المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من هو محمّد عبد المطّلب الهوني ؟



طارق شفيق حقي
12/05/2011, 12:36 PM
من هو محمّد عبد المطّلب الهوني

طارق شفيق حقي
12/05/2011, 12:39 PM
محمد عـبدالمطلب الهوني وشباك العناكيب
والمصالح المشتركة أو فلسفة الفساد ومحاربة الدين

هل أصبح الدكتور ثاني اثنين عـلى طريق مصطفى كمال المهدوي؟! طبيعة السلوك الليبية، كغيرها... تقوم على علاقات بين أفراد وجماعات. في ليبيا العزيزة العلاقات أصبحت تنشأ وتبنى على المصالح المشتركة التبادلية ولم تعد ذات أهمية تلك المبنية على العلاقات الاجتماعية والثقافية... نموذجنا اليوم سيقتصر على كبير من كبراء فلسفة (دفنّي وندفّك... ودحّلي انعبيلك ما تبّي!)... أي آتني شبرا آتيك ذراعا وهات مرامي أعطيك ما تبغي!... وهو السيد الفيلسوف الحداثي المجاهر بتشكيكه بديننا الحنيف الدكتور محمد عبدالمطلب الهوني... وهذا أمر يخصه ولا دخل لنا به، "لكم دينكم ولي دين".

أتيحت لي فرصة التعرف على السيد الهوني في إيطاليا منذ فترة حيث كنت برفقة بعض الأًصدقاء الذين أصروا على اصطحابي معهم تلبية لدعوة تلقوها منه على العشاء في قصره الفاخر بالقرب من روما. لم أكن أعرفه ولا هو كان يعرفني... ولا أظن أنه سيتذكرني.

عندما دلفنا إلى القصر العتيق المشيد في القرون الوسطى كان المنظر مبهرا.. وتخيلت نفسي في أحد المتاحف الأوروبية. فلقد تمكن السيد الدكتور من إعادة ترميمه وإرجاعه كما كان حين خرج منه البناؤون... وشيد في ردهته ساقية ليبية بجوار كنيسة صغيرة... ولم يبخل علينا مضيفنا بشروحاته عن الجهود التي بذلها والأموال التي أنفقها لكي يعيد القصر إلى مجده القديم، كان يتحدث بأرقام تتجاوز عشرات الملايين من الدولارات... أعترف أني كنت مشدوها بما أرى ولم أستطع التفوه بكلمة... لقد وقفت مشدوها... وتناسيت حتى براريك طبرق ومياهها المالحة (موية العود) وسوق عجاجها...

عندما جلسنا للمأدبة أخذوا يديرون كؤوس الخمر المعتقة، ويصر هو على أن يعاقرها الجميع معه، رافقه من رافق، وظللت ممتنعا و مستمعا لما يقول بعد أن دارت راس مضيفنا الدكتور... وهو مسعود محبور... وأخذ يروي لنا قصة حياته وكيف وصل لما وصل إليها... قال كثيرا وأتذكر منه ما يلي، فالحادثة لها بضع سنين:

قال أن بدايته كانت مع ضباط الجيش الليبي العتيد وقيادة الأركان وإدارة المشتريات حيث استخدمه بعض الإخوة من العسكر في إعداد العديد من صفاقت التسلح أيام السبعينات (أو أيام الواغمة الكبرى!) وأن هؤلاء كانوا مسؤولين كبار في القوات المسلحة ووعدوه بجزيل العطاء عند القبض... واستمر الحال كذلك وأصبحوا هم أثرياء وظل هو يمضغ في النخالة، ولكن في أوائل الثمانينات ومع توالي مشاكل ليبيا العسكرية والسياسية والمالية، تعطل الحال... فما كان من الجماعة إياهم إلا أن بصقوه (من فويهاتهم) بعد منحه قليل من قليل... وأصبح بالكاد يتحصل على ما يسد رمقه،...

