 أكتوبر.


الحضور:


آر هاترسلي


سي في آنسون


جي ويليامز


جدعون رفائيل


زد كينار


أشار رفائيل إلى إبرام إسرائيل للاتفاقية التجارية مع المجموعة الاقتصادية الأوروبية، وقال إنه ورد في خطب ألقاها رئيس المجلس في حينه، فيتزجيرالد، أن وجود بروتوكول إلى للاتفاقية سيكون عنصراً مهماً في الاتفاقية الشاملة بين إسرائيل والمجموعة الاقتصادية الأوروبية.


وقد أثيرت مسألة البروتوكول المالي مجدداً في يوليو عندما أوصى المجلس بمواصلة المفاوضات لتوقيع البروتكول المالي. غير أنه يبدو أن ابرام البروتوكول قد جرى ربطه بتقدم المفاوضات مع دول الغرب الغربي، ولكن حل الإشكاليات في المفاوضات مع دول المغرب كان بطيئاً للغاية والحكومة الإسرائيلية متلهفة لإبرام البروتوكول المالي من دون المزيد من التأخير.


قال هاترسلي إنه عندما اجتمع المجلس في المرة الأخيرة دعمنا فكرة تطبيق بروتوكول مالي على الاتفاقية مع إسرائيل الأمر الذي سيمنح إسرائيل مدخلاً إلى بنك الاستثمار الأوروبي. والتأخير الذي حصل لم يكن بسبب تباطؤ المفاوضات مع دول المغرب العربي وإنما كان بسبب الرغبة القوية لدى المجلس بالتحديد الواضح للكيفية التي ستستخدم فيها موارد بنك الاستثمار الأوروبي ولوضع بعض النظام للأولويات والمشكلة الأخرى التي تتسبب بالتأخير وهي مشكلة مؤسساتية، فمن الصعب دائماً الوصول إلى اتفاق تام حول أي مسألة على حدة.


وقال هترسلي إنه سيذكر وزير الخارجية بشأن البروتوكول المالي لإسرائيل ويرى ما يمكن عمله. غير ان مسألة الدخول إلى بنك الاستثمار الأوروبي لأخذ قروض بأسعار خاصة، تعتبر مسألة أخرى.


قال رفائيل، في إشارة منه إلى بنود عدم التمييز، إن الاتفاقيات الأخرى التي وقعتها المجموعة الاقتصادية الأوروبية تضمنتها مصر ولبنان قبلتا هذه البنود مع انها أبطلت جزئياً في رسائل متبادلة مع المجموعة. وفهم أن دول المغرب العربي، وعلى رأسها الجزائر، رفضت بحزم القبول بأي بنود تتعلق بعدم التمييز.


والإسرائيليون يعيرون أهمية كبيرة جداً لهذه النقطة، وذلك مرده بشكل خاص إلى أنه في اتفاقيتهم الأخيرة مع مصر وافق المصريون في رسائل متبادلة على تجاهل قائمة المقاطعة في ما يتعلق بشركات أميركية محددة، وأن الولايات المتحدة قد تعهدت بمحاولة توسيع هذه الاتفاقية لتشمل الشركات الأوروبية كذلك. (هذه معلومات في غاية السرية). ولو قيّض للمجموعة الآن أن تدخل في اتفاقية لا تتضمن بنوداً تنص على عدم التمييز، لكان لذلك تأثير سيئ للغاية على هذه المحاولة لتخفيف آثار المقاطعة. وينبغي أن تبلّغ دول المغرب العربي أن عليها أن تلتزم بقوانين المجموعة.


قال هاترسلي إنه يتعاطف مع النقطة التي أثارها السفير. أما رفائيل فقال إنه قلق من احتمال أن تتقدم المجموعة بإعلان سياسي ما حول الشرق الأوسط. وإسرائيل تعارض بشدة هذه الخطوة. وقد ذكر هذه الحقيقة لكالاجان في بلاكبول.


والسبب في ذلك هو أن إسرائيل تمر بمرحلة مهمة في مفاوضاتها مع الدول العربية. وهم يتمنون كثيراً أن يروا الاتفاق مع مصر قد تحقق وتعزز في الوقت المحدد. وهم ملتزمون بصورة لا تقبل التردد بمواصلة الطريق حتى التوصل إلى تسوية مع العرب ويريدون أن يحافظوا على زخم هذا التحرك، ولكن إسرائيل تعتبر أن أي إعلان يكون مقبولاً بالنسبة للدول التسع كلها وسيتم التخفيف كثيراً من تأثيره ولن يكون مفيداً في الظرف الراهن.


أحال هاترسلي زميله رفائيل إلى التصريحات التي غالباً ما تصدر عن وزراء الخارجية البريطانيين حول أهمية عدم القيام بأي شيء قد يشوّش على جهود الدكتور كيسنجر في الشرق الأوسط، وقال إنه يفهم تماماً وجهة نظر السفير.


سأل رفائيل عن شراء العرب المحتمل للقمح من المجموعة لمصلحة مصر وما إذا كان قد تم إبرام اتفاق حتى الآن.


هاترسلي قال إن الاقتراح لا يزال قيد الدراسة ولكنه يعتقد أنه سيمضي قدماً، مع تضمين بعض الشروط المتعلقة بشكل أساسي بالتكاليف. المشكلة في مثل هذه المشاريع هي أنها تشجع على إنتاج فائض من قبل منتجين هامشيين، بينما هدفنا ضمان استخدام السقف الأعلى للإنتاج في إنتاج السلع بأنجع طريقة ممكنة.


وأشار رفائيل إشارة مقتضبة إلى الزيارة التي سيقوم بها وزير الدولة لشؤون التجارة إلى إسرائيل ورغبة إسرائيل بتخفيض عجزها التجاري مع بريطانيا».


هكذا انتهت هذه الوثيقة ـ المحضر ـ لتفسح المجال أمام قراءة وثائق أخرى تنتمي للفترة نفسها وتلقي الضوء على أسرار تتعلق بمنطقة الشرق الأوسط ظلت محجوبة عن الجمهور طوال ثلاثة عقود.


الوثيقة التالية التي تستدعي اهتمامنا، عبارة عن نص مكالمة هاتفية جرت بين رئيس الوزراء البريطاني ووزير الخارجية الإسرائيلي يستنجد فيها الأخير بلندن لحل مشكلة عويصة بالنسبة لإسرائيل تتمثل في عزم الدول العربية طرح مشروع قرار على الجمعية على الجمعية العامة للأمم المتحدة يدين الصهيونية ويدعو إلى إزالتها من الوجود في عقد السبعينات.


ويطلب وزير الخارجية الإسرائيلي إيغال ألون من رئيس الوزراء البريطاني أن تعارض المجموعة الأوروبية مشروع هذا القرار.. والوثيقة موجهة من مكتب رئيس الوزراء إلى وزارة الخارجية والكومنولث. وفيما يلي نص هذه الوثيقة:


* سري 10 داو ننغ ستريت وايتهول 13 أكتوبر 1975


عزيزي إيوين:


مكالمة هاتفية بين رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإسرائيلي .


كما أخبرت ريتشارد ديلز على الهاتف لتوي، فقد اتصل وزير الخارجية الإسرائيلي إيغال ألون بالهاتف مع رئيس الوزراء من مطار هيثرو اليوم في الساعة 12:15 خلال توقف في «ترانزيت» في طريق عودته إلى إسرائيل قادماً من الأمم المتحدة.


بالإضافة إلى تبادل عبارات المجاملة، فإن الهدف الرئيسي من المكالمة الهاتفية لألون لفت انتباه رئيس الوزراء إلى ما وصفه بـ «المشكلة الكبيرة» التي يعتقد أن وزير الخارجية والكومنولث يمكن أن يساعد فيها كثيراً. وكما أوضح ألون المسألة، فإن بعض العرب يعملون على إدانة الصهيونية وإزالتها من الوجود في هذا العقد.


وعلق ألون أن هدفهم بوضوح تقويض الأساس الأخلاقي لإسرائيل برمته. فقال رئيس الوزراء إنه هو نفسه ليس على علم بهذا الاقتراح ولكنه سينقل ملاحظات ألون إلى وزير الخارجية والكومنولث. وعلق اننا أحسنا صنعاً بشكل عام بالوقوف إلى جانب إسرائيل خلال الجلسة الخاصة. أقر ألون بهذا الأمر، وقال إن عدداً من الدول الأوروبية، بما في ذلك بريطانيا، كان عوناً للإسرائيليين، بل إن هذه الدول نجحت في جر دول أوروبية أخرى، مثل الفرنسيين والإيطاليين، معها وإن كان ذلك قد تم بتردد.


