المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإستراتيجيات الصينيـة الـ36(الفـنُّ السِّـري للحـرب)-السياسة الحربيـة



طارق شفيق حقي
20/08/2011, 11:34 PM
الإستراتيجيات الصينيـة الـ36(الفـنُّ السِّـري للحـرب)-السياسة الحربيـة
الحمدُ للـه و الصلاةُ و السلامُ على رسول اللـهِ و آله و صحبه و زوجه الأطهار و بعـد:

بـرع الصينيـون قديما- وحديثا- بفنـونٍ و صناعات عكست حضارة عريقـةً عاشوها ضاهت بقية الحضارات قبل العهـد الإسلامي...

و تكونت علاقة قويـة تبادلية بينهم و بين الدولة الإسلاميـة بشتى المجالات... و من بين الفنون التي امتازوا بها و لظروف بيئتهم المحيطة آنذاك كانت فنـون الحـرب و إستراتيجيـات القتال...

تميزت كل أُمـة من الأمم بأساليبها القتاليـة و سـادت الأمـة الأكثر حكمة و حنكة و تنظيماً حتى و إن كانت أضعف عسكرياً -كما و نوعا- من غيرها...

إلا أن الصيـن بسطت نفوذاً على أراض شاسعة و شكلت إمبراطوريات متعاقبـة و صدت حملات قويـة ضدها بأشكال مختلفة إما بالمواجهـة أو المهادنـة بحسب طبيعة المهاجم...

بـرع لديهم عدة قادة عسكريين و ألفـوا كتباً بفنون القتال و الحرب كان من أبرزهم قائـد فـذ يدعى "سون تـزو" مؤلف أروع روائع الكتب الحربيـة " فـن الحـرب " و غيرها من الكتب...

و من بينها أيضا كتيـب حـوى إستراتيجـات الحـروب و الخطط العسكريـة باسم " الإستراتيجيات الصينية الستـة و الثلاثـون- الفـن السـري للحـرب"...

للتنويـه فمعظم الجيوش و حتى السياسيـون ما زالوا يعتمدون بشكل جوهري على الإستراتيجيات تلك بل و تُطبق بمعظم مجالات الحياة إذ يغلب على عالمنا الحالي الجـو التنافسي بين شركات و مؤسسات بالتجارة و الأسواق وغيرها...

و الكتيب متوافر بالإنترنت بحمد اللـه و ترجمه أحد الكُتاب و يدعى "رؤوف شبايـك" -جزاه اللـه خيرا_ و يُباع بالأسواق عبر موقعه الإلكتروني...

-----
-----
-----

نظـراً لأهمية الكتاب و لحال أمتنـا الحبيبـة و تكالب الأمم عليها و حاجتنا لفهم خطط عدونا بنا و اعـداد قادة على مستوى الحدث لا بُـد من التعمق بمثل هذه الكتب و البناء عليها...

الكتاب يعتمد على سرد الإستراتيجيـة و من ثم ضرب مثال على الأقل عليها لتقريب فهمهـا و ربطه بالواقع...

سأعتمد -بإذن اللـه- على نقلها الإستراتيجيـة و الاضافة عليها بالشرح و بالأمثلة الحيـة أيضاً و خاصـةً من واقعنا المعاصر بالبلاد الإسلامية المحتلة أو ببلاد الثورات العربيـة و غيرها و سنرى أنَّ أعداءنا بالفعل يُطبقون علينا العديد من تلك الفنـون الحربيـة... و عرض أفكار لتنفيذ بعض الإستراتيجيات الحربيـة... و اللـهُ المستعـان...

و الفنـون الحربيـة الـ36 تُحاكي معظم حالات الجيش فتقوده إما للنصر أو النجاة بأقل الخسائر بحسب جـو المعركة...

بـل و ببعض تلك الفنون من المُمكن هزيمـة جيـش دون الحاجة للآلـة العسكريـة إنما بخطط تؤدي لانهيار الخصم ذاتيـا...

أسأل اللـه التوفيق و الإخلاص لوجهه الكريم و القبول منه و أن ينفع المسلمين بما أقول و هو القريب المجيب سُبحانه جل جلالـه.

التصنيـف اعتمـد على التقسيم السداسـي للإستراتيجيات -ست مجموعـات-
و كل مجموعة تحوي ارشادات و خطط بحسب حالة الجيش...

فالمجموعات الأولى من الإستراتيجيات تخص الجيش صاحب الأفضلية العسكرية و الأقرب لتحقيق النصـر...
أما التي تليها فتخص الجيوش بوضع الدفاع و عدم المقدرة على الهجوم...
أما الأخيـرة فخاصـة بالحالات التي تعجز عن الهجوم و عن الدفـاع...


===========
=================
===========


أولا: إستراتيجيـات المواقف ذات المزايا التي تعمل لصالحك

يقول المؤلف: في الحالات التي لا تعاني فيها من الوقت و الموارد و لديك القدرة على التخطيط بمهل و دقة عليك بالإستراتيجيات التالية:

1- اخدع الامبراطور لتعبر البحـر:

يقول المؤلف: التسلل منك للظلال (لمحاولة اخفاء نواياك) هي دعوة صريحة لأعدائك ليلاحظوك و يحتاطوا منك... لكـي تخدع أعداءك -فيقلل من حذره و حيطته- عليك بالتحرك بضوء الشمس مع اخفاء نواياك الحقيقيـة حتـى يأتي الوقت الذي فيه تضـرب...

و يُتابع بمثال: أن محارب ساموراي عانى ازعاج فـأر حتـى أخذ بنصيحة حكيم أن يأتي بقط سمين كسـول لينخدع الفأر به و يقل حذره منه... و كان ذلك فعلا حتى اعتاد الفأر المرور بالقرب منه دون حراكٍ القط إلى أن جاء اليوم الذي اقترب جداً بجانبه فانقـض القـط عليها و اصطاده بسهولة...

=========
التعليـق
=========
الإستراتيجيـة الأولـى يظهر فيها جلياً أن الجيش الأول لا يكترث مطلقاً بالوقت و لا بغيره إنمـا يبغـي النصر بأقل الخسائر و المجهـود على حساب ركيزة هامة بجيش الأعـداء... ألا و هي الغفلـة و قلة الحـذر...

و من أقرب الأمثلة على ذلك ما جـرى في حـرب الـ73 من استغلال الجيش المصـري لفترة الإستنزاف بينه و بيـن اليهـود و بنـاء جـو روتينـي يومـي دون ابداء أي مظاهر خارجيـة لاشعـال الجبهة بحرب جديـدة... و اغتـر اليهود بتلك المظاهر و لم يظهر لديهم تغييرات قُبيل يوم الحرب لأي نوايا أخرى سواءا بنقل وحدات جديدة أو منع اجازات المجندين المصرين أو أية تحركات مريبـة مما دفعهم للراحة والاحتفال بيوم عيدهم و كانت فاجعتهـم...

و اتبع الأمريكـان نفس الأسلـوب بحربهم ضد العراق حين الغـزو الصليبـي...
استمر الحشد و نقل المعدات الحربيـة للخليج العربي و بحر العـرب بشكل مستمر... و بنفس الوقت أراد الأمريكان خداع العراقيين عبر ارسال وفود للحوار و عبر التصريح بالإعلام تارة بأنَّ لا هجوم و مرة أخرى بالهجوم لخلق جـو روتينـي حتى حانـة ساعة الصفـر لاشتعال القتال...

حـاول القذافـي تطبيق الإستراتيجية ببداية الثورة قُبيل التدخل الغربي... بالقول أنَّه سيوقف القتال على المدن الشرقية أجدابيا- بنغازي و ما خلفها... و تحت ستر الصحـراء أرسل جيشاً جراراً كان سيحرق الأخضـر و اليابس لولا قدر اللـه جل جلاله...

و الأمثلة عديدة على الإستراتيجيـة الأولـى و خاصة أن أعداءنا يمتازون بوفرة الوقت و الامكانات على عكس طبيعة المسلمين بجبهات القتال العدة تقريبا...

لكـنْ بالامكان اقتناص مكاسـب عسكريـة بها دون حـروب... إذ لا تعني الإستراتيجية اصطفاف جيش مقابل جيش بالضـرورة فبعض العمليات تجري بمناطق شبه هادئـة أو هادئة مع خلق أجواء روتينـة ممـا اعتـاد العـدو على عـدم أخذ الحيطة و الحذر و بالتالـي كانت ضربـة...

=======

إن شـاء اللـه أكمل لاحقا بالإستراتيجية التاليـة

منقول عن شبكة فلسطين للحوار - ريان

طارق شفيق حقي
20/08/2011, 11:34 PM
الإستراتيجية الثانيـة:

(( حاصـر لتُنقـذ زاهـو))

يقول المؤلف: حينما يكون العدو بدرجة من القوة بحيث يتعذر مهاجمته مباشرة، هاجــم شيئا عزيزاً عليه... لا يُمكن أن يكون للعـدو أن يكون متفوقا بكل شيء و كل جهـة... فحتما لا بد من وجود نقطة ضعف يمكنك أن تهجم عليها بدلا من الهجوم عليه...

ويُشير المؤلف أن الإستراتيجية و سبب تسميتها يعود لقصة تحكي أن أحد الملوك حاصر مدينة اسمها "زاهـو" و خلال الحصار طلب حاكم زاهو نجدة ملكٍ آخر اسمه "كـي" لكنَّ وزير الملك أشار عليه بالصبر قائلا " إن الوقوف بين جيشين متحاربين كمثل الوقوف في وجه الطوفان لتحويل مساره"... و بعد مرور سنة من الحصار أشار الوزير على الملك بخطة ماكرة تقضي بالهجوم على مملكة الجيش الغازي بدلا من الذهاب لفك حصار "زاهـو"... وبالفعل أرسل الملك جيشين أحدهما للهجوم على المملكة الغازية و الآخر عبارة عن كمين بالطريق إليها... و لما سمع الجيش الغازي الخبر عاد أدراجه للدفاع عن مملكته و لكن قُضي عليه بالكمين وخاصة أنه أنهكت قواه بسبب طول فترة الحصار...


