المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لطلاب اللغة العربية ومحبي الاعراب والقران الكريم(2)



عبد الله عبد الوهاب
23/02/2004, 03:28 PM
سورة آل عمران
بسم اللّه الرحمن الرحيم


(الم) قد تقدم الكلام عليها في أول البقرة والميم من ميم حركت لالتقاء الساكنين وهو الميم، ولام التعريف في اسم الله، ولم تحرك لسكونها وسكون الياء قبلها، لان جميع هذه الحروف التى على هذا المثال تسكن إذا لم يلقها ساكن بعدها كقوله لام ميم ذلك الكتاب، وحم، وطس، وق وك.


وفتحت لوجهين: أحدهما كثرة استعمال اسم الله بعدها، والثانى ثقل الكسرة بعد الياء والكسرة، وأجاز الاخفش كسرها، وفيه من القبح ماذكرنا، وقيل فتحت لان حركة همزة الله ألقيت عليها، وهذا بعيد لان همزة الوصل لاحظ لها في الثبوت في الوصل حتى تلقى حركتها على غيرها، وقيل الهمزة في الله همزة قطع، وإنما حذفت لكثرة الاستعمال، فلذلك ألقيت حركتها على الميم لانها تستحق الثبوت، وهذا يصح على قول من جعل أداة التعريف أل (الله لا إله إلا هو الحى القيوم) قد ذكر إعرابه في آية الكرسى (نزل عليك) هو خبر آخر، وماذكرناه في قوله " لا تأخذه " فمثله هاهنا، وقرئ نزل عليك بالتخفيف و (الكتاب) بالرفع، وفى الجملة وجهان: أحدهما هى منقطعة، والثانى هى متصلة بما قبلها، والضمير محذوف تقديره: من عنده، و (بالحق) حال من الكتاب، و (مصدقا) إن شئت جعلته حالا ثانيا، وإن شئت جعلته بدلا من موضع قوله بالحق، وإن شئت جعلته حالا من الضمير في المجرور (التوراة) فوعلة من ورى الزنديرى
[123]


إذا ظهر منه النار، فكان التوراة ضياء من الضلال، فأصلها وورية فأبدلت الواو الاولى تاء كما قالوا تولج وأصله وولج وأبدلت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ماقبلها.



وقال الفراء: أصلها تورية على تفعلة كتوصية، ثم أبدل من الكسرة الفتحة فانقلبت الياء ألفا، كما قالوا في ناصية ناصاة، ويجوز إمالتها لان أصل ألفها ياء (والانجيل) إفعيل من النجل وهو الاصل الذى يتفرع عنه غيره، ومنه سمى الولد نجلا، واستنجل الوادى إذا نز ماؤه، وقيل هو من السعة من قولهم: نجلت الاهاب إذا شققته، ومنه عين نجلاء واسعة الشق، فالانجيل الذى هو كتاب عيسى تضمن سعة لم تكن لليهود، وقرأ الحسن " الانجيل " بفتح الهمزة، ولايعرف له نظير، إذ ليس في الكلام أفعيل، إلا أن الحسن ثقة، فيجوز أن يكون سمعها، و (من قبل) يتعلق بأنزل، وبنيت قبل لقطعها عن الاضافة، والاصل من قبل ذلك، فقبل في حكم بعض الاسم وبعض الاسم لا يستحق إعرابا (هدى) حال من الانجيل والتوراة، ولم يئن لانه مصدر، ويجوز أن يكون حالا من الانجيل، ودل على حال للتوراة محذوفة كما يدل أحد الخبرين على الآخر (للناس) يجوز أن يكون صفة لهدى، وأن يكون متعلقا به، و (الفرقان) فعلال من الفرق، وهو مصدر في الاصل، فيجوز أن يكون بمعنى الفارق أو المفروق ويجوز أن يكون التقدير ذا الفرقان.



قوله تعالى (لهم عذاب) ابتداء وخبر في موضع خبر إن، ويجوز أن يرتفع العذاب بالظرف.
قوله تعالى (في الارض) يجوز أن يكون صفة لشئ، وأن يكون متعلقا بيخفى قوله تعالى (في الارحام) في متعلقة بيصور، ويجوز أن يكون حالا من الكاف والميم: أى يصوركم وأنتم في الارحام مضغ (كيف يشاء) كيف في موضع نصب بيشاء وهو حال، والمفعول: محذوف تقديره: يشاء تصويركم، وقيل كيف ظرف ليشاء، وموضع الجملة حال تقديره: يصوركم على مشيئته أى مريدا، فعلى هذا يكون حالا من ضمير اسم الله، ويجوز أن تكون حالا من الكاف والميم: أى يصوركم متقلبين على مشيئته (لاإله إلا هو العزيز الحكيم) هو مثل قوله لا إله إلا هو الرحمن الرحيم.


قوله تعالى (منه آيات) الجملة في موضع نصب على الحال من الكتاب، ولك أن ترفع آيات بالظرف لانه قد اعتمد، ولك أن ترفعه بالابتداء والظرف خبره (هن أم الكتاب) في موضع رفع صفة لآيات وإنما أفرد أم وهو خبر عن جمع،
[124]


لان المعنى أن جميع الآيات بمنزلة آية واحدة فأفرد على المعنى، ويجوز أن يكون أفرد في موضع الجمع على ماذكرنا في قوله " وعلى سمعهم " ويجوز أن يكون المعنى كل منهن أم الكتاب، كما قال الله تعالى " فاجلدوهم ثمانين " أى فاجلدوا كل واحد منهم (وأخر) معطوف على آيات، و (متشابهات) نعت لاخر.
فإن قيل: واحدة متشابهات متشابهة، وواحدة أخر أخرى، والواحد هنا لايصح أن يوصف بهذا الواحد فلا يقال أخرى متشابهة إلا أن يكون بعض الواحدة يشبه بعضا، وليس المعنى على ذلك، وإنما المعنى أن كل آية تشبه آية أخرى فكيف صح وصف هذا الجمع بهذا الجمع، ولم يوصف مفرده بمفرده.



قيل: التشابه لايكون إلا بين اثنين فصاعدا، فإذا اجتمعت الاشياء المتشابهة كان كل منهما مشابها للآخر، فلما لم يصح التشابه إلا في حالة الاجتماع وصف الجمع بالجمع، لان كل واحد من مفرداته يشابه باقيها، فأما الواحد فلا يصح فيه هذا المعنى، ونظيره قوله تعالى " فوجد فيها رجلين يقتتلان " فثنى الضمير وإن كان لايقال في الواحد يقتتل (ماتشابه منه) ما بمعنى الذى، ومنه حال من ضمير الفاعل: والهاء تعود على الكتاب (ابتغاء) مفعول له، والتأويل مصدر أول يؤول، وأصله من آل يئول إذا انتهى نهايته، و (الراسخون) معطوف على اسم الله، والمعنى أنهم يعلمون تأويله أيضا، و (يقولون) في موضع نصب على الحال وقيل الراسخون مبتدأ، ويقولون الخبر، والمعنى: أن الراسخين لا يعلمون تأويله بل يؤمنون به (كل) مبتدأ: أى كله أو كل منه، و (من عند) الخبر وموضع آمنا وكل من عند ربنا نصب بيقولون.



قوله تعالى (لاتزغ قلوبنا) الجمهور على ضم التاء ونصب القلوب، يقال* زاغ الےلب وأزاغه الله، وقرئ بفتح التاء0ورفع القلوب على نسبة الفعل إليها، و (إذ هديتنا) ليس بظرف لانه أڶيف إليه بعد (من لدنك) لدن مبنية على السكون، وهى مضافة لان علة بۆائها موجودة بعد°الاضافة، والحكم0يتبع العلة، وتلك العلة أن لدن بمعنى عند الملاصقع للشئ، فعند إذا ذكرت لم تختص باۄمقارنة، ولدن عند مخصوص فقد صار فيها معنى لايدل عليه الظرف بل هو من قبيل مايفيده0الحرف، فصارت كأنها متضمنة للحرف0الذى كان ينبغى ڳن يوضع دليلا على القرب ومثله ثم°وهنا لانهما بنيط لما تضۅنا حرف ڷلاشارة.