إلا أنه استفاق من أمراض حسن الظن والحلال والحرام وخدمة الوطن، فشرع هذه المرة يعمل لحساب نفسه متسلحا بما لديه من معلومات خطيرة عن العمولات والرشاوي.. فكان يهدد أحيانا ويقنع أحيانا حتى تمكن من الوصول إلى مناجم الذهب الليبية في صحاري سرت وطرابلس (وأخيرا حل بنا في طبرق) وفي نفس الوقت تمكن بواسطة أعوانه (أو موالي النعمة اللي ما صارش منها) فاستغل علاقاتهم وتوصل حتى إلى "الخيمة" وأولادها... وأصبح يقدم إلى جانب الخدمات المالية، الخدمات الثقافية والدعائية وبطرح وشرح وتفسير ما لا تريد "الخيمة" قوله وشرحه مباشرة... لعله كان في ذلك يقلد صديقه القديم رحمه الله الصادق النيهوم (حسب قوله)... وأخذ في ترتيب الندوات العالمية والنشرات والإصدارات وأنشأ بتمويل (من حر ماله!) ما قال اسمها على ما أتذكر " المؤسسة العربية للتحديث الفكري" والغرض الرئيسي منها كان إقصاء تدريس مادة الدين في المدارس... الخ ، ناهيك عن الترشيد بإقصار الدين على العبادات فقط لا غير ولا دخل للدين في السياسة، وتحدث مطولا بما لم أكن أستسيغه ولم أفهم معظم ما قاله لكنه خيل لي أنه شخصية جديدة تشابه السيد مصطفى كمال المهدوي صديق النظام ومستشاره وإن اختلف عنه في عدم الدخول في تحوير الدين لهوى الحكام، ولكن كان من الواضح أنه شديد التحامل على العقيدة ودور الدين في المجتمع والسياسة إلى غير ذلك، وما أدهشني أن الرجل كان يستعمل في مصطلحات الأمريكيين عن الإرهاب ومكافحة الإرهاب وإعادة النظر في القرآن ويهاجم بن لادن وحسن نصر الله وحتى الموتى لم يدعهم فشد حملة كلامية شعواء على حسن البنا وسيد قطب...

عطبك علينا ليلة...

عندما استمرت السهرة لوقت متأخر.. أخذ يبرطع ويتفاخر بأن جميع المسؤولين المهمين في البلاد في داخل جيبه الجواني لأنهم كلهم يأكلون من هذا الجيب بشراهة من عمولات وأصناف الملذات.. ولم يصعب عليه أي مشروع أو عطاء أو صفقة توريد.. الخ، لأن الذي لا يأخذ مباشرة يكون مضطرا تحت وطأة التهديد بسوابقه.. ويقول بأن لديه سجلات مرتبة بالتواريخ وأرقام الحسابات والمبالغ... وعندها سأله أحد الجالسين عن بعض الأسماء... فضحك بصوت عال وقال كلّهم كلّهم!.. من عبدالرحمن الصيد وامشي فوق وانزل لوطا! ولعوص (حسب قوله) يمين ويسار! بمن فيهم أعضاء مكتب الاتصال باللجان الثورية وخود عندك من محمد المجدوب لأحمد ابراهيم لعمار ألطيف... وأمانة اللجنة الشعبية بغض النظر عن اللي مقمعز فيها!..

واستمر يفاخر بأنه لا يخشى أحدا... وأنه يعتبر مستشار خصوصي للأخ القائد الذي كلما يطلبه يبعث له بطائرة خاصة إلى سرت فيجتمع به ويرجع في نفس الليلة لينام في قصره بإيطاليا.

