قاف العراق
09/03/2006, 05:35 PM
محمد عيسى الشرقاوى
http://www.iraqpatrol.com/portraits/sayab.jpg
روعتني الأنباء المتواترة عن تساؤل ميليشيات أقطاب الطائفية في العراق: هل كان السياب سنيا أم شيعيا؟! وهو سؤال يخمد نصل علامة استفهامه المشبوهة والحادة في قلب الهوية الوطنية للعراق, وهي مؤامرة كبري تتجلي معالمها منذ عملية نهب المتحف الوطني والمكتبات العراقية إثر الغزو، وتتوالي وقائعها بحملة اغتيالات أساتذة الجامعات وصولا إلي محاولة تدمير عقل الأمة.
شاعر مفعم قلبه بعشق أجواء قريته, فهي تقبع في أحضان طبيعة خلابة, تضفي علي المكان رونقا وجمالا.. وتشيع في النفس صفاء وطمأنينة.. ولذلك كانت قصائد الشاعر العراقي العظيم بدر شاكر السياب مبللة أبياتها بندي الرومانسية.. لكن تحولات الزمن داهمت الشاعر, وأيقظته من سبات خيالاته, علي دوي نكبة عام1948.. واختطاف الصهاينة لفلسطين, والاندحار المهين لجيوش عربية.
وصارت يقظة الشاعر أرقا وغضبا.. ففي العام الحزين نفسه ـ1948 ـ انتفض الشعب العراقي, وثار علي حكومته حتي لا تفرض عليه معاهدة جائرة مع بريطانيا.. وخرج شاكر السياب مع الجماهير إلي الشوارع في مظاهرات شعبية صاخبة.. ومنذ ذلك الحين ولت الرومانسية الأدبار.. وأصبح الشاعر يبحث عن ملاذ آمن من قهر الواقع وعثراته.. واضطرب اضطرابا عظيما وخطيرا.. وظن أن الفكر اليساري هو طوق نجاته من اليم وأمواجه المتلاطمة.. لكنه سرعان ما شق عصا الطاعة علي أهل اليسار.. وأبحر علي متن قارب قصائده مع التيار القومي العربي, إبان أوج تألقه, وقبل انكساره وانحساره.
وأضحي بدر شاكر السياب من ألمع شعراء العربية, وأكثرهم حنكة وبراعة في توظيف الفلكلور العراقي والعالمي في قصائده.. غير أن الشاعر لم يكمل رحلته الصعبة.. ومات في الثامنة والثلاثين من عمره, من وطأة الفقر ومكابدة مروعة لآلام مرض عضال.
هذا الشاعر العظيم, عندما انفرط عقد وطنه من جراء الغزو الأمريكي.. واعتقال قوات الاحتلال لرمزي الخصب في الفلكلور العراقي تموز وعشتار, وكانت علاقة شاكر السياب بهما حميمة.. وجعلهما محورا لقصيدته الرائعة مدينة بلا مطر.. أصبح الشاعر مطلوبا حيا أو ميتا!.
ويقول الراوي: روعتني الأنباء المتواترة عن تساؤل ميليشيات أقطاب الطائفية في العراق: هل كان السياب سنيا أم شيعيا؟! وهو سؤال يخمد نصل علامة استفهامه المشبوهة والحادة في قلب الهوية الوطنية للعراق, وهي مؤامرة كبري تتجلي معالمها منذ عملية نهب المتحف الوطني والمكتبات العراقية إثر الغزو.. وتتوالي وقائعها بحملة اغتيالات أساتذة الجامعات.. وصولا إلي محاولة تدمير عقل الأمة.
الوطن العراقي ينخر في جسده مخطط الاحتلال الأمريكي, وصولا إلي شرذمة قواه وتمزيق أوصاله, حتي لا تقوم له قائمة, ولا يتبقي منه سوي حقول النفط, فهي المطلب الأول للامبراطورية الجديدة.. لكن إنذارات الحرب الأهلية الطائفية التي تعصف بالعراق الآن.. ترشحه للانزلاق في أتون الفوضي الدموية.. وهي فوضي تهدد شظاياها بلدان المنطقة كلها.
وتقول صحيفة أمريكية كبري إن إدارة جورج بوش تتعثر في صراعات القوي الإقليمية.. وتبدو مرتبكة مثل عملاق مصاب بمرض المشي أثناء النوم..
ويهمس نفر في بغداد إن الشاعر انضم للمقاومة وعقد العزم علي إطلاق سراح تموز وعشتار رمزي الخصب من معتقلهما..
