المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ضحيتكِ المتلذِّذة بوحشيتكِ بقلم "بنت الشهباء".



بنت الشهباء
13/12/2010, 06:48 PM
ضحيتكِ المتلذِّذة بوحشيتكِ بقلم "بنت الشهباء".
http://img227.imageshack.us/img227/7317/592454946.jpg
إلى مَن تسمح لي رُوحي أن أدعوها بنابِشةِ جُرْحي الملتئم!


مَعذرة منكِ لو صببت حِممًا من فوَّهة قلمي الملتهبة على مسامعكِ.


أيتها العزيزة الغالية رغمًا عني.


أعلم أنها ستكون قاسية على مسامعكِ، لكن ما بوسعي إلا أنْ أُطلق عِنان ذلك الحبيس الذي يئنُّ ويأبَى إلا أن يفرغَ ما في جعبته من حِممٍ.


كلماتكِ الأخيرة طبعتْ في نفسي وصمًا مؤلِمًا، فكانتْ بمثابة المنبِّه الإنساني لِمَن غفَا على وسادة مُخَدرة قاصدًا ذلك؛ ليتناسى ما هو فيه من واقعٍ موجِع.


حطمت الحواجز أمامها مسارعة إلى أعماق قلبي، قاصدة مركز الْجُرح؛ لتلمسه يدكِ بهمجيَّة لاذعة، فكانتْ بمثابة يد العون الملبِّية لصرخات الاستغاثة المميتة؛ لكن هذه اليد شيطانية؛ حيث إنني كنت أتخبَّط في بحر يمجُّ دمًا منتظرة الموت ما بين الآونة والأخرى دون قطرة أمل في الغد، وفجأة ينشقُّ من العدم شبحٌ إنساني يمدّ يده إليّ متظاهرًا بالمساعدة؛ لأخرج للحياة وأعي قيمتها، وأصرُّ على النجاة من بحر اليأس إلى يَمِّ الأمن والاستقرار.


أيتها المداوية الناصحة، هل المقولة المفجعة: "ما يجبرك على المرِّ هو الأمرُّ " تتمتَّع ولو بذرَّة صِدْقٍ؟ أم أنَّ سرَّ مفعول الدواء الناجع يَكْمن بمذاقه المرِّ، فكلما كان مرًّا كان ناجعًا أكثر؟!


قد تتسلحين بهذا المبرِّر.


لكن سَقْيَه يجبُ أن يتمَّ قطرة قطرة؛ لتتحمله المعدة، لا كما فعلت أيتها الطبيبة القاتلة، سقيتني إيَّاه جرعة واحدة دون أي شفقة ورحمة منكِ.


معذِّبتي المحبوبة، لقد ضربتِ بأناملكِ على أوتار نفسي التي سكنتْ منذ أمدٍ بعيد، وقد قاربتْ على الصدأ؛ حيث لَم تلقَ من يحاول تحريكَها، لكن لن تسمحَ لكِ أن تكتفي بهذا القدْر من العَزف المميت، فمن حاول أن يحرِّكَها بعشوائيَّة مسؤولٌ أن يعلِّمها سيمفونيَّة تألف لها أوتارها.


أقرُّ أنَّك فككتِ ببراعة ضماد أوتارها بعدما ضمدتها؛ لا لتشفى من الجرح؛ بل لئلا تظهر للعيان، وها أنتِ كشفتِ ضمادها عنها بعدما اعتادت المسح عليه، فما عليك يا مُعذبتي الغالية إلا أن تغسليه وتُطهّريه وتفنّديه بيديك، وتدحضيه بكلماتك الرقيقة العَذْبَة، مثلما نبشته بسياط حروفكِ اليابسة.


يا من نطق باسم لسان رُوحي، لقد أعدتِ إلى نفسي الصراع الذي أسدلت عليه الستار دون حسمه، بل قد بترته بترًا دون شفقة مني، ومن لحظة اللقاء فيما بيني وبينكِ وأنا أقاوم ألاَّ أسمعكِ تلك الصرخات المدوية التي قد تصم أذنيكِ، لكنني ما استطعتُ إلى ذلك سبيلاً.


صدِّقيني في لحظة أردت ألا أكونَ موجودة وأنا أسأل:
هل ستنتهي الرواية بنفس الأسلوب الذي بدأ به حفل الافتتاح؟
آه يا معذبتي، ليتني من يذرف الدموع علَّها تنبهكِ لشيءٍ أنتِ متجاهلة له، أحبسها فتتحول إلى دمٍ يحفر وجنتي؛ لئلا أفقد لحظة أنت تَرينها مُفرحة، لكنها للأسف مَلحمة مأساوية!
إليكَ يا ألله أشكو هَمِّي وحزني!


هل ستبقى الأدوار التمثيليَّة لنهاية الراوية مُحزنة دامعة يا عالَم الأسرار؟!
أم قَدرك يا ألله صبَّ كلَّ الدموع في مشاهد روايتها، وجرَّدها من البسمات المشرِقة الحانية؟


يا مَن تقول للشيء كنْ فيكون، لا تدع العيون الحاقدة المنتظرة نهاية الرواية تفرح بانهيار البطل!


