رزاق الجزائري
06/01/2011, 03:27 PM
لقد كان صدفة ا ن انهي آخر مقالة لي لعام 1010 بمقالة تعيسة وابدأ عام 2011 بمقالة تعيسة كذلك، ورغم إني إنسان لا يؤمن بالتشاؤم بل يعتبر آن تغيير أي واقع هو آلية إجرائية، وليست قدرا محتوما. فقط أن يوجد من يملك القدرة على خلق الفكرة الصائبة و تحويلها إلى مشروع حضاري ،ولكنني أجدني ملزما بقراءة الوقائع التي الظاهر أنها لازالت تراوح مكانها أو تزداد بؤسا في واقعنا العربي.
غادرنا كعرب عام 2010 واستقبلنا عام 2011 على وقع الأوجاع والخيبة والآلام، فباستثناء فوز قطر بملف استضافة كأس العالم 2022، كانت الأحداث كلها الم ومرارة وخيبة، فعلى وقع جنوب منفصل حتما كان السودان، ووضع مشابه هو اليمن ،وعلى وضع عراق ممزق يصارع مزيدا من التمزق، وعلى وقع تفجيرات الإسكندرية التي أججت احتقانا طائفيا مكبوتا كان وضع الكبيرة مصر، وعلى وضع صراع داخلي بين فتح وحماس (وكان الكعكة وجدت لم يبقى الا الصراع عليها)ووهم دولة موعودة كانت فلسطين المسلوبة، وعلى وضع حالة لبنانية تتجاذب فيها الحبال والولاءات، وعلى وضع انفجار اجتماعي تترائ بوادره في دول المغرب العربي كانت تونس والجزائر والمغرب.
فكل شيء يوحي بالفشل وان الوعود بحياة أفضل وواقع أفضل صارت تتلاشى في وجداننا والأدهى آن تصبح وعيا في أجيالنا المحبطة التي تزداد استسلاما أمام غياب مشروع قادر على استقطابها وتجسيد أمالها، ووجود ازمة كبيرة على صعيد الاسترتيجية والوعي واعادة الاعتبار للافكار والتقييم الموضوعي للواقع. فكل عام يمر تتجدد فيه خيباتنا بل تتضاعف وتصبح عبئا يرزح في عمق وعينا الجماعي كأمة.
فالسودان تعيسة لغياب مشروع وطني يستطيع الحفاظ على الأمة السودانية داخل مفهوم هوية جامعة هي إطار للقيم العامة تجمع مكونات مجتمع السوداني الذي يرزح تحت دكتاتورية بطابع اسلامي تكاد تكون متناقضة، ويعاني اختلالات رهيبة على المستويين التنموي والسياسي و الاقتصادي وحتى وان كان البعض يرى ان انفصال السودان هو حتمي من الاول نتيجة للتباينات الاجتماعية والاختلافات الثقافية والعرقية بين الشمال والجنوب، لكن الأدهى ان يكون مع الفشل إصرار على الفشل يدفع إلى انقسامات أخرى بوادرها ظاهرة.
كذلك حال اليمن الذي تتزايد فيه دواعي الانفصال تحت واقع التباين السياسي لا العرقي أو الطائفي مثلما هي الحالة السودانية، والذي هو نتيجة تراكمات نظام دكتاتوري فاشل، وإقطاع سياسي متفشي، وتهميش لقطاعات كبرى من المجتمع اليمني وخيبة في آمالها.