========
التعليـق
========

و كما يُقال فخير وسيلة للدفاع هو الهجوم و لكنْ ليست دائما الشجاعة تغلب الكثرة... حينمـا حاصر المشركون المدينة المنورة بغزوة الأحزاب و استنفر المسلمون رجالهم قُبالة الخندق... خلفوا وراءهم النساء و الولدان و خلف هؤلاء كانت اليهـود... و تلك كانت نقطة ضعف حول المدينة حـاول المشركون استغلالها... فأرسلوا لليهود و فاوضوهم لنقض المعاهدة مع النبي صلى اللـه عليه وسلم و الهجوم على النساء و الذراري... و حين علم المسلمون بذلك بلغت قلوبهم الحناجر لأنهم إنْ ثبتوا بالخندق هوجمت الذراري و إنْ رجعوا هوجموا مِن قبله... حتى جاء الفرج من اللـه...

و بفتوحات أوروبا بالتحديد بفرنسا جمع المسلمون الغنائم المهولة خلفهم و قد تعلقت قلوب العديد منهم بها... فاستغل الصليبيـون ذلك فانقضت جماعة من الفرسان على الغنائم لجذب المسلمين لها حتى يفتحوا فُرجـة في صفوفهم و كان ذلك بعد أن هرع بعض المسلمين لنجدة غنائهم و حصلت الهزيمة لاحقا...

و اتبعت الولايات المتحدة بخسـة تلك الإستراتيجية ضد اليابـان... فبعد أن رجحت كفة القوى لصالح اليابانيين رضخوا للإستسلام بعد الهجوم النووي على المدنييـن وذلك حرصاً على سلامة حياتهم رغم أن التفوق العسكري لصالحهم و لكنها المكر و الخديعة و طبعا مع ميزة الاستهتار الأمريكي بحياة العزل...

الإستراتيجيـة لا تعني الهجوم المباشر دائما فبعض الدول تلوي يـد غيرها من الدول لقدرتها على الاضرار بها فيتحقق احترام متبادل حرصاً على عدم الخسارة... و تلك من فوائد الإستراتيجيـة أنها تمنع الاعتداء أصلا كحال بعض الدول الأفريقية الضعيفة مقارنة بدول أوروبا... فالهجرة غير الشرعية من أفريقيا لأوروبا إحدى أسلحة الدول الأفريقية لبناء علاقات و تقوية نفوذ حكامها و ليغض قادة أوروبا الطرف عن ما يقترفه الدكتاتريون الأفارقة ضد شعوبهم مقابل محاربة الهجرة بأرضهم...

طارق شفيق حقي
20/08/2011, 11:35 PM
الإستراتيجيـة الثالثـة

(( اقتـرض السكين التي ستقتل بها عـدوك ))

يقول المؤلف: عندما تحتاج وسيلة هجوم مباشرة على العـدو، هاجمـه مستخدما قوة الغيـر... اخدع حليفا كي يُهاجمه أو قدم رشوة لوزير لينقلب على الملك أو استخدم قوة الخصم ذاته ضـده...

و يُضيف مثالا على ذلك: أن وزيراً انشق عن ملك ما و انضم لصفوف عدوه... فسعى الملك لقتله بأي صورة... فكانت المكيدة و هي أن يوهم عدوه أن وزيره ما زال موالٍ له و أنه عبارة عن جاسوس عليهم... و حيكت الحيلة بأنه تم ارسال رسول سري يحمل رسالة و أموال لذاك الوزير مكتوب فيها أن الملك يأمره فيها بتنفيذ مهامه الجاسوسية قبل كشف أمره للعدو و أن النقود لـه لتعينه... و تم ابلاغ حرس العدو عن ذلك الرسول السري وقبضوا عليه و حينما رأوا الرسالة قطعوا رأس الوزير...

و من الأمثلة التطبيقية على الإستراتيجية ما فعله الإسكندر ضد الهنود بالاستعانة بأسلحتهم للقضاء عليهم... حينما هاجم الهنود بالفيلة أثار خوفها عبر استخدام الحديد المحمي و بالتالي تحولت الفيلة للهنود و أجهزت عليهم هاربـة...

و يُضيف المترجم أن المسلمين طبقوا نفس الفكرة على فيلة الفرس بمعركة القادسية لكن بالملابس المزركشة و ضربها بأعينها و خراطيمها فصارت الفيلة سلاحاً ضد أصحابها...


=======
التعليـق
=======

الإستراتيجيـة تنقسم إلى ثلاثة بنود للقضاء على العدو بما يمتلكه:
فإما ببـث الفرقة بينه و بين أحد حلفائه... أو شراء بعض أصحاب الشأن لديه كوزير... أو قتله بأسلحته و بما يمتلك من مقومات...

النقطة الماضية من أخطر ما يقضي على الجيش دون قتال... و تسعى كل الجيوش المعاصرة تطبيق الفكرة إذ أنها لا تكبدها أي خسارة مادية بل يكفيها رسائل و مقالات و اتصالات و غيرها مما يعمل بالعدو كمثل الفيروس بالجسم...

من ذلك ما يقوم به الأمريكان من استغلال البنية التركيبية للشعوب... و كانت لا تدخل حرباً إلا و استعانت بالتفرقة الطائفية و العنصرية كما بالكوريتين و بحرب فيتنام (جنوبيين-شماليين) و تسعير الحرب الطائفية بالعراق و بالسودان و غيرها... و تم شراء ذمم ضباط عراقيين كبار ابان حرب الخليج الثانية لتفادي المواجهة و هو ما تحقق بعد تواطؤ وزير الدفاع العراقي للنظام السابق...

الجاسوس المزدوج سواءاً بإرادته أو دون ارادته... فقديما قسم الصينيون الجواسيس لأنواع منهم مَن يُسمح بالتغافل عنهم لينقلوا أخباراً معينة للعدو و منهم مَن يُمكن أن يلقى مصير الوزير السابق بعد ايهام العدو أنه يعمل لصالحهم وغيرها من التصانيف... و الجواسيس هم أصلا من أسلحة الجيش فبالتالي يُقاتل العـدو بسلاحه بحسب حالة الجاسوس...

و من الأمثلة على السعي لشق الصفوف ما تقوم به أجهزة المخابرات العالميـة... و كمثال ما سعى له نظام الطاغية القذافي من نشر الفتنة بصفوف ثوار ليبيا و قد قتل المسؤول العسكري الأول و صرح بخلافات داخلية بينهم و تصنيفهم بطوائف معينة و أنه تجري أحيانا اتصالات مع طوائف معينة معه دون غيرها... إلى غيرذلك من الوسائل التي تحكي عنها الإستراتيجية الثالثة...

و على الطرف الآخر تم اغتنام تلك الميزة للتفريق بين صفوف العدو... كما حصل مثلا بفترة الحرب الباردة حيث سعَّـر الروس الحرب العنصرية بأمريكـا بين السود و البيض و الهنود الحمر... و كذلك نسمع عن حالات من الخلاف بين الناتو بأفغانستان مثلا بين الأمريكان و أوروبا بأن بعض دول الناتو تحاول التقرب لطالبان مقابل عدم مهاجمتها و هو ما أدى لخلافات داخلية ظهر بعضها للإعلام...

البنية التركيبيـة لكل الدول تعتبر من مقومات استمرار الدولة... اليهود كما نرى قبل أيام اشتعلت مظاهرات بين المتزمتيـن منهم و العلمانييـن و كل طرف يحقد على الآخر كما هو معلوم منذ القدم بالاضافة لطوائف أخرى تعتبر من نقاط الضعف لديهم و يسعى قادة يهود لرأب الصدع أن يتصدع أكثر و إلا فانهيـار للدولة...

و أما النقطة الثالثة من الإستراتيجية و هي عن قتل العدو بسلاحه من أمثلتها المعاصرة ما حصل للمعدات النووية لإيران بعد اكتساح فايروس أجهزة الحواسيب مما ألحق بها خسائر كبيرة دون الحاجة لقصفها... و أبرز ما يعكس ذلك بالحروب المباشرة هو قصف سدود مائية لتدمير قرى و مصانع كما حصل بالحرب العالمية الثانيـة... و أيضا تدمير مخازن وقود و ذخيرة و حرقها كما فعل ذلك المسلمون ببعض غزواتهم قديماً حينما أشعلوا النيران بمعسكرات للجيوش الصليبيـة...

طارق شفيق حقي
20/08/2011, 11:36 PM
الإستراتيجية الرابعـة

(( وفِّـر طاقتك بينما تستنزف العـدو ))

يقول المؤلف: اختيار الوقت و مكان المعركة يعطيك مزايا لصالحك... لذا استنزف قوى العـدو و اجعله يذهب في اتجاهات لا فائدة منها... بينما توفر أنت طاقتك و قواك. عنـد نفاد طاقات العدو و تخبطه في الأمور :اهجـم عليه بكل قـوة.

///////////
التعليــق
///////////

تطبيق الإستراتيجية مرهون بقدرتك على تحديد وقـت المعركـة و أيضا مكانها... ذلك لأنك ستجبره على المواجهة ببيئة لك فيها اليـد العُليا... كمثل غزوة بدر حينما عسكر النبي صلى اللـه عليه وسلم عند الآبار مُسرعا قبل وصول قريش و ارتوى الجيش مُنتظرا العدو و قد أُجبر على خوض الغزوة بالوقت و المكان اللذين حددهما النبي صلى اللـه عليه وسلم و صحبه...

المثال الماضي عن أهمية اغتنام الوقت و المكان لكسب المعركة... و لكنَّ الإستراتيجية أوسع فمع تلك الميزتين يُمكنك تشتيت قوة العدو ليبذل مجهودا و ذخيرة و امتصاص شحنته المعنوية والتي تكون بأوجهها بساعات المعركة الأولى...