أقرأ في أعينهم الفضول المسمّ، يرددون ويهمسون في الخفاء: ستُبتر الآن الرواية أو بعد قليل.


سيكون إخفاقًا مُفجعًا لَم يلقَ سوى شقوة العمر المنكود، وكأنه الميت الملحود.


إليك يا رب تسلِّم أمرها، لا تبغي سواك بديلاً!


نعم المولَى ونعم النصير؛ أنت حَسْبُها وكافيها.



بقلم : بنت الشهباء
أمينة أحمد خشفة

بنت الشهباء
13/12/2010, 07:22 PM
إنه ليسعدني ويزيدني فخرًا أن أول من نشر رسالتي
شبكة الألوكة
على هذا الرابط :
http://www.alukah.net/Literature_Language/0/28113/
وجزاهم الله خيرًا

حسن العويس
14/12/2010, 03:19 PM
في البداية أودُّ أن أقول أن القارئ لهذه الرسالة الجميلة ، والتي لا تخلو من الأسى ، يشعرُ بأن كاتبها يقول ذلك بديهةً وارتجالاً وكأنه الإلهام ، وليس هناك معاناة ولا مُكابدة ، ولا إجالة فكرٍ ولا استعانة ، وغنما صرف همه غلى جملة المذهب ، وإلى العمود الذي يقصد ، فتأتيه المعاني إرسالاً ، وتنثالُ الألفاظُ انثيالاً . هذا من النظرة العامة .
أما القراءة التفكيكية تقول : ثمة تغيير حاصل في حياة المُرسل والمرسل إليه ، فالتغيير كان بالصدمة ، وهذا النوع يولد مردوداُ إيجابياً مع تخوفٍ من المجهول . ومما جاء فيه ملحوظة مهمة وهي أن الطبيب المداوي الذي يعطي جُرعةً عالية التركيز قد يضر بالمُعالَج ، وذلك كمن يضرب بعوضة بقنبلة . والجروح لا تُداوء بالعطور والعود وإنما بغرز الإبر وتحمل مشاق التنظيف ، لأن الذي يغرز افبرة وينظف الجرح يريدُ له البُرء ، أما الذي يضع عليه الإسفنج لمتص الدم ويبقى الجرح وتزدادُ الآلام في المستقبل .
ولربما قال المريض للطبيب ماقاله ذاكَ :
جَسَّ الطبيبُ مفاصلي ليداوني ....... فــرثـى لحـالـي حـيـن جَــــس
فـطلبتُ منه رحمـةً لمُتيمٍ قـال ........هل ترضى الوصال قلتُ : بس
وقد رأيت الأمل مصحوباً بالخوف والألم .
وأما الألم واليأس فقد قيل في اليأس : سُبحان الذي شَجَّ وفَجَّ رأس الياس بفأس قوله تعالى : ( وما يقنط من روح الله إلا القوم الكافرون ) أعاذنا الله وإياكم من اليأس .
أما الأمل فإنه الحياة . وقد قيل : لو الأمل لما غرسَ غارسٌ شجراً ولما أرضعتْ أمٌّ طفلها ، فهذه البذرة الصغيرة يأمل صاحبها أن تكون شجرة ويأكل من ثمارها .
البارحة كتبت في المنتدى عن ( الأزمة والفرج ) وكأنما استشراف لما كتبتِ ، أتمنى العودة إليه .

بنت الشهباء
17/12/2010, 10:02 PM
في البداية أودُّ أن أقول أن القارئ لهذه الرسالة الجميلة ، والتي لا تخلو من الأسى ، يشعرُ بأن كاتبها يقول ذلك بديهةً وارتجالاً وكأنه الإلهام ، وليس هناك معاناة ولا مُكابدة ، ولا إجالة فكرٍ ولا استعانة ، وغنما صرف همه غلى جملة المذهب ، وإلى العمود الذي يقصد ، فتأتيه المعاني إرسالاً ، وتنثالُ الألفاظُ انثيالاً . هذا من النظرة العامة .
أما القراءة التفكيكية تقول : ثمة تغيير حاصل في حياة المُرسل والمرسل إليه ، فالتغيير كان بالصدمة ، وهذا النوع يولد مردوداُ إيجابياً مع تخوفٍ من المجهول . ومما جاء فيه ملحوظة مهمة وهي أن الطبيب المداوي الذي يعطي جُرعةً عالية التركيز قد يضر بالمُعالَج ، وذلك كمن يضرب بعوضة بقنبلة . والجروح لا تُداوء بالعطور والعود وإنما بغرز الإبر وتحمل مشاق التنظيف ، لأن الذي يغرز افبرة وينظف الجرح يريدُ له البُرء ، أما الذي يضع عليه الإسفنج لمتص الدم ويبقى الجرح وتزدادُ الآلام في المستