المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نشيد الجبار ... للشابي



حسن العويس
19/01/2011, 05:15 PM
في هذه الأيام بيت من الشعر كان مادة إعلامية بامتياز وهذا البيت لأبي القاسم الشابي :
إذا الشعب يوماً أراد الحياة .....فلا بدَّ أن يستجيب القدر
ولكن للشابي قصائد أجمل وأروع وتحاكي نفس الفكرة .
فقصيدة نشيد الجبار البديعة بشعرها لا تخلو من نقد لاذع لمنظومة مجتمعية وأخلاقية . وكنت قد قرأتها العام الماضي مرات عديدة . وما آلت إليه التغييرات في تونس تذكرت تيك القصيدة وقد نقلتها من أحد المواقع .
وقد كان والد الشاعر الشابي قاضياً وما لفت انتباهي أن وزير العدل في حكومة الغنوشي ــ الغير مرضي عنها ــ من بيت ( الشابي ) .
وإليكم القصيدة :


http://i1.makcdn.com/images/forums/sh3bwah/images/smilies/W1.GIF نشيد الجبارhttp://i1.makcdn.com/images/forums/sh3bwah/images/smilies/W1.GIF


سأعـيـش رغـــم الـــداء iiوالأعـــداء
كالـنـسـر فـــوق الـقـمّـة الـشـمـاءِ
أرنو إلى الشمس المضيئة ... iiهازئاً
بالـسـحـب ، والأمـطــار ، والأنــــواءِ
لا أرمــق الـظـلّ الكئـيـب... ولا iiأرى
مــا فــي قـــرار الـهــوّةِ iiالـســوداء
وأسير فـي دنيـا المشاعـر حالمـاً ii،
غـرداً -- وتلـك سـعـادة iiالشـعـراء--
أٌصغي لموسيقى الحيـاة ، iiووحيهـا
وأذيــب روح الـكـون فــي إنشـائـي
وأصـيـخ للـصـوت الإلاهــي iiالـــذي
يـحـيـي بقـلـبـي مـيــت iiالأصــــداءِ
وأقـــول لـلـقـدر الـــذي لا iiيـنـثـنـي
عـــن حـــرب آمـالــي بـكــلّ iiبـــلاءِ
لا يطفيء اللهب المؤجج في iiدمي
مــوج الأســى ، وعـواصــف iiالأرزاءِ
فاهدم فؤادي ما أستطعـت ، iiفإنـه
سيـكـون مـثـل الصـخـرة iiالـصـمـاءِ
لا يعـرف الشـكـوى الذليـلـة والبـكـا
وضــراعــة الأطــفــال iiوالـضـعـفــاء
ويـعـيـش جـبــاراً ، يـحــدق iiدائـمــاً
بالفجـر ...، بالفجـر الجميـل iiالنـائـي
واملأ طريقي بالمخاوف ، والدجى ii،
وزوابــــع الأشــــواك ، iiوالـحـصـبـاء
وانشـر عليـه الرعـب ، وانثـر iiفوقـه
رجـم الــردى ، وصـواعـق iiالبـأسـاء
سأظـل أمشـي رغـم ذلـك ، عازفـاً
قـيـثـارتــي ، مـتـرنـمــاً بـغـنــائــي
أمـشـي بـــروح حـالــم ، iiمـتـوهـجٍ
فـــــــي ظــلـــمـــة الآلام iiوالأدواء
النـور فـي قلـبـي وبـيـن جوانـحـي
فعلام أخشى السير في iiالظلمـاء؟
إنــي أنــا الـنـاي الــذي لا iiتنـتـهـي
أنـغـامـه ، مـــا دام فـــي iiالأحـيــاء
وأنـا الخضـم الرحـب ، ليـس iiتـزيـده
إلا حـــيـــاةً ســـطـــوة iiالأنـــــــواء
أمـاّ إذا خمـدت حيـاتـي ، وانقـضـى
عمـري ، وأخـرسـت المنـيـة iiنـأئـي
وخبا لهيب الكون فـي قلبـي iiالـذي
قـد عـاش مـثـل الشعـلـة iiالحـمـراء
فـأنــا السـعـيـد بـأنـنــي iiمـتـحٌــولّ
عــــن عــالــم الآثــــام iiوالـبـغـضـاء
لأذوب في فجر الجمـال iiالسرمـدي
وأرتـــوي مـــن مـنـهــل iiالأضــــواء
وأقــول للجـمـع الـذيــن iiتجـشـمـوا
هـدمــي وودّوا لـــو يـخــر iiبـنـائــي
ورأوا علـي الأشـواك ظلـي iiهـامـداً
فتخـيـلـوا أنـــيّ قـضـيـت iiذمـائــي
وغــدوا يشـبـون اللهيــب بـكـل iiمــا
وجـدوا... ليشـووا فـوقـه iiأشـلائـي
ومـضـوا يـمـدون الـخــوان iiليـأكـلـوا
لحمـي ، ويرتشفـوا علـيـه iiدمـائـي
إني --أقول لهم-- ووجهي iiمشـرق
وعلى شفاهـي بسمـة استهـزاء--
إن الـمـعــاول لا تــهـــد iiمـنـاكـبــي
والـنـار لا تـأتــي عـلــى iiأعـضـائـي
فارموا إلى النار الحشائش .. والعبوا
يـا معشـر الأطفـال تحـت iiسمـائـي
وإذا تـمـردّت الـعـواصـف وانـتـشـى
بـالـهـول قــلــب الـقـبّــة iiالــزرقــاء
ورأيـتـمـونــي طـــائـــراً iiمـتـرنــمــاً
فوق الزوابـع ، فـي الفضـاء iiالنائـي
فارموا على ظلي الحجارة iiواختفـوا
خـــوف الـريــاح الــهــوج iiوالأنــــواء
وهنـاك فـي أمـن البيـوت تطاحـنـوا
غـــــث الـحــديــث ومـــيـــت iiالآراء
وترنمـوا -- مـا شئتـم -- iiبشتائمـي
وتجاهـروا -- مـا شئتـم -- iiبعـدائـي
أمــا أنــا فأجيبـكـم مـــن iiفـوقـكـم
والشمس والشفـق الجميـل iiإزائـي
من جـاش بالوحـي المقـدس iiقلبـه
لــــم يـحـتـفـل بـحـجــارة iiالـفـلـتـاء