تشتيت العـدو سواءاً بتفريق صفوفه أو تضييع نيرانه يُمكن لعوامل التضاريس و التخفي أن تلعب دورا بذلك... فمثلا بمنطقة ذات تلال لو سيطر قائد عليها و ترك عددا من جنوده متحصنين بها و وزع جيشه خلف التلال فسيُجبر العدو على الانتشار أمام التلال و محاولة السيطرة عليها مما يُضعف قوة هجومه و تشتيت نيرانه بقدر ما عن الجيش خلف التلال... و من فوائد ذلك أن الجيش سيكون مرتاحا و يُلاحظ نقاط الضعف و الخلل التي أحدثها توزيع جيش العدو مما يُسهل الانقضاض عليه...

و من أمثلة تشتيت نيران و طاقات العدو ما فعله الجيش العراقي بحرب عاصفة الصحراء... فصنعوا بلاليـن على شكل دبابات و عربات قتالية مملوءة بالغاز و نشروها بالصحراء... و وقع الحلفاء بالفخ و طبعا بمقارنة تكاليف بناء الدبابات البالونية و تكاليف الطلعة الجوية و الذخيرة الضائعة فالكفة ترجح بقوة للجيش العراقي...

و أفكار مُشابهة كمثل ايهام العدو بقواعد و معسكرات وهمية بعد بناء بعض معالم الحياة فيها كمخلفات سيارات و أعمدة دخان و غيرها مع - أو بدون – وجود عدد صغير من المقاتلين مما يؤدي لتفريق الجيش المعادي و استدارجه لمناطق لم يستعد لها...

طارق شفيق حقي
20/08/2011, 11:36 PM
الإستراتيجية الخامسـة



(( انهب البيـت الذي اشتعلت فيه النيـران ))



يقول المؤلف: عندما تُحدق ببلد ما الصراعات الداخلية، عندما تنهب المجاعات و الأوبئة الشعب، و عند سيادة الفساد و الواسطة و الجريمة... عندها يُصبح هذا البلد غير قادر على الوقوف ضد أي خطر خارجي... هـذا هو الوقت الأمثل للهجوم.



////////

التعليـق

/////////

الجبهة الداخلية لأي دولة هي خط دفاعها الأول... فقوتها قوة للدولة و تخلخلها يُضعهفا... و أهم ما يلفت لهذه النقطة هو الحصار الذي طُبق بالقديم حول الحصون و القلاع و حديثاً أيضا كما حصل مثلا للعراق و يحصل ببلاد أخرى ككوريا الشمالية... قامت دول كمثل الولايات المتحدة على سياسة نشر الأوبئة بشعوب أمريكا الهندية فانهارت و كانت شرابا سائغا للمحتلين الأمريكان...



الشق الآخر يحكي عن أمراض اجتماعية سببها الظلم و الواسطة و الجريمة مما يدفع الشعب للضجر من الحكام و عدم الولاء لهم... و من السهل حينها اغتنام العدو لنقطة الضعف تلك و سببها الرئيسي الحاكم و حاشيته...

طارق شفيق حقي
20/08/2011, 11:36 PM
الإستراتيجية السادسة



(( تظاهر بالهجوم من الشمال اضـرب بقوة في الجنـوب ))



يقول المؤلف: عنصر المفاجأة يبقى فعالا و يخدم كميزة ساحقـة تعطيك الأفضلية، حتى عندما تقف وجها لوجه مقابلا للعدو... يُمكن تطبيق أسلوب المفاجأة بالهجوم على العدو في المكان الذي لا يتوقعه... و من اجل تحقيق ذلك عليك أن تبني اعتقادا خاطئا عنك لـدى العـدو... و ذلك عبـر استخـدام المكـر و الخديعـة...





///////

التعليـق

////////



من أشـد العوامل التي تحسم المعارك و تقلبها هي عنصر المفاجـأة... لأن القتال التقليدي كمثل جيشين أمام بعضهما ستكون خطط الهجوم مكشوفة للطرفين و يستعد كلاهما لها... أما عنصر المفاجأة فهو أساس النصر و الإسلام نبه كثيرا لذلك بأحاديث و آثار للنبي صلى اللـه عليه وسلم و صحبه و التابعين فالحـرب الخدعة و المكيدة...



استخدم المسلمون كثيراً أسلوب المفاجأة مستندين على العنصر الأساسي لنجاحها و هي السِّريـة... فلولا السرية و الكتمان لا مفاجأة و تتكشف الخطة... و من عناصر نجاحها أحيانا للضرورة السرعـة حتى لا تتكشف مع مرور الوقت...



كان النبي صلى اللـه عليه وسلم يخرج بالجيش للقتال و يوهم عدوه أنه يُريد قتال مدينة أخرى... حتى إنْ تقاعس العدو عن الحيطة صبَّحهم النبي صلى اللـه عليه وسلم بأبواب بيتهم...



و من ذلك ما فعله القائد محمـد الفاتح -رحمه اللـه- لفتح القسطنطينية... فسبب الحواجز البحرية بسلاسل الحديد حول المدينة لمنع أي سفينة... أوهم محمد الفاتح الصليبيين بمعسكره و بالليـل سراً نقلوا السفن عبر الجبال و جرها بدواليب خشبية حتى اجتازوا منطقة الحظر و تفاجأ العدو بهم صباحا بسفنهم أمام المدينة...



الإعلام و التصريحات الماكرة للإيقاع بالعدو أحد وسائل دفعه لتوجيه جيشه نحو منطقة ما ليكتشف لاحقا الفخ...

وسيلة أخرى هي عبر الخدع البصرية كمثل تكثير و تضخيم حجم الجنود و الآليات بجبهة ما عبر استخدام خردة و مخلفات حربية لإيهام العدو أنها القوة الرئيسية... في حين خلف الكواليس يتحرك الجيش الحقيقي...



ليس شرطا ايهام العدو بأن القوة التي تواجهه هي الرئيسية... بل يُمكن ايهامه أنها قوة ضعفية ليندفع مع قلة حذر نحوها في حين تختبىء خلفها قوة أكبر... من أمثلة ذلك ما فعله المسلمون بحروب الأندلس حينما اختبئت كتيبة فرسان خلف تلة و ترقبت اشتعال القتال بين المشاة بعد أن توهم العدو بحجم المسلمين بخط القتال ثم انقض الفرسان و أجهزوا على الجيش...





حاليا قلما نسمع عن تكتيك مشابه للسابق مع أنه حاسم جدا و يخلط أوراق الخصم... فوجود قوة بتسليح معين مختفية حتى بعد اندلاع المواجهة بين العدو و مجموعات ضده... سيرتب العدو صفوفه بناءاً على القوة المهاجمة و لا يدري عن ما يكمن له بنفس أرض المعركة... و ظهور المتخفين سيقلب ساحة القتال و يخلط أوراق العدو... و ليس شرطا وجود كتيبة واحدة متخفية بـل أحيانا عدة كتائب و كل منها يُقاتل بعد لحظة معينـة...






من أبرز مَن استخدم هذا الفن القتالي سيف اللـه المسلول خالد بن الوليد رضي اللـه عنه... بحيث يُقسم جيوشه كتائب لا تهجم إلا بعد اندلاع القتال و وفق ترتيب زمني منه بحسب أرض المعركة...

طارق شفيق حقي
20/08/2011, 11:37 PM
يقول المؤلف: تركز الست إستراتيجيات التاليـة (7-12) على المواقف التي تُمكن من استغلال الفرص السانحة، والاستفادة من أي موقف بما يخدم مصالحنا ويعطينا الأفضلية.


الإستراتيجية السابعـة

(( اخلق شيئاً من لا شيء ))

يقول المؤلف: ستستخدم الخدعة ذاتها مرتين، بطريقة تجعل العدو يتفاعل معها ويأخذ استعداده كاملاً لمواجهة خدعتك، وأما في المرة الثالثة، فسيتكاسل العدو ويدب في أوصاله الملل والسأم من تكرارك لمحاولاتك المخادعة، وعندها ستضرب بكل قوة وتشن هجومك بينما العدو متقاعس عن الاستعداد لك.

و يضرب بالمثال التالي:

عند حصار قوات تشاو لقوات تانج المتحصنة خلف أسوار المدينة، كانت نسبة الجنود 20 إلى واحد لصالح قوات تشاو. بسبب طول المناوشات، نفدت الأسهم من الرماة خلف الأسوار، فما كان من قائدهم إلا وأمرهم بصنع دمى وأدلوها من أسوار المدينة في الظلام، مع إحداث ضوضاء وضجيج يقارب ذلك للجيوش المحاربة. ما أن رأي قائد قوات الحصار ذلك حتى أمر الرماة بصب جام السهام على الأسوار. بعد فترة امتلأت الدمى بالسهام التي أصابتها، فقامت قوات تانج بسحب هذه الدمى واستخلاص الأسهم منها واستخدمتها عوضاً عن سهامها التي نفدت. اشتاط قائد الحصار بعدما فطن للخديعة، لذا في المساء التالي حيت كررت قوات تانج ذات الخديعة، أمر القائد قواته بعدم إطلاق سهم واحد. عندها هبط الأسوار أكثر من 500 من أفضل قوات تانج وهاجموا عدوهم الغافل بسرعة البرق، وبسبب وقع المفاجأة عليهم فر جنود وانتهى الحصار.


=======
التعليق
=======

من أقرب الأمثلة على الإستراتيجية و القصة الماضية ما حصل في غزوة مؤتة... إذ كانت كفة العدد ترجح للروم و أذنابهم بمئتـي الـف مقابل ثـلاثة آلاف مقاتل من الصحابة رضوان اللـه عليهم...