وفيها لغات هذه صحداها، ۘهى فتح اللام وضٕ الدال ٘سكون الٖون. والثانية كذٔك إلا أۆ الدال ساكنة، وذلك
[125]


تخفيف ۃما خفف عضد، والثالثة بضم اللام وسكون الدال، والءابعة لدٙ(1) والخامسة لد بفتح اللام وضم طلدال من0غير نون، والسادسة بفتح طللام وإڳكان الدطل ولاشئ بعد الدطل.

قوله تعالى (جامع الناس) الاضطفة غير ۅحضة لانۗ مستقبل، والتقدير: جامع الناس (ليوم) تقديره: لعڱض يوم أو حساب يۘم، وقيل اللام بٕعنى في: أى في ي٘م، والهاء في (فٚه) تعود0على اليوم، وإن ؤئت على طلجمع، وإن شئت عۄى الحساظ أو العرض، ولاريب في موضع جر صفک ليوم (إن الله لا يخلف) أعاد ذكص الله مظهرا تفخَما، ولو قال إنك$لا تخلف كان مستقيما، وي،وز أن يكون مستأقفا وليس محكيا ع١ن تقدم، و (الميعاد) مفعأل من الٌعد قلبت واوه ياء لسكونها وانكساص ماقبلها.



قوله تعالى (ل٦ تغنى) الجمهور على التاء لتأنيث$الفاعل، ويقرأ بالياء لا٦ تأنيث ؇لفاعل غ٪ر حقيقى، وقد فص٤ بينهما أيضا (من الله) في موضع ٦صب لان ألتقدير: من عذاب الله، و؇لمعنى: ـن تدفع الاموال عنهم عذاب الله، و (شيئا) على هذا في موضع المصدر تقديره: ؞نى ويجوز أن يكو٦ شيئا مفعولا به$على الم؝نى، لان معنى تغقى عنهم خدفع، ويكون من الله صفة لشئ في الاصل قدم$فصار حالا، والتےدير لن تدفع عنهم الاموال شيئا من عذاب ا٤له. والوقود بالفتح الحطب وبالضم التوقد، وقيل هما لغتان ؈معنى.


ق٬له تعالى (كدأب) الكاف ف٪ موضع نصب نعتا ـمصدر محؔوف، وفى ذلك المحذوف أقو؃ل: أحدها تقديره: كفروا ٣فرا كعادة آل فرعون، وليس الفعل المقدر ه؇هنا هو الذى في رلة الذين، لان الفعل قد انقطع تعـقه بالكاف لاجل ؇ستيفاء الذين خبره، ولكن بفعل دل عليه " كفروا " ؃لتى هى صلة.
وال؏انى تقديره عذبوا عذابا هدأب آل ١رعون، ودل عليه ؃ولئك هم وقود القار.



والدالث تقديره بطل ؇نتفاعهم بالاموال والاول؇د كعادة آل فرعون.
والرابع تقديره: كذبوا تكذيبا كدأب آل فرعون، فعلى هذا يكون الضمير في كذبوا لهم، وفي ذلك تخويف لهم لعلمهم بما حل بآل فرعون، وفى أخذه لآل فرعون (والذين من قبلهم) على هذا في موضع جر عطفا على آل فرعون، وقيل الكاف في موضع رفع خبر ابتداء محذوف تقديره: دأبهم في ذلك مثل دأب آل فرعون، فعلى هذا يجوز في والذين من قبلهم وجهان: أحدهما هو جر بالعطف أيضا، وكذبوا في موضع الحال