وقال ألون إن المشكلة المحددة التي أثارها من المرجح أن تطرح في اللجنة الثالثة غداً وان هناك تحركاً لتقسيم مشروع القرار إلى جزئين لتمكين الأوروبيين من التصويت ضد نظام الأبرتهايد من دون الاضطرار لمعارضة العرب حول مسألة الصهيونية. المشكلة في هذه المناورة هي أنها ستترك الدول الافريقية ودول أميركا اللاتينية من دون دعم أوروبي، وهو متخوف من أن الافارقة بوجه خاص، لن يجدوا الشجاعة للصمود لوحدهم. وبالتالي، فانه يأمل أن يكون الأوروبيون مستعدين لإبلاغ جميع أولئك المؤيدين للقرار أنه ما لم يتم استبعاد الصهيونية كلية من بنوده، فإنهم سيضطرون لمعارضة القرار ككل.


وإلى جانب ذلك، أبلغ رئيس الوزراء ألون أن وزير الخارجية والكومنولث أصيب بخيبة أمل لعدم رؤيته ألون في نيويورك، وقال إنه فهم أن ألون لم يستطع الالتزام بأي من المواعيد المقترحة. وكان هناك بعض الحديث عن قيام ألون بزيارة لندن في 7 أو 8 أكتوبر كالاجان أصيب بخيبة أمل من عدم رؤيته هنا أيضاً. وقال رئيس الوزراء أيضاً إنه سمع أن بيترشور كان مسروراً من محادثاته الشاملة مع رابين في 8 أكتوبر، مع أن رئيس الوزراء لم ير بنفسه حتى الآن تسجيلاً لهذه المحادثات.


لقد طلب مني رئيس الوزراء أن أمرر نص مكالمته مع الون إليك من أجل إطلاع وزير الخارجية والكومنولث. إيوين فيرغسون، المحترم مكتب وزارة الخارجية والكومنولث.


الوثيقة التالية التي تستدعي التوقف عندها هي رسالة مرسلة من مكتب وزارة الخارجية والكومنولث إلى مقر رئيس الوزراء في 10 داوننغ ستريت.


وهذه الرسالة تظهر مدى عمق العلاقة البريطانية الإسرائيلية وتعمد المسؤولين البريطانيين الكذب في التعامل مع العرب، فهي تتناول رأي وزارة الخارجية في موضوع زيارة مقترحة لرئيس الوزراء الإسرائيلي رابين إلى لندن وتأجيل زيارة كانت مقررة لرئيس الوزراء البريطاني إلى كل من مصر والسعودية لتكون بعد انتهاء زيارة رابين. وفيما يلي نص الوثيقة:


* سري مكتب وزارة الخارجية والكومنولث باتريك رايت المحترم لندن 10 داوننغ ستريت 8 ديسمبر 1975


ذكر رئيس الوزراء مؤخراً، لكالاجان احتمال توجيه دعوة إلى رابين لزيارة لندن كضيف على حكومة جلالة الملكة إما قبل أو بعد زيارته إلى واشنطن مباشرة في نهاية يناير. نحن بحاجة أيضاً إلى دراسة الموضوع المنفصل، ولكن المرتبط به، والمتعلق بتأجيل زيارتي رئيس الوزراء إلى كل من مصر والسعودية حتى النصف الثاني من فبراير.


نحن نتفق من حيث المبدأ أن هناك منطقاً في دعوة رابين لزيارة رسمية لموازنة تلك الزيارة التي قام بها مؤخراً الرئيس السادات إلى لندن.


إن هذه الزيارة قد تكون لها أهميتها في وقت سيتعرض الإسرائيليون فيه للضغوط من أجل السماح للفلسطينيين بدور في مفاوضات الشرق الأوسط، من حيث مساعدة الإسرائيليين في تخطي ترددهم بشأن الشروع في مسار يدركون أنه سيتطلب منهم تقديم تنازلات صعبة.


ولكن هناك صعوبات جمة في طريق هذا الاقتراح، وأنا واثق من أنك ستوافق على أن أول شيء ينبغي عمله هو إبلاغ المصريين والسعوديين على الفور بالتغيير المقترح في مخطط رئيس الوزراء. وأنا أفهم أنك تريد منا أن نخبرهم، أنه في ضوء التمديد المحتمل للجلسة البرلمانية في يناير ووطأة أعمال الحكومة، فإن رئيس الوزراء سيضطر إلى إعادة ترتيب برنامجه كله بالنسبة لشهر يناير وأنه يرغب الآن بزيارة مصر من 15 إلى 18 فبراير والسعودية من 18 إلى 20 فبراير.


ونحن لا نعلم بوجود أي سبب معين قد يجعل المصريين والسعوديين يرفضون المواعيد الجديدة، مع أن هناك احتمالاً على الدوام ألا يجدوها مريحة. وكان كالاجان قد ذكر بالتحديد خلال زيارته الأخيرة إلى السعودية المواعيد المقترحة لزيارة رئيس الوزراء البريطاني، وبالتالي، فإن السعوديين قد يتفاجأون من التغيير، ولكنهم سيتقبلون أسبابه بلا شك.


غير أننا إذا اكتفينا فقط بالتعذر أن برنامج رئيس الوزراء مزدحم للغاية في يناير كسبب لإرجاء زيارته للشرق الأوسط حتى فبراير. وسمع المصريون والسعوديون بعد ذلك مباشرة على وجه التقريب بأن رابين سيقوم بزيارة رسمية إلى لندن في يناير، فإنهم قد يستنتجون ـ وإن كان ذلك بصورة غير منطقية ـ بأن زيارة رئيس الوزراء إلى بلديهما قد تم تأجيلها من أجل عيون الإسرائيليين.


لقد استفسر السفير المصري من وزارة الخارجية والكومنولث اليوم حول تقرير نشر في «الغارديان»، في سياق محادثات ألون في لندن هذا الأسبوع، ورد فيه أن الزيارة إلى مصر قد جرى تأجيلها.


إن القيام بزيارة رسمية مقحمة إلى بريطانيا من قبل رابين من شأنها، علاوة على ذلك، أن ترحل زيارتي رئيس الوزراء إلى البلدين العربيين إلى بداية غير معروفة؛ ومن المستبعد أن يرى المصريون الزيارة على أنها لا تعدو كونها مجرد زيارة موازنة لزيارة الرئيس السادات، وذلك في ضوء الزيارات العديدة التي قام بها رؤساء وزراء إسرائيليون إلى بريطانيا في الماضي. وقد تكون هناك فائدة في إزاحة قراراتنا الصعبة حول توريد الأسلحة إلى مصر من الطريق قبل أن يأتي رابين إلى هنا في زيارة رسمية.


وبالتالي، فإن التوازن في الفائدة يبدو أنه يكمن في دعوة رابين الآن، لكي يأتي بعد زيارتي رئيس الوزراء إلى كل من مصر والسعودية، أي في مارس 1976. وهذا بالطبع ينبغي ألا يحول دون توقف رابين هنا لقضاء ليلة واحدة إما في طريقه إلى الولايات المتحدة أو في طريق عودته منها.


(آر. أن. ديلز)


تنتهي هذه الوثيقة التي تظهر مدى متانة العلاقة الإسرائيلية ـ البريطانية، والحساب الذي تحسبه لندن لتل أبيب، بحيث أنها تحرص على توجيه دعوة رسمية لرئيس الوزراء الإسرائيلي لزيارة لندن، لمجرد أنها سبقت ودعت السادات للقيام بذلك، على الرغم من الزيارات العديدة والمتكررة التي يقوم بها المسؤولون الإسرائيليون.


الوثيقة التالية تظهر مدى تغلغل التأثير الصهيوني في الأوساط البريطانية المتنفذة، فهي عبارة عن رسالة من السفارة البريطانية في تل أبيب إلى إيه. بي أورويك بوزارة الخارجية والكومنولث. وتتحدث هذه الرسالة عن أميرة بريطانية تدعى إليزابيث غاليتزاين، تطوعت للدفاع عن إسرائيل وحشد الطاقات لصالحها، وعن رغبتها بزيارة الدول العربية لرؤية الصورة من الطرف الآخر. وتوضح الرسالة كذلك أن هذه الأميرة لها علاقات قوية ونافذة في إسرائيل ومع المتعاطين مع إسرائيل في بريطانيا.