حينما نتمعن في التكتيك العسكري للمعركة فسيظهر أن القادة المسلمون مزجوا عدة إستراتيجيات للتغلب على المشكلة العددية للعـدو... و المزج بالإستراتيجيات ميزة للقائد و مزيـد من القوة لوضع الجيش...
بما أن القتال حينها بأرض مفتوحة و لا حصون للمسلمين فهذا يعني ملحمـة دموية إلا أن الصحابة ابتكروا طريقة لتعطيل الجيش الرومـي و افقاده زخمه مـع خلـق بيئة تمنـع الرومان أن يلتفوا على ظهر المسلمين...
الحـل كان بأن تكون ساحة القتال بين جبليـن و بالتالـي سيكون خط الجبهـة محصور بعدة مئات من الجنود فقط... فاصطف الجيشان بنفس الحجم بالميدان و تم تعطيـل بقية الجيش الرومـي الذي بقي خلف الخطوط بلا فائدة...

و لم يتوقف الحال على تلك الإستراتيجية وحدها... فلضخامة العدد الرومي و قلة المسلمين و عتادهم و عدم وجود خطوط امداد لهم حيث آثروا المواجهة على عدم انتظار مـدد من النبي صلى اللـه عليه وسلم... كان لا بد من خطة للانسحاب مع حماية ظهرهم بالصحراء... و كان ذلك لسيف اللـه خالد بن الوليد رضي اللـه عنه... طلب باحداث جلبة بالخيول لتثير الغبار حتى يعتقد الرومان بأن مـددا وصل المسلمين... و أيضاً نقل الميمنة للميسرة و المقدمة للمؤخرة... حتى اعتقد الرومان أن جيشاً جديداً قد جاء... ثم انسحب للصحراء دون وجود حامية لظهره... فدخل في قلوب الرومان أن هذا فخ و استدراج لهم لوجود كمين ما فلم يتحركوا من مكانهم و بقوا على حالهم لأيام حتى فطنوا لما أصابهم و سلم الجيش منهم...



كما ذُكر بالإستراتيجية فالحرب الخدعـة... لكـنَّ تكرارها أيضا خدعة حينما يتراخى الخصم بجو الروتيـن بها كما بقصة الحصن بالأعلى... و أيضاً خدعة سيف اللـه خالد -رضي اللـه عنه- إذ أن الرومان قد مر عليهم بالماضي حيَل كتلك فتنبهوا لها و لكـنَّ ما جـرى هو عكس ما اعتقدوه فليست الحيلة بحيلـة إنْ تكررت أكثر من مرتين على نفس العدو...


من الامكان تكرارها عند الحاجة حتـى يخلق الروتيـن لدى العدو و يتوهم بأن تسلسل الهجوم مشابه للهجمات الماضية فيحـرص و يتنبـه لآلية صده لكنـه نادراً ما يأخذ بالحسبان أن الهجوم ليس بالحيلة المعتادة و بالتالي يجني الخسارة لتكاسله...

من ذلك أن كتيبةً كانت تهاجم حِصنا بنمطٍ واحد عبر اطلاق السهام حتى اعتاد جنود الحصن على طبيعة الهجوم و استعدوا له بوسيلة دفاع تحميهم من السهام حتى انتهاء الهجوم... و في أثناء ذلك ساد الروتين جنود الحصن و ولَّـد التهاون في بعض دفاعاتهم ممـا ألحق بهم خسارة حينما كان الهجوم القادم بشكل مباشر على الحصن و تسلق المهاجمون أسواره نتيجة غفلة الجنود و إيمانهم بالهجوم الروتيني...


و مما سبق نلاحظ أن الحيلة و تكرارها لها مكاسب دفاعية كما بغزوة مؤتة و أيضا هجومية كما بالحصن... و نجاح الحيلـة سواءاً حينما تُنفذ أول مرة أو بعد الروتين يعتمد على مبـدأ تصيُّـد ثغرات بخطة الخصـم... فكل جيش يعتمد أسلوباً للدفاع بشكل تقليدي و الهدف الهجوم بأسلوب لا يتوقعه... أو حينما يتوقعه بعد تكراره يتم الهجوم بدون الحيلة

طارق شفيق حقي
20/08/2011, 11:37 PM
الإستراتيجية الثامنـة

(( امـشِ سراً إلى ممـر "شِن كانج" ))


يقـول المؤلف:
اهجم على العدو بجيشين، يسير الأول علانية في الاتجاه المباشر المتوقع له والمنتظر منه، والذي سيستعد العدو لمقابلته فيه. الجيش الثاني سيسلك الطريق غير المباشر، ويستعين بالحيلة والخديعة ليختفي عن الأنظار، ثم في الوقت المناسب يضرب العدو ليشتت قوته ويلحق به الفوضى والدمار.


و يضرب بمثال عليها:

في 1560 في اليابان، سارت قوات إيماجاوا يوشيموتو لملاقاة القائد المغمور أودا نوبو ناجا، وحدث أن أصر هذا الأخير على الخروج لملاقاة إيماجاوا على رأس ألفين مقاتل. عندما عاد العسس (فِرق الاستطلاع و التجسس) بمكان معسكر قوات إيماجاوا، قرر نوبو ناجا ضرب معسكره على مقربة منه، ثم رفع الأعلام الكثيرة، ونصب الدمى على شكل الجنود، ثم أمر بدق الطبول وإصدار ضوضاء تشابه تلك للقوات الكثيرة، كل هذا بينما أكثر من نصف قوات نوبو ناجا تلتف من الطريق البعيد حول إيماجاوا لتهجم عليه من الخلف. كانت السيول من الكرم بحيث ساندت خطة نوبو ناجا فهطلت بشدة، فهجمت قوات نوبو ناجا كالصاعقة من الخلف، وما هي إلا دقائق حتى فقد إيماجاوا رأسه وتفرق جنوده بعد موته، ولمع اسم نوبو ناجا حتى صار أشهر القادة العسكريين اليابانيين...
علَّـق المترجم: (هل منكم من لعب أونيموشا على البلاي ستيشن2؟).


======
التعليـق
======

يستمر المؤلف بالتنبيه على أهم عناصر النصر و هي الحيلة التي تقود للمفاجأة و النتيجة انهيار تام للخصم... بالإستراتيجيات الماضية مرت أمثلة تُشابه النقطة الثامنة إلا أنها توضيح بشكل أدق لإحدى الخدع الحربيـة الخاصة...

لكن الإستراتيجية فيها عناصـر هامة لتنجح ذكرها المؤلف بالقصة... لولا العيـون لما تحقق نصـر... فالقصة تحكي أن القائد المنتصر أرسل عيونه -الجواسيس- ليرى جيش عدوه و يستعد بخطة مناسبة لقتاله... و الجواسيس أو بالأدق "فرق الاستطلاع" من الأمور المُسلم بها بأي معركة... و قد اهتم المسلمون بها و لم تحدث غزوة أو معركة إلا و ذُكِرت فرق استطلاع العدو... فكانت ترجع للمسلمين بأعداد المشركين المشاة و الخيالة و البعير -حجم المؤن و السلاح- و الطريق التي يمشون بها إلخ...

فكما نلاحظ من فوائدها معرفة حجم العدو و تشكيلاته الحربية و محاولة التنبـؤ بخطته القتالية و نواياه ليُحلل القادة لاحقاً نقاط القوة و الضعف و هل الأنسب الخروج للمواجهة المباشرة ضده أم البقاء و التحصن الدفاعي؟ و هكذا كان النبي -صلى اللـه عليه وسلم- يُشاور أصحابه قُبيل كل غزوة حينما تأتيه فرق الاستطلاع بأخبار العدو... فبحسب طبيعة الجيش إما أن يخرج له كما بغزوة أحـد أو أن يتحصن بالمدينة كما بغزوة الخنـدق...


و العنصـر الثاني لنجاح الإستراتيجية هي العلانيـة و الخفـاء... فيحتاج القائد أن يوهم العـدو بنواياه الكاذبـة حتى يرى ما يُريده أن يراه فقـط... فالمطلوب حصـر انتباه و استعداد العـدو اتجاه جيـش وهمـي و بالتالـي يبني قواته و خططه على ما يـرى مِن وهـم... لأجل تحقيق تلك الغاية -ايقاعه بالوهم- لا بد من وسائل خادعة مع اعلانها حتى يراها جواسيس الخصم... الوسائل الخادعـة تمثلت بالمثال الماضي ببناء جيش وهمي مع مؤثـرات بصريـة و سمعيـة كالدمـى و الأعلام و الطبـول... و حاليا ببناء خنادق و متاريس و مخلفات المركبات و التركيز الإعلامي وغيرها...

حينها يتحقق المُراد الأول و هو ايهام العدو بالجيش الوهمـي... و يأتي على الجانب الآخر "الخَفـاء و السرية" الخاص بالجيش الحقيقـي... و الهدف منه هو الالتفاف على العـدو و خطوطه الخلفية للهجوم بغتة و احداث البلبلة و الفوضى بصفوفه و بالتالي الهزيمـة...

ذكر المؤلف استعمال "الحيلة و الخديعة" ليتحقق المُراد الثاني (ارسال الجيش الحقيقي) مُرتكزا بسلوك طريق غير مباشرة لا ينتبه لها العـدو... حين النظر بالخطة فهي تعني طريق أطول و بالتالي تستغرق وقـتاً يعتمد على سرعة الجيش بحركته... و سرعة الجيش تُحددها طبيعة أساليب التخفي المُتبعة و أيضا طبيعة الطريق... فأحياناً يتسرع الجيش على حساب التخفي و يؤدي ذلك لانتباه العدو و اكتشاف الخدعـة و من ثم انهيار الجيش الحقيقي و الوهمي...