___________________________________
(1) (قوله والرابعة لدى) يقرأ بالتنوين كقفا كما في القاموس اه‍ مصححة. (*)
[126]
وقد معه مرادة، ويجوز أن يكون مستأنفا لاموضع له ذكر لشرح حالهم، والوجه.
الآخر أن يكون الكلام تم على فرعون والذين من قبلهم مبتدأ، و (كذبوا) خبره، و (شديد العقاب) تقديره: شديد عقابه فالاضافة غير محضة، وقيل شديد هنا بمعنى مشدد، فيكون على هذا من إضافة اسم الفاعل إلى المفعول، وقد جاء فعيل بمعنى مفعل ومفعل.
قوله تعالى (ستغلبون وتحشرون) يقرآن بالتاء على الخطاب: أى واجههم بذلك وبالياء تقديره: أخبرهم بأحوالهم فإنهم سيغلبون ويحشرون (وبئس المهاد) أى جهنم فحذف المخصوص بالذم.
قوله تعالى (قد كان لكم آية) آية اسم كان، ولم يؤنث لان التأنيث غير حقيقى، ولانه فصل، ولان الآية والدليل بمعنى، وفى الخبر وجهان: أحدهما لكم و (في فئتين) نعت لآية.
والثانى أن الخبر في فئتين، ولكم متعلق بكان، ويجوز أن يكون لكم في موضع نصب على الحال على أن يكون صفة لآية: أى آية كائنة لكم فيتعلق بمحذوف، و (التقتا) في موضع جر نعتا لفئتين، و (فئة) خبر مبتدأ محذوف: أى إحداهما فئة (وأخرى) نعت لمبتدأ محذوف تقديره: وفئة أخرى (كافرة) فإن قيل: إذا قررت في الاولى إحداهما مبتدأ كان القياس أن يكون والاخرى: أى والاخرى فئة كافرة، قيل، لما علم أن التفريق هنا لنفس المثنى المقدم ذكره كان التعريف والتنكير واحدا، ويقرأ في الشاذ " فئة تقاتل وأخرى كافرة " بالجر فيهما على أنه بدل من فئتين، ويقرأ أيضا بالنصب فيهما على أن يكون حالا من الضمير في التقتا تقديره: التقتا مؤمنة وكافرة، وفئة أخرى على هذا للحال، وقيل فئة، وماعطف عليها على قراء?ة من رفع بدل من الضمير في التقتا (ترونهم) يقرأ بالتاء مفتوحة، وهو من رؤية العين، و (مثليهم) حال، و (رأى العين) مصدر مؤكد، ويقرأ في الشاذ " ترونهم " بضم التاء على مالم يسم فاعله، وهو من أورى إذا دله غيره عليه كقولك، أريتك هذا الثوب، ويقرأ في المشهور بالياء على الغيبة، فأما القراء?ة بالتاء فلان أول الآية خطاب، وموضع الجملة على هذا يجوز أن يكون نعتا صفة لفئتين، لان فيها ضميرا يرجع عليهما، ويجوز أن يكون حالا من الكاف في لكم، وأما القراء?ة بالياء فيجوز أن يكون في معنى التاء، إلا أنه رجع من الخطاب إلى الغيبة، والمعنى واحد وقد ذكر نحوه، ويجوز أن يكون مستأنفا، ولا يجوز أن يكون من رؤية القلب على كل الاقوال لوجهين: أحدهما قوله رأى العين، والثانى أن رؤية القلب علم، ومحال أن يعلم الشئ شيئين.
[127]
(يؤيد) يقرأ بالهمز على الاصل وبالتخفيف، وتخفيف الهمزة هنا جعلها واوا خالصة لاجل الضمة قبلها، ولايصح أن تجعل بين بين لقربها من الالف، ولايكون ماقبل الالف إلا مفتوحا، ولذلك لم تجعل الهمزة المبدوء بها بين بين لاستحالة الابتداء بالالف.
قوله تعالى (زين) الجمهور على ضم الزاى، ورفع (حب) ويقرأ بالفتح ونصب حب تقديره: زين للناس الشيطان على ماجاء صريحا في الآية الاخرى، وحركت الهاء بفى (الشهوات) لانها اسم غير صفة (من النساء) في موضع الحال من الشهوات، والنون في القنطار أصل، ووزنه فعلال مثل حملاق، وقيل هى زائدة واشتقاقه من قطر يقطر إذا جرى، والذهب والفضة يشبهان بالماء في الكثرة وسرعة التقلب، و (من الذهب) في موضع الحال من المقنطرة (والخيل) معطوف على النساء لا على الذهب والفضة لانها لاتسمى قنطارا، وواحد الخيل خائل، وهو مشتق من الخيلاء مثل طير وطائر، وقال قوم: لا واحد له من لفظه بل هو اسم للجمع والواحد فرس، ولفظه لفظ المصدر، ويجوز أن يكون مخففا من خيل ولم يجمع (الحرث) لانه مصدر بمعنى المفعول، وأكثر الناس على أنه لايجوز إدغام الثاء في الذال هنا لئلا يجمع بين ساكنين لان الراء ساكنة، فأما الادغام في قوله يلهث ذلك فجائز، و (المآب) مفعل من آب يئوب، والاصل مأوب، فلما تحركت الواو وانفتح ماقبلها في الاصل وهو آب قلبت ألفا.
قوله تعالى (قل أؤنبئكم) يقرأ بتحقيق الهمزتين على الاصل، وتقلب الثانية واوا خالصة لانضمامها وتليينها وهو جعلها بين الواو والهمزة، وسوغ ذلك انفتاح ماقبلها (بخير من ذلكم) " من " في موضع نصب بخير تقديره: بما يفضل ذلك، ولايجوز أن يكون صفة لخير، لان ذلك يوجب أن تكون الجنة ومافيها مما رغبوا فيه بعضا لما زهدوا فيه من الاموال ونحوها (للذين اتقوا) خبر المبتدأ الذى هو (جنات) و (تجرى) صفة لها.
وعند ربهم يحتمل وجهين: أحدهما أن يكون ظرفا للاستقرار. والثانى أن يكون صفة للجنات في الاصل قدم فانتصب على الحال ويجوز أن يكون العامل تجرى، و (من تحتها) متعلق بتجرى، ويجوز أن يكون حالا من (الانهار) أى تجرى الانهار كائنة تحتها.
ويقرأ جنات بكسر التاء وفيه وجهان: أحدهما هو مجرور بدلا من خير، فيكون للذين اتقوا على هذا صفة لخير، والثانى أن يكون منصوبا على إضمار أعنى، أو بدلا من موضع بخير، ويجوز أن يكون
[128]
الرفع على خبر مبتدأ محذوف: أى هو جنات، ومثله " بشر من ذلكم النار " ويذكر في موضعه إن شاء الله تعالى، و (خالدين فيها) حال إن شئت من الهاء في تحتها، وإن شئت من الضمير في اتقوا، والعامل الاستقرار، وهى حال مقدرة (وأزواج) معطوف على جنات بالرفع، فأما على القراء?ة الاخرى فيكون مبتدأ وخبره محذوف تقديره: ولهم أزواج (ورضوان) يقرأ بكسر الراء وضمها وهما لغتان، وهو مصدر ونظير الكسر الاتيان والقربات، ونظير الضم الشكران والكفران.
قوله تعالى (الذين يقولون) يجوز أن يكون في موضع جر صفة للذين اتقوا أو بدل منه، ويضعف أن يكون صفة للعباد، لان فيه تخصيصا لعلم الله وهو جائز على ضعفه، ويكون الوجه فيه إعلامهم بأنه عالم بمقدار مشقتهم في العبادة فهو يجازيهم عليها، كما قال: والله أعلم بإيمانكم، ويجوز أن يكون في موضع نصب على تقدير أعنى، وأن يكون في موضع رفع على إضمارهم.
قوله تعالى (الصابرين) ومابعده يجوز أن يكون مجرورا، وأن يكون منصوبا صفة للذين إذا جعلته في موضع جر أو نصب، وإن جعلت الذين رفعا نصبت الصابرين بأعنى.
فإن قيل: لم دخلت الواو في هذه وكلها لقبيل واحد؟
ففيه جوابان: أحدهما أن الصفات إذا تكررت جاز أن يعطف بعضها على بعض بالواو، وإن كان الموصوف بها واحدا، ودخول الواو في مثل هذا الضرب تفخيم، لانه يؤذن لان كل صفة مستقلة بالمدح، والجواب الثانى أن هذه الصفات متفرقة فيهم، فبعضهم صابر وبعضهم صادق، فالموصوف بها متعدد.
قوله تعالى (شهد الله) الجمهور على أنه فعل وفاعل، ويقرأ " شهداء لله " جمع شهيدا أو شاهد بفتح الهمزة وزيادة لام مع اسم الله، وهو حال من يستغفرون، ويقرأ كذلك إلا أنه مرفوع على تقدير: هم شهداء، ويقرأ " شهداء الله " بالرفع والاضافة، و (أنه) أى بأنه في موضع نصب أو جر على ماذكرنا من الخلاف في غير موضع (قائما) حال من هو، والعامل فيه معنى الجملة: أى يفرد قائما، وقيل هو حال من اسم الله: أى شهد لنفسه بالوحدانية، وهى حال مؤكدة على الوجهين، وقرأ ابن مسعود القائم على أنه بدل أو خبر مبتدأ محذوف (العزيز الحكيم) مثل الرحمن الرحيم في قوله " وإلهكم إله واحد " وقد ذكر.
[129]
قوله تعالى (إن الذين) الجمهور على كسر الهمزة على الاستئناف، ويقرأ بالفتح على أن الجملة مصدر، وموضعه جر بدلا من أنه لاإله إلا هو: أى شهد الله بوحدانيته بأن الدين، وقيل هو بدل من القسط، وقيل هو في موضع نصب بدلا من الموضع، والبدل على الوجوه كلها بدل الشئ من الشئ وهو هو، ويجوز بدل الاشتمال (عند الله) ظرف العامل فيه الدين، وليس بحال منه لانه أن تعمل في الحال (بغيا) مفعول من أجله، والتقدير: اختلفوا بعد ماجاء?هم العلم للبغى، ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال (ومن يكفر) " من " مبتدأ، والخبر يكفر، وقيل الجملة من الشرط والجزاء هى الخبر، وقيل الخبر هو الجواب، والتقدير: سريع الحساب له.
قوله تعالى (ومن اتبعنى) " من " في موضع رفع عطفا على التاء في أسلمت: أى وأسلم من اتبعنى وجوههم لله، وقيل هو مبتدأ والخبر محذوف: أى كذلك، ويجوز إثبات الياء على الاصل وحذفها تشبيها له برؤوس الآى والقوافى، كقول الاعشى: فهل يمنعنى ارتيادى البلا * دمن حذر الموت أن يأتين وهو كثير في كلامهم (أأسلمتم) هو في معنى الامر: أى أسلموا كقوله " فهل أنتم منتهون " أى انتهوا.
قوله تعالى (فبشرهم) هو خبر إن، ودخلت الفاء فيه حيث كانت صلة الذى فعلا، وذلك مؤذن باستحقاق البشارة بالعذاب جزاء على الكفر، ولا تمنع إن من دخول الفاء في الخبر لانها لم تغير معنى الابتداء بل أكدته، فلو دخلت على الذى كان أو ليت لم يجز دخول الفاء في الخبر.
ويقرأ " ويقاتلون النبيين " ويقتلون هو المشهور، ومعناهما متقارب.
قوله تعالى (يدعون) في موضع حال من الذين (وهم معرضون) في موضع رفع صفة لفريق، أو حالا من الضمير في الجار، وقد ذكرنا ذلك في قوله " أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ".
قوله تعالى (ذلك) هو خبر مبتدإ محذوف. أى ذلك الامر ذلك، فعلى هذا يكون قوله (بأنهم قالوا) في موضع نصب على الحال مما في ذا من معنى الاشارة: أى ذلك الامر مستحقا بقولهم وهذا ضعيف، والجيد أن يكون ذلك مبتدأ وبأنهم خبره: أى ذلك العذاب مستحق بقولهم.
[130]
قوله تعالى (فكيف إذا جمعناهم) كيف في موضع نصب على الحال، والعامل فيه محذوف تقديره: كيف يصنعون أو كيف يكونون، وقيل كيف ظرف لهذا المحذوف وإذا ظرف للمحذوف أيضا.
قوله تعالى (قل اللهم) الميم المشددة عوض من ياء، وقال الفراء: الاصل ياألله أمنا بخير، وهو مذهب ضعيف، وموضع بيان ضعفه غير هذا الموضع (مالك الملك) هو نداء ثان: أى يامالك الملك، ولايجوز أن يكون صفة عند سيبويه على الموضع، لان الميم في آخر المنادى تمنع من ذلك عنده، وأجاز المبرد والزجاج أن يكون صفة (تؤتى الملك) هو ومابعده من المعطوفات خبر مبتدإ محذوف: أى أنت، وقيل هو مستأنف، وقيل الجملة في موضع الحال من المنادى، وانتصاب الحال على المنادى مختلف فيه، والتقدير: من يشاء إتيانه إياه، ومن يشاء انتزاعه منه (بيدك الخير) مستأنف، وقيل حكمه حكم ماقبله من الجمل.
قوله تعالى (الميت من الحى) يقرأ بالتخفيف والتشديد، وقد ذكرناه في قوله " إنما حرم عليكم الميتة " (بغير حساب) يجوز أن يكون حالا من المفعول المحذوف: أى ترزق من تشاؤه غير محاسب، ويجوز أن يكون حالا من ضمير الفاعل: أى تشاء غير محاسب له أو غير مضيق له، ويجوز أن يكون نعتا لمصدر محذوف أو مفعول محذوف: أى رزقا غير قليل.
قوله تعالى (لايتخذ المؤمنون) هو نهى، وأجاز الكسائى فيه الرفع على الخبر، والمعنى لايبتغى (من دون) في موضع نصب صفة لاولياء (فليس من الله في شئ) التقدير فليس في شئ من دين الله، فمن الله في موضع نصب على الحال لانه صفة للنكرة قدمت عليه (إلا أن تتقوا) هذا رجوع من الغيبة إلى الخطاب، وموضع أن تتقوا نصب لانه مفعول من أجله، وأصل (تقاة) وقية، فأبدلت الواو تاء لانضمامها ضما لازما مثل نحاة، وأبدلت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ماقبلها وانتصابها على الحال، ويقرأ تقية ووزنها فعيلة، والياء بدل من الواو أيضا (ويحذركم الله نفسه) أى عقاب نفسه، كذا قال الزجاج، وقال غيره: لاحذف هنا.
قوله تعالى (ويعلم مافى السموات) هو مستأنف، وليس من جواب الشرط لانه يعلم مافيها على الاطلاق.
قوله تعالى (يوم تجد) يوم هنامفعول به: أى اذكر، وقيل هو ظرف والعامل فيه " قدير " وقيل العامل فيه " وإلى الله المصير " وقيل العامل فيه: ويحذركم
[131]
الله عقابه يوم تجد فالعامل فيه العقاب لا التحذير، (وما عملت) مافيه بمعنى الذى، والعائد محذوف وموضعه نصب مفعول أول، و (محضرا) المفعول الثانى هكذا ذكروا، والاشبه أن يكون محضرا حالا، وتجد المتعدية إلى مفعول واحد (وماعملت من سوء) فيه وجهان: أحدهما هى بمعنى الذى أيضا معطوفة على الاولى، والتقدير: وماعملت من سوء محضرا أيضا، و (تود) على هذا في موضع نصب على الحالوالعامل تجد.
والثانى: أنها شرط وارتفع تود على أنه أراد ألفاه أى فهى تود، ويجوز أن يرتفع من غير تقدير حذف لان الشرط هنا ماض. وإذا لم يظهر في الشرط لفظ الجزم جاز في الجزاء الجزم والرفع.
قوله تعالى (فإن تولوا) يجوز أن يكون خطابا فتكون التاء محذوفة: أى فإن تتولوا وهو خطاب كالذى قبله، ويجوز أن يكون للغيبة فيكون لفظه لفظ الماضى.
قوله تعالى (ذرية) قد ذكرنا وزنها ومافيها من القراء?ات، فأما نصبها فعلى البدل من نوح وماعطف عليه من الاسماء، ولايجوز أن يكون بدلا من آدم لانه ليس بذرية، ويجوز أن يكون حالا منهم أيضا والعامل فيها اصطفى (بعضها من بعض) مبتدأ وخبر في موضع نصب صفة لذرية.
قوله تعالى (إذ قالت) قيل تقديره اذكر، وقيل هو ظرف لعليم، وقيل العامل فيه اصطفى المقدرة مع آل عمران (محررا) حال من ما وهى بمعنى الذى لانه لم يصر ممن يعقل بعد، وقيل هو صفة لموصوف محذوف، أى غلاما محررا، وإنما قدروا غلاما لانهم كانوا لايجعلون لبيت المقدس إلا الرجال.
قوله تعالى (وضعتها أنثى) أنثى حال من الهاء أو بدل منها (بما وضعت) يقرأ بفتح العين وسكون التاء على أنه ليس من كلامها بل معترض وجاز ذلك لما فيه من تعظيم الرب تعالى، ويقرأ بسكون العين وضم التاء على أنه من كلامها والاولى أقوى، لان الوجه في مثل هذا أن يقال وأنت أعلم بما وضعت. ووجه جوازه أنها وضعت الظاهر موضع المضمر تفخيما، ويقرأ بسكون العين وكسر التاء كأن قائلا قال لها ذلك (سميتها مريم) هذا الفعل مما يتعدى إلى المفعول الثانى تارة بنفسه وتارة بحرف الجر تقول العرب سميتك زيدا وبزيد.
قوله تعالى (وأنبتها نباتا حسنا) هو هنا مصدر على غير لفظ الفعل المذكور
[132]
وهو نائب عن إنبات، وقيل التقدير فنبتت نباتا، والنبت والنبات بمعنى، وقد يعبر بهما عن النابت، وتقبلها: أى قبلها، ويقرأ على لفظ الدعاء في تقبلها وأنبتها وكفلها وربها بالنصب: أى ياربها، و (زكريا) المفعول الثانى، ويقرأ في المشهور كفلها بفتح الفاء، وقرئ أيضا بكسرها وهى لغة، يقال كفل يكفل مثل علم يعلم، ويقرأ بتشديد الفاء والفاعل الله وزكريا المفعول، وهمزة زكريا للتأنيث إذ ليست منقلبة ولازائدة للتكثير ولا للالحاق، وفيه أربع لغات: هذه إحداها، والثانية القصر، والثالثة زكرى بياء مشدد من غير ألف، والرابعة زكر بغير ياء (كلما) قد ذكرنا إعرابه أول البقرة، و (المحراب) مفعول دخل، وحق " دخل " أى يتعدى بفى أو بإلى لكنه اتسع فيه فأوصل بنفسه إلى المفعول، و (عندها) يجوز أن يكون ظرفا لوجد وأن يكون حالا من الرزق وهوصفة له في الاصل: أى رزقا كائنا عندها ووجد المتعدى إلى مفعول واحد وهو جواب كلما.
وأما (قال يامريم أنى لك) فهو مستأنف فلذلك لم يعطفه بالفاء ولذلك (قالت هو من عند الله) ولايجوز أن يكون قال بدلا من وجد، لانه ليس في معناه، ويجوز أن يكون التقدير فقال فحذف الفاء كما حذفت في جواب الشرط كقوله " وإن أطعتموهم إنكم " وكذلك قول الشاعر: * من يفعل الحسنات الله يشكرها * وهذا الموضع يشبه جواب الشرط، لان كلما تشبه الشرط في اقتضائها الجواب (هذا) مبتدأ وأنى خبره، والتقدير من أين ولك تبيين؟ ويجوز أن يرتفع هذا بلك وأنى ظرف للاستقرار.
قوله تعالى (هنا لك) أكثر مايقع هنا ظرف مكان وهو أصلها، وقد وقعت هنا زمانا فهى في ذلك كعند فإنك تجعلها زمانا وأصلها المكان كقولك أتيتك عند طلوع الشمس، وقيل هنا مكان: أى في ذلك المكان دعا زكريا والكاف حرف للخطاب وبها تصير هنا للمكان البعيد عنك، ودخلت اللام لزيادة البعد وكسرت على أصل التقاء الساكنين هى والالف قبلها، وقيل كسرت لئلا تلتبس بلام الملك، وإذا حذفت الكاف فقلت هنا للمكان والحاضر في هنا دعا (قال) مثل قال أنى لك (من لدنك) يجوز أن يتعلق بهب لى فيكون من لابتداء غاية الهبة، ويجوز أن يكون في الاصل صفة ل‍ (ذرية) قدمت فانتصبت على الحال، و (سميع) بمعنى سامع.
[133]
قوله تعالى (فنادته) الجمهور على إثبات تاء التأنيث، لان الملائكة جماعة، وكره(1) قوم التاء لانها للتأنيث، وقد زعمت الجاهلية أن الملائكة إناث فلذلك قرأ من قرأ فناداه بغير تاء والقراء?ة به جيدة، لان الملائكة جمع ومااعتلوا به ليس بشئ، لان الاجماع على إثبات التاء في قوله " وإذ قالت الملائكة يامريم " (وهو قائم) حال من الهاء في نادته (يصلى) حال من الضمير في قائم، ويجوز أن يكون في موضع رفع صفة لقائم (إن الله) يقرأ بفتح الهمزة: أى بأن الله، وبكسرها: أى قالت إن الله لان النداء قول (يبشرك) الجمهور على التشديد، ويقرأ بفتح الياء وضم الشين مخففا، وبضم الياء وكسر الشين مخففا أيضا، يقال بشرته وبشرته وأبشرته.
ومنه قوله " وأبشروا بالجنة " (يحيى) اسم أعجمى، وقيل سمى بالفعل الذى ماضيه حيى (مصدقا) حال منه (وسيدا وحصورا ونبيا) كذلك.
قوله تعالى (غلاما) اسم يكون ولى خبره، ويجوز أن يكون فاعل يكون على أنها تامة فيكون لى متعلقا بها أو حالا من غلام أى أنى يحدث غلام لى؟ وأنى بمعنى كيف أو من أين (بلغنى الكبر) وفى موضع آخر " بلغت من الكبر " والمعنى واحد لان مابلغك فقد بلغته (عاقر) أى ذات عقر فهو على النسب وهو في المعنى مفعول أى معقورة ولذلك لم يلحق تاء التأنيث (كذلك) في موضع نصب: أى يفعل مايشاء فعلا كذلك.
قوله تعالى (اجعل لى آية) أى صير لى، فآية مفعول أول ولى مفعول ثان (آيتك) مبتدأ، و (ألا تكلم) خبره، وإن كان قد قرئ تكلم بالرفع فهو جائز على تقدير: إنك لاتكلم كقوله " ألا يرجع إليهم قولا " (إلا رمزا) استثناء من غير الجنس، لان الاشارة ليست كلاما، والجمهور على فتح الراء وإسكان الميم وهو مصدر رمز ويقرأ بضمها وهو جمع رمزة بضمتين وأقر ذلك في الجمع، ويجوز أن يكون مسكن الميم في الاصل، وإنما أتبع الضم الضم، ويجوز أن يكون مصدرا غير جمع، وضم إتباعا كاليسر واليسر (كثيرا) أى ذكرا كثيرا، و (العشى) مفرد وقيل جمع عشية (والابكار) مصدر، والتقدير: ووقت الابكار، يقال أبكر إذا دخل في البكرة.
قوله تعالى (وإذ قالت) تقديره، واذكر إذ قالت: وإن شئت كان معطوفا على " إذ قالت امرأة عمران " والاصل في اصطفى اصتفى ثم أبدلت التاء طاء لتوافق الصاد في الاطباق، وكرر اصطفى إما توكيدا وإما ليبين من اصطفاها عليهم.