عند ذكر اسم عمار ألطيف أعترف أني ارتعبت قليلا لأني تذكرت شهادة أحد المعارف عندما كان مبهورا بحركة اللجان والتحق بها إلى أن شاهد بأم عينه عمار ألطيف ومعه خليفة احنيش وهم يعذبون المرحوم عامر ادغيس محرر العقود بمدينة طرابلس، واستمروا يتناوبون عليه لعدة أيام إلى أن قضى في فبراير 1980... فما كان منهم إلا أن علقوا جثمانه الشريف في سلك كهرباء وقالوا أنه انتحر وسلموا الجثة لأهله... زمان كان يسلموا موتاهم لذويهم.. شوية حشم يعني.. ناس متربية!... طبعا أنا ازددت صمتا وانزواء فالرجل لا بد أنه كان يحاول إخافة بعض الحاضرين!

تذكرت الليلة المشهودة هذه الأيام عندما كنت أتحدث مع بعض العاملين في مؤسسات الدولة فرووا لي بعضا من القصص التي تؤيد ما ورد أعلاه، مع العلم أني في البداية لم أكن أصدق كثيرا مما يخترف به لنا يقول، ولكن الثروة الفاحشة كانت واضحة للعيان...

لدينا في طبرق شركة إيطالية سويسرية ـ والله أعلم بجنسيتها الحقيقية ـ سيئة السمعة ومعروف عنها النصب والاحتيال والرشاوي وعدم التنفيذ والتقصير ولكن تتمتع بدعم قوي جدا من طرابلس حيث تأتي الأوامر بخصوصها ولصالحها ولا أحد يستطيع أن يعارض واسمها (شركة كيمستري آند تكنولوجي) ولقد سمعت أن لها نفس النفوذ والسمعة في بنغازي والمرج والبيضاء والأبيار والمنطقة الغربية.. الشركة الفاضلة تحتكر التوريدات لدرجة أن مديرها العام في ليبيا السابق ويمكن اللاحق، السيد الوزير السابق حسن عبدالعاطي البرغثي وهو من مواليد مصر، وبفضل الشبكة العنكوتية التي حاكها السيد الدكتور الهوني والتي هيمنت على الشركة العسكرية الأولى في الجماهيرية المعروفة بجهاز الفضيل، وكان قد وصل لمنصب المفوض العام للجهاز بدفع من اللواء الصديق ! (أحد شركاء الهوني) ومعه فتحي بوشعراية في منصب الإدارة العامة. بالطبع الشركة لديها أصدقاء كثر من جميع الأنحاء يسبحون بحمد الشركة صباح مساء!

كلفت الشركة بتوريد أنظمة صرف صحي توضع على عمق ستون مترا تحت سطح الأرض.. نعم والله، وهذه الأنظمة لا تستعمل عادة إلا في المناطق السكنية العالية الكثافة وهي تحتاج لتشغيلها وصيانتها لتتقنية متقدمة يجب أن يتعامل معها عناصر غير متوفرة في كافة أرجاءالبلاد... يبقى السؤال من أعطى الأمر بهذا التفويض والتكليف...

لا تندهشوا إنها اللجنة الشعبية العامة... شبكات عناكيب الشركة ممتدة من طرابلس إلى طبرق، فأبناء العم كثر وكذلك الأصدقاء ورفاق الكاس...

ففي طبرق مثلا لدينا المهندس الصالحين العبيدي الذي عينوه مديرا في فرع المدينة لتسهيل الأمور ورفع المكاسب، ولكن الباش مهندس لديه مصالح خاصة أخرى، وخوفا من التضارب، أخذ يعد العدة للانقلاب عليهم والاستفادة بقدر الإمكان، حاول صاحبنا هذا السيطرة على جهاز الفضيل عدة مرات ومعه المنطقة الشرقية وهو لا يتورع عن رشوة كبار الموظفين وتوفير جميع سبل الراحة لهم و يضغط على المقاولين الذين يعملون تحت إمرته بالمنطقة ويجبرهم على دفع الجباية له كعمولات ومعظم هؤلاء ترك العمل ومنهم تشاركيات محلية وشركات أجنبية (شركة تكسير التركية التي رفضت العمل في طبرق لوجوده هناك وشركة بيلفنجر الألمانية التي اشترطت عدم التعامل معه أو سحب المواد منه لدرجة أن منع مديرها من دخول الموقع وهناك شركة إيطالية أخرى أوشكت على الإ! فلاس لعدم سداد مستخلاصاتها بسبب رفضها دفع العمولات) بالمناسبة تم القبض على أبناء شقيق المهندس متلبسين بالسرقة ولم يتخذ أي إجراء ضدهم والقصة معروفة في طبرق لدى كل صغير وكبير.

