نشيد الربيع
04/03/2006, 10:29 PM
مسرعا كعادته كل يوم أتم عوض أفندي ارتداء قميصه وحذائه وزوجته تلف له شطائره التي سيأخذها معه ، منذ أن عين في المصلحة التي يعمل بها بنظام المكافأة من عشر سنوات وهو حريص ألا يصدر منه ما يكون نقطة تمنع تثبيته . نزل من بيته يكاد يتعثر في حظه السيء ، لم يطل انتظاره للحافلة فركبها واقفا وبجواره رجل حسن الهندام لا يبدو أنه من أهل هذه الحافلات .. لم تلبث الحافلة أن امتلأت حتى تدافع الناس فيها وأصبحت قدم عوض أفندي نهبا للمارين حتى استقرت تحت قدم هذا الرجل . كان ثقيلا إلى حد ما مما آلم عوض أفندي كثيرا .. لكنه آثر الصمت لأن مظهر الرجل يبدو عليه أنه ممن يخشى سطوته .. فكر قليلا أن من يخشى سطوته لا يركب مثل هذه الحافلات .. لكنه عاد وقال : لعله ولعله .. وبقى صامتا .. ومع كل حركة يصدرها الرجل يزداد ألم عوض أفندي حتى نفذ صبره فقال للرجل بأدب : حضرتك ظابط ؟!
فأجابه : لا .. فرد عليه مستعلما : ابن ظابط ؟! فأجابه أيضا لا .. فقال : متجوز بنت ظابط ؟! فقال : لأا ..
فصرخ فيه عوض أفندي : أمّال دايس على رجلي ليه يا ابن ال... ووكزه ونزع قدمه ..
كانت الحافلة قد وصلت للمحطة التي سنزل فيها عوض أفندي .. فأسرع ونزل .. عادة لا يساعده حجمه الكبير نسبيا على سرعة النزول . حتى إذا وصل إلى الباب يكون السائق قد تحرك ,, فيصرخ فيه وينزل والحافلة تسير . يسقط احيانا .. ويمر الأمر بسلام أحيانا أخرى ..لكنه دوما يلتفت للسيارة ويلعنها وسائقها ومن عينه بل والركاب جميعا ..
كم يتمنى لو يستطيع الحصول على إجازة يستريح فيها من هذه الحياة .. لكن الإجازات المدفوعة لا تكون إلا للكبار .. تصلهم مقدراتهم في بيوتهم ..
عندما جلس في مكتبه سمع زملائه يتناقشون في أمر الانتخابات وأنها ستكون جديدة هذه المرة في هيئتها وصفتها .. لم يلق أذنا لهم فلا يعنيه من الأمر شيء مادام سيبقى كما هو يزاحم الناس في الحافلات ويتعثر في كل درج يصعده .. حتى سمع أحد زملاءه يقولون إن المرشحين من العاملين بالدولة يحصلون على إجازات مدفوعة الراتب .. هنا لمعت الفكرة في ذهنه بسرعة .. استعلم من زملائه عن شروط الترشيح .. ولم ينقض الأسبوع حتى قدم أوراقه وحصل بموجب هذه الاوراق على الإجازة التي حلم بها ..
في دائرته لم يكن مرشحا على مقعده سوى اثنين من كبار رجال الدائرة .. قدم كل منهما طعنا في صاحبه ، وقبل كلا الطعنين . وأصبح عوض أفندي المرشح الوحيد في الدائرة .. وفي إحدى سهراته اليومية على قهوة المعلم قرنفل هتف أحد أصدقائه مازحا : عوض أفندي عوض أفندي .. أنت أملي أنت سندي .فجاوبه الناس بالهتاف وتحطوا حوله .
بعد أيام كانت الشوارع قد امتلأت بلوحات تبايع عوض أفندي نائبا في البرلمان ... واجتمع أصدقاؤه حوله يجمعون له من أموالهم ويقيمون له المؤتمرات ويكتبون له الخطابات وأصبح عوض أفندي عضوا في البرلمان ..
ملأت الرهبة صاحبنا عند أول زيارة له للمجلس .. من فخامة المكان وفخامة الحضور .. حفظ القسم مئة مرة ودربته زوجته عليه في البيت ألف مرة .. وأصبح الوقوف أمام المرآة ومحادثتها من عاداته اليومية ..