فمن ضروريات التخفي كعدم اشعال نيران و اصدار أصوات وتمويه الزي العسكري و تمويه الآلات القتالية و هو ما تتبعه الجيوش الحالية باستعمال زي خاص لكل بيئة و أيضا الصاق أغصان الأشجار بالـزي و أحيانا التستر بالصوف و الجلد كالأنعام إلى غيرها من الأساليب... و يُحكى قديما أن زرقاء اليمامة المشهورة بنظرها الثاقب كانت ترى العدو على بُعد ثلاثة أيام فتُنبه قومها لذلك فيستعدوا ويفشل هجوم العدو إلى أن تنبه لذلك و تستر جندهم بأغصان الأشجار فلما رأت الأشجار تمشي ظن قومها بها جنون فلم يُصدقوها حتى دخل العدو حصنهم و اقتلعوا عينيهـا! المُلخص أن التمويـه و أساليبه هامة جـداً بأي هجوم فيه خديعـة...

حينما تُحاك الخطة و يقع العـدو بالخدعـة يصل لآخر ركيزة لنجاحها و هو الوقت المناسب للهجوم... طبعا الهجوم من الجهتين و ليس فقط من المؤخرة لأن الجيش الوهمي فيه من القوة ما تُمكنه من ذلك و سيزيد سرعة انهيار العدو و تخبطه...

طارق شفيق حقي
20/08/2011, 11:38 PM
الإستراتيجيـة التاسعـة

(( راقب النيران الحارقة من على الشاطئ الآخر للنهر ))

يقول المؤلـف:

اعمد لتأخير دخولك ساحة المعركة حتى يصيب الإرهاق والتعب بقية اللاعبين نتيجة قتالهم بعضهم البعض، ثم اهجم بكل قوة والتقط القطع المتناثرة.

و ضرب بالتالي:

في 1583 في اليابان وقف تويوتومي بقواته أمام أكيشي استعدادًا للمعركة التي حملت اسم يامازاكي. بعدما بدأ القتال بقليل، وصل تسيتسوي (حليف أكيشي) إلى ساحة المعركة لكنه رفض المشاركة فيها بسبب تفوق قوات تويوتومي ووقف يتفرج ويتابع، من ممر اسمه هورا-جا-توجي سمح له برؤية أفضل لسير العمليات. ما أن وضح انتصار تويوتومي حتى خان تسيتسوي حليفه أكيشي وأرسل قواته لتنضم إلى جانب المنتصر تويوتومي وصار ذلك مضرب المثل.

يعلق المُترجم:
(يبدو هذا المبدأ غاية في الخسة والنذالة، لكن المرء يضطر أحياناً للعمل به، لحقن الدماء وتوفير الأرواح، ولعل هذا يعطينا فكرة أفضل لفهم أحداث تاريخية كثيرة).


=======
التعليق
=======

المثال الماضي يحكي عن انتهاز قوة مُتحالفة وضعاً تولد قُبيل انتهاء المعركة حينما وقـف القائد بجيشه ليميل للكفة الراجحـة... مشاركته للهجوم بعد اندلاع المعركة كانت ستقلب النتيجة لكنه آثر عدم خسارة أي جهد و وقت و الانضمام لحِلف أقوى... و هو ما فعلته اليهود يوم غزوة الأحزاب حينما مالـوا إلى الجيش الأكثر عددا و قوة و حسبوا أن الهزيمة ستلحق بالمسلمين و نكثوا الميثـاق و أخزاهم اللـه بنصر نبيه صلى اللـه عليه وسلم و ذبحهم...

الإستراتيجية أوسع من ذلك فليست حصراً للمتحالفيـن... فبوسع القائد تأخير دخول تشكيلات قتالية حين اندلاع المعركة حتـى تحين الفرصة المناسبة بناءاً على ما يراه بأرض المعركة... و تلك إحدى الخدعة التي كانت تقلب حال المعركة من طرف لآخر... و المعارك القديمة سواءا للرومان أو المسلمين شهدت أساليب كتلك و خاصة تأخير دخول الخيَّالـة إلى أن ينكشف نقاط ضعف و فرجات بتشكيلات العـدو...

و الخطـة المعتمدة على هذه الإستراتيجية لها -مثل أي خطة- خطة مضـادة لافشالها... ذلك يعتمد على حنكـة و فراسـة القادة لكِلا الجيشيـن...

من الأمثلة على ذلك براعـة النبي -صلى اللـه عليه وسلم- بالتخطيط الحربي بغزوة أحـد... و حينما قاد خالد بن الوليد -رضي اللـه عنه- كتيبـة الفرسـان تنبـه النبي -صلى اللـه عليه وسلم- للخطة التي ينويها خالد... فكان لا بد من حلٍ لاجهاضهـا و الحـل بكتيبـة الرُّمـاة التي ستحمي ظهر المسلمين و تمنع خالداً -رضي اللـه عنه- من الالتفاف على المسلمين من الخلف... طبعا لعصيان الرماة أمر النبي -صلى اللـه عليه وسلم- حصل ما حصل يومها...

فكما نعلم أن النصر يوم أحـد تحقق إلا أنه حينما دخلت تشكيلة جديدة بساحة المعركة بعد زوال خطر الرماة انقلبت الكفـة و قد انكشف ظهر المسلمين للخيالة...

بالتمعـن بالإستراتيجيـة و عناصر نجاحها يظهر أن على القائد مراقبـة تشكيلات العدو و التنبـؤ المُسبق بمجريات القتال و أخيراً ما طبيعة القوات التي سيُخفيها و يؤخر اشتراكها بالمعركة...

أحياناً يتطلب منه استعمال الحيلة لاستدراج عدوه أثناء القتال و انسحابات تكتيكية إلى فخ أو أكثر لتنجح القوات الجديدة بتنفيذ هدفها حين الهجوم و قد اغتـر الخصم بما حقق من نتائج سريعة...

حيـن النظر بالأمثلة الماضية و غيرها من المعارك الحربيـة فنلحظ أن معظم التشكيلات الجديدة تُهاجم مؤخـرة الخصم إما بالتفاف حوله أو اختبائها حتى تحين الفرصة للانقضاض...

كذلـك من الأهميـة التنبه متـى يحين انقضاض التشكيلات الجديدة أثناء المعركـة لتوقع أكبر خسارة بصفوف الخصم أو هزيمته...

كل ذلك يعتمد على رسم أولـي لمُجريات القتال و المسارات التي سيسلكها الخصم... بعض الجيوش تُخفي أكثر من مجموعة واحدة لتشترك بالمعركة بأوقات متباينة... مما يؤدي لمفاجـآت قوية يتعرض لها الخصم و اختلاط أوراقه... و المفاجـآة بساحة القتال بحد ذاتها سلاح قاتل مهما بلغ حجم الخصم... و كما ذُكر مُسبقا فالأسلوب برع فيه سيف اللـه المسلول خالد بن الوليد رضي اللـه عنه...

طارق شفيق حقي
20/08/2011, 11:38 PM
الإستراتيجيـة العاشـرة

(( اِخفِ خنجرك وراء ابتسامة عريضة ))

يقول المؤلف:

تملق عدوك حتى تكون لك الحظوة عنده، وما أن يعطيك الأمان حتى تتحرك ضده في الخفاء.

يُتابع بقصة:

تروي القصص الشعبية كيف أن الملك تشو جاءته هدية من ملك وي عبارة عن جارية آية في الحسن والجمال، جعلته يهيم بها ويفرط في الغرام، على أن زوجته أحسنت إلى هذه الجارية وعاملتها خير المعاملة، ما دفع زوجها الملك للتساؤل عن سر هذا الانسجام، بينما المتوقع كان الهجر والخصام، لكنه كان من قلة الخبرة بأمور النساء حتى أنه صدق أن زوجته قبلت الأمر. في يوم انفردت الملكة بالجارية المحظية، وأخبرتها أن الملك يهواها كلها لولا أنفها، وأنها إذا كانت تريد النصيحة الخالصة، فعليها في المرة القادمة التي تدخل على الملك أن تخفي أنفها بيدها. كانت الجارية من السذاجة بحيث نفذت النصيحة، وكان الملك من الطيبة بحيث شكا لزوجته من أمر الجارية. أكدت الملكة أنها تعرف السبب، إلا أنها تخجل من ذكره، ولولا إلحاح زوجها لما باحت بأن الجارية إنما تفعل ذلك لسوء رائحة الملك، فما كان من الأخير إلا أمر بقطع أنف الجارية التي كانت جميلة!


======
التعليق
======

الإستراتيجـة أقرب ما تقع على الجواسيس للاغتيالات... حينما تجرأ أحد صناديد الكفر على النبي صلى اللـه عليه و سلم- خرج له أحد الصحابـة لاغتياله... و أجاز له النبي -صلى اللـه عليه وسلم- أن يقول ما شاء من الكلام حتى يخدعه و إن كان فيه شتم للإسلام... و حينما جاءه الصحابي ألان له الكلام و أبدى بلسانه نقيض ما بقلبه حتى خُـدِع الطاغية و انفرد به ثم قتله...

ليس شرطاً حصر مهمة الجاسوس الذي يتقرب لقادة عدوه الاغتيال... فأحيانا لكشف خططهم و أسرارهم أو التأثير بقرارتهم لدفعهم نحو حيلة يحيكها قادته إلى غير ذلك من المكاسب التي يجنيها...

المثال بقصة زوجة الملك و الجاريـة يعكس بجلاء كيـد النساء و تضحيتهن بالقليل حتى نيـل مطلبهن بعد حين و هو ما توضحه الإستراتيجية التاليـة و نعوذ باللـه من فتنة و كيد النساء...

طارق شفيق حقي
20/08/2011, 11:38 PM
الإستراتيجيـة الحاديـة عشـرة

(( ضح بالفضة في مقابل الذهب "ضح بشجرة البرقوق من أجل الخوخ" ))

يقول المؤلف:

هناك مواقف تستوجب التضحية بالأهداف قصيرة المدى في مقابل الحصول على أهداف بعيدة المدى، وهذه سياسة التضحية حيث يعاني فرد من العواقب في مقابل سلامة الآخرين.


======
التعليـق
======

كان لمثال انتقام الملكة من الجاريـة و تضحيتها بأيامٍ معدودات مقابل الحيلة التي ستقضي على مشكلتها تطبيق على الإستراتيجية الحاليـة...