والغريب في هذه الوثيقة أنها لا تحمل عبارة «سري» المعهودة في الوثائق الأخرى، ولا «سري للغاية»، فلماذا احتجبت عن الجمهور طيلة ثلاثين عاماً؟


على كل حال إليكم نص الوثيقة، وأترك الحكم للقارئ على مدى أهمية هذه الوثيقة وهل كانت تستحق الحجب طوال كل هذه المدة:

«السفارة البريطانية تل أبيب 12 ديسمبر 1975 إيه بي اورويك المحترم دائرة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا، وزارة الخارجية والكومنولث عزيزي ألان، الأميرة اليزابيث غاليتزاين


تقوم الأميرة اليزابيث غاليتزاين بدور العلاقات العامة نيابة عن إسرائيل ومن دون أجر، انطلاقاً من قناعة شخصية، مع أنها ليست يهودية، وهي تكسب عيشها من خلال القيام بأعمال العلاقات العامة لصالح مجلس الفحم، وهي ايرلندية المولد متزوجة من روسي وتحمل جواز سفر بريطاني.


لقد تعرفت عليها في 9 ديسمبر بمكتب الناطق باسم وزارة الخارجية وتحدثنا لاحقاً حول زيارة إلى إسرائيل في الربيع تحاول ترتيبها لمجموعة صغيرة من أبرز المراسلات الصحافيات البريطانيات.


في خضم حديثنا، قالت إنها لم تقم أبداً بزيارة أية عاصمة عربية وأنها مهتمة بالقيام بذلك، وتتساءل كيف تنطلق في هذه المهمة، نظراً لعدم وجود معارف لها هناك. فقلت لها لا أعرف، ولكن قد تكون جامعة الدول العربية قادرة على تقديم المساعدة إذا أعلنت عن رغبتها وعبرت عن أمنيتها برؤية الجانب الآخر من الصورة، واعترف انه عندما سألتني كيف ستتصل بالجامعة العربية، أعطيتها اسمك، ولذا فقد تتصل بك قريباً.


وبالحكم عليها من خلال حديثها، فان لديها علاقات جيدة جداً هنا في إسرائيل ومع المتعاطفين مع إسرائيل في بريطانيا، وأنت قد تجد ان من الممتع التحدث إليها في حال بادرت بالاتصال بك.


المخلص جيم بوستون



البيان الإماراتية - 31 / 12 / 2005
إعداد وترجمة: ضرار عمير

طارق شفيق حقي
12/03/2006, 07:59 PM
خفايا وأسرار في وثائق الخارجية البريطانية لعام 1975 - الحلقة (2) .


خفايا وأسرار في وثائق الخارجية البريطانية لعام 1975 ـ الحلقة الثانية
الولايات المتحدة تعلن موافقتها على تزويد إسرائيل بطائرات إف-15


نعرض في هذه الحلقة مجموعة جديدة من الوثائق السرية التي أفرجت عنها الخارجية البريطانية في التاسع والعشرين من ديسمبر الماضي بعد حجب طال ثلاثة عقود.


تتحدث هذه الوثائق الجديدة عن موقف بريطانيا من مجموعة من القضايا المهمة المتعلقة بالصراع العربي ـ الإسرائيلي في الشرق الأوسط، ومن أبرزها المفاوضات العربية ـ الإسرائيلية التي تحاول الولايات المتحدة من خلال جهود كبير دبلوماسييها الدكتور هنري كيسنجر دفعها إلى الأمام بمساعدة الدول الأوروبية، هذا بالإضافة إلى الموقف البريطاني من مسألة بيع طائرات الجاكوار لمصر.


هذه الموضوعات جميعها وردت في رسالة موجهة من إيه.بي أورويك في دائرة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا بوزارة الخارجية والكومنولث إلى كير بتاريخ 19 ديسمبر 1975.


وهذه الرسالة مرفق بها نبذات مختصرة حول الموقف البريطاني من القضايا الأساسية التي تضمنتها، وهنا يسترعي انتباهنا مجموعة من المؤشرات ذات الدلالة الواضحة: ـ إن الأميركيين قد فقدوا السيطرة على المفاوضات في الشرق الأوسط.


ـ إن السوريين هدّدوا برفض التجديد للتكليف الممنوح لقوات الأمم المتحدة في الجولان لمراقبة تطبيق اتفاقية فض الاشتباك، ما لم يوافق مجلس الأمن الدولي على بحث قضية الصراع في الشرق الأوسط بحضور منظمة التحرير الفلسطينية.


ـ إن البريطانيين عارضوا مشاركة منظمة التحرير الفلسطينية في مداولات الأمم المتحدة حول الصراع في الشرق الأوسط بالحقوق نفسها التي تتمتع بها الدولة العضو.


ـ إن الرئيس الأميركي فورد قد أبلغ الإسرائيليين بأن الولايات المتحدة ستعارض أي محاولة عربية في مجلس الأمن لتعديل القرارين 242 و338 أو لفرض تسوية سلمية غير التي يتم التفاوض عليها بحرية بين الأطراف.


ـ طمأن الرئيس فورد الإسرائيليين بأن الولايات المتحدة ستواصل سياستها المعهودة بعدم الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية أو التفاوض معها مادامت لا تعترف بحق إسرائيل في الوجود.


ـ إن الموقف المصري كان يعارض تعديل القرارين 242 و338 وإن السادات كان ملتزماً بالاستراتيجية التي تحددت ملامحها في لقائه مع الرئيس فورد في سالزبورغ في يونيو 1975، وتتلخص في المحافظة على الهدوء في المنطقة طوال عام 1976 على أن تبذل جهود جبارة في 1977 لتحقيق تسوية شاملة.


ـ إن الإسرائيليين كان لديهم اعتقاد بأن الفرنسيين يعتزمون طرح مبادرة حول الشرق الأوسط تتضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة.


ـ إن الفلسطينيين كانوا يدرسون امكانية اعلان اعترافهم باسرائيل، وأن ياسر عرفات لم يعترض على الرأي القائل ان جميع دول المنطقة تتمتع بالحق في وجود مستقل، وأنه تحدث عن قيام محتمل لدولة فلسطينية تتألف من الضفة الغربية وقطاع غزة، بحسب مسؤول رفيع في وزارة الخارجية السوفييتية.


ـ إن الإسرائيليين مستائين من قرارات الأمم المتحدة المناهضة للصهيونية، ومن قرار مجلس الأمن بقبول مشاركة منظمة التحرير في مداولاته ومن التوجه الأميركي الرافض لاتخاذ موقف قوي لصالح إسرائيل.


ـ إن اتفاقية فض الاشتباك الثانية بين مصر وإسرائيل قد تضمنت بنوداً سرية من بينها حصول إسرائيل على طائرات إف 15 من الولايات المتحدة.


ـ إن الدكتور كيسنجر أبلغ نظيره البريطاني أنه لا يستبعد امكانية اجراء مفاوضات ثنائية بين الأردن وإسرائيل أو بين سوريا واسرائيل بشرط أن تتقدم إسرائيل بعرض محدد.


ـ أشار كيسنجر إلى احتمال تغيير الإدارة الأميركية لموقفها من منظمة التحرير الفلسطينية في حال قبلت الأخيرة بوجود إسرائيل وبالقرار 242.


ـ أقر كيسنجر أنه اذا ضغطت الدول العربية كثيراً بشأن مشاركة منظمة التحرير في مداولات مجلس الأمن، فإن الولايات المتحدة قد تضطر إلى اللجوء إلى اعاقة استصدار القرار من خلال إطالة الخطب أو قد تلجأ إلى ما هو أسوأ من ذلك.


ـ إن كيسنجر قد طلب من البريطانيين عدم التحدث علناً عن موافقة أميركا على تزويد إسرائيل بطائرات الجاكوار أو عن مشاوراتهم بهذا الخصوص مع الولايات المتحدة.


ـ إن وزير الخارجية الإسرائيلي قد حذر بأن تزويد مصر بطائرات الجاكوار من شأنه أن يضع بريطانيا وفرنسا في مسار تصادمي مع إسرائيل.


وفيما يلي نص هذه الوثيقة والملحقات المرفقة بها.


سريّ ؟


كير


نسخة إلى وير


زيارة السفير الإسرائيلي للوكيل الدائم لوزارة الخارجية المقررة في الساعة 9:30 من مساء يوم الثلاثاء الموافق 23 ديسمبر.