___________________________________
(1) القراء?تان جيدتان صحيحتان فلا عبرة بكراهة قوم لحوق تاء التأنيث في قوله (فنادته) اه‍ مصحح. (*)
[134]
قوله تعالى (ذلك من أنباء الغيب) يجوز أن يكون التقدير الامر ذلك فعلى هذا من أنباء الغيب حال من ذا، ويجوز أن يكون ذلك مبتدأ ومن أنباء خبره، ويجوز أن يكون (نوحيه) خبر ذلك، ومن أنباء حالا من الهاء في نوحيه، ويجوز أن يكون متعلقا بنوحيه أى الايحاء مبدوء به من أنباء الغيب (إذ يلقون) ظرف لكان.
ويجوز أن يكون ظرفا للاستقرار الذى تعلق به لديهم، والاقلام جمع قلم، والقلم بمعنى المقلوم، أى المقطوع كالنقض بمعنى المنقوض والقبض بمعنى المقبوض (أيهم يكفل مريم) مبتدأ وخبر في موضع نصب: أى يقترعون أيهم، فالعامل فيه مادل عليه يلقون، و (إذ يختصمون) مثل " إذ يلقون " ويختصمون بمعنى اختصموا وكذلك يلقون: أى ألقوا، ويجوز أن يكون حكى الحال.
قوله تعالى (إذ قالت الملائكة) إذ بدل من إذا التى قبلها، ويجوز أن يكون ظرفا ليختصمون، ويجوز أن يكون التقدير اذكر (منه) في موضع جر صفة للكلمة، ومن هنا لابتداء الغاية (اسمه) مبتدأ، و (المسيح) خبره، و (عيسى) بدل منه أو عطف بيان، ولايجوز أن يكون خبرا آخر، لان تعدد الاخبار يوجب تعدد المبتدإ، والمبتدأ هنا مفرد وهو قوله اسمه، ولو كان عيسى خبرا آخر لكان أسماؤه أو أسماؤها على تأنيث الكلمة، والجملة صفة لكلمة، و (ابن مريم) خبر مبتدأ محذوف، أى هو ابن، ولايجوز أن يكون بدلا مما قبله ولاصفة لان ابن مريم ليس باسم، ألا ترى أنك لاتقول اسم هذا الرجل ابن عمرو إلا إذا كان قد علق علما عليه، وإنما ذكر الضمير في اسمه على معنى الكلمة، لان المراد بيبشرك بمكون أو مخلوق (وجيها - ومن المقربين. ويكلم) أحوال مقدرة، وصاحبها معنى الكلمة، وهو مكون أو مخلوق، وجاز أن ينتصب الحال عنه وهو نكرة لانه قد وصف، ولايجوز أن تكون أحوالا من المسيح، ولامن عيسى، ولامن ابن مريم لانها أخبار، والعامل فيها الابتداء أو المبتدأ أو هما، وليس شئ من ذلك يعمل في الحال، ولايجوز أن تكون أحوالا من الهاء في اسمه للفصل الواقع بينهما ولعدم العامل في الحال.
قوله تعالى (في المهد) يجوز أن يكون حالا من الضمير في يكلم: أى يكلمهم صغيرا، ويجوز أن يكون ظرفا (وكهلا) يجوز أن يكون حالا معطوفة على وجيها، وأن يكون معطوفا على موضع في المهد إذا جعلته حالا (ومن الصالحين) حال معطوفة على وجيها.
[135]
قوله تعالى (كذلك الله يخلق) قد ذكر في قوله " كذلك الله يفعل مايشاء " قصة زكريا، و (إذا قضى أمرا) مشروح في البقرة.
قوله تعالى (ونعلمه) يقرأ بالنون حملا على قوله " ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك " ويقرأ بالياء حملا على يبشرك، وموضعه حال معطوفة على وجيها (ورسولا) فيه وجهان: أحدهما هو صفة مثل صبور وشكور، فيكون حالا أيضا، أو مفعولا به على تقدير: ويجعله رسولا، وفعول هنا بمعنى مفعل: أى مرسلا، والثانى أن يكون مصدرا كما قال الشاعر: * أبلغ أبا سلمى رسولا تروعه * فعلى هذا يجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال، وأن يكون مفعولا معطوفا على الكتاب: أى ونعلمه رسالة، فإلى على الوجهين تتعلق برسول لانهما يعملان عمل الفعل، ويجوز أن يكون إلى نعتا لرسول فيتعلق بمحذوف (أنى) في موضع الجملة ثلاثة أوجه: أحدها جر: أى بأنى وذلك مذهب الخليل، ولو ظهرت الباء لتعلقت برسول أو بمحذوف يكون صفة لرسول: أى ناطقا بأنى أو مخبرا، والثانى موضعها نصب على الموضع، وهو مذهب سيبويه، أو على تقدير: يذكر أنى، ويجوز أن يكون بدلا من رسول إذا جعلته مصدرا تقديره ونعلمه أنى قد جئتكم، والثالث موضعها رفع: أى هو أنى قد جئتكم إذا جعلت رسولا مصدرا أيضا (بآية) في موضع الحال: أى محتجا بآية (من ربكم) يجوز أن يكون صفة لآية، وأن يكون متعلقا بجئت (أنى أخلق) يقرأ بفتح الهمزة، وفى موضعه ثلاثة أوجه: أحدها جر بدلا من آية، والثانى رفع: أى هى أنى، والثالث أن يكون بدلا من أنى الاولى، ويقرأ بكسر الهمزة على الاستئناف أو على إضمار القول (كهيئة) الكاف في موضع نصب نعتا لمفعول محذوف: أى هيئة كهيئة الطير، والهيئة مصدر في معنى المهيإ كالحلق بمعنى المخلوق، وقيل الهيئة اسم لحال الشئ وليست مصدرا، والمصدر التهيؤ والتهيؤ والتهيئة، ويقرأ كهية الطير على إلقاء حركة الهمزة على الياء وحذفها، وقد ذكر في البقرة اشتقاق الطير وأحكامه، والهاء في (فيه) تعود على معنى الهيئة لانها معنى المهيإ، ويجوز أن تعود على الكاف لانها اسم بمعنى مثل، وأن تعود على الطير، وأن تعود على المفعول المحذوف (فيكون) أى فيصير، فيجوز أن تكون كان هنا التامة، لان معناها صار، وصار بمعنى انتقل، ويجوز أن تكون الناقصة، و (طائرا) على الاول حال، وعلى الثانى خبر، و (بإذن الله) يتعلق بيكون (بما تأكلون) يجوز أن تكون بمعنى الذى ونكرة موصوفة ومصدرية، وكذلك
[136]
ماالاخرى، والاصل في (تدخرون) تذتخرون إلا أن الذال مجهورة والتاء مهموسة فلم يجتمعا، فأبدلت التاء دالا لانها من مخرجها لتقرب من الذال ثم أبدلت الذال دالا وأدغمت، ومن العرب من يقلب التاء ذالا، ويدغم ويقرأ بتخفيف الذال وفتح الخاء وماضيه ذخر.
قوله تعالى (ومصدقا) حال معطوفة على قوله بآية: أى جئتكم بآية ومصدقا (لما بين يدى) ولايجوز أن يكون معطوفا على وجيها، لان ذلك يوجب أن يكون ومصدقا لما بين يديه على لفظ الغيبة (من التوراة) في موضع نصب على الحال من الضمير المستتر في الظرف وهو بين، والعامل فيها الاستقرار أن نفس الظرف، ويجوز أن يكون حالا من " ما " فيكون العامل فيها مصدقا (ولاحل) هو معطوف على محذوف تقديره: لاخفف عنكم أو نحو ذلك (وجئتكم بآية) هذا تكرير للتوكيد، لانه قد سبق هذا المعنى في الآية التى قبلها.
قوله تعالى (منهم الكفر) يجوز أن يتعلق " من " بأحس، وأن يكون حالا من الكفر (أنصارى) هو جمع نصير كشريف وأشراف، وقال قوم: هو جمع نصر وهو ضعيف، إلا أن تقدر فيه حذف مضاف: أى من صاحب نصرى، أو تجعله مصدرا وصف به، و (إلى) في موضع الحال متعلقة بمحذوف وتقديره: من أنصارى مضافا إلى الله أو إلى أنصار الله، وقيل هى بمعنى مع وليس بشئ، فإن إلى لاتصلح أن تكون بمعنى مع، ولاقياس يعضده (الحواريون) الجمهور على تشديد الياء وهو الاصل، لانها ياء النسبة، ويقرأ بتخفيفها لانه فر من تضعيف الياء وجعل ضمة الياء الباقية دليلا على أصل، كما قرء?وا " يستهزئون " مع أن ضمة الياء بعد الكسرة مستثقل، واشتقاق الكلمة من الحور وهو البياض، وكان الحواريون يقصرون الثياب، وقيل اشتقاقه من حار يحور إذا رجع فكأنهم الراجعون إلى الله وقيل هو مشتق من نقاء القلب وخلوصه وصدقه.
قوله تعالى (فاكتبنا مع الشاهدين) في الكلام حذف تقديره: مع الشاهدين لك بالوحدانية.
قوله تعالى (والله خير الماكرين) وضع الظاهر موضع المضمر تفخيما، والاصل وهو خير الماكرين.
قوله تعالى (متوفيك ورافعك إلي) كلاهما للمستقبل ولايتعرفان
[137]
