المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لأسيرات الكنيسة المسلمات



بنت المدينة
14/12/2010, 12:06 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مرَّةً أخرى، بل مرَّات عديدة، والأحداثُ تَتكرَّر وتطلُّ علينا، مشاهِد مِنَ الظُّلم والاضطهاد، والتعذيب والتنكيل، تُذكِّرنا بالرعيل الأول، وكم أعطوا مِن دمائهم وأرواحهم في سبيلِ نُصْرة هذا الدِّين!



وإنْ كنتَ تستجيب للحقِّ لحاورْنَاك به، ولكنَّا نردُّ عليك بمنطقك: إن كنت تدَّعي حريةَ العقيدة، وتقف محاميًا للذودِ عمَّن ارتدَّ عنِ الإسلام، فلماذا تَقِف معاديًا لمَن اختار الإسلام، وتُنكِر عليه حريةَ العقيدة والاختيار؟!



مع الظُّلمِ في القياس، فشتَّانَ بيْن مَن اختار الحقَّ ومَن أعرض عنه، ولكنَّه قياس أفرزه تخاذُلُ المسلمين، وتجنيب مبدأِ الولاء والبراء.



ويبدو أنَّ قناعةَ أهل الشِّرْك واحدةٌ على مرِّ العصور؛ قالوها منذ زمنٍ: مَن يأتينا مِنَ المسلمين لا نَردُّه إليكم، ومَن يأتيكم مِن عندنا مسلمًا تردونه إلينا، وتنوَّعتْ أساليبُ العداء بدءًا مِن الاتِّهامات الباطلة، مرورًا بالمقاطعة، ثم التعذيب والإيذاء؛ ليثنوا المسلمين عن دِينهم، ولم يفلحوا وأتتِ الرياح بما لا تَشتهي سفنهم، وازداد عددُ المسلمين، وتحقَّقتْ مقولةُ الصادِق الذي لا ينطِق عنَ الهوى: ((لَيَبْلُغنَّ هذا الأمر ما بلَغ الليل والنهار، ولا يترك الله بَيْتَ مَدَرٍ ولا وَبَر إلاَّ أدْخَله هذا الدين)).



ولنقف برهةً نتأمَّل: ما سِرُّ هذا النور الذي يجذب العقولَ قبل القلوب؟!


أولو الألباب يُدرِكون أنَّ عظمةَ الإسلام تَكمُن في أنه الحق، وماذا بعدَ الحقِّ إلا الضلال؟! ومَن جاهد في الافتئاتِ على الإسلام بالشبهات والأباطيل، انقلَبَ على عقبيه خاسرًا، وارتدَّ كيدُه عليه، وحصَل له عكسُ مقصدِه، وقد فتَح بابًا دون أن يشعر لكثيرٍ من الحيارَى الذين يبحثون عنِ الحقِّ لدِراسة الإسلام، حتى لم يلبثوا إلاَّ وقدِ انشرحتْ إليه صدورُهم، ودَخَلُوا فيه، وبذلك أصبح أعداءُ الإسلام سببًا غيرَ مباشر لنشْر الإسلام.



وجاءَتْ قوَّة الإسلام مِن أنَّ الله يحفظه، والمؤمنون الصادقون يذودون عنه بأرواحِهم ودِمائهم، ثم جاء أعداءُ الدِّين، وأصْبحوا سببًا غيرَ مباشر لدخولِ الكثيرين في الإسلام، وهي قُوى لم تجتمعْ لغيره من الأديان، مع كونِه الدِّينَ الحقَّ، المنزَّهَ عن أيِّ تحريف.



لتستوقفنا هذه الآيات: ﴿ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا ﴾ [الطارق: 15 - 17].



لأسيراتِ الكنيسة المسلمات: أنتنَّ على درْب سُميَّة - رضي الله عنها - تَسِرْن، فاثبتْنَ، والحياة وإنْ طالت قصيرةٌ، وموعدكم الجَنَّة - إن شاء الله.



قال الله تعالى: ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران: 142].



تذكرْنَ قولَ الحبيب - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أشَدُّ الناس بلاءً الأنبياءُ، ثم الأمْثَل فالأمْثَل، يُبتلَى المرء على قدْر دِينه))، هو ابتلاء لاختبار الصَّبْر، وصِدق الإيمان، سبقكن إليه كثيرٌ من الصحابة - رضوان الله عليهم جميعًا - ولكم في سِيرتهم العَطِرة تسليةٌ وعَزَاء.

﴿ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ ﴾ [البقرة: 281].

﴿ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ﴾ [الشعراء: 227].