المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الثورة والثقافة الإستدراكية



عبدالكريم العلي
16/02/2011, 06:39 AM
لعل من واجب أجيال ما قبل السبعينيات الأعتذار للشعوب جرّاء تناسينا لمفهوم الثورة لدرجة نسيان أسم العلم -ثورة -إذ أنهم من يتحمل بالدرجة الأولى إستتاب أنظمة كالتي ولّت ،على أن إسقاطها وانكشاف أرقام الفساد الخيالية -في مصر ثروة الأسرة الحاكمة تغطي مديونية الدولة - ترك بصدورنا وبسطورنا حسرة تكاد إلا قليلاًأن تعكر صفو الأحتفالات والمباهج بولادة حقبة جديدة .

ومن خلال المراجعة السريعة لأخلاقيات ابطال ميدان التحرير والشعارات الراقية ،واستعمال سلاح الأعلام على أنه السلطة المستمِدة لشرعيتها من الشعب نفسه ،أخرجت المثقفين -كما الحزبيين الطلقاء لاحقاً-خارج نطاق تأثير الكتابة بما تعكس على الوعي ،والتي تشكل الركيزة الأساسية لنجاع أي كتابة، وإن خلت الكتابة من أنعكاس على الوعي لا يجدر بها أن تكون إلا إخبار بمفهوم النبأ المذاع ،بالتالي يصح تسميتها بالثقافة الأستدراكية كما عنونا .

وما قام به الشباب المصري من تنظيف وترتيب ميدان التحرير ، عكس مدى الروحيّة الخلّاقة عندهم والتي أظهرت عدم حاجتهم لقصائد المديح والنصوص البلاطية -الأستدراكية -حيث بدأت تغزو الإعلا م بكل آفاقه ناهيك عن الفتاوى الخرقاء أيضاً لانغفل مأزق الإعلام الرسمي المصري والذي تأبط شرً أطاح برؤوسه وكان من أصرح الكلام من الإعلام الرسمي المصري ماقدمه عمرو أديب على قناة المصرية غداة التحرير بكلام لايخلو من غبن للمشاهد ومراءاة وتوبة مبطنة مبهرجة بالدموع (: كنّا بننداس بالجزمة ) يقولها من كان يعتبر من أسلط ألسنة الإعلام أيّاه، خلال فترة عمرو أديب كان هناك الدكتور حسنين هيكل وكان الدكتور فهمي هويدي، إذ أتقنا ترك المسافة بينهما والمأزق الكتابي الثقافي الإستدراكي .
والمتطلّع لما أبديا خلال فترة الثورة أضافة للدشاعر فاروق جويدة وحمدي قنديل والقلّة القليلة ممن لايسعنا ذكر أسمائهم خشية السهو ، يلاحظ أنهم كانوا على مقربة من خط الجبهة الأول للثورة بما يحمل من قصف شعارات لا لبس في مدى دقة أصابتها للهدف المباشر -أسقاط النظام - وعلينا أن لا نغفل بذات السياق التعبئة الفيس بوكية والتي أعتمدت على ما أعتمدت من لغة أدبية مباشرة خالية من لغة مثقفين الطراز الأمول ، كون الخطاب المباشر من عيوب الكتابة الأدبية علاوة على التكثيف والشعرية والرموز التي أوصدت الباب أمام ولوج المثقفيين إلى ميدان التحرير ، فاستدركوا لاحقاً بنصوص أقل من الطموح كما أشرنا سابقاً ، من هنا نعود إلى ما ابتدأنا أن المثقفيين بحاجة لإعادة نظر بكتاباتهم ونهجهم ، والإعتذار الذي أشار إليه الدكتورالفضل شلق في جريدة السفير28/1/ وكان بمثابة أعتذار لكاتب متابع للحدث بروحية منفتحة ومعالجة وهو أيضاً من أجيال الثورات لنا نحن مواليد السبعينيات وما قبل ممن لم نشهد إلا أنتفاضات الشعب القلسطيني و عمليات المقاومة والتي قوبلت بالحروب المضادة والحصار بحاجة لإن تعتذروا حتى نستطيع أن نرفع رأسنا بمثقفينا القدامى كما رفعنا رؤوسنا بأبناء المحروسة ،من ناحية ومن أخرى إننا جيل استل الحلم أدمغة الفرعنة الحديثة وكل ما نصبو أليه أن نحول حلمنا إلى طموح ومن ثمة واقع