1. أرفق طي نبذات مختصرة حول خلفية الموضوعات التالية اعداداً لزيارة المجاملة التي سيقوم بها السفير الإسرائيلي للوكيل الدائم لوزارة الخارجية الثلاثاء المقبل:


(1) العرب/ إسرائيل (نسخة من البيان المقتضب الذي سلمّ بمناسبة زيارة السفير المصري للوكيل الدائم لوزارة الخارجية في 18 ديسمبر. مرفق أيضاً نسخة عن البرقية المرسلة من تل أبيب رقم 461 في 19 ديسمبر).


(2) بيع طائرات الجاكوار إلى مصر


(3) العلاقات التجارية الانجليزية ـ الإسرائيلية، بما في ذلك المقاطعة العربية.


(4) بيع معدات عسكرية إلى إسرائيل.


2 ـ طالب الوكيل الدائم لوزارة الخارجية أن يثار موضوع الأوراق المتعلقة بتصويت إسرائيل في الجانب الخطأ على القرارات المتعلقة ببليز في جلسة اللجنة الرابعة للأمم المتحدة في 21 نوفمبر لدى قيام السفير الإسرائيلي بزيارته التالية.


وقد أبلغنا رايت في 10 (داوننغ ستريت) بأن رئيس الوزراء البريطاني كان في باله إثارة المسألة مع ألون عندما زاره في 3 ديسمبر، ولكننا لم نر أي محضر مدون يدل على أن رئيس الوزراء قد أثار المسألة في الواقع. وأنا أرفق طي نبذة مختصرة عن هذا الموضوع في حال رغب الوكيل الدائم لوزارة الخارجية باثارته مع السفير.


3 ـ وأرفق أيضاً الرسالة التي بعثها ألون إلى وزير الخارجية حول تصويتنا في مجلس الأمن في 8 ديسمبر بشأن الغارات الإسرائيلية على لبنان، ورد وزير الخارجية عليها.


إيه بي أورويك


دائرة الشرق الأدنى وشمال افريقيا


19 ديسمبر 1975


؟ العرب / إسرائيل


1 ـ لقد فقد الأميركيون سيطرتهم، على الأقل بصورة مؤقتة على المفاوضات في الشرق الأوسط. ففي أواخر نوفمبر، هدد السوريون برفض قبول التجديد للتكليف الممنوح للأوندوف، وهي قوة الأمم المتحدة المرابطة في مرتفعات الجولان، ما لم يوافق مجلس الأمن الدولي على بحث مسألة الشرق الأوسط بحضور منظمة التحرير الفلسطينية.


فبموجب القرار 381 الصادر في 30 نوفمبر، قرر المجلس تبعاً لذلك إعادة الالتئام في 12 يناير لمواصلة النقاش حول مسألة الشرق الأوسط بما في ذلك القضية الفلسطينية، مع الأخذ بعين الاعتبار كل قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ولتجديد التكليف الممنوح لقوات الأوندوف لمدة 6 أشهر إضافية.


وفي بيان معد مسبقاً، قال رئيس المجلس (مجلس الأمن)، المندوب السوفييتي في حينه إنه جرى تفاهم المجلس للانعقاد في 12 يناير، فإن ممثلي منظمة التحرير الفلسطينية سيتم دعوتهم للمشاركة في النقاش.


2 ـ غير أنه عندما التأم مجلس الأمن بعد ذلك بأيام قليلة لبحث الغارات الجوية الإسرائيلية في 2 ديسمبر على أهداف فلسطينية في لبنان، ضغط المصريون من أجل مشاركة عاجلة لمنظمة التحرير الفلسطينية. وبعد مشاورات مطولة،


ألقى رئيس الوفد البريطاني بياناً مفاده أن 5 أعضاء في المجلس اقترحوا مشاركة منظمة التحرير الفلسطينية في النقاش، بالحقوق نفسها كدولة عضو دعيت للمشاركة في مداولات المجلس، وقد تم تبني هذا الاقتراح بأغلبية 9 أصوات مقابل معارضة ثلاثة أعضاء «المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، كوستاريكا» وامتناع ثلاثة أعضاء عن التصويت «فرنسا، إيطاليا، اليابان».


وفي تفسيره لعملية التصويت، قال ريتشارد إننا اعتقدنا بأنه سيكون تخلياً غير مرغوب به وغير ضروري عن الممارسات المعهودة للمجلس منح منظمة التحرير الفلسطينية هذه المكانة الاستثنائية، وأن جوهو الشكوى المقدمة لمجلس الأمن تتعلق بلبنان، التي تشارك بنفسها مشاركة كاملة في النقاش، وأن تصويت المملكة المتحدة في هذه المناسبة كان من دون تحامل إطلاقاً على مسألة مشاركة منظمة التحرير الفلسطينية في النقاش المزمع في 12 يناير،


وفي وقت لاحق، تم رفض القرار الأساسي الذين يدين إسرائيل من خلال الفيتو الأميركي، وكنا نحن و12 عضواً آخر قد صوتنا لصالح القرار وامتنعت كوستاريكا عن التصويت.


3 ـ إن مشاركة منظمة التحرير الفلسطينية في يناير أصبحت الآن نتيجة محتومة، ويبدو أن الأميركيين في الوقت الراهن لا يملكون فكرة واضحة حول طبيعة الموقف الذي يتعين عليهم تبنيه في النقاش، ولا طبيعة الخطوة التالية التي يتوجب عليهم اتخاذها.


وكان أثيرتون، مساعد الوزير لشؤون الشرق الأدنى في وزارة الخارجية، قد بدأ جولة في عواصم الشرق الأوسط في 16 ديسمبر، من أجل إجراء مشاورات تمهيدية حول التعامل مع النقاش في مجلس الأمن في يناير ولكي يحاول إقناع الأطراف بتبني نهج منطقي،


ومن المقرر أن يقوم وزير خارجية إسرائيل، ألون، بزيارة للولايات المتحدة في بداية يناير، ومن المفترض ان الأميركيين سيقررون خطواتهم التالية بعد هذه الزيارة، غير أنه وتبعاً لما نشرته الصحف،


فإن الرئيس فورد قد أبلغ الإسرائيليين ان الولايات المتحدة ستعارض في اجتماع 12 يناير أي محاولة عربية لتعديل قراري مجلس الأمن 242 و338 أو لغرض تسوية سلام غير التي يتم التفاوض عليها بحرية من قبل الأطراف.


وقيل أيضاً بأنه طمأن الاسرائيليين أن الولايات المتحدة ستواصل سياستها بعدم الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية أو التفاوض معها طالما أنها لا تعترف بحق إسرائيل في الوجود.


4 ـ أبلغنا السفير الأميركي في القاهرة «وهذا يجب ألا يكشف عنه» أن وزير الخارجية المصري قد تقدم بعدة أفكار حول التعامل مع النقاش في يناير. فقد اقترح ان بإمكان الأميركيين استخدام فترتهم الرئاسية للمجلس لتأمين تأجيل للنقاش،


وأن بإمكانهم طلب التعاون السوفييتي في كبح السوريين عن محاولة تغيير القرارين 242 و338، أو أن بمقدورهم العمل من أجل الحصول على ضمانات مسبقة بامتناع عدد كاف من دول عدم الانحياز عن التصويت لإحباط القرار السوري.


وعلى ما يبدو فإن الرئيس السادات مازال ملتزماً بالاستراتيجية التي تحددت ملامحها في اللقاء الذي جمعه والرئيس فورد في سالزبورغ في يونيو الماضي. إن الهدف في عام 1976، بسبب الانشغال بالانتخابات الأميركية،


ينبغي أن يتلخص في إبقاء المنطقة هادئة وأنه ينبغي بذل مجهود كبير في عام 1977 لتحقيق تسوية شاملة. وأبلغ شورت في 6 ديسمبر ان الخطوة التالية هي إعادة عقد مؤتمر جنيف؛ وكان يأمل أن يكون من الممكن التوصل إلى هيكل اتفاق شامل بحلول نهاية عام 1976.


5 ـ الإسرائيليون يعتقدون ان الفرنسيين يعتزمون طرح مبادرة حول الشرق الأوسط، قد تتضمن إقامة دولة فلسطينية على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة.


وفي الواقع ان الفرنسيين كانوا يروجون لهذه الأفكار في أوساط مجموعة الدول التسع؛ ونحن نعلم أنهم يعتقدون انه لا يمكن ايجاد حل للأزمة اللبنانية إلا إذا منح الفلسطينيون في لبنان دولة جديدة لهم.