عبد الله نفاخ
19/01/2011, 06:16 PM
ما شاء الله ...
أحب هذه القصيدة منذ زمن ...
لكنني لم أقرأها هذه القراءة يوماً ، و أنتم أستاذي فتحتم لها باباً جديداً للتأويل أظنه كان خفياً على الكثيرين ....
فقد كنت أراها أنا مثلاً و كثيرون مثلي دليلاً على نزوع الشابي الرومانسي ، و أنتم أخذتم كذلك المنحى الرومنسي بمعناه الواسع الثوري ..
بارك الله بكم أستاذي و سلمكم

مصطفى البطران
20/01/2011, 08:47 PM
أمـشـي بـــروح حـالــم ، مـتـوهـجٍ
فـــــــي ظــلـــمـــة الآلام والأدواء

النـور فـي قلـبـي وبـيـن جوانـحـي
فعلام أخشى السير في الظلمـاء؟

إنــي أنــا الـنـاي الــذي لا تنـتـهـي
أنـغـامـه ، مـــا دام فـــي الأحـيــاء

وأنـا الخضـم الرحـب ، ليـس تـزيـده
إلا حـــيـــاةً ســـطـــوة الأنـــــــواء

أمـاّ إذا خمـدت حيـاتـي ، وانقـضـى
عمـري ، وأخـرسـت المنـيـة نـأئـي

وخبا لهيب الكون فـي قلبـي الـذي
قـد عـاش مـثـل الشعـلـة الحـمـراء

فـأنــا السـعـيـد بـأنـنــي مـتـحٌــولّ
عــــن عــالــم الآثــــام والـبـغـضـاء



قصيدة تقول الكثير بفلسفة رائعة
إنها تدندن عند حقيقة الحياة
وكنه الحياة الحرة الكريمة
إنها تغرد في أجواء الإنسان بكل حب وإنسانية
وترسم الدرب الصحيح للخلاص بكل تضحية وغيرية
ماشاء الله عليك يا أبا أحمد ... دمت مميزاً
تستحق عليها الكثيررررررررررر وأزود كما عهدتك ترفل بأثواب قل نظيرها :-x
... أخوك: البطران لكن ... بدون ولا اي بطر :-x

طارق شفيق حقي
20/01/2011, 10:39 PM
يا أخي تثبت التجربة أن مثل هؤلاء الشعراء عظماء
وهذا الشعر لعمري مخيف لمن كان له قلب وقرأ الشابي قبل سقوط حكومته