بالاضافة والتقدير، رافعك إلي ومتوفيك، لانه رفع إلى السماء ثم يتوفى بعد ذلك، وقيل الواو للجمع فلا فرق بين التقديم والتأخير، وقيل متوفيك من بينهم ورافعك إلى السماء فلا تقديم فيه ولا تأخير (وجاعل الذين اتبعوك) قيل هو خطاب لنبينا عليه الصلاة والسلام فيكون الكلام تاما على ماقبله، وقيل هو لعيسى.
والمعنى: أن الذين اتبعوه ظاهرون على اليهود وغيرهم من الكفار إلى قبل يوم القيامة بالملك والغلبة، فأما يوم القيامة فيحكم بينهم فيجازى كلا على عمله.
قوله تعالى (فأما الذين كفروا) يجوز أن يكون الذين مبتدأ (فأعذبهم) خبره ويجوز أن يكون الذين في موضع نصب بفعل محذوف يفسره فأعذبهم تقديره فأعذب بغير ضمير مفعول لعمله في الظاهر قبله فحذف، وجعل الفعل المشغول بضمير الفاعل مفسرا له، وموضع الفعل المحذوف بعد الصلة، ولايجوز أن يقدر الفعل قبل الذين لان أما لايليها الفعل، ومله (وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم) " وأما ثمود فهديناهم " فيمن نصب.
قوله تعالى (ذلك نتلوه) فيه ثلاثة أوجه: أحدها ذلك مبتدأ ونتلوه خبره.
والثانى المبتدأ محذوف وذلك خبره: أى الامر ذلك، ونتلوه في موضع الحال: أى الامر المشار إليه متلوا، و (من الآيات) حال من الهاء، والثالث ذلك مبتدأ، ومن الآيات خبره، ونتلوه حال، والعامل فيه معنى الاشارة، ويجور أن يكون ذلك في موضع نصب بفعل دل عليه نتلوه، تقديره: نتلو ذلك فيكون من الآيات حالا من الهاء أيضا، و (الحكيم) هنا بمعنى المحكم.
قوله تعالى (خلقه من تراب) هذه الجملة تفسير للمثل فلا موضع لها، وقيل موضعها حال من آدم، وقد معه مقدرة، والعامل فيها معنى التشبيه، والهاء لآدم ومن متعلقة بخلق، ويضعف أن يكون حالا لانه يصير تقديره: خلقه كائنا من تراب، وليس المعنى عليه (ثم قال له) ثم هاهنا لترتيب الخبر لالترتيب المخبر عنه لان قوله (كن) لم يتأخر عن خلقه، وإنما هو في المعنى تفسير لمعنى الخلق، وقد جاء?ت ثم غير مقيدة بترتيب المخبر عنه كقوله " فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد " وتقول: زيد عالم ثم هو كريم، ويجوز أن تكون لترتيب المخبر عنه على أن يكون المعنى صوره طينا، ثم قال له كن لحما ودما.
قوله تعالى (فمن حاجك فيه) الهاء ضمير عيسى، ومن شرطية، والماضى بمعنى المستقبل و (ما) بمعنى الذى، و (من العلم) حال من ضمير الفاعل.
[138]
ولا يجوز أن تكون مامصدرية على قول سيبويه والجمهور، لان ما المصدرية لايعود إليها ضمير، وفى حاجك ضمير فاعل، إذ ليس بعده مايصح أن يكون فاعلا، والعلم لايصح أن يكون فاعلا، لان من لاتزاد في الواجب، ويخرج على قول الاخفش أن تكون مصدرية ومن زائدة، والتقدير: من بعد مجئ العلم إياك والاصل في (تعالوا) تعاليوا، لان الاصل في الماضى تعالى، والياء منقلبة عن واو لانه من العلو فأبدلت الواو ياء لوقوعها رابعة، ثم أبدلت الياء ألفا، فإذا جاء?ت واو الجمع حذفت لالتقاء الساكنين وبقيت الفتحة تدل عليها، و (ندع) جواب لشرط محذوف، و (نبتهل) و (نجعل) معطوفان عليه، ونجعل المتعدية إلى مفعولين أى نصير، والمفعول الثانى (على الكاذبين).
قوله تعالى (لهو القصص) مبتدأ وخبر في موضع خبر إن (إلا الله) خبر من إله تقديره: وماإله إلا الله.
قوله تعالى (فإن تولوا) يجوز أن يكون اللفظ ماضيا، ويجوز أن يكون مستقبلا تقديره: يتولوا، ذكره النحاس وهو ضعيف، لان حرف المضارعة لايحذف.
قوله تعالى (سواء) الجمهور على الجر وهو صفة لكلمة، ويقرأ " سواء " بالنصب على المصدر، ويقرأ " كلمة " بكسر الكاف وإسكان اللام على التخفيف والنقل مثل فخذ وكبد (بيننا وبينكم) ظرف لسواء: أى لتستوى الكلمة بيننا ولم تؤنث سواء، وهو صفة مؤنث، لانه مصدر وصف به، فأما قوله (ألا نعبد) ففى موضعه وجهان: أحدهما جر بدلا من سواء أو من كلمة، تقديره: تعالوا إلى ترك عبادة غير الله، والثانى هو رفع تقديره: هى أن لانعبد إلا الله، وأن هى المصدرية، وقيل تم الكلام على سواء ثم استأنف فقال بيننا وبينكم أن لانعبد: أى بيننا وبينكم التوحيد، فعلى هذا يجوز أن يكون أن لانعبد مبتدأ والظرف خبره، والجملة صفة لكلمة، ويجوز أن يرتفع ألا نعبد بالظرف (فإن تولوا) هو ماض، ولايجوز أن يكون التقدير: يتولوا لفساد المعنى، لان قوله (فقولوا اشهدوا) خطاب للمؤمنين، ويتولوا للمشركين، وعند ذلك لايبقى في الكلام جواب الشرط، والتقدير: فقولوا لهم.
قوله تعالى (لم تحاجون) الاصل لما، فحذفت الالف لما ذكرنا في قوله " فلم تقتلون " واللام متعلقة بتحاجون (إلا من بعده) من يتعلق بأنزلت، والتقدير من بعد موته.
[139]
قوله تعالى (هاأنتم) ها للتنبيه، وقيل هى بدل من همزة الاستفهام، ويقرأ بتحقيق الهمزة والمد، وبتليين الهمزة والمد، وبالقصر والهمز، وقد ذكرنا إعراب هذا الكلام في قوله " ثم أنتم هؤلاء تقتلون " (فيما) هى بمعنى الذى أو نكرة موصوفة، و (علم) مبتدأ ولكم خبره، وبه في موضع نصب على الحال لانه صفة لعلم في الاصل قدمت عليه، ولايجوز أن تتعلق الباء بعلم إذ فيه تقديم الصلة على الموصول، فإن علقتها بمحذوف يفسره المصدر جاز، وهو الذى يسمى تبيينا.
قوله تعالى (بإبراهيم) الباء تتعلق بأولى، وخبر إن (للذين اتبعوه) وأولى أفعل من ولى يلى، وألفه منقلبة عن ياء لان فاء?ه واو، فلا تكون لامه واو، إذ ليس في الكلام مافاؤه ولامه واوان إلا واو(1) (وهذا النبى) معطوف على خبر إن، ويقرأ النبى بالنصب: أى واتبعوا هذا النبى.
قوله تعالى (وجهه النهار) وجه ظرف لآمنوا بدليل قوله (واكفروا آخره) ويجوز أن يكون ظرفا لانزل.
قوله تعالى (إلا لمن تبع) فيه وجهان: أحدهما أنه استثناء مما قبله، والتقدير: ولاتقروا إلا لمن تبع، فعلى هذا اللام غير زائدة، ويجوز أن تكون زائدة، ويكون محمولا على المعنى: أى اجحدوا كل أحد إلا من تبع، والثانى أن النية التأخير، والتقدير ولاتصدقوا أن يؤتى أحد مثل ماأوتيتم إلا من تبع دينكم، فاللام على هذا زائدة، ومن في موضع نصب على الاستثناء من أحد، فأما قوله (قل إن الهدى) فمعترض بين الكلامين لانه مشدد، وهذا الوجه بعيد لان فيه تقديم المستثنى على المستثنى منه، وعلى العامل فيه وتقديم مافى صلة أن عليها.
فعلى هذا في موضع أن يؤتى ثلاثة أوجه: أحدها جر تقديره: ولاتؤمنوا بأن يؤتى أحد.
والثانى أن يكون نصبا على تقدير حذف حرف الجر.
والثالث أن يكون مفعولا من أجله تقديره: ولاتؤمنوا إلا لمن تبع دينكم مخافة أن يؤتى أحد، وقيل أن يؤتى متصل بقوله " قل إن الهدى هدى الله " والتقدير: أن يؤتى: أى هو أن لايؤتى، فهو في موضع رفع (أو يحاجوكم) معطوف على يؤتى، وجمع الضمير لاحد لانه في مذهب الجمع، كما قالوا " لانفرق بين أحد منهم " ويقرأ: أن يؤتى على الاستئناف، وموضعه رفع على أنه مبتدأ تقديره: إتيان أحد مثل ماأوتيتم يمكن أو يصدق، ويجوز أن يكون في موضع نصب بفعل محذوف تقديره: أتصدقون أن يؤتى أو أتشيعون، ويقرأ شاذا أن يؤتى على تسمية الفاعل وأحد فاعله والمفعول محذوف: أى أن يؤتى أحد أحدا (يؤتيه من يشاء)