اما مصر فالظاهر ان ما أنتجته التفجيرات من بعث لاحتقانات طائفية مكبوثة وكراهية ضد الأخر وخصوصا المسلم المتهم دائما ودخول القوى الكبرى على الخط وارتفاع اصوات بدعوى حماية المسيحيين الشرق و حقوقهم في مصر و الشرق الأوسط كمدخل لمفهوم استعماري قديم يتجدد، ذكرنا بأنه رغم سياسات النظام المصري التي حولت دولة العرب الكبرى عن قيادة قاطرة نهضة الأمة و مشروعها الحضاري إلى موضع ارتياب بل واتهام في سياساتها والى أسوأ واضعف موقف في تاريخها لم يشفع لها ، فما زال الآخرون يستهدفونها إدراكا منهم تحت حتمية الجغرافية السياسية التي لا يفهمها من يريدون مزاحمة مصر مكانتها العربية و من ارادوا لمصر الانكفاء على ذاتها *لان الجغرافيا هي الثابت في التاريخ وليس العكس* أن مصر ما زالت مستهدفة وستظل كذلك وان لا مكان حقيقي لمصر في رقعة جغرافيا من البحر الأحمر إلى ليبيا و من المتوسط إلى السودان، فمصر ليس كيان لا يكون ولا يكبر إلا بأمته و ممارسة دوره الحضاري فيها و غير ذلك هو قتل لقدرات هذه الأمة العظيمة وإرادة شعبها. وان من راهنوا على ذلك اتضح ضيق أفقهم خصوصا مع فشلهم في النهوض الاقتصادي بمصر الذي كان مبررهم.
اما العراق المقسم فعليا عرقيا وطائفيا فاتضح ان أي رهانات أخرى خارج رهانات معطيات الأمة العراقية هي فاشلة فما زال المشروع الغربي مرفوضا وما زال العراق بحاجة إلى فكرة تجمعه من جديد ولو كانت وهم بعث جديد. فبعد سنوات من الاختلاف على تشكيل حكومة لم يجمع عليها العراقيون يظهر ان الحالة العراقية ستظل تراوح مكانها ما دام الصراع الاقليمي والدولي مشتعلا في المنطق ةوما دام هذا الصراع وخصوصا بين الطرفين المهيمنين الغرب وايران يبقى العراق بأطيافه رهين تصفية الحسابات بين القوتين.
أما فلسطين، فبعدما ان سلموا بأيديهم لعدوهم عنصر المبادرة، تظهر أن أحلامهم تظهر غير منطقية داخل حسابات السياسة العملية وهاهو لبرمان بالأمس يقول متهكما بتأجيل المفاوضات لعشر سنين، فبعد ان أوقفوا الانتفاضة وسيلة ضغطهم وورقتهم الرابحة الوحيدة وكرسوا التهدئة والهدنة بإيعاز من نظم عربية، صار الاستيطان يلتهم الأراضي المقدسة في الضفة والشعب رهين حصار و سلطة اخرى في غزة، والفقر والتضييق يطارد فلسطيني الشتات في لبنان والعراق وكل بلاد المهجر، ويبقى الإخوة يتصارعون على خيارات يزعم عدوهم بأنه سيوزعها على من يتنطعون لركوب موجة السلام الزائف. دافعين بالقضية في اكبر مأزق تاريخي يواجهها. ناسين انها قضية وجود قبل ان تكون حدود.
إما الحالة اللبنانية فهي عملية جر حبل أمام الاستقطاب السياسي الرهيب والتناقض الكبير في مفهوم الدولة التي يريدها كل الاطرف، ويبقى متفقون على المبدأ وعاجزون على التوافق على التفاصيل.
اما حال دول المغرب العربي تونس والجزائر والمغرب فمتشابه وان كان ادهي في الحالة الجزائرية التي تعتبر الدولة الأكبر والأكثر مواردا بينها ، ففشل السياسات التنموية خلق احتقانا في الجبهة الداخلية التي ترزح تحت ضغط التهميش والفقر واتساع الهوة الاجتماعية بين افراد المجتمع ما يهدد بثورات اجتماعية كبرى اكبر ما يخيف ان تستغلها قوى التطرف لتتغلغل في المجتمع من جديد .
هذا هو حالنا مطلع 2011 وان كنت اسهبت في بعض القراءات واختصرت اخرى ولم اعرج على الجميع لغياب المعطيات عندي او عدم كفافها. فهذا بعض حالنا في هذا الوطن الكبير المستباح، دول ساقطة متداعية للتفكك، وأنظمة مهترئة ومنحلة غير قادرة على التغيير و الإصلاح و حكومات تكتفي بتسيير ملفات الحكم بدل تسير الشأن العام. وشعوب رازحة تحت واقع مثخن من الآلام و الخيبات فوق رمال متحركة لجغرافيا مأزومة .