حسن العويس
21/01/2011, 04:27 PM
بسم الله الرحمن الرحيم وبعد

أريد أن أتحدث بلغة أدبية لأن قدري أن وضعتُ مع أدباء ومختصين في الأدب والشعر .
إن الجمال له فلسفة خاصة ، وأعتقد أن له لغته الخاصة أيضاً ، والناس فيما يعشقون مذاهب ، أما أنني إذا نظرتُ إلى زهرة جميلة ، فكأنما أسمعها تُسبِّحُ بِحمد خالقها بأن خلقها على هذه الشاكلة . وقد تُعجَبُ بزهورٍ لا رائحة لها ، ولكن قوامها وقدها يجعل الجمال كأنه لها .
وقد أعجب من يقطف الزهرة ، إنه إعدامٌ لِكائنٍ حيٍّ يبعثُ على بسط النفس .
وقد قيل في النساء : أن أجمل النساء مَنْ إذا ودَّعتها عُدتَ إليها متلهفاً . وما أدراك في الأريام والغزلان ، فلوسألنا : لماذا يُسمّى الغزالُ رشاء..وريم و..ورشا الاسم المُتعارف عليه ؟ وذلك لأن الغزال يسحرُكَ بِجمال عيونه ، وكأنما هناك حبل بين عين الناظر وعين الغزال ، من أجل أن الناظر لا يستطيع أن يرفع بصره عن عين الغزال لِجمالها . والرشاء ( الرّشَ) هكذا تُلفظ في الخليج ، عن الحبل الذي الذي يتعلق بالدلو لسحب الماء من الجب (البئر) . وسُمّيت الرشوة بهذا لأنك تضع حبلاً تستطيع من خلاله أن تصل للمطلوب .
وهذه القصيدة التي نحن نكتب على صفحتها للشابي ، كأنما هي رشا من جمالها .
وقد قرأتها كثيراً ولا أمَلُّ منها . وهي كتلة مُتكاملة من التدفق الشعري البديع ، فلا تستطيع أن تجتزئ بيتاً وتقول : كم هو رائع !!؟ .
تحياتي لمن مرّووا على هذه القصيدة العجيبة ، لكن عتبي على أبا مسعود ولِمَ لا تثبت هذه الأبيات في تعليقك :


فارموا على ظلي الحجارة iiواختفـوا
خـــوف الـريــاح الــهــوج iiوالأنــــواء


وهنـاك فـي أمـن البيـوت تطاحـنـوا
غـــــث الـحــديــث ومـــيـــت iiالآراء

وترنمـوا -- مـا شئتـم -- iiبشتائمـي
وتجاهـروا -- مـا شئتـم -- iiبعـدائـي

أمــا أنــا فأجيبـكـم مـــن iiفـوقـكـم
والشمس والشفـق الجميـل iiإزائـي

من جـاش بالوحـي المقـدس iiقلبـه
لــــم يـحـتـفـل بـحـجــارة iiالـفـلـتـاء

مصطفى البطران
21/01/2011, 08:37 PM
أشكرك يا ابا أحمد على ما تفضلت به من تعليق وإضافة
ولكن لماذا لم أختر الأبيات التي ذكرتها ... اختيارك جميل جدا
والقصيدة كلها رائعة لكن يبدو أن حاجات في نفس البطران هي التي دفعته لهذا الاختيار
لم يكن الاختيار اعتباطياً بل أجزم أنك لو أعدت النظر فيما اخترت من قصيدة الشابي لوجدت
فيها أشياء كثيرة توافق ما أدعو إليه فيما أكتب عموماً ...
دمت بخير وود أستاذ حسن عويس مع أجمل النسمات المنبجية
المنعشة ...

حسن العويس
22/01/2011, 06:34 PM
تحياتي يا أبا مسعود وبعد :
عتبي عليك لم يكن بمكانه ، وذلك كون القصيدة ( كالعطر ) من أي طرف تشتمُّ منه يأتيك نفس العبق . كل الحق فيما قلتَ
مسحوب العتاب ، بقي قبوله . تقبل تحياتي .

علي أحمد عبود المناع
30/01/2011, 08:00 PM
تحية خاصة لك أستاذ حسن العويسشكراً لك على هذه الرائعة للشابيمع تحيات أخوك علي عبود المناع منبج

سوسنة الكنانة
31/01/2011, 02:41 AM
دفعة قوية نتحتاجها بشدة والله
أكرمك الله
واشكرك لكل ما انتابني من مشاعر حالمة جاشت في نفسي وأنا أقرأ
فجلعتني أحلق رغم القيود
لله در الشابي

الدكتور طاهر سماق
31/01/2011, 08:37 AM
إني --أقول لهم-- ووجهي iiمشـرق
وعلى شفاهـي بسمـة استهـزاء--
إن الـمـعــاول لا تــهـــد iiمـنـاكـبــي
والـنـار لا تـأتــي عـلــى iiأعـضـائـي


هي كذلك .. هو حال لسان ذاك البطل الذي فجَّر لهيب ثورة تونس
البوعزيزي
فلم تأتِ النار على أعضائه بل بقي حياً شهيداً بين الشهداء والصدّيقين

غير مسجل
07/02/2011, 10:27 AM
سنموت كي تحيا خيوط رجاء***فتحيك نورا ماحي الظلماء

حسن العويس
15/02/2011, 07:02 PM
بعد التحية للذين مرّوا وأبدوا من رأي :
إن هذه القصيدة جديرة بالقراءة على الدوام ، فقد ظهرت فيها ذاتية الشاعر الغير مؤدلجة ، وظهر فيها الإبداع الإنساني ، فقد حاكى فيها الشاعر الذات ومظاهر رؤية المجتمع من حوله إلى الحياة . فنظر إليها ورأى أن أهداف هذا المجتمع لا تبتعد عن آمال الأطفال ، فرماها ونبذها لأنه هو أكبر مما يطرحه مجتمعه .
واقرؤا أول بيت بها فقد بدأ بالتحدي إلى آخر بيت بكونه لم يعد يحتفل بما يرميه فيه الناس كما أسماهم الفلتاء .