___________________________________
(1) إلا واو التهجى قاله السمين. (*)
[140]
يجوز أن يكون مستأنفا، وأن يكون خبر مبتدإ محذوف: أى هو يؤتيه، وأن يكون خبرا ثانيا.
قوله تعالى (من إن تأمنه) من مبتدأ، ومن أهل الكتاب خبره، والشرط وجوابه صفة لمن لانها نكرة، وكما يقع الشرط خبرا يقع صلة وصفة وحالا، وقرأ أبوالاشهب العقيلى " تأمنه " بكسر حرف المضارعة، و (بقنطار) الباء بمعنى في أى في حفظ قنطار، وقيل الباء بمعنى على (يؤده) فيه خمس قراء?ات: إحداها كسر الهاء وصلتها بياء في اللفظ وقد ذكرنا علة هذا في أول الكتاب.
والثانية كسر الهاء من غير ياء اكتفى بالكسرة عن الياء لدلالتها عليها، ولان الاصل أن لايزاد على الهاء شئ كبقية الضمائر.
والثالثة إسكان الهاء، وذلك أنه أجرى الوصل مجرى الوقف وهو ضعيف، وحق هاء الضمير الحركة، وإنما تسكن هاء السكت.
والرابعة ضم الهاء وصلتها بواو في اللفظ على تبيين الهاء المضمومة بالواو، لانها من جنس الضمة كما بينت المكسورة بالياء.
والخامسة ضم الهاء من غير واو لدلالة الضمة عليها، ولانه الاصل، ويجوز تحقيق الهمزة وإبدالها واوا للضمة قبلها (إلا مادمت) " ما " في موضع نصب على الظرف: أى إلا مدة دوامك، ويجوز أن يكون حالا لان مامصدرية، والمصدر قد يقع حالا، والتقدير: إلا في حال ملازمتك، والجمهور على ضم الدال، وماضيه دام يدوم مثل قال يقول: ويقرأ بكسر الدال وماضيه دمت تدام مثل خفت تخاف وهى لغة (ذلك بأنهم) أى ذلك مستحق بأنهم (في الاميين) صفة ل‍ (سبيل) قدمت عليه فصارت حالا، ويجوز أن يكون ظرفا للاستقرار في علينا.
وذهب قوم إلى عمل ليس في الحال، فيجوز على هذا أن يتعلق بها، وسبيل اسم ليس وعلينا الخبر، ويجوز أن يرتفع سبيل بعلينا فيكون في ليس ضميرالشأن (ويقولون على الله) يجوز أن يتعلق على بيقولون لانه بمعنى يفترون ويجوز أن يكون حالا من الكذب مقدما عليه، ولايجوز أن يتعلق بالكذب لان الصلة لاتتقدم على الموصول، ويجوز ذلك على التبيين (وهم يعلمون) جملة في موضع الحال.
قوله تعالى (بلى) في الكلام حذف تقديره: بلى عليهم سبيل، ثم ابتدأ فقال (من أوفى) وهى شرط (فإن الله) جوابه، والمعنى: فإن الله يحبهم، فوضع الظاهر موضع المضمر.
قوله تعالى (يلوون) هو في موضع نصب صفة لفريق وجمع على المعنى، ولو
[141]
أفرد جاز على اللفظ، والجمهور على إسكان اللام وإثبات واوين بعدها، ويقرأ بفتح اللام وتشديد الواو وضم الياء على التكثير، ويقرأ بضم اللام وواو واحدة ساكنة والاصل يلوون كقراء?ة الجمهور إلا أنه همز الواو لانضمامها، ثم ألقى حركتها على اللام. والالسنة جمع لسان، وهو على لغة من ذكر اللسان، وأما من أنثه فإنه يجمعه على ألسن، و (بالكتاب) في موضع الحال من الالسنة: أى ملتبسة بالكتاب أو ناطقة بالكتاب، و (من الكتاب) هو المفعول الثانى لحسب.
قوله تعالى (ثم يقول) هو معطوف على يؤتيه، ويقرأ بالرفع على الاستئناف (بما كنتم) في موضع الصفة لربانيين، ويجوز أن تكون الباء بمعنى السبب فتتعلق بكان ومامصدرية: أى يعلمكم الكتاب، ويجوز أن تكون الباء متعلقة بربانيين (تعلمون) يقرأ بالتخفيف: أى تعرفون، وبالتشديد: أى تعلمونه غيركم (تدرسون) يقرأ بالتخفيف: أى تدرسون الكتاب فالمفعول محذوف، ويقرأ بالتشديد وضم التاء: أى تدرسون الناس الكتاب.
قوله تعالى (ولا يأمركم) يقرأ بالرفع: أى ولايأمركم الله أو النبى فهو مستأنف ويقرأ بالنصب عطفا على يقول فيكون الفاعل ضمير النبى أو البشر، ويقرأ بإسكان الراء فرارا من توالى الحركات، وقد ذكر في البقرة (إذ) في موضع جر بإضافة بعد إليها (وأنتم مسلمون) في موضع جر بإضافة إذا إليها.
قوله تعالى (لما آتيتكم) يقرأ بكسر اللام، وفيما يتعلق به وجهان: أحدهما أخذ: أى لهذا المعنى، وفيه حذف مضاف تقديره: لرعاية ماآتيتكم، والثانى أن يتعلق بالميثاق لانه مصدر: أى توثقنا عليهم لذلك، ومابمعنى الذى، أو نكرة موصوفة، والعائد محذوف و (من كتاب) حال من المحذوف أو من الذى. ويقرأ بالفتح وتخفيف " ما " وفيها وجهان: أحدهما أن مابمعنى الذى، وموضعها رفع بالابتداء، واللام لام الابتداء دخلت لتوكيد معنى القسم.
وفى الخبر وجهان: أحدهما من كتاب وحكمة: أى الذى أوتيتموه من الكتاب، والنكرة هنا كالمعرفة، والثانى الخبر لتؤمنن به والهاء عائدة على المبتدإ واللام جواب القسم، لان أخذ الميثاق قسم في المعنى، فأما قوله (ثم جاء?كم) فهو معطوف على ماآتيتكم، والعائد على " ما " من هذا المعطوف فيه وجهان: أحدهما تقديره: ثم جاء?كم به، واستغنى عن إظهاره بقوله به فيما بعد، والثانى أن قوله (لما معكم) في موضع الضمير تقديره: مصدق له، لان الذى معهم هو الذى آتاهم، ويجوز أن يكون العائد ضمير الاستقرار العامل
[142]
في مع، ويجوز أن تكون الهاء في (به) تعود على الرسول، والعائد على المبتدإ محذوف وسوغ ذلك طول الكلام، وأن تصديق الرسول تصديق للذى أوتيه.
والقول الثانى أن " ما " شرط واللام قبله لتلقى القسم كالتى في قوله " لئن لم ينته المنافقون " وليست لازمة بدليل قوله " وإن لم ينتهوا عما يقولون " فعلى هذا تكون " ما " في موضع نصب بآتيت، والمفعول الثانى ضمير المخاطب، ومن كتاب مثل من آية في قوله " ماننسخ من آية " وباقى الكلام على هذا الوجه ظاهر.
ويقرأ " لما " بفتح اللام وتشديد الميم. وفيها وجهان: أحدهما أنها الزمانية: أى أخذنا ميثاقهم لما آتيناهم شيئا من كتاب وحكمة، ورجع من الغيبة إلى الخطاب على المألوف من طريقتهم.
والثانى أنه أراد لمن ماثم أبدل من النون ميما لمشابهتها إياها فتوالت ثلاث ميمات فحذف الثانية لضعفها بكونها بدلا وحصول التكرير بها، ذكر هذا المعنى ابن جنى في المحتسب، ويقرأ آتيتكم على لفظ واحد، وهو موافق لقوله " وإذ أخذ الله " ولقوله " إصرى " ويقرأ آتيناكم على لفظ الجمع للتعظيم (أء?قررتم) فيه حذف أى بذلك و (إصرى) بالكسر والضم لغتان قرئ بهما.
قوله تعالى (فمن تولى) من مبتدأ يجوز أن تكون بمعنى الذى، وأن تكون شرطا (فأولئك) مبتدأ ثان، و (هم الفاسقون) مبتدأ وخبره، ويجوز أن يكون هم فصلا.
قوله تعالى (أفغير) منصوب ب‍ (يبغون) ويقرأ بالياء على الغيبة كالذى قبله وبالتاء على الخطاب، والتقدير: قل لهم (طوعا وكرها) مصدران في موضع الحال، ويجوز أن يكونا مصدرين على غير الصدر، لان أسلم بمعنى انقاد وأطاع (ترجعون) بالتاء على الخطاب، وبالياء على الغيبة.
قوله تعالى (قل آمنا) تقديره: قل يامحمد آمنا: أى أنا ومن معى، أو أنا والانبياء، وقيل التقدير: قل لهم قولوا آمنا.
قوله تعالى (ومن يبتغ) الجمهور على إظهار الغينين، وروى عن أبى عمرو الادغام وهو ضعيف، لان كسرة الغين الاولى تدل على الياء المحذوفة، و (دينا) تمييز، ويجوز أن يكون مفعول يبتغ، و (غير) صفة قدمت عليه فصارت حالا (وهو في الآخرة من الخاسرين) هو في الاعراب مثل قوله " وإنه في الآخرة لمن الصالحين " وقد ذكر.
[143]
قوله تعالى (كيف يهدى الله) حال أو ظرف، والعامل فيها يهدى، وقد تقدم نظيره (وشهدوا) فيه ثلاثة أوجه: أحدها هو حال من الضمير في كفروا وقد معه مقدرة، ولايجوز أن يكون العامل يهدى، لان يهدى من " شهد أن الرسول حق " والثانى أن يكون معطوفا على كفروا: أى كيف يهديهم بعد اجتماع الامرين.
والثالث أن يكون التقدير: وأن شهدوا: أى بعد أن آمنوا، وأن شهدوا فيكون في موضع جر.
قوله تعالى (أولئك) مبتدأ، و (جزاؤهم) مبتدأ ثان و (أن عليهم لعنة الله) أن واسمها وخبرها خبر جزاء: أى جزاؤهم اللعنة، ويجوز أن يكون جزاؤهم بدلا من أولئك بدل الاشتمال.
قوله تعالى (خالدين فيها) حال من الهاء والميم في عليهم، والعامل فيها الجار أو مايتعلق به، وفيها يعنى اللعنة.
قوله تعالى (ذهبا) تمييزه والهاء في به تعود على المل?ء أو على ذهب.
قوله تعالى (مما تحبون) " ما " بمعنى الذى أو نكرة موصوفة، ولايجوز أن تكون مصدرية، لان المحبة لاتتفق، فإن جعلت المصدر بمعنى المفعول فهو جائز على رأى أبي علي (وماتنفقوا من شئ) قد ذكر نظيره في البقرة، والهاء في (به) تعود على ما أو على شئ.
قوله تعالى (حلا) أى حلالا، والمعنى كان كله حلا (إلا ماحرم) في موضع نصب لانه استثناء من اسم كان، والعامل فيه كان، ويجوز أن يعمل فيه حلا ويكون فيه ضمير يكون الاستثناء منه، لانه حلا وحلالا في موضع اسم الفاعل بمعنى الجائز والمباح (من قبل) متعلق بحرم.
قوله تعالى (من بعد ذلك) يجوز أن يتعلق بافترى وأن يتعلق بالكذب.
قوله تعالى (قل صدق الله) الجمهور على إظهار اللام وهو الاصل، ويقرأ بالادغام لان الصاد فيها انبساط، وفى اللام انبساط بحيث يتلاقى طرفاهما فصارا متقاربين، والتقدير: قل لهم صدق الله، (حنيفا) يجوز أن يكون حالا من إبراهيم ومن الملة، وذكر لان الملة والدين واحد.
قوله تعالى (وضع للناس) الجملة في موضع جر صفة لبيت، والخبر (للذى ببكة)، و (مباركا وهدى) حالان من الضمير في موضع، وإن شئت في الجار والعامل فيهما الاستقرار.

صلاح الحسن
24/06/2004, 07:25 PM
رائع

رائع

أجدت فيما قمت