وخلال الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس جيسكار إلى القاهرة، قال الرئيس السادات على الملأ إنه كانت لديه أسبابه ليكون مقتنعاً «بأن جيسكار سيتبنى توجهاً جديداً سيقرّبنا من حل ويجعل الموقف المصري عنصراً حاسماً لمصلحة السلام والازدهار».


6 ـ كانت هناك مؤشرات إضافية على أن منظمة التحرير الفلسطينية تدرس امكانية الاعلان عن اعتراضها باسرائيل. وقد نقل بشكل خاص عن فاروق القدومي، «وزير الخارجية» في منظمة التحرير الفلسطينية عنه قوله في مقابلة نشرت في روما في 7 ديسمبر إن المنظمة ستدرس الاعتراف بوجود اسرائيل حالما ينشئ الفلسطينيون دولتهم.


وكان مسؤول رفيع في وزارة الخارجية السوفييتية قد ابلغنا في 15 ديسمبر ان ياسر عرفات لم يعارض خلال زيارته إلى موسكو في أواخر نوفمبر، الرأي القائل ان لجميع الدول في المنطقة الحق في الوجود المستقل، وانه قد تحدث عن دولة فلسطينية محتملة تتألف من الضفة الغربية وقطاع غزة.


وفي وقت سابق، ابلغ مسؤول سوفييتي آخر السفير الهولندي انه وعلى الرغم من انهم لم يكونوا مستعدين لقول ذلك للجميع، وبالتأكيد ليس على الملأ، إلا أن منظمة التحرير الفلسطينية ستعترف بوجود اسرائيل ضمن حدود 1967.


7 ـ ان الشعور الجديد بالثقة الذي بدأ يتنامى في اسرائيل بعد إبرام الاتفاقية مع مصر في سبتمبر قد تبدد بفعل القرارات المناهضة للصهيونية في الأمم المتحدة،


وبفعل قرار مجلس الأمن بقبول مشاركة منظمة التحرير الفلسطينية في نقاشاته وبفعل رفض الأميركيين اتخاذ موقف قوي بدرجة كافية، كما يرونه لصالح إسرائيل.


وفي أعقاب نقاش مجلس الأمن حول التكليف الممنوح لقوات «الأوندوف»، أعلن الإسرائيليون عن بناء مستوطنات جديدة في المناطق المحتلة، وبخاصة في الجولان وشنوا الغارات الجوية على لبنان، التي كانت موضوع النقاش الثاني للمجلس، وأعلنوا عن رفضهم حضور اجتماع مجلس الأمن في يناير.


ومع ذلك، فإنه وعلى الرغم من أن السيد رابين وزملاءه المقربين يعتبرون متصلبين في مواقفهم إلى درجة أنهم لن يتخذوا أية خطوة من شأنها أن تعني قبولاً ضمنياً بمنظمة التحرير الفلسطينية،


إلا أن عدداً من الوزراء الإسرائيليين يفضلون كما نقل عنهم إصدار إعلان من قبل إسرائيل مفاده أنها ستتحدث مع أي مجموعة فلسطينية تتخلى عن الإرهاب وتقبل بحق إسرائيل في الوجود. وعلاوة على ذلك، فإنه من الواضح أن السيد ألون يسعى لإيجاد طرق تمكن إسرائيل من المشاركة في النقاش المزمع في يناير.


8 ـ وفي غضون ذلك، تسير عملية تطبيق الاتفاقية المصرية ـ الإسرائيلية الموقعة في سبتمبر الماضي بسلاسة. فقد استرجع المصريون حقول النفط في سيناء وبعد عيد الميلاد سيبدأون بإنشاء محطة مراقبة جديدة في سيناء.


وبالنسبة للإسرائيليين، فقد أعلنت الإدارة الأميركية في 11 ديسمبر عن قرارها بيعهم طائرة إف ـ 15 التي وعدوا بها بموجب التفاهمات السرية التي صاحبت الاتفاقية.


9 ـ (ليس للاستخدام) أبلغ الدكتور كيسنجر وزير الخارجية البريطانية في 13 ديسمبر بأنه لم يستبعد إمكانية إجراء مفاوضات ثنائية بين الأردن وإسرائيل أو سوريا وإسرائيل بشرط أن تتقدم إسرائيل بعرض محدد: قد يكون بالإمكان إشراك السوريين في المحادثات بعيد إتمام عملية فض الاشتباك في سيناء في فبراير.


وقالت الولايات المتحدة إن الدكتور كيسنجر لن يكون في وضع يؤهله للتحرك لأي مسافة في عام 1976: فأفضل الآمال بالنسبة للعام المقبل مواصلة المحادثات الإجرائية، ربما مع اجتماع للأطراف المعنية في إطار مؤتمر جنيف.


10 ـ قال الدكتور كيسنجر أيضاً إن الأمر سيحتاج إلى ممارسة ضغوط هائلة على إسرائيل لجعلها تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية. وإذا قبلت منظمة التحرير الفلسطينية بوجود إسرائيل وبالقرار 242،


فإن الإدارة الأميركية قد تتمكن من تغيير موقفها منها، حتى في عام الانتخابات، وهو يعتقد ان الروس في وضع يمكنهم من التعامل مع منظمة التحرير الفلسطينية بشكل أفضل من الفرنسيين أو مجموعة الدول التسع.


وفيما يتعلق بالنقاش في يناير، قال الدكتور كيسنجر انه إذا ضغط العرب بقوة، فان الأميركيين قد يضطرون لإطالة الخطب من أجل إعاقة صدور قرار أو قد يفعلون ما هو أسوأ من ذلك، وتساءل حول ما إذا كان ينبغي علينا ألا نحاول تأجيل النقاش، ولكنه أقر بأنه إذا قوبل هذا الطرح بمقاومة،


فقد يكون من الأفضل التفكير بتعليق الجلسة بعد جولة افتتاحية من الخطب، وفيما يتعلق بالنتيجة، وافق الدكتور كيسنجر على اقتراح وزير الخارجية بأن أفضل نتيجة من وجهة نظرنا قد تكون قراراً يدعو إلى استئناف مؤتمر جنيف.


واتفق على ان إمكانية استخدام هذا القرار بطريقة تسمح بضم الفلسطينيين، ربما على أساس قبولهم بالقرار 242، تعتبر مسألة حساسة للغاية تتطلب تفكيراً واعياً، وقال الدكتور كيسنجر انه لم يكرس جهوده حتى الآن لمشكلة التكتيكات المتعلقة بالنقاش وأن حديثه ينبغي اعتباره غير نهائي ومعاملته بسرّية تامة.


؟ بيع طائرات الجاكوار لمصر


1 ـ عبّر لنا الإسرائيليون عن قلقهم حول التقارير التي ظهرت في الصحف أثناء زيارة الرئيس السادات الأخيرة إلى المملكة المتحدة (6 ـ 9 نوفمبر) حول الصفقة المحتملة من المعدات العسكرية البريطانية (بما في ذلك طائرات الجاكوار) إلى مصر.


2 ـ شرح رئيس الوزراء للسفير الإسرائيلي بعد وقت قصير من الزيارة بأن هذه التقارير تخمينية وأنه لم يتم إبرام أية اتفاقيات. وأشار أيضاً إلى أن سياسة الحكومة بشأن توريد السلاح إلى الشرق الأوسط معروفة وذكرت علناً في مجلس العموم وأماكن أخرى في عدد من المناسبات (راجع النبذة المختصرة حول توريد معدات عسكرية إلى إسرائيل).


وأثار ألون أيضاً هذه المسألة عندما التقى وزير الخارجية والكومنولث في لندن في 3 ديسمبر وشرح كالاجان سياستنا بشأن مبيعات المعدات العسكرية إلى مصر وأبلغ ألون بأنه لم يتم اتخاذ أي قرار بشأن طائرات الجاكوار. وحذّر ألون أن تزويد مصر بطائرات الجاكوار من شأنه أن يضع بريطانيا وفرنسا على مسار تصادمي مع إسرائيل.


3 ـ أبرز إينالز في حديثه عن التقارير حول تزويد مصر بأسلحة بريطانية في نقاش بمجلة «فورين أفيرز» في 10 نوفمبر، النقاط التالية:


أ ـ لقد قمنا، كما فعل الأميركيون بتشجيع مصر على التنويع بعيداً عن الاتحاد السوفييتي.