وهو لا يزال يصول ويجول، ولقد سعمنا أنه يعقد الاتصالات والاتفاقات مع السيد علي دبيبة، (وهو يعتبر منافس كبير للهوني في اللهط واللمط) ويعرف بملك العمولات خصوصا من الشركات الإيطالية والشركات التي يبعثها له أصهاره من عائلة لملوم، في سرت ومصراته وطرابلس، ليدبر له منطقة منفصلة يتولى إدارتها ولا يزاحمه عليها أحد...

نعود لبنغازي ووفقا لما قاله أصدقاء لي هناك، فحسن عبدالعاطي مدير فرع الشركة الذي عين فيما بعد تسليم منصب المفوض العام لجهاز الفضيل قبل حله، وكان ذلك بجهود حثيثة من السيد فتحي بوشعراية (شريك الهوني اللصيق ولا زلت أتذكر اسمه في تلك الليلة الليلاء!)

قامت الشركة إياها بتوريد كميات ضخنة من الأنابيب غير المطابقة للمواصفات ولولا بعض رجال لايزالون يخافون ربهم لتمت الصفقة، إلا أنهم عارضوها بشدة ورفضت الكميات وتسبب ذلك ي حرج شديد لحسن عبدالعاطي البرغثي (وقت شغله منصب المفوض العام بالفضيل) وطلب من بوشعراية سحب الأنابيب الذي وافق على مضض شريطة أن يقبل جهاز الفضيل بالأسعار المقدمة من الشركة لمشروع صرف صحي آخر بمنطقة بوهديمة بنغازي، وتم ذلك فعلا (المشروع رقم 210)

نأتي لمحطة معالجة مياه الصرف الصحي بالمرج، فهذه كانت مأساة فعلا أكبر بكثير من مآسي الصرف الصحي في بنغازي. فلقد قامت الشركة بتوريد محطة لمدينة المرج لمعالجة مياه الصرف الصحي وكان ذلك نتيجة مباشرة لتدخل عبدالرحمن الصيد المباشر وبناء على طلب محمد عبدالمطلب الهوني وفتحي بوشعراية، حيث أمر سعادة اللواء بتكليف الشركة بعملية التوريد بدون نقاش، وفعلا قام جهاز الفضيل بالتعاقد مع شركة كيمستري لبناء المحطة وتوريد أجهزتها، المواد التي تم استيردها كان غير صالحة لا للتركيب ولا للاستعمال ووضعت داخل حاويات وسلمت إلى المهندسين بالموقع وعند استلام الفلوس عن التوريد قامت الشركة بالمطالبة بزيادة الآسعار لأنها لا تستطيع القيام بالأعمال المدنية بالمبلغ المتبقي، وبعد عدة مراسلات وتحركات من شبكة العناكيب...! تم سحب العمل بالتراضي وعفى الله عما سلف! وليذهب سكان المرج ومياه صرفهم الصحي للجحيم أو فليشربوه!... قاللك حكومة امعنقرة، الله يرحمك يا سيدي ادريس!

بعد كثرة اللغيط على الشركة غابت لفترة تحت اسم جديد وعنوان جديد ومحامي جديد وانشا الله نتمعكم بالمزيد قريبا! وإذا شئتم المزيد عن أفكار فلسفة الهوني عليكم بالجوجل في الانتيرنيت فهي مليئة بما يثب كلامي أعلاه.