في أول جلسة يجتمع فيها أعضاء مجلسي الشعب والشورى لسماع خطاب الرئيس .. تكون القاعة مزدحمة وتتسع المقاعد للنواب بقليل من المضايقة لبعضهم .. كان مجلس عوض أفندي في طرف أحد المقاعد .. نصفه على المقعد ونصفه في الهواء .. احتمل الأمر في أوله .. لكنه بدء يتذمر .. لكنه بلع لسانه خوفا من أن يكون من بجواره أحد من يخشى سطوته .. حتى بلغ السيل الزبى ولم يعد في القوس منزع فسأل جاره بهدوء وبصوت خفيض : سيادتك وزير .
فقال : لا
فسأله : ابن وزير
فقال : لا ..
فقال متجوز بنت وزير .
فقال : لا ..
فقال : طب مضايقني في القعدة ليه يا ابن ال ..
فأجابه : لا .. فرد عليه مستعلما : ابن ظابط ؟! فأجابه أيضا لا .. فقال : متجوز بنت ظابط ؟! فقال : لأا ..
فصرخ فيه عوض أفندي : أمّال دايس على رجلي ليه يا ابن ال... ووكزه ونزع قدمه ..
كانت الحافلة قد وصلت للمحطة التي سنزل فيها عوض أفندي .. فأسرع ونزل .. عادة لا يساعده حجمه الكبير نسبيا على سرعة النزول . حتى إذا وصل إلى الباب يكون السائق قد تحرك ,, فيصرخ فيه وينزل والحافلة تسير . يسقط احيانا .. ويمر الأمر بسلام أحيانا أخرى ..لكنه دوما يلتفت للسيارة ويلعنها وسائقها ومن عينه بل والركاب جميعا ..
كم يتمنى لو يستطيع الحصول على إجازة يستريح فيها من هذه الحياة .. لكن الإجازات المدفوعة لا تكون إلا للكبار .. تصلهم مقدراتهم في بيوتهم ..
عندما جلس في مكتبه سمع زملائه يتناقشون في أمر الانتخابات وأنها ستكون جديدة هذه المرة في هيئتها وصفتها .. لم يلق أذنا لهم فلا يعنيه من الأمر شيء مادام سيبقى كما هو يزاحم الناس في الحافلات ويتعثر في كل درج يصعده .. حتى سمع أحد زملاءه يقولون إن المرشحين من العاملين بالدولة يحصلون على إجازات مدفوعة الراتب .. هنا لمعت الفكرة في ذهنه بسرعة .. استعلم من زملائه عن شروط الترشيح .. ولم ينقض الأسبوع حتى قدم أوراقه وحصل بموجب هذه الاوراق على الإجازة التي حلم بها ..
في دائرته لم يكن مرشحا على مقعده سوى اثنين من كبار رجال الدائرة .. قدم كل منهما طعنا في صاحبه ، وقبل كلا الطعنين . وأصبح عوض أفندي المرشح الوحيد في الدائرة .. وفي إحدى سهراته اليومية على قهوة المعلم قرنفل هتف أحد أصدقائه مازحا : عوض أفندي عوض أفندي .. أنت أملي أنت سندي .فجاوبه الناس بالهتاف وتحطوا حوله .
بعد أيام كانت الشوارع قد امتلأت بلوحات تبايع عوض أفندي نائبا في البرلمان ... واجتمع أصدقاؤه حوله يجمعون له من أموالهم ويقيمون له المؤتمرات ويكتبون له الخطابات وأصبح عوض أفندي عضوا في البرلمان ..
ملأت الرهبة صاحبنا عند أول زيارة له للمجلس .. من فخامة المكان وفخامة الحضور .. حفظ القسم مئة مرة ودربته زوجته عليه في البيت ألف مرة .. وأصبح الوقوف أمام المرآة ومحادثتها من عاداته اليومية ..
في أول جلسة يجتمع فيها أعضاء مجلسي الشعب والشورى لسماع خطاب الرئيس .. تكون القاعة مزدحمة وتتسع المقاعد للنواب بقليل من المضايقة لبعضهم .. كان مجلس عوض أفندي في طرف أحد المقاعد .. نصفه على المقعد ونصفه في الهواء .. احتمل الأمر في أوله .. لكنه بدء يتذمر .. لكنه بلع لسانه خوفا من أن يكون من بجواره أحد من يخشى سطوته .. حتى بلغ السيل الزبى ولم يعد في القوس منزع فسأل جاره بهدوء وبصوت خفيض : سيادتك وزير .
فقال : لا
فسأله : ابن وزير
فقال : لا ..
فقال متجوز بنت وزير .
فقال : لا ..
فقال : طب مضايقني في القعدة ليه يا ابن ال ..