ب ـ نواصل البقاء على اتصال وثيق مع الولايات المتحدة حول هذه القضايا المتعلقة بإمدادات الأسلحة للشرق الأوسط.


جـ ـ نحن لا نقوم، ولن نقوم، بتزويد الأسلحة إلى الدرجة التي من شأنها أن تلحق الضرر باحتمالات التسوية.


د ـ الرئيس السادات يعلم أنه إذا تم تقديم طلب شراء فإننا سنفكر جدياً بالمساعدة.


4 ـ مع أن الدكتور كيسنجر طمأننا سراً أنه لن تكون هناك معارضة على توريد طائرات الجاكوار إلى إسرائيل، إلا أنه كان حريصاً على أن لا يضطر إلى قول ذلك علناً وطلب منا أن نتجنب الإشارة العلنية إلى مشاوراتنا مع الأميركيين».


نكتفي بهذا الجزء من الملاحق المرفقة بالرسالة، وسنستكمل ما تبقى منها في الحلقة المقبلة إن شاء الله.


كيسنجر... إخفاء للموقف .

طارق شفيق حقي
12/03/2006, 08:02 PM
خفايا واسرار في وثائق الخارجية البريطانية لعام 1975 ـ الحلقة الثالثة
البريطانيون يزودون اسرائيل بألف دبابة من طراز سنتوريون

كشفت الخارجية البريطانية، أخيراً، النقاب عن جانب مهم من وثائقها التي تضم أسراراً وخبايا طال حجبها ثلاثين عاماً، تتعلق بالكثير من القضايا المحورية في الشرق الأوسط بعد انقضاء ثلاثة عقود على إدراجها في ملفاتها.


وعلى الرغم من حجب بعض الوثائق التي تتسم بالتعقيد وبالطابع الخلافي، إلا ان ما كشف عنه من وثائق يكفي لإلقاء الضوء على حقائق مخفية من تلك الفترة حول العلاقة الإسرائيلية ـ البريطانية والموقف البريطاني من توريد السلاح للدول العربية وإسرائيل .


غير أن اللافت في الوثائق هو ما تضمنته من شرح مستفيض حول حزب البعث العراقي وخلافه مع نظيره السوري مع التركيز على صدام حسين ووصفه بالرجل القوي داخل العراق والحاكم الفعلي مع أنه كان ما يزال نائباً للرئيس أحمد حسن البكر.


بالإضافة إلى وجود بعض الوثائق التي تحدثت عن الوضع في لبنان ومسألة فتح قنوات اتصال مع منظمة التحرير الفلسطينية.


«البيان» تعرض هذه القراءة الموضوعية في الوثائق من دون تبني الآراء الواردة فيها، باعتبار أن هذه الوثائق تعبر عن توجهات السياسة البريطانية ومصالحها وثقتنا بحنكة القارئ العربي كبيرة.


نواصل في هذه الحلقة عرض الموضوعات الملحقة بالرسالة التي سبق عرضها والتعليق عليها في الحلقة السابقة.


وتركز هذه الوثائق على العلاقات التجارية الانجليزية ـ الإسرائيلية والمقاطعة العربية للشركات التي تتعامل مع إسرائيل، هذا بالإضافة إلى موضوع السياسة البريطانية بشأن تصدير الأسلحة إلى الشرق الأوسط بشكل عام والصادرات البريطانية من الأسلحة إلى إسرائيل بشكل خاص، وتصويت إسرائيل في الأمم المتحدة على نحو مخالف لرغبة بريطانيا.


وفيما يلي نص الوثائق:


* العلاقات التجارية الانجليزية/ الإسرائيلية


* تعتبر إسرائيل ثاني أكبر سوق لنا في الشرق الأوسط «إيران تحتل المرتبة الأولى الآن»، ولكن جانباً كبيراً من صادراتنا «حوالي النصف في 1974» يستحوذ عليه الماس الخام «غير المصقول»:


وهي تجارة إعادة تصدير لا نكسب منها سوى عمولة متواضعة. أما صادراتنا الإجمالية فقد بلغت 219 مليون جنيه إسترليني في 1974 و197 مليون جنيه في الأشهر التسعة الأولى من عام 1975، وخلال الفترتين نفسيهما، بلغت وارداتنا «من إسرائيل» 79 مليون جنيه إسترليني و77 مليون جنيه إسترليني.


* سعى الإسرائيليون للحصول على تسهيلات من جانبنا لعدة سنوات لتخفيض عجزهم التجاري، وعقد وزير الدولة للشؤون التجارية المزيد من المباحثات حول المشكلة خلال زيارته لإسرائيل في أكتوبر، والتي تواصلت عندما قام وزير التجارة والصناعة الإسرائيلي بزيارة لندن في نوفمبر.


وقد تمكن (شور) من تلبية بعض المطالب الإسرائيلية بتقديم المساعدة لهم حول قضايا متعلقة بدائرة ضمانات قروض التصدير، وقدم رداَ إيجابياً على مطلبهم بتشكيل لجنة مشتركة بين البلدين حول مسائل الترويج التجاري. وسيكون هناك حاجة لإجراء محادثات إضافية لتحديد مضمون الاتفاقية وتوقيتها قبل أن يتم تأسيس الهيئة.


* المقاطعة العربية


* كثف الإسرائيليون من مطالبهم أن تتخذ حكومة صاحبة الجلالة موقفاً أكثر قوة إزاء المقاطعة العربية. لقد عبرنا باستمرار وفي مناسبات عديدة عن معارضتنا للمقاطعة العربية، وآخر مناسبة جرى فيها ذلك كانت على لسان شور في خطبة له ألقاها في نوفمبر في غرفة التجارة الأنجلو ـ إسرائيلية.


غير أن سياسة حكومة صاحبة الجلالة تتمثل في ترك القرارات حول القضايا المتعلقة بالمقاطعة للحكم التجاري الخاص بالشركات كل على حدة. وهذا هو الجانب في السياسة الذي يرغب الإسرائيليون بأن يتغير.


* يعترض الإسرائيليون بشكل خاص على الممارسة التي نقوم بها من تصديق لتواقيع كتاب العدل على الوثائق التي تطلبها الدول العربية من المصدرين البريطانيين بموجب قوانين المقاطعة (التي جرى التعهد بها من قبل قسم الإجراءات القانونية في دائرة الجنسية والمعاهدات في مكتب وزارة الخارجية والكومنولث).


إن مصادقتنا على التواقيع تتم طبقاً للممارسات الدولية الراسخة منذ أمد بعيد ونحن نذكر بشكل خاص على الوثائق أننا لا نتحمل أية مسؤولية عن محتوياتها من خلال التصديق على التوقيع، وكان هالبيرين، وهو موظف إداري كبير يعمل لدى مستشار الحكومة الإسرائيلية لشؤون المقاطعة.


قد زار مسؤولي وزارة التجارة ورئيس دائرة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا هذا الأسبوع وعبر عن أمله أن ندرس اتباع الممارسة الأميركية في رفض المصادقة على التواقيع على الوثائق المعدة للاستخدام «لغرض غير قانوني أو غير مناسب» وبالتالي نرفض أن نشارك في عملية المقاطعة. ولم يقدم له أي تشجيع يدعوه إلى الاعتقاد أننا سنكون مستعدين لتغيير ممارستنا الحالية.


* تنشط وزارة التجارة في محاولتها إزالة المفاهيم الخاطئة حول عملية المقاطعة في أذهان الشركات البريطانية.


* تزويد إسرائيل بالمعدات العسكرية


السياسة البريطانية حول تصدير الأسلحة للشرق الأوسط


* تتلخص سياستنا، كما ذكرت آخر مرة في مجلس العموم من قبل اينالز في 25 نوفمبر، في أننا مستعدون لدراسة الطلبات من دول الشرق الأوسط لشراء الأسلحة، فتوريد هذه الأسلحة لن يهدد، برأينا، عملية التوصل إلى تسوية عادلة ودائمة للنزاع بين العرب وإسرائيل، في ضوء حكمنا على السياسات طويلة الأمد للحالة موضوع الحديث.


* صادرات السلاح إلى إسرائيل


* نحن نعتبر الموردين الرئيسيين للدبابات إلى الإسرائيليين ولديهم الآن حوالي 1000 دبابة من طراز سنتوريون قاموا هم بأنفسهم بتجيهزها. والإسرائيليون يضغطون علينا بين الحين والآخر لتزويدهم بالمزيد من دبابات سنتوريون، ولكن نظراً إلى أن مخزوننا من فائض دبابات سنتوريون قد استنفد، فإن علينا أن نخبرهم بأننا غير قادرين على تسليم المزيد في الوقت الراهن.