وفي واقع يبقى التغيير بالطرق السلمية فيه مغلقا و بالطرق العنيفة مكلفا، ليبقى الامل مؤجلا..لعل 2212 تأتي بالخير.
رزاق الجزائري
غادرنا كعرب عام 2010 واستقبلنا عام 2011 على وقع الأوجاع والخيبة والآلام، فباستثناء فوز قطر بملف استضافة كأس العالم 2022، كانت الأحداث كلها الم ومرارة وخيبة، فعلى وقع جنوب منفصل حتما كان السودان، ووضع مشابه هو اليمن ،وعلى وضع عراق ممزق يصارع مزيدا من التمزق، وعلى وقع تفجيرات الإسكندرية التي أججت احتقانا طائفيا مكبوتا كان وضع الكبيرة مصر، وعلى وضع صراع داخلي بين فتح وحماس (وكان الكعكة وجدت لم يبقى الا الصراع عليها)ووهم دولة موعودة كانت فلسطين المسلوبة، وعلى وضع حالة لبنانية تتجاذب فيها الحبال والولاءات، وعلى وضع انفجار اجتماعي تترائ بوادره في دول المغرب العربي كانت تونس والجزائر والمغرب.
فكل شيء يوحي بالفشل وان الوعود بحياة أفضل وواقع أفضل صارت تتلاشى في وجداننا والأدهى آن تصبح وعيا في أجيالنا المحبطة التي تزداد استسلاما أمام غياب مشروع قادر على استقطابها وتجسيد أمالها، ووجود ازمة كبيرة على صعيد الاسترتيجية والوعي واعادة الاعتبار للافكار والتقييم الموضوعي للواقع. فكل عام يمر تتجدد فيه خيباتنا بل تتضاعف وتصبح عبئا يرزح في عمق وعينا الجماعي كأمة.
فالسودان تعيسة لغياب مشروع وطني يستطيع الحفاظ على الأمة السودانية داخل مفهوم هوية جامعة هي إطار للقيم العامة تجمع مكونات مجتمع السوداني الذي يرزح تحت دكتاتورية بطابع اسلامي تكاد تكون متناقضة، ويعاني اختلالات رهيبة على المستويين التنموي والسياسي و الاقتصادي وحتى وان كان البعض يرى ان انفصال السودان هو حتمي من الاول نتيجة للتباينات الاجتماعية والاختلافات الثقافية والعرقية بين الشمال والجنوب، لكن الأدهى ان يكون مع الفشل إصرار على الفشل يدفع إلى انقسامات أخرى بوادرها ظاهرة.
كذلك حال اليمن الذي تتزايد فيه دواعي الانفصال تحت واقع التباين السياسي لا العرقي أو الطائفي مثلما هي الحالة السودانية، والذي هو نتيجة تراكمات نظام دكتاتوري فاشل، وإقطاع سياسي متفشي، وتهميش لقطاعات كبرى من المجتمع اليمني وخيبة في آمالها.
اما مصر فالظاهر ان ما أنتجته التفجيرات من بعث لاحتقانات طائفية مكبوثة وكراهية ضد الأخر وخصوصا المسلم المتهم دائما ودخول القوى الكبرى على الخط وارتفاع اصوات بدعوى حماية المسيحيين الشرق و حقوقهم في مصر و الشرق الأوسط كمدخل لمفهوم استعماري قديم يتجدد، ذكرنا بأنه رغم سياسات النظام المصري التي حولت دولة العرب الكبرى عن قيادة قاطرة نهضة الأمة و مشروعها الحضاري إلى موضع ارتياب بل واتهام في سياساتها والى أسوأ واضعف موقف في تاريخها لم يشفع لها ، فما زال الآخرون يستهدفونها إدراكا منهم تحت حتمية الجغرافية السياسية التي لا يفهمها من يريدون مزاحمة مصر مكانتها العربية و من ارادوا لمصر الانكفاء على ذاتها *لان الجغرافيا هي الثابت في التاريخ وليس العكس* أن مصر ما زالت مستهدفة وستظل كذلك وان لا مكان حقيقي لمصر في رقعة جغرافيا من البحر الأحمر إلى ليبيا و من المتوسط إلى السودان، فمصر ليس كيان لا يكون ولا يكبر إلا بأمته و ممارسة دوره الحضاري فيها و غير ذلك هو قتل لقدرات هذه الأمة العظيمة وإرادة شعبها. وان من راهنوا على ذلك اتضح ضيق أفقهم خصوصا مع فشلهم في النهوض الاقتصادي بمصر الذي كان مبررهم.