من القواعد الشرعيـة و حتى من البديهيات للبشـر تفضيل أعظم المصلحتَيـن و أخف الضرريـن...

أثناء فتوحات الملك المُظفر صلاح الدين -قدس اللـه روحه- للشام و مصر ضد الرافضة و الصليبييـن و كذلك بفتوحات الأندلس و ما أعقبها من هجوم مضاد صليبي كـان القادة المسلمين أحيانا يُضحـون بحصون و قلاع مُقابل هدنـة ما مشروطة لمحاولة الاعداد و بناء تحالفات تُمكنهم من استرداد ما خسروا بعد حيـن أو لأي حاجة رآها القادة المسلمون آنذاك بناءاً على خططهم متوسطة وبعيدة المـدى...

ربما نعتقد للوهلة الأولى أن الإستراتيجية بشقها الأول -أي التنازل عن شيء- هو خسـارة و استسلام... ذلك صحيح في حالة أن القائد فعل ذلك دون وعـي و نظرة مستقبيلة ثاقبـة... لكـنْ لو تم ذلك بعد دراسة شاملة و عرض الاحتمالات و طبيعة العـدو و آلية تطبيق الخطة و عوامل نجاحها أو فشلها فهـي تُعتبر خطوة نحو تحقيق ما يطمح لكنْ بخدعـة و رؤية ثاقبـة...

لعـل صلح الحديبيـة و البنود التي بالوثيقـة و ما جرى حينها من مواقف تُوضح الإستراتيجية بشكل أكبر... طبعاً لا يعني ذلك بساطة الفكرة بل لن تنجح إلا بمقومات كما ذُكِر بالأعلى...

طارق شفيق حقي
20/08/2011, 11:38 PM
الإستراتيجيـة الثانية عشـرة

(( استغل الفرصة لسرقة الشاة ))

يقول المؤلف:

بينما تقوم بتنفيذ خططك، كن مرنًا بدرجة تسمح بانتهاز أي فرصة تلوح لك، مهما كانت صغيرة، واغنم أي ربح كان، ولو كان صغيرًا.


=======
التعليـق
=======

الكمـال للـه جل جلالـه... و الخصم لطبيعته البشريـة لا بد من حصول أخطاء و سهو و نسيان و غفلة بصفوفه أو بخطته... استغلال ذلك الخطأ يتطلب مرونـة بالجيش و المرونـة تتطلـب عناصر لتحقيقها منها الملاحظـة القوية و الدائمـة للعـدو و ساحة المعركـة و كذلك أن يأخذ القائد بالحسبان أي تغيير مفاجـىء بخطته أو ببعض أجزائها ليستغل أي خطأ و فرصة تسنح له... و لعل من أمثلة ذلك غزوة أحد من صبـر كتيبة الفرسان التي قادها خالد بن الوليد -رضي اللـه عنه- وعدم انسحابهم رغم انتصار المسلمين إلى أنْ جاءت الفرصة و اغتنموها...

أي نجاح يُحققه الجيش رغم صغره سيعود بفائدة معنوية و مادية عليه لذا نبه المؤلف لأهمية استغلال أصغر المكاسب... لكن طبعا مع الحذر فأحياناً يكون المغنم عبارة عن خدعة من الخصم حتى يبتلعه القائد بسبب قصر نظره لـذا قبل استغلال الفرص لا بد من معرفة هل هي حقيقيـة أم حِيَـل مع الانتباه لعامل الوقـت...

طارق شفيق حقي
20/08/2011, 11:39 PM
يقـول المؤلـف عن الأستراتيجيات السـت التاليـة (13-18) :
"مثل السداسية الأولى، يمكن انتهاج هذه السداسية عندما تكون غير مقيد بعنصري الوقت والموارد، بهدف تحقيق النصر عبر الهجوم المباشر"


الإستراتيجيـة الثالثـة عشـرة

(( اضرب العُـشب لتستفز الثعبان ))

يقول المؤلف:

إذا عجزت عن كشف نوايا العدو، شن هجومًا مباشرًا عليه، لكن اجعله شكلياً بطريقة تسمح لك بمراقبة ردود أفعال العدو، والتي ستكشف لك عن نواياه الحقيقية.

يضرب بالمثال الآتي:

تحكي الأساطير الهندية عن قاض صيني حكيم، عُرضت عليه قضية سرقة، المتهمون فيها كثر، والأدلة فيها غير كافية. فكر القاضي في حيلة: أعلن للمشتبه فيهم عن جرس سحري يستطيع أن يميز السارق من البريء، ولا يلزم سوى أن يلمس المشتبه بهم الجرس وإذا رن الجرس كان هذا معناه أنه هو السارق. جمع القاضي المشتبه فيهم، وشاركهم صلاة خاصة لهذا الأمر، ثم جعل كل منهم يدخل بمفرده على هذا الجرس المزعوم والذي تمت إحاطته بستائر تحجبه عن العيون. كان القاضي قبلها قد دهن الجرس، ولذا كان من السهل ملاحظة أن أصابع الجميع قد علق بها الدهان، عدا رجل واحد خاف أن يلمس الجرس، والذي اعترف بجرمه فيما بعد.


======
التعليـق
======

من مميزات الإستراتيجية كما نرى وفرة الوقت و الموارد مما يدفع القائد لاستهلاك بعضهما لجس نبض الخصم و معرفة نواياه...

كشف نوايا الخصم تعني معرفة خططه العسكرية و أسلوب هجومه أو دفاعه و قوة جيشه من ناحية المعنويات و الحجم... قبل بدء الحروب و المعارك يسعى كل طرف إلى التنصت على الآخَر عبر جواسيس إما أفراد أو آلات... كشف نوايا جيش ما سيجعله لعبة بيَـد عدوه فيسهل المكر و الإيقاع به و يتنبَه العدو من مكره...

فأهمية معرفة نوايا الخصم كبيرة و لكنْ أحيانا يعجز القائد عن كشفها فيلجأ للمكر و الحِيل... من ذلك ما تذكره الإستراتيجية الحالية بشن هجوم شَكلي و دراسة ردود أفعال الخصم...

نجاح الإستراتيجية يعتمد بشكل كبير على فهم ردود أفعال العدو و دراسة الاحتمالات على سبب ردة الفعل تلك... فمثلا لو قامت مجموعة من الجيش بهجوم و كانت ردة فعل الخصم بوابل من السهام دون استخدام تشكيلات قتالية هجومية كمُشاة و فرسان فسينطبع للقائد أن الخصم ينـوي الدفاع فقط دون الهجوم... أما لو كانت ردة الفعل دفاعية مع هجوم مضاد ضعيف فسيحتاج القائد إلى عرض عدة احتمالات فلا يجزم بشيء حتى يحتاج إلى تكرار هجمات شكلية و تنويعها ليكشف نوايا خصمه أو يترجح له نية ما...


أسلوب الهجوم الشكلي متنوع فمثلا يُمكنه الهجوم بتشكيلات قليلة و ضعيفة مع الاستعانة بمؤثرات صوتية و بصرية للخداع لمحاولة تضخيم حجم القوة المهاجمة بنظر عدوه حتى يعتقد العدو بأن الهجوم بدأ فيُبطبق خطته و من ثم تنكشف الخطة للقائد...

أحيانا يهجم القائد بتشيكلات أكبر طالباً منها هجوم شَكلي دون خوض قتال حقيقي عن طريق الكَر و الفـر... و الأسلوب الحالي أقرب لخداع العـدو حيث تكون ردة فعله هي الخطة التي ينوي القتال بها...

كل ذلك لن ينجح إلا إنْ تمكن القائد من مراقبة أرض المعركة و ردة فعل عدوه... الإستراتيجية مع دقة ملاحظة القائد ستكشف خبايا و خدع أعدها العدو كنوع الأسلحة التي سيدافع أو يهجم بها و كيفية انتشار قواته لحظة الدفاع أو الهجوم و حجمها ليتنبأ بكمائن أو التفافات ربما قام بها...

لا يعني ذلك أن الخطة ستنكشف تلقائيا... بل ربما يحتاج القائد وقتاً ليكتشف نوايا الخصم و أحيانا يُكرر الهجمات الشكلية بأشكال عدة... خلال الوقت و مراقبته الدقيقة لأرض المعركة و ما حولها لمتابعة تحركات خصمه...

كما نلاحظ كذلك فحين دمج الإستراتيجية الحالية مع إستراتيجيات ماضية سيُعطيها قوة أكبر... فتكرار الهجمات الشكلية بعمليات الكَـر و الفَـر سيُعطي القائد فائدتين فأولا يكشف نية خصمه و ثانياً سيوقع خصمه بفخ الروتيـن... حيث يتوقع الخصم طبيعة الهجوم التقليدية كل مرة بالكفر ثم الفر... بالتالي سيهجم القائد بأسلوب مغاير بإحدى عمليات الكَـر بشكل لا يتوقعه الخصم و قد اعتاد الروتين مما يعني خسائر بصفوفه أو هزيمة...

المزج بين الإستراتيجيات و تنويعها ميزة إستراتيجية بحد ذاتها و تقود لحسم المعارك بصورة أكبر حتى إن فطن العدو لبعض الإستراتيجيات فسيغفل عن أخرى إلا ما شاء اللـه...

طارق شفيق حقي
20/08/2011, 11:39 PM
الإستراتيجية الرابعة عشـر

(( اقترض جثة الغير لتحضير الأرواح ))

يقول المؤلف:

قم بإحياء فكرة، طريقة، عادة، تقليد، تقنية من الماضي نسيها الناس، واستغلها لصالحك، عبر إكسابها غرض أو مفهوم جديد.