* يبدي الإسرائيليون اهتمامهم أيضاً بمدفعنا الخفيف عيار 105 ملم وبدبابات سكوربيون الخفيفة وأنواعها وبدورات تدريب على دبابة سكوربيون وأسلحة للدفاع الجوي. ووزارة الدفاع على اتصال بالملحق العسكري الإسرائيلي في لندن، الذي يرونه بصورة متكررة، لبحث هذه القضايا.


* تقوم شركة فيكرز ببناء ثلاث غواصات تقليدية صغيرة بتصميم ألماني بموجب عقد وقع في مارس 1972 (وقد خسرت عقداً لبناء حوض جاف للسفن في البحرين نتيجة لذلك). وتم تدشين الغواصة الأولى هذا الشهر، بتأخر كبير عن الموعد.


* تصويت إسرائيل على القرارات المتعلقة ببيليز


* إسرائيل صوَّتت في الجانب الخطأ على القرارات المتعلقة ببيليز في اللجنة الرابعة للأمم المتحدة في 21 نوفمبر.


* التصويت الإسرائيلي تقرر على الأرجح بفعل عاملين. أولاً، قام الإسرائيليون مؤخراً ببيع عدد من طائرات النقل إلى غواتيمالا ومن المفترض أنهم يريدون تعزيز علاقات جيدة. وهم بلا شك حريصون على استطلاع إمكانات توسيع نفوذهم السياسي والاقتصادي في أميركا اللاتينية، في وقت خسروا المعركة في إفريقيا ومناطق أخرى من العالم الثالث.


* ثانياً، الكثير من دول أميركا اللاتينية منحت الدعم منذ أمد بعيد لإسرائيل في الأمم المتحدة. فعلى سبيل المثال، من بين الدول الثماني التي صوّتت ضد القرار المتعلق بمشاركة منظمة التحرير الفلسطينية في جنيف والذي تم تبنيه من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 نوفمبر، كانت كل من نيكاراغوا وكوستاريكا وهندوراس.


ولم تكن غواتيمالا مذعنة جداً: فقد امتنعت عن التصويت على القرارين المتعلقين بفلسطين، وبعد أن صوّتت لمصلحة القرارين حول عقد ضد العنصرية والتمييز العنصري، امتنعت عن التصويت على القرار المناهض للصهيونية. غير أن الإسرائيليين لا يحظون غالباً بفرصة لإظهار امتنانهم للدعم من أميركا اللاتينية في الأمم المتحدة، ومما لا شك فيه أنهم أرادوا استغلال هذه الفرصة للقيام بذلك.


* الإسرائيليون يضغطون علينا باستمرار بشأن القرارات المتعلقة بالشرق الأوسط في الأمم المتحدة، ويستاؤون كثيراً إذا صوّتنا ضد رغباتهم. وتجدر الملاحظة أنه في إحدى المناسبات النادرة التي كان يمكنهم فيها أن يسدّدوا بعضاً من ديونهم لنا، فإنهم لم يفعلوا ذلك كما يليق.

انتهت الوثائق الملحقة بالرسالة التي عرضت في الحلقة السابقة والتي تظهر حرص وزارة الخارجية البريطانية على الإطلاع على الملفات الساخنة في العلاقات الإسرائيلية ـ البريطانية استعداداً لزيارة السفير الإسرائيلي لدى المملكة المتحدة للوكيل الدائم لوزارة الخارجية والكومنولث.


الوثيقة التالية تتحدث عن تحذير من وزارة الخارجية لوزير الخزانة من عواقب زيارة كان يزمع القيام بها إلى إسرائيل، حيث إنها قد تعيد إحياء قضايا بذلت الحكومة البريطانية جهداً كبيراً لدفنها، كما أنها قد تفهم من جانب إسرائيل بأنها تغيير في موقف بريطانيا بالتعاطف أكثر معها، وخاصة في ما يتعلق بموضوع المقاطعة العربية. وفي ما يلي نص الوثيقة كاملاً:


«22 ديسمبر 1975


ويدوب المحترم


مبنى الخزانة


شارع البرلمان


لندن إس دبليو


* لقد أرسلت إلي نسخة من رسالتك إلى مايكل وير بتاريخ 19 ديسمبر حول احتمال قيام وزير الخزانة بزيارة إسرائيل العام المقبل.


* إن وزير الخارجية حريص بالطبع على رؤية مستوى معقول من الاتصالات بين الوزراء البريطانيين والوزراء الإسرائيليين وعلى هذه الخلفية تم توجيه النصح إلى ديكنز (مساعد وزير الدولة لشؤون التجارة) بزيارة إسرائيل في نهاية يونيو بمناسبة معرض تل أبيب التجاري الدولي. وإن القيام بزيارة من قبل وزير الخزانة قبل وقت قصير من هذا الموعد قد ينظر إليها باعتبارها تضخيماً للأمور.


* لقد ساعدت زيارة شور التي انخرطت فيها في الخريف في تخفيف الضغط الذي نتعرض له من الإسرائيليين من أجل الحصول على أنواع متعددة من تسهيلات التحكم بالمبادلات التجارية.


إن قيام وزير الخزانة بمبادرة الذهاب إلى إسرائيل من شأنها أن يعيد إحياء هذه القضايا التي بذلنا جهداً مضنياً منذ مدة طويلة لدفنها. وقد يظن الإسرائيليون أن الحكومة قد غيرت موقفها باتجاه أكثر تعاطفاً مع إسرائيل.


والضغط الرئيسي الذي نتعرض له الآن من الإسرائيليين موجه لسياسة المملكة المتحدة إزاء المقاطعة العربية. وهذه أصعب مسألة، فهي ليست من النوع الذي يمكننا معه فعل الكثير لتلبية الطلبات الإسرائيلية من دون تعريض سياستنا إزاء دول أخرى مهمة للخطر.


ومما لا شك فيه أن ديكنز سيضطر للتعامل مع هذه القضايا إذا ذهب إلى إسرائيل. وأشك بما إذا كان من المرغوب منح الإسرائيليين فرصة أخرى في الوقت الذي نفسح المجال أمام ممارسة الضغوط على وزير بريطاني آخر.


باختصار، فان الرؤية كما نراها من هنا تتمثل في ان وزيركم قد يواجه مروراً صعباً ولن يحصد الكثير من النجاح لإظهاره في نهاية الزيارة، ولكنني سأكون مهتماً بمعرفة ما يفكر به مايكل وير، الذي أرسل له نسخة من هذه الرسالة.


جيه. كينز

نبقى في أجواء العلاقات البريطانية ـ الإسرائيلية ونعرض وثيقة تتناول الزيارات الرسمية من إسرائيل وإليها، والتي يبدو أنها تخضع لمزاجية ومصالح الطرف الإسرائيلي أكثر من الطرف البريطاني. وهي مرسلة من مقر رئيس الوزراء إلى ريتشارد ديلز في مكتب وزارة الخارجية والكمنويلث وفيما يلي نصها:


10 داوننغ ستريت وايتهول


23 ديسمبر 1975


عزيزي ريتشارد


* الزيارات من إسرائيل وإليها


هاتفني السفير الإسرائيلي هذا الصباح حول عدد من النقاط المرتبطة بزيارات محتملة بين إسرائيل والمملكة المتحدة.


وحول الزيارة المقترحة لرئيس الوزراء إلى إسرائيل، أكدّ رفائيل أن المواعيد التي اقترحت في الأصل (25 و 27 يناير) لن تكون مقبولة لدى الإسرائيليين نظراً لأن رابين سيكون في واشنطن في ذلك الوقت. والحكومة الإسرائيلية تأمل كثيراً أن يقوم رئيس الوزراء بزيارة إسرائيل في وقت قريب.


وأن أي وقت من منتصف فبراير فصاعداً سيكون ملائماً. وسنأخذ هذا، بالطبع، بعين الاعتبار لدى التفكير في تحديد جدول زمني جديد لزيارات رئيس الوزراء، في أعقاب تأجيل زياراته الأخرى المقررة لمصر، السعودية، إيران ويوغسلافيا.