الحاج الطبرقي

طارق شفيق حقي
12/05/2011, 12:48 PM
عبد المطلب الهوني يمول مواقع علمانية تدعي العقلانية ومول مؤتمراً عقد في بيروت سنأتي على ذكره


طابو البكارة، اليوم وفي ديارنا نحن (10) باستيل البكارة لم يهدم بعد؟


محمد عبد المطلب الهوني (http://www.alawan.org/_%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B7%D9%84%D8%A8_.html)


نودّ التّعليق من وجهة نظر قانونيّة وسياسيّة على الحكم الذي أصدرته محكمة ليل بفرنسا، وهو للتّذكير حكم يقضي بإبطال عقد زواج رجل من فتاة لأنّها كذبت عليه بخصوص بكارتها. وقد علّلت المحكمة إبطال قرار عقد الزّواج بأنّ عيبا شاب إرادة أحد المتعاقدين، وهو الزّوج، وذلك تحت تأثير خطأ موضوعيّ بنى عليه موافقته لإكمال العقد.
إنّ هذا الحكم الصّادر باسم الجمهوريّة الفرنسيّة العلمانيّة يمكن أن يعتبر نكوصا خطيرا عن التّراكم الحداثيّ التّاريخيّ لفرنسا لأنّه يمثّل عودة إلى النّظام القضائيّ الذي يتّسع فيه مجال السّلطات الشّخصانيّة التّقديريّة للقاضي، وكأنّ القاضي يمتلك سلطة التّشريع، بإيجاد نماذج قانونيّة ليس لها وجود في المدوّنة، وبتجريمه ما لا يجرّمه القانون، وإباحة ما لا يبيحه. فهذا الحكم يذكّرنا بالنّظام القديم، عندما كانت المحاكم في فرنسا، وفي واقعة مماثلة قد تصدر أحكاما مختلفة مبنيّة على هذه السّلطات التّقديريّة الواسعة. هذا ما حصل مثلا في مأساة محاكمة آل كالاس في منتصف القرن الثّامن عشر، وقد كانت علامة على أعلى ما وصل إليه انحطاط الأحكام القضائيّة في ذلك العصر. وقد ألّف فيها فولتير كتاب "رسالة في التّسامح بمناسبة محاكمة جان كالاس".
ولكنّ هذا الحكم الصّادر عن محكمة ليل ليس خطأ قانونيّا قضائيّا فحسب، بل هو سقوط أخلاقيّ بالدّرجة الأولى. فالزّواج عقد لكنّه ذو طبيعة خاصّة. فمن حيث هو عقد له أركان وشروط، وهو ينعدم إذا انعدم ركن من أركانه. ولكنّ القاضي الفرنسيّ اعتبر هذا العقد قائما على التّراضي، وموضوعه جسد المرأة، فاعتبر أنّ غشاء البكارة جزء من موضوع العقد، وهو جسد المرأة، واعتبره شيئا من الأهمّيّة بحيث يثبت عدم وجوده غشّا في البضاعة (جسد المرأة)، ممّا يلزم إبطال العقد أو فسخه. وبعبارة أخرى فإنّ نيّة المشتري قد أصابها خلل نتيجة إخفاء "البائع" وهي المرأة عنصرا أساسيّا من عناصر جسدها.
إنّ البكارة جزء من جسد المرأة ولكنّ عقد الزّواج قائم على المشاركة واختيار القرين، وليس على شراء جسد المرأة وما فيه. فماذا حصل في هذا القرار؟ لقد تمّ إسقاط بنية عقد البيع على عقد الزّواج رغم أنّه مشاركة، فلم تفرّق المحكمة الفرنسيّة بين عقد الزّواج وعقد شراء سيّارة أو عقار أو أيّ أمر مادّيّ آخر.


