المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقامــــــــــة الأنـــــــــــــا ...



أبو شامة المغربي
09/03/2006, 05:32 PM
http://www.merbad.net/vb/attachment.php?attachmentid=47&stc=1
مقامــــــــــة الأنـــــــــــــا ...


حدثنا السائر في بلاد الضمائر قال:
بينما كنت أسير بين جدران متلاحقة، وضجة متنافرة، إذ وقع نظري على الأنا منزويا كعادته بحالة، وملامح وجهه توحي بالمقالة .. أدركت أنه في حاجة إلى من يساعده على فك قيود العبارة .. تركت السير واتجهت نحوه بعد استدارة، وما إن كدت أنتهي إلى موقفه حتى بادرته قبل الحديث بالإشارة، ثم إنه سرعان ما خرج من صمته وعادت إلى وجهه بعض النظارة .. لم يعر كثير اهتمام لتحيتي وربما لم يهتم حتى بالإشارة .. لكنه ما إن تنبه لوجودي أمامه، حتى انهال علي بمألوف الأسئلة بمهارة .. أين كنت غائبا يا سائر ..؟ أظن ظهورك اليوم غير مقيم وما هو إلا عابر ..؟ كيف الحال والأحوال ..؟ وهل من حدث حديث تزف لنا خبره في الحال ..؟

كاد ينسيني الأنا بأسئلته المتتالية وقفته لوحده، وكاد يمحو من ذاكرتي شحوب وجهه .. سألته أخيرا عن سبب انفراده، وعلة شروده، فأجابني قائلا: ما المسؤول بأعلم من السائل، ويحسن أن يظل ثقل ما أنا فيه على الكاهل .. سألته للمرة الثانية: ما سبب الذي أنت فيه من غم ..؟ فما كان من الأنا إلا أن ابتسم ابتسامة موؤودة في مهدها، ثم قال لي: غريب سؤالك هذا يا صاح، أتسألني عن علة الغم التي تكاد تكون عند أمثالي عامة، والدنيا تئن من سوء صنيع الناس فيها وتلك الطامة .. لكن قل لي: ما الذي أوقفك الساعة عندي ..؟ أثمة شيء لاح في الأفق جديد، أم أن الذي جاء بك خطب شديد ..؟

سؤال انتظرت سماعه من الأنا منذ البدء، لكنه جرى على لسانه ببطء، ثم إني أدركت حال نطق به أن خلجات نفسه تنوء بين جوانحه بحمل ثقيل، لها رعشة تسري في أعضائه مستقيمة وعنها لا تميل .. أجبته بالصريح دون تلميح، أني أشفقت عليه مما يعانيه وهو شبيه بالطير الجريح، وزدت معتذرا له: معذرة إن أثارك سؤالي، وعجبت من حالي .. ربما لم أقدر حق التقدير ما أنت غائص فيه من حمم، أو استغفلني ذاك الذي بعثي على الوقوف عندك الساعة حتى أدفع عنك بعض اليأس والسأم .. فما أردت إلا انتشالك من متاهة الصمت، وتحريك لسانك وعقلك بعض الوقت، لعلي أفصح لك عن نعمة الحديث، وأنبهك إلى خطورة القنوط والجمود المقيت .. قال الأنا: أحييك أيها السائر في بلاد الضمائر، فحديثي مع نفسي قبل أن تلقاني وألقاك مسالك متشعبة وظفائـــر، والله يعلم ما نبدي وما تخفي السرائر ...
قال السائر، هذه خلاصة الكلام، وعصارة المقام .. عندها تركت الأنا يستقبل الأيام، واستأنفت سيري بعد أن ألقيت عليه السلام.




د. أبو شامة المغربي
kalimates@maktoob.com (kalimates@maktoob.com)

المودني عبدالسلام
10/03/2006, 01:06 PM
الفاضل د/ أبو شامة المغربي
نتوه في دروب الحياة عن الأنا
نقابل أنفسنا صدفة أو يثيرنا حالها فنتذكرها و قد كنا نسيناها
تذكرنا بوجودها بقطعتك العميقة هاته
معذرة لن أطيل عليك سيدي
تذكرت أنني لم أجالس نفسي منذ زمن
لك شكري على تذكيري
و لك مودتي
عبدالسلام المودني