المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التوافق مع الذات



د. تيسير الناشف
15/01/2011, 10:27 PM
التوافق مع الذات
د. تيسير الناشف


من الطيب أحيانا للمرء أن يخرج عن المألوف، فهذا المألوف قد يكون حابسا للمرء فكريا وعاطفيا، ومن طبيعة الإنسان أن يتوق إلى الانطلاق. وجدتني ممسكا برفقٍ قلمي، فسال القلم دمعا، وسالت ريشة المداد توقا إلى مسقط رأسي اللامتناهي.
التيار جزء من العالم. هل ينبغي للمرء أن يقف بفكره وعاطفته في وجه التيار أم على ضفة التيار. لو وقف المرء في وجه التيار فلعله يرى تيارات أخرى ذات اتجاهات أخرى. هل أساير ضفة النهر المتدفق وعاطفتي مع أنهار في وجداني تجري صوب عوالم أخرى.
ترفض نفسي البيت الذي جبلت أسسه من دموع المعذبين ودماء الأشقياء وتراب المحرومين، وقامت أركانه على عرق المنهكين الضعفاء، وسكنته الجواري حاملات المراوح على الأمير ليخففن عنه عبء التوق إلى تضخم الذات.
أغذ الخطى بحثا عن منزل تعبق جنباته برائحة الجمال السرمدي. أبحث عن ذاتي فأعثر عليها في مشاركة الثكلى، التي كسّر عظام زوجها المحتلون، أساها؛ وفي اللعب مع الطفل الذي يلهو وحده ولا يدري – ومن أين له أن يدري – أن والده المحب الحنون ذهب واختفى ولن يعود لأن قوى الاحتلال دفنته حيا؛ أبحث عن ذاتي فأجدها في شعوري الجياش الذي يكسر القيود ويحطم الأسوار السميكة بأن الأرض تستصرخ السماء وتستغيث بالضمير من هجمة الصياد المتخم والطامع بالثروة على البحيرات الصافية والغابات الوارفة والفراشات الملونة البريئة.
أنأى بنفسي عن رسم اللوحة ذات الأشكال الهندسية المألوفة. لآ أعرف ولا أريد أن أرسم لوحة الحاكم. لم ألقَّن رسم صورة الباشا. ليست لدي ثقافة إقطاعية.
حياتي ليست رهنا بابتسامة الحاكم. حياتي يُحقق الغرض منها بالسير على هدي أنّات البشر الذين يريد الوحش أن يغتال إنسانيتهم وعلى هدي آهات المعانين والمعانيات من الظلم الإجتماعي والسياسي والقمع النفسي والتمييز الطبقي والقانوني.
أية وجهة يممتها الفراشات التي نقلت إليّ من الكرمل وحيفا والجرمق وعيبال سر الخلود الفلسطيني؟ أين ذراعا الأم الأرض الحبيبة التي طوقتني بطهر النقب وسمو الجليل وخضرة المثلث وشاطئ الأرض المقدسة بألف قبلة وقبلة؟
ستبقى نفسي سائرة على الدرب غير عابئة بموقف الذين يوزعون الدراهم ويلوحون بالعصا الغليظة أو بإتاحة الإقامة في الفندق ذي الخمسة أنجم على نفقة هذا الحاكم. سخطُ هؤلاء مفتاح للانطلاق الفكري والنفسي وضمان للحرية وكفيل برضى الضمير.

بنت الشهباء
15/01/2011, 11:11 PM
وإن من يملك هذه المفاهيم والقيم بين جوانحه يا أستاذنا الفاضل الدكتور تيسير لا يمكن له إلا أن يبقى شامخًا بمبادئه ، وعاليًا بأخلاقه ، وثائرًا على كل من ظلم وبغى واعتدى ...

فطوبى لمن عرف حق وأمانة قلمه في الدفاع عن الحق ، وكشف زيف المبطلين والمنتفعين من أبناء جلدتنا الذين خلعوا عنهم جلدتهم ورضوا بأن يكونوا ذيلًا لعدو أمتهم ....

رسالة راقية حملت لنا الكثير من العبر والمواعظ في زمن صار الذئب راعيًا ...

د. تيسير الناشف
16/01/2011, 03:35 PM
السيدة أمينة أحمد خشفة

تحياتي. وأشكرك على تعليقاتك القيمة.

بمداد أقلامنا ينبغي أن ننشد قيمنا ومبادئنا الرفيعة لأمتنا، وبتلك القيم والمبادئ نحافظ على شخصيتنا الثقافية، وتلك المحافظة واجبة من أجل التصدي للتحديات التي تحيط بنا من كل جانب. هويتنا الثقافية من واجبنا أن ننشرها على طول الأفق وارتفاع الفضاء حتى تكون متوجة لوجودنا المادي والمعنوي.

تيسير الناشف

نيوجيرزي

محسن العافي
27/01/2011, 07:07 PM
كنت هنا أبا للشموخ والفكر الراقي والأدب الجاد ،ما أحوجنا إلى منهجك في الكتابات الأدبية وما احوجنا إلى إزالة الأسلوب المبتذل الذي يملأ صفحات الجرائد والمجلات ، كان مدادك صافيا يعكس ماضيا محرجا ويرثي لحال تأثر الحاضر به ، فوضعت يدك على جروح لم تبرأ ولن تبرأ ما دام العبث سار في كينونة التدبير الذي لا يوصل إلى نتيجة ، ورغم ذلك يقولون انهم في بداية التغيير والوصول إلى ماهو احسن ، فما وصلوا ولن يصلوا .
تقبل مروري واكرمك الله