إنّ موضوع البكارة لا يمكن بحال من الأحوال أن يعتبر في الجمهوريّة الفرنسيّة ركنا ولا شرطا يبطل بانتفائه عقد الزّواج، ذلك أنّ الحداثة وتراكماتها في الفكر القانونيّ بيّنت لنا أنّ ما يقع عليه السّلب أو الإيجاب، والتّحسين أو التّقبيح، والتّجريم أو الإباحة، سواء كان ذلك من النّاحية القانونيّة أو الأخلاقيّة هو سلوك الإنسان من عمل أو امتناع عن العمل، ولا يمكن أن يطال كينونته suo modo di essereلأنّ ذلك ينسف كلّ الإنجازات التي حقّقها الفكر القانونيّ وفلسفة القانون منذ عصر النّهضة حتّى الآن. فلنفترض أنّ هذه المحكمة رُفعت أمامها قضيّة في زواج بين فرنسيّة ومسلم، واكتشفت المرأة أنّ زوجها مختون، على عكس ما ادّعى في فترة الخطوبة، فهل ستحكم بإبطال عقد الزّواج هذا لوجود غشّ في بضاعة (جسد الرّجل)؟ ولو رُفعت دعوى أمام هذه القاضية في أنّ ربّ عمل يريد إبطال عقد بينه وبين مستخدمه لأنّه يقول في الأوراق التي قدّمها إنّه أبيض وتبيّن أنّه ملوّن، أو يقول إنّه مسيحيّ وتبيّن أنّه مسلم، فهل ستحكم أيضا بإبطال العقد؟
يقول محامي المدّعي إنّ الزّوج أقدم على هذا الارتباط تحت تأثير خطإ موضوعيّ وهو يستند إلى سابقة في القضاء الفرنسيّ تمّ فيها إلغاء عقد زواج لأنّ الزّوجة اكتشفت أنّ زوجها كان سجينا سابقا. ولكنّ هذا القول يتضمّن مغالطة، ذلك أنّ الصّفة التي أخفيت وتمّ إبطال الزّواج بسببها لا تتعلّق بكينونة الشّخص، بل بسلوك إجراميّ صدر عن فعل أو امتناع يعاقب عليه القانون.
وعن طريق هذا القياس يجب على البرلمان الفرنسيّ منطقيّا أن يصدر قانونا يجرّم الأنثى التي تفقد بكارتها من غير وطء شرعيّ، بلغة الشّريعة الإسلاميّة. ولا بأس من ذلك في عصر العولمة النّكوصيّة.
إنّ القضاء الفرنسيّ بهذا الحكم قد وضع المنظومة القانونيّة والأخلاقيّة في فرنسا في وضع بائس. فإذا استمرّت هذه الأخطاء الفادحة في الممارسة القضائيّة، ربّما آل الأمر بالقانون الفرنسيّ إلى أن لا يطبّق على كلّ الفرنسيّين، بل أن يطبّق أحكاما مختلفة باختلاف الدّين والجنس وربّما اللّون… وهذا ما يضحّي بفكرة المواطنة وبمبدإ تطبيق القانون على الجميع بغضّ النّظر عن الفروقات فيما بين المواطنين.
إنّ هذه الحادثة ليست هذه الأولى من نوعها في فرنسا. فقد لاحظنا أنّ الدّولة الفرنسيّة ذهبت بعيدا في الممايزة بين مواطنيها، والدّليل على ذلك إغماض العين القانونيّة عن المسلمين الذين يتزوّجون بأكثر من امرأة واحدة، بينما يطال العقاب الفرنسيّ من أصول أوروبّيّة إذا فعل ذلك. وإذا استمرّ هذا الاختراق لقوانين الجمهوريّة الفرنسيّة ولمنجزات الحداثة، فإنّنا سوف نكون في حاجة إلى أنوار أخرى في أوروبّا نفسها، وسنعتبر أنّ مرحلة الأنوار لم تنجز بعد.

د. محمّد عبد المطّلب الهوني: رجل قانون ثمّ رجل أعمال ومثقّف ليبيّ، تولّى القضاء بليبيا إلى سنة 1975، ثم استقرّ بإيطاليا.