المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : طفولتي 4



عبد الله نفاخ
07/03/2011, 11:38 AM
حين زفّت أمي إلى أبي ، لم يكن لوالديها كبير رغبة بهذه الزيجة و إن لم يعارضاها ، فهو يكبرها بقريب من عشرين سنة ، و هو كذلك على علمه و فضله معروف بعنفه و نزقه ، أما صورتها عند الناس جميعاً فمبنية على اللطف و الرقة و الود ، و هي الداعية الربانية ذات السمعة الطيبة ، و القبول الواسع عند من يسمعون كلامها و مواعظها و نصائحها التي تلقيها في جلساتها الدينية .
لذلك بقي لديهما خوف عليها من الجو الجديد الذي حملت إليه ، فلما جئت أنا الدنيا آل الخوف عليها إلي ، و بت محل نظريهما الدائم ، و لهفة قلبيهما الأولى .
جدتي رحمها الله التي لكم كانت تداعبني ‘ و تهدي إلي ما يتيسر لها من أطايب كلما زرناها ، و إن قدرت على صنع شيء من لذائذ الطعام كنا أول المدعوين إلى مائدتها ، و كان عبد الله الاسم الدائم على شفتيها .
جدتي تلك ... فجأة لم أعد أراها باسمة فاتحة ذراعيها لاستقبالي إن ذهبنا إليها ، بل ممددة على سرير في غرفة جانبية من غرف بيتها ، لا حركة تصدر عنها ، و لا كلمة من كلمات المودة و الألفة و المحبة التي طالما أسمعتنيها .
كثرت زياراتنا إليها تلك الأيام ، كما أخذ شعور الفقد يراودني لكلماتها و حضنها الذي طالما ضمتني إليه فكنت أتفلت منه لما اعتدت من قسوة علمنيها والدي ، و شوق لملاطفتها التي كنت أرد عليها بخشونة شديدة لقِّنت شيئاً منها في بيتنا .
و ذات يوم ، عدت إلى البيت من مدرستي فلم أجد أمي في انتظاري كما اعتدت ، و لما حضرت كان شيء من بسمتها الشفيفة قد تلاشى .
في اليوم التالي لا أدري أي شعور تملكني بالشوق إلى رؤية جدتي و نحن متجهون إلى بيتها ، شوق إليها و إن لم أستطع الارتماء في حضنها ، و رغبة بتقبيلها و لمس يديها و إن لم أجد فيهما حرارتهما المعهودة .
بدافع من شوقي ذاك سبقت أمي على السلم الموصل إلى غرفة والدتها ، و جريت مسرعاً إلى داخلها ، فتلقيت أكبر صدمة واجهتني حتى ذاك الحين .
لم أجد على السرير الموضوع في غرفتها جسدها الممدد ، و لا أسطوانة الأكسجين المثبتة إلى جانبه ، و لا فستانها البيتي الذي كانت ترتديه .
كانت تلك أول مرة شعرت فيها بأني سأبادلها حبها الكبر لي ، أول مرة أحسست أنني مملوء حنواً عليها ، و رغبة بمبادلتها بمثل كلماتها اللطيفة ، لا بالكلام الخشن العنيف الذي لم أقابلها إلا به قبلاً .
أول مرة اتخذت قراري بأن أغدو كما ينبغي لي معها .
لكن ... كانت كل رغباتي تلك قد تأخرت ... و فات أوانها

زاهية
07/03/2011, 01:09 PM
رحم الله جدتك ياعبدالله، وأسكنها الفردوس الأعلى، هذه السيدة التي ربَّت الوفيقة خير تربية فانجبتك لنا خير خلف لخير سلف. بارك ربي فيك ورعاك يابني وحفظ لك السيدة الوالدة، وأسعد قلبها بك وبأحفادها من ابنها الوحيد الذي وهبت نفسها في سبيل الله ثم تربيتك خير تربية كما شاء الله ثم أستاذنا الراحل الجليل أحمد راتب النفاخ. قسوة الأستاذ لم تثمر إلا خيرا لطلابه ولفلذة كبده ، ويعرف ذلك من تتلمذ على يده في كلية الآداب. رحمه الله ورحم الجدة وأحسن إليهما.
أختك
زاهية بنت البحر

احلام مجد
10/03/2011, 10:26 AM
رائع أخي ماجادت به قريحتك بل هو الروعة نفسها فلقد جعلتني بسلاسة سردك وبديع كلماتك أعيش أحاسيس لم يسعفني موت جدتي قبل مولدي أن أعيشه فكأني بحكيك معكم أمك أمي وأبوك أبي وجدتك جدتي و أنت أنا واعدرني إن سمحت لنفسي بمثل هدا التشبيه فماهو إلا من وحي إبداعك وبعض أحاسيسي .أدام عليك محبيك أخي ولا حرمك من عزيز ولا حرمنا جود ابداعاتك.ولك مني أخي فائق الود والاحترام والعرفان بالجميل