المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لحظةُ عبور .. مُحنَّطَةٌ في ردهاتِ متحفٍ للشمع



الدكتور طاهر سماق
01/01/2011, 06:45 PM
العبور ..
لحظةٌ ثقيلة .. هي لحظةُ العبور.
فالجسر متصدِّع، والنهر تحته يهدر بقوة، تكادُ تصِّمُ الآذان، والناس يتزاحمون على المعبرِ، والكلُّ خائف، لكنهم لابد سيعبرون.
فالعام الجديدُ مستقبلٌ وحسب، ولا أحد يستطيعُ أن يتنبأ بالعاصفة. والحذرُ فقط هو ما نستطيعُ أن نمضي به إلى العامِ الجديد.
ولكن القوة .. كلَّ القوةِ هي الثورة. فأن نمُدَّ جسراً غيرَ الذي تصدع، خيرٌ من أن نعبرَ ونحن خائفون.
فلتتحطم أيها الجسر المهزوز فأنا قوي، فلا العواصفُ، مهما اشتدَّت، لها أن تهُزَ شعرةً من مفرقي.
ولْتَقْدُمْ أيها العام الجديد، وليكن صُلحاً أبدياً بيني وبين الأعوام، العامَ تلوَ العام، ولْتَصفو لي أيها الزمان ساعةً بعد ساعة، ويوماً بعد يوم.
أناضلُ في الدراسة، وأطوي الصفحاتِ تلوَ الصفحات، قبل أن تطويني الأيامُ الباقية لبدء الإمتحان – أيامُك يا عامَ 1986 – وأصارعُ المرض الذي لم يرحمْني هو الآخر، وأتشبثُ بكلِّ قوايَ بخيطٍ واهٍ من الأملِ، وصلتُ من خلاله بآخر ما لدي من أنفاس، إلى صخرةٍ ناتِئةٍ في خِضَمِّ الأمواج العاتية، أسترجِعُ فوقها قليلاً من رمقي لأبدأ مشواراً جديداً أعنف، والإبحارُ هذه المرةَ، ربما إلى جزيرةٍ قد أحصلُ فيها على بعضِ القوتِ الذي لم أجد شيئاً منه على الصخرة.
وها قد عادتِ الأمواجُ تتلاطمُ، وتدعوني إلى الصراع، وها أنا قادمٌ يا عامَ ستةٍ وثمانين، لكني سأكونُ هذه المرةِ شيئاً آخر، غيرَ الذي اعتَدْتَه. فسأحملُ كلَّ عتادي وسأرمي كلَّ هُزالي، وسأشحنُ نفسي بالإصرار، وسأطوي أيامَكَ قبلَ أن تطويني، وستعرفُ كيفَ يتغيرُ الرجال، فيمزقونَ ضعفهمْ، وتهتز الأرضُ تحت أقدامِهمْ، ويرفضونَ غير القممِ كالعقبان، وتدين لهم العواصفُ والأمواج .. هكذا سأكون وهكذا تتفجر البراكين.
سأُرخِصُ كلَّ الدماءِ فداءٍ لأبي، الذي يتعرقُ دماً كلَّ يومٍ ليدفعَ إلي بكلِّ شيءٍ على الإطلاق، ليزرع كلَّ زهورِ الروابي في حديقتي، ليجمع كلَّ غناء العصافير في جنتي.
سلامٌ إليكَ حبيبي أبي، ووعدَ الرجالِ للرجالِ بأن أواصِلَ الكفاحَ مهتدياً بأصالة روحِكَ، ومستمداً قوَّتي من عطائِكَ حتى أحققَ الأملَ الكبير.
دموعُكِ أمي تصيرُ غِطاءً أتدثَّرُهُ عندما يأتي الشتاء.
وإخلاصاً لعينيكِ يا ثروتي الحنون، سأحقق المستحيل، ولتعرفي أن من أنجبتِ قد ماثَلَ الرجال.
الفرحُ كلُّ الفرحِ سيملأُ مهجتي هذا العام..
سأصبح حرّاً
سأصبحُ بُرجاً
سأصبح برقاً
سأصبح رعداً،
وسأتجددُ حتى أمزقَ كلَّ الضباب

1/1/1986 الساعة 12:00 ليلاً

عبد الله نفاخ
19/01/2011, 07:31 PM
خاطرة عميقة ... جليلة ... مبحرة بل غائصة في عالم الشعور
و تصوير صادق لأحاسيس الذات المتشتتة أيام الدراسة في بلادنا ،و لا سيما الدراسة الجامعية ...
ربما الجميل الوحيد في تلك المعاناة أنها كشفت لنا عن نقاب إبداعكم القدير ...
سلمت أستاذي

الدكتور طاهر سماق
30/01/2011, 07:38 PM
عبد الله نفاخ
بسورٌ لا يضاهى .. أقرأ ردَّكَ سيدي
كأنما لفحتني نسماتُ المساء في أيار

حكمت الجاسم
06/02/2011, 12:40 PM
دكتور طاهر : سلام الله عليك
أنا أقرأ لك هنا رائعة خلابة
فيها من الإبداع الكثير
أتمنى لك سنيناً كلها سعادة

الدكتور طاهر سماق
07/02/2011, 06:00 PM
حكمت الجاسم
أي وربي كأنني التقيتُك
إن لك في قلبي مكانة

كيف أنت؟؟

حكمت الجاسم
08/02/2011, 09:52 AM
أنتظركَ على أمل أن نحيي أمسية شعرية أخرى في مدرجات كلية الآداب رغماً عن أنف أعداء الكلمة