اما العراق المقسم فعليا عرقيا وطائفيا فاتضح ان أي رهانات أخرى خارج رهانات معطيات الأمة العراقية هي فاشلة فما زال المشروع الغربي مرفوضا وما زال العراق بحاجة إلى فكرة تجمعه من جديد ولو كانت وهم بعث جديد. فبعد سنوات من الاختلاف على تشكيل حكومة لم يجمع عليها العراقيون يظهر ان الحالة العراقية ستظل تراوح مكانها ما دام الصراع الاقليمي والدولي مشتعلا في المنطق ةوما دام هذا الصراع وخصوصا بين الطرفين المهيمنين الغرب وايران يبقى العراق بأطيافه رهين تصفية الحسابات بين القوتين.
أما فلسطين، فبعدما ان سلموا بأيديهم لعدوهم عنصر المبادرة، تظهر أن أحلامهم تظهر غير منطقية داخل حسابات السياسة العملية وهاهو لبرمان بالأمس يقول متهكما بتأجيل المفاوضات لعشر سنين، فبعد ان أوقفوا الانتفاضة وسيلة ضغطهم وورقتهم الرابحة الوحيدة وكرسوا التهدئة والهدنة بإيعاز من نظم عربية، صار الاستيطان يلتهم الأراضي المقدسة في الضفة والشعب رهين حصار و سلطة اخرى في غزة، والفقر والتضييق يطارد فلسطيني الشتات في لبنان والعراق وكل بلاد المهجر، ويبقى الإخوة يتصارعون على خيارات يزعم عدوهم بأنه سيوزعها على من يتنطعون لركوب موجة السلام الزائف. دافعين بالقضية في اكبر مأزق تاريخي يواجهها. ناسين انها قضية وجود قبل ان تكون حدود.
إما الحالة اللبنانية فهي عملية جر حبل أمام الاستقطاب السياسي الرهيب والتناقض الكبير في مفهوم الدولة التي يريدها كل الاطرف، ويبقى متفقون على المبدأ وعاجزون على التوافق على التفاصيل.
اما حال دول المغرب العربي تونس والجزائر والمغرب فمتشابه وان كان ادهي في الحالة الجزائرية التي تعتبر الدولة الأكبر والأكثر مواردا بينها ، ففشل السياسات التنموية خلق احتقانا في الجبهة الداخلية التي ترزح تحت ضغط التهميش والفقر واتساع الهوة الاجتماعية بين افراد المجتمع ما يهدد بثورات اجتماعية كبرى اكبر ما يخيف ان تستغلها قوى التطرف لتتغلغل في المجتمع من جديد .
هذا هو حالنا مطلع 2011 وان كنت اسهبت في بعض القراءات واختصرت اخرى ولم اعرج على الجميع لغياب المعطيات عندي او عدم كفافها. فهذا بعض حالنا في هذا الوطن الكبير المستباح، دول ساقطة متداعية للتفكك، وأنظمة مهترئة ومنحلة غير قادرة على التغيير و الإصلاح و حكومات تكتفي بتسيير ملفات الحكم بدل تسير الشأن العام. وشعوب رازحة تحت واقع مثخن من الآلام و الخيبات فوق رمال متحركة لجغرافيا مأزومة .
وفي واقع يبقى التغيير بالطرق السلمية فيه مغلقا و بالطرق العنيفة مكلفا، ليبقى الامل مؤجلا..لعل 2212 تأتي بالخير.
رزاق الجزائري