يُضيف بمثال:
عندما توفى الإمبراطور الصيني هودي 188 سنة قبل الميلاد، لم يترك وريثًا للعرش. على أن أم الإمبراطور كانت قد احتاطت للأمر من قبل، إذ اشترت طفلاً قبل وفاة الإمبراطور بعدة سنوات، وجعلت زوجة ابنها تدعي أنه ابنها. لتخفي آثارها، أمرت الإمبراطورة بإعدام أم الطفل الحقيقية. بعد وفاة الإمبراطور، نصبت الأم الطفل إمبراطورًا، وجعلت نفسها الوصية عليه. بعد مرور عامين، علِم هذا الطفل بما حدث لأمه الحقيقية، ونقل عنه جواسيس أم الإمبراطور قوله أنه يعرف ما يجب فعله عندما يصبح إمبراطورًا. لم تتأخر الأم، إذ أمرت بقتله ووضعت طفلاً غيره مكانه. خلال ثمان سنوات غيرت الأم ستة أطفال، حتى ماتت بعدها بمرض غريب.


=======
التعليق
=======

يعني المؤلف بالفكرة القديمة الجثـة... و الروح هي الغاية الجديدة التي تريدها بواسطة تلك الفكرة...
صراحة لم أجد مثالاً حياً على الإستراتيجية و هي تبدو أقرب لعالم السياسة منها للحروب... الإستراتيجية تستند إلى وسيلة قديمة يفهمها الناس بمفهومها العام و لكــنَّ غايـة استخدامها الحقيقية هي مُغايـرة...

والدة الإمبراطور أرادت حكم البلاد عبر الوصاية... فكان لا بد من وجود طفل على الكرسي... و التقاليد تقول أن الإمبراطور الطفل يحتاج وصيـاً عليه و هذا سهَّـل لوالدة الامبراطور غايتها... فاستعانت بذلك التقليد القديم لغايـةٍ أخرى تريدها... طبعا احياء التقليد بالمثال تطلب منها عدة جرائم كما رأينا...

لو أسقطنا الإستراتيجية على واقع السياسة الحربي فسنرى أمثلة عدة على ذلك: منها قصة سيدنا يوسف عليه السلام و إخوته عليهم السلام... حينما أرادوا التخلص منه بحثوا عن وسيلة شائعة يتقبل والدهم يعقوب -عليه السلام- قبولها... فكانت قصة الذئب يأكل الطفل... القصة تلك شائعة قديما و خاصة بالغابات و من المحتمل أن إخوة يوسف سمعوا جرائم سابقة عن قتل الذئب للناس فكان احياء هذه القصة...

أمثلة أخرى بعالم السياسة حتى تكون عقول الناس لُعبـة... فيتم تجييش مشاعرهم أو معتقادتهم نحو هدف يسعى له السياسي... تُجار الحروب بأمريكا أرادوا تحقيق أرباحاً لشركاتهم سواءا مصانع الأسلحة أو النفط و الاتصالات و إلخ فكـان لا بد من ايهام الشعب الأمريكي و المجتمع الدولي بغايات وهميـة... كمثل التهديد العراقي بأسلحته للدمار الشامل و أنه سيُعيد تاريخ هتلر ليتوسع بدول الجوار للعراق...

السـودان بلد غنية بالنفط و موقعها إستراتيجي فأشاعـوا أن حربَ إبادة و تطهير عرقي تشتعل فيها... و أنَّ غايـة الأمريكان و الغرب إنساني بحـت حتـى أثاروا الرأي العام ضد السودان و رئيسه رغـم أن جرائم دارفور مثلا لا تُقارن مطلقا بجرائمهم ببلاد كثيرة... لكنَّهم ملكوا آلة الإعلام و استثاروا الشعوب من مفاهيم الإبادة الجماعية و صورها حتى وصلوا لمرادهم الحقيقـي...

لو صرح الغرب بنواياه الحقيقية مُسبقاً فلن يجني سوى الفشل... لأجل ذلك فعالم السياسة هو عالم بمجمله مخـادِع و يظهر عكس ما يُبطن... لباسه العام الكذب و الزيف لتنفيذ مآرب بعادات و مفاهيم يظنها الناس عكس الحقيقة التي يُريدون...

طارق شفيق حقي
20/08/2011, 11:39 PM
الإستراتيجية الخامسة عشرة

(( اغوِ النمر ليهبط من أعلى الجبل ))

يقول المؤلف:

لا تشن أبدًا هجومًا مباشرًا على عدو متخندق متحصن (ميزته سببها المكان) لكن أغرِه واغوِه حتى يخرج من مكمنه القوي (المكان الذي ميزه) ثم افصل بينه وبين مصدر قوته.


يضرب بمثال:

أراد الحاكم الصيني سون سي غزو جارته الشمالية لوجيانج، لكنها كانت محصنة بقوة ويحميها جيش متمرس، كما أنها تتمتع بحماية طبيعية لارتفاع أراضيها إلا من ممرين تحرسهما بشدة ويقظة. قرر سون سي إرسال وفد يحمل الهدايا وثمين الكنوز لحاكم لوجيانج، ومعه رسالة من سون سي قال فيها أنه يدعو حاكم لوجيانج لغزو جارتهما مدينة شانغلياو التي طالما ناصبته العداء والاعتداء، ولكنه بسبب ضعف بلاده لا يستطيع الهجوم عليها، ولذا يمكن لحاكم لوجيانج الهجوم عليها وضمها لبلاده دون معارضة من سون سي. رغم معارضة الوزراء، قام حاكم لوجيانج بالهجوم على المدينة وحصارها، وبعد مرور أسابيع على هذا الحصار، شن سون سي هجومه على لوجيانج التي رحل عنها جيشها، فسقطت سريعاً بين يديه، وبذلك توقفت الإمدادات عن جيش حاكمها المخلوع الذي خرج ليحاصر شانغلياو، فتوقف عن حصاره وحاول العودة لمدينته، التي وقفت أمامه عصية بسبب تضاريسها ودفاع سون سي عنها، فاضطر إلى الفرار هو وجيشه.



======
التعليق
======

حاول المشركون يوم الخندق جر المسلمين للقتال خارجه... تضاريس المدينة المنورة أعطتها ميزة دفاعية ازدادت قـوةً بعد سد نقاط الضعف بواسطة الخنادق... حينها عجز جيش المشركين أنْ يفعل شيئا حتى انهار بعد مدة بحمد اللـه...

الاحتمالات أمام جيش يُقاتل عدو متحصن بشكل قوي يصعب الوصول إليه:هي إما أن يبدأ القتال و ستكون خسائره أكثر لأنه يُقاتل أولا ضد التحصين و ثانيا ضد العـدو... الاحتمال الآخر هو بضرب حصار شديد كما حاول المشركون بالمدينة المنورة... حينها سيكون عامل الصبر و الوقت حاسمين... فكِلا الجيشين سيُعاني من الحصار من ناحية تموين و جهد وغيره...

من التطبيقات الإسلامية على الإستراتيجية عملية استدراج رأس اليهود "كعب بن الأشرف" خارج حصنه ثم قتله... و كان الصحابي محمد بن سلمة -رضي اللـه عنه- بطل تلك العملية بحنكته و دهائه العظيمين... فدخل عليه بدايةً ثم شكا إليه حاجته للصدقة و كأنه استثقل الإسلام طالباً منه ديناً فطلب منه كعب بن الأشرف رهاناً حتى اتفقا على رهن أسلحته... جاءه بالليل يطرق باب حصنه فنزل كفب بن الأشرف رغم خوف زوجته عليه لكنه اغتر بحديث ابن سلمة -رضي اللـه عنه- و كانت مقتلته خارج حصنه...

من الأمثلة كذلك ما فعله القائد المظفر صلاح الدين -قدس اللـه روحه- بالصليبيين في حطين... فبعد أن كاتبهم بالهدنة لبضع سنين كي يبني الدولة الإسلامية و يوحد الأقاليم المتفرقة حتى تحين الفرصة لتحرير القدس... نكث ملك الكرك الهدنة و هاجم قافلة إسلامية متحصناً بقلعته...

حاول صلاح الدين حل الأزمة سلمياً لأسباب عدة منها أنَّ شوكة الصليبيين قوية و خاصةً تحصنهم بحصون تتطلب أسابيع لفتحها... فطبق ما يُشبه الإستراتيجية الحالية لاستدراج الصليبيين خارج نقاط قوتهم حتى يكون القتال بأرضٍ دون حصون...

كان ذلك باثارة غضبهم و حميتهم حينما هاجم حصن طبريا الذي تحكمه زوجة أحد ملوك الصليبييـن... فاجتمع ملوك الحصون ببيت المقدس و طرابلس و الكرك لانقاذ طبريا و تركوا خلفهم حصونهم التي كانت مصدر قوتهم...


طبعا خطة القائد صلاح الدين امتازت بعدة إستراتيجيات حربية ذكرنا سابقاً بعضها...

فحقق هذه الإستراتيجية كذلك استراتيجية اختيار أرض و موعد المعركة مُسبقا و غايات أخرى سعى لها كإنهاك جيش الصليبيين بعناء السفر و جاهزية جيشه -كما فعل النبي صلى اللـه عليه وسلم يوم بـدر- و استعان كذلك بالجغرافيا و المناخ ليكون بصالحه ضدهم... فأحرق الأشواك و الأعشاب لتزداد حرارة الجو و آثارها على الصليبيين مستغلاً اتجاه الرياح الذي أرسل الدخان و النيران نحو معسكرهم... كذلك ادخال الرهبة بقلوبهم عبر التكبيرات من حناجر جيش المسلمين بالليل... إلى غير ذلك من إستراتيجيات الحرب التي امتاز بها القائد الفـذ جزاه اللـهُ عنا خيرا

طارق شفيق حقي
20/08/2011, 11:39 PM
الإستراتيجية السادسة عشـرة

(( لتقبض على عدو، عليك أولاً أن تطلق سراحه ))

يقول المؤلف:

الطريدة المحاصرة في ركن لا مهرب منه ستقوم دائمًا بشن هجوم مستميت أخير. لتمنع حدوث ذلك، أوهم العدو بأن هناك مهربًا باقيًا، ما يجعل رغبته في القتال تخبو، في مقابل انتعاش رغبته في الهروب. عندما يتضح للعدو في نهاية الأمر استحالة الهروب، ستخبو معنوياته حتى يضطر للاستسلام في النهاية دون قتال.

و المثـال التالي:

خلال معاركه الكثيرة، جمع الجنرال تان داو-جي قرابة أربعة آلاف أسير، حتى صاروا عبئًا عليه، فنصحه مستشاروه بذبحهم، لكن الجنرال أحسن معاملتهم وأطلق سراحهم. عند عودة هؤلاء الأسري إلى بيوتهم، حدثوا أقاربهم عن حسن معاملة الجنرال تان لهم وإطلاقه سراحهم، ما سهل مهمته أينما ذهب وجعل الكثيرون ينضوون تحت لوائه ويحاربوا معه.


=====
التعليق
=====

الهدف منها هو الروح القتاليـة للخصم... خاصة حينما يُحاصَر و لا خيار أمامه سوى القتال... سيُقاتل بضراوة لأنه السبيل الوحيد أمامه للنجاة قبل التفكير بالاستسلام... المطلوب من الإستراتيجية هو تشتيت تركيز الخصم عن القتال للهروب... ذلك بايهامه أنه غير محاصر بالتالي تخف حدة قتاله و هذا الشطر الأول من الإستراتيجية...

و هو كافٍ لخفض الروح القتالية للخصم المُحاصر... إلا أن الإستراتيجية أوسع و تهدف لاجباره على الاستسلام... ذلك عبر اغلاق باب النجاة مرة أخرى ليدخل اليأس لقلب المقاتلين و يبدأ انهيار الروح القتالية بنفوسهم... بدون شك سيكون القتال بحدة أقل بكثير عن السابق و يكون الاستسلام أقرب القرارات التي سيتخذها...

أما عن آلية تطبيق الإستراتيجية فهي أولا تخص حالات معينة بالقتال خاصة حين محاصرة مقاتلين و روحهم القتالية عالية... لتحقيق الشطر الأول من الإستراتيجية و هو ايهامهم بباب نجاة من الحصار يُمكن تطبيق ذلك معنويـا أو حقيقةً على الأرض أو كليهما معا...

الضغط المعنوي عبر اتصالات بالمقاتلين و أنهم سيلقون معاملة حسنة و سيرون أهاليهم و غيرها من المحفزات التي ستُدخل التردد بقلب المقاتل فيتشتت تركيزه من القتال الخالص إلى التفكير بينه و بين الخضوع لتلك المحفزات... بشكل عام فالضغط النفسي هدفه أن يتمسك المقاتل بالحياة و أن استسلامه ليس النهاية... فلو وافق حينها على الاستسلام فقد اختصر الطريق و الجهد على أعدائه... و إن تردد فسيتشدد أعداؤه بقتاله و حرمانه من الامتيازات التي سينالها و قـد حققـوا مرادهم في أن روحه القتاليـة خَبـتْ عن البدايـة...

تطبيق الشطر الأول عبر أساليب أخرى مادية بساحة القتال كمثل ايهامه بممر آمن للهروب حتى يوطـن نفسه على الانسحاب ثم ما يلبث أنْ يظهر له عكس ما توقعه كأنْ يتخفى أعداؤه بالممر و يستمر الحصار و تنخفض روحه القتالية و يُصبح أقرب للاستسلام...

أمثلة ذلك كثيرة بيومنا الحالي و بالحروب العالمية حين القبض على الأسرى المقاتلين فقبيل ذلك يبدأ الضغط النفسي من الخصم لاجباره على الاستسلام بعد تقلبات بقلبه...

طارق شفيق حقي
20/08/2011, 11:40 PM
الإستراتيجية السابعة عشرة

(( ارم حجرًا لتصطاد زمردة ))

يقول المؤلف:

انصب فخًا وأغرِ عدوك ليقع فيه مستخدمًا طُعمًا (شِركاً). أثناء الحرب، يكون الطُعم الإيهام بفرصة للفوز، وفي الحياة يكون الإيهام بالثروة أو القوة أو الجنس.

يُتابع بمثال:

عندما أراد زي مهاجمة بلاد وي، أرسل لمليكها هدية عبارة عن 400 فرسًا صغيرًا وزمردة. سعد الملك بهذه الهدية غير المتوقعة، وسارع الوزراء لتقديم التهاني، عدا وزير واحد، عبَّر عن شكوكه في مثل هذه هدية، وعلل لذلك بالقول أن من تأتيه هدية غير متوقعة أو مبررة، ودون استخدام القوة، عليه دائمًا أن يفكر في دوافع هذا الإهداء. 400 فرس وزمردة تناسب هدية تهديها إمارة صغيرة لأخرى كبيرة، فما بال هدية من إمارة قوية وكبيرة. اتخذ الملك الاحتياطات اللازمة، وزاد عدد الجنود على الحدود، وأمرهم بزيادة الحيطة والحذر. عندما وصل زي إلى الحدود وجد الحراسة الزائدة على الحدود، ولاحظ ارتفاع درجة الاستعداد، فعاد أدراجه قائلاً: هناك رجال جديرون بالاحترام في بلاد وي، فلقد توقعوا خططي لهم.


======
التعليق
======

مرت إستراتيجية شبيهة بالحالية و هي عن التضحية بشيء مقابل آخَر أكبر... كذلك إستراتيجية استدراج العدو من حصونه فكلاهما توازي الإستراتيجية الحالية...

الشيء المشترك بالإستراتيجيات الثلاث هو الحيلة للإيقاع بالعدو... الإيقاع به ليس شرطاً بساحة قتال فكما القصة الماضية كان الطعم يهدف إلى احداث الغفلة بصفوف العدو عبر كسب ودهم بالهدية... خطط القائد أن يدخل بجيشه المدينة و قد ساد جو من الغفلة و عدم الحيطة جنودها و السبب ايهامهم أنه صديق محب... لكن الحيلة لم تنطلي عليهم...

أحيانا يكون الطعم بساحة القتال كانسحابات تكتيكية و تسليم حصون و مدن أو عبر جواسيس لتسريب شائعات ما و الغاية تحريك جيش الخصم إلى مناطق للإيقاع به و قد شاع بنفوس جيشه اقتراب النصر... و تتغير أحداث المعركة نفسياً و ميدانياً حين اكتشاف الطعم... يوجد أمثلة عدة على الإستراتيجية بالأعلى...

طارق شفيق حقي
20/08/2011, 11:40 PM
الإستراتيجية الثامنة عشرة

(( لتقبض على المتمردين، اقبض على قائدهم أولاً ))

يقول المؤلف:

إذا كان جيش العدو قويًا لكنه يوالي قائده لأسباب مادية أو خوفًا منه فقط، ساعتها صوّب هجومك على هذا القائد. سقوط مثل هذا القائد يؤدي لتشتت جنوده وربما انضمامهم إلى جانبك. إذا كان الجنود يوالون القائد بسبب الوفاء، ساعتها احذر من سقوط هذا القائد، فجيشه سيقاتل بعده طلبًا للثأر له.

يُتابع:

في عام 756 قبل الميلاد، قاد ين زيكي جيشه ليحاصر مدينة سويانغ. لاحظ حاكم المدينة أن القوات الغازية استعدت جيدًا للحصار، إذ نظم زيكي قواته بحيث تقف خارج مدى سهام رماة أسوار المدينة. أيقن حاكم المدينة أن القضاء على زيكي سينال من معنويات المتمردين، ولذا خطط مع أبرع رماته بحيث رموا في اليوم التالي طلائع المتمردين التي تحاول تسلق الأسوار بفروع الأشجار عوضًا عن السهام، ففهم زيكي ذلك على أن الرماة قد نفدت منهم السهام، ولذا أمر قواته بالتقدم من الأسوار، إذ أن الفروع مداها أقصر من السهام، لكن زيكي اقترب من الأسوار ليشاهد بنفسه انتصاره الذي اجتهد من أجله، ودون أن يعلم حيلة الرماة، أصابه سهم في رأسه أسقطه صريعًا في التو. نال هذا السهام حين نال من معنويات الجنود قبل زيكي، فما أن سقط على الأرض حتى فترت معنويات جنوده لدرجة جعلتهم يعدلون عن حصار المدينة.


======
التعليـق
======

القائد رأس الجيش و عماده خاصةً لو كان ذا شخصية قوية... الجنود و حتى المدنيين سينظرون له كعنوان لهم لذا كان و ما زال ليومنا استهداف قادة الجيوش من أولويات الخصم في أي معركة... ليس لضرب معنويات أتباعه بل فقدانه هو خسارة مادية لهم...

إلا أن طبيعة ولاء الجند للقائد تُحدد استهدافه من عدمه... الأنظمة الدكتاتورية جعلت علاقة القائد بالجند مبنية على القـوة و الانصياع المُطلق كمبدأ العبـد و سيـده... كثيراً ما كان قادة لا يحترمون جنودهم و يرون عاقبة ذلك حين الحصار و اشتداد القتال...

القائد الإستبدادي قتله يعني انعدام دافع القتال لجنده... و من الصعب إيجاد محبين له لللثأر لدمائه بل ربما يفرح أتباعه بمقتله... السبب بذلك هو أخلاق الضابط مع الجند...أما الجند الوفـي لقائده فقتله يُشعل القتال و ربما يعود بخسائر أكبر من المصالح التي يُمكن للعدو أن يجنيها...

مثال ذلك قديما سعي الجيوش لقتل حامل الراية بالمعارك أو الوصول لقائد الجيش كما حاول المشركون يوم أحد و يوم حنين كذلك فعل المسلمون بقادة و ملوك المشركين و الصليبيين...

أيضاً ما حصل بالجيوش العربية من تمرد على الطواغيت المستبدين و انشقاقاتهم ليقاتلوا ضده...