---
**المصدر : صحيفة الاهرام القاهرية 4/3/2006 ، عنوان المقالة الاصلي "مدينة بلا مطر.. وحقول النفط والغضب"
http://www.iraqpatrol.com/portraits/sayab.jpg
روعتني الأنباء المتواترة عن تساؤل ميليشيات أقطاب الطائفية في العراق: هل كان السياب سنيا أم شيعيا؟! وهو سؤال يخمد نصل علامة استفهامه المشبوهة والحادة في قلب الهوية الوطنية للعراق, وهي مؤامرة كبري تتجلي معالمها منذ عملية نهب المتحف الوطني والمكتبات العراقية إثر الغزو، وتتوالي وقائعها بحملة اغتيالات أساتذة الجامعات وصولا إلي محاولة تدمير عقل الأمة.
شاعر مفعم قلبه بعشق أجواء قريته, فهي تقبع في أحضان طبيعة خلابة, تضفي علي المكان رونقا وجمالا.. وتشيع في النفس صفاء وطمأنينة.. ولذلك كانت قصائد الشاعر العراقي العظيم بدر شاكر السياب مبللة أبياتها بندي الرومانسية.. لكن تحولات الزمن داهمت الشاعر, وأيقظته من سبات خيالاته, علي دوي نكبة عام1948.. واختطاف الصهاينة لفلسطين, والاندحار المهين لجيوش عربية.
وصارت يقظة الشاعر أرقا وغضبا.. ففي العام الحزين نفسه ـ1948 ـ انتفض الشعب العراقي, وثار علي حكومته حتي لا تفرض عليه معاهدة جائرة مع بريطانيا.. وخرج شاكر السياب مع الجماهير إلي الشوارع في مظاهرات شعبية صاخبة.. ومنذ ذلك الحين ولت الرومانسية الأدبار.. وأصبح الشاعر يبحث عن ملاذ آمن من قهر الواقع وعثراته.. واضطرب اضطرابا عظيما وخطيرا.. وظن أن الفكر اليساري هو طوق نجاته من اليم وأمواجه المتلاطمة.. لكنه سرعان ما شق عصا الطاعة علي أهل اليسار.. وأبحر علي متن قارب قصائده مع التيار القومي العربي, إبان أوج تألقه, وقبل انكساره وانحساره.
وأضحي بدر شاكر السياب من ألمع شعراء العربية, وأكثرهم حنكة وبراعة في توظيف الفلكلور العراقي والعالمي في قصائده.. غير أن الشاعر لم يكمل رحلته الصعبة.. ومات في الثامنة والثلاثين من عمره, من وطأة الفقر ومكابدة مروعة لآلام مرض عضال.
هذا الشاعر العظيم, عندما انفرط عقد وطنه من جراء الغزو الأمريكي.. واعتقال قوات الاحتلال لرمزي الخصب في الفلكلور العراقي تموز وعشتار, وكانت علاقة شاكر السياب بهما حميمة.. وجعلهما محورا لقصيدته الرائعة مدينة بلا مطر.. أصبح الشاعر مطلوبا حيا أو ميتا!.
ويقول الراوي: روعتني الأنباء المتواترة عن تساؤل ميليشيات أقطاب الطائفية في العراق: هل كان السياب سنيا أم شيعيا؟! وهو سؤال يخمد نصل علامة استفهامه المشبوهة والحادة في قلب الهوية الوطنية للعراق, وهي مؤامرة كبري تتجلي معالمها منذ عملية نهب المتحف الوطني والمكتبات العراقية إثر الغزو.. وتتوالي وقائعها بحملة اغتيالات أساتذة الجامعات.. وصولا إلي محاولة تدمير عقل الأمة.
الوطن العراقي ينخر في جسده مخطط الاحتلال الأمريكي, وصولا إلي شرذمة قواه وتمزيق أوصاله, حتي لا تقوم له قائمة, ولا يتبقي منه سوي حقول النفط, فهي المطلب الأول للامبراطورية الجديدة.. لكن إنذارات الحرب الأهلية الطائفية التي تعصف بالعراق الآن.. ترشحه للانزلاق في أتون الفوضي الدموية.. وهي فوضي تهدد شظاياها بلدان المنطقة كلها.
وتقول صحيفة أمريكية كبري إن إدارة جورج بوش تتعثر في صراعات القوي الإقليمية.. وتبدو مرتبكة مثل عملاق مصاب بمرض المشي أثناء النوم..
ويهمس نفر في بغداد إن الشاعر انضم للمقاومة وعقد العزم علي إطلاق سراح تموز وعشتار رمزي الخصب من معتقلهما..
---
**المصدر : صحيفة الاهرام القاهرية 4/3/2006 ، عنوان المقالة الاصلي "مدينة بلا مطر.. وحقول النفط والغضب"