أشار السفير أيضاً إلى الاقتراح المتعلق باحتمال توقف رابين في لندن في طريق عودته من واشنطن الشهر المقبل. للأسف، فان زيارة رابين من المرجح أن تمدد وبالتالي فانه سيضطر إلى العودة مباشرة إلى إسرائيل بعد زيارته للولايات المتحدة. وبالتالي فإن الاقتراح كان يتلخص في أن رابين قد يقوم بزيارة عودة إلى هذه البلاد بعد زيارة رئيس الوزراء إلى إسرائيل.


أخيراً، قد ترغب بمعرفة أن السفير قد وجه دعوة لرئيس الوزراء وقرينته على حفل غداء يقيمه على شرف غولدا مائير في 14 يناير، عندما تزور الأخيرة لندن لحضور اجتماع منظمة «جوينت إسرائيل أبين» أنا لا أعرف حتى الآن ما إذا كان رئيس الوزراء سيتمكن من قبول هذه الدعوة.


آر.أن. ديلز المحترم


مكتب وزارة الخارجية والكومنولث.

الوثيقة التالية هي عبارة عن رسالة موجهة من مايكل باليسر، الوكيل الدائم لوزارة الخارجية والكومنولث إلى أوريك في دائرة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا بوزارة الخارجية والكومنولث، وهي تتعلق بالزيارة التي قام بها السفير الإسرائيلي لمكتب الوكيل والموضوعات التي تناولاها. وهذا هو نصها:


«سري


أورويك


عندما قام السفير الإسرائيلي بزيارة المجاملة الأولى لمكتبي اليوم، اتخذ حديثنا بالأساس طابعاً فلسفياً ولكنني انتهزت الفرصة لتوجيه اللوم له برفق.


* حول تصويت إسرائيل في الجانب الخطأ على القرارات المتعلقة ببليز في اللجنة الرابعة بالأمم المتحدة في 21 نوفمبر.


* حول النبرة في رسالة ألون في 8 ديسمبر إلى وزير الخارجية «في برقية وزارة الخارجية والكومنولث المرسلة إلى تل أبيب رقم 298 بتاريخ 18 ديسمبر».


* حول البند «أ» قال السفير، متحدثاً بصفة شخصية، إنه يشاطرنا مشاعرنا بشأن التصويت الإسرائيلي.


وزعم أن المندوب الإسرائيلي الدائم في الأمم المتحدة هو «لايتني عنيد» كان همه الوحيد في هذه القضية هو البقاء إلى جوار دول أميركا اللاتينيين بوجه عام والغواتيماليين بشكل خاص.


ولكن السفير مضى قائلا: إنه وبينما غواتيمالا ضغطت بقوة لحشد الدعم لقضيتها، فإنه لم يتكبد أحد سواء في الأمم المتحدة أو في لندن أو تل أبيب عناء حشد الإسرائيليين والضغط عليهم نيابة عن القضية البريطانية.


فقلت إنني لا أعلم ما إذا كان هذا صحيحاً. وإذا كان الأمر كذلك، فإنني اعتقد أننا كنا مخطئين. ولكنني شعرت بأن لزاماً علي أن أقول إنني تعاطفت مع أولئك الذين ربما شعروا بعدم ضرورة حشد إسرائيل في مسألة من هذا النوع. لقد كنا مهتمين بمشكلة دولة صغيرة تصارع من أجل الحفاظ على استقلالها في وجه أطماع جيران شرسين.


وهذا بدا لي مشابها جداً لوضع إسرائيل لدرجة تجعل أي شخص عادي يعتبر أن الأمر مسلما به أن تقوم إسرائيل بدعم قضية ذلك البلد الصغير. وقال السفير إن تلك الحجة بالضبط هي التي استخدمها مع حكومته. ولكنه ما زال يعتقد أنه كان يتعين علينا أن نحشد ونمارس الضغوط.. لا أعرف ما إذا كان محقاً في ادعائه بأننا لم نفعل ذلك. ولكن إذا كان محقاً، فإن من الواضح عندها أنه كان علينا أن نفعل.


أظهر السفير ميلاً معيناً لبحث الهرج حول البند (ب) أعلاه. فقلت إنني لست معنياً بالدخول في نقاش حول الصواب والخطأ في موقف إسرائيل.


لكنني كنت أتساءل ما إذا كانوا قد أدركوا كم كان مزعجاً جداً لأولئك الذين نزعوا إلى مساعدتهم أن يوبخوا بعبارات كتلك التي جرى توظيفها في رسالة ألون. وكان هدفي من قول ذلك ينطوي على نية حسنة. والحقيقة هي أن هذا النوع من النهج جاء بنتائج عكسية على مصلحة إسرائيل ذاتها. والسفير لم يخالفني الرأي.


كما قلت، فإن كل هذا قد شكل جزءاً من حديث طويل وودي وكان واضحاً لكلينا بأنني لا أفعل شيئاً أكثر من إثارة نقطتين بطريقة غير رسمية إطلاقاً.


مايكل باليسر


23 ديسمبر 1975

ننتقل في الوثيقة التالية إلى موضوع في غاية الأهمية وهو الاعتراف من عدمه بشرعية احتلال إسرائيل للمناطق الفلسطينية في حرب 1967، حيث يبدو من الوثائق أن بريطانيا تصرّ على عدم الاعتراف بشرعية الاحتلال.


والتأكيد على ضرورة امتناع المسؤولين البريطانيين عن زيارة المناطق المحتلة تحت إشراف قوات الاحتلال الإسرائيلية، والامتناع كذلك عن زيارة الوزراء والمسؤولين الإسرائيليين أثناء وجودهم في هذه المناطق إلا في حالات محدودة عندما تكون القضايا المراد بحثها تندرج ضمن صلاحياتهم باعتبارهم ممثلي قوة الاحتلال.


وتتحدث الوثيقة أيضاً عن أساليب التحايل التي تمارسها إسرائيل من أجل فرض سياسة الأمر الواقع وإكساب الاحتلال شرعية دولية عن طريق حمل المسؤولين الأجانب الذين يزورون إسرائيل على النزول في مطار القدس بدلاً من مطار تل أبيب. وفيما يلي نص الوثيقة:


«شخصي وسرّي


مكتب وزارة الخارجية والكومنولث


لندن اس دبليو ايه، ايه اتش


باتريك رايت المحترم


10 داوننغ ستريت


لندن إس دبليو 1


التاريخ: 26 نوفمبر 1975


* الزيارات للأراضي التي احتلتها إسرائيل


* طلبتم ملخصاً حول السياسة الراسخة فيما يتعلق بالزيارات من قبل الوزراء والمسؤولين إلى المناطق المحتلة.


* منذ حرب 1967، رفضت الحكومات البريطانية الاعتراف بأن إسرائيل تتمتع بأية حقوق في المناطق التي احتلتها في ذلك العام (القدس الشرقية، الضفة الغربية، سيناء وقطاع غزة) غير تلك الحقوق الممنوحة للقوة المحتلة بموجب القانون الدولي.


وبالتالي، فقد كانت السياسة البريطانية تقضي بأن الوزراء والمسؤولين الذين يزورون إسرائيل بصفة رسمية يتوجب عليهم الامتناع عن زيارة المناطق المحتلة تحت إشراف إسرائيلي، وهذا يعني على سبيل المثال، أن القيام بجولة في هذه المناطق يجب أن يتم بترتيب من قبل القنصلية العامة في القدس.


أو على نحو مرغوب بدرجة أقل، من قبل السفارة في تل أبيب (التي لا تنطبق صلاحياتها، ونحن حريصون على الإبقاء على ذلك، في القدس الشرقية)، وبالمثل، فإنه يجب أن لا تتم أية زيارات لوزراء أو مسؤولين إسرائيليين في المناطق المحتلة، ما عدا في الحالات المستبعدة التي يتم فيها الاتصال بهم حول مسائل تقع ضمن صلاحياتهم كممثلين لقوة الاحتلال.


* أرفق نسخة من قرار إقالة مصادق عليه من قبل وزير الخارجية وبرقيات متبادلة تتعلق بمحاولة إسرائيلية ناجحة لحمل شور على النزول في مطار القدس، في الأراضي الأردنية المحتلة، ورسالة لاحقة من كلاجان إلى شور، وبرقية أخرى حول زيارة جنكنز المقبلة إلى إسرائيل. آمل أن توضح بدرجة كافية طبيعة الصعوبات التي قد تواجهنا!


إيه بي أورويك


دائرة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا




البيان الإماراتية -- 4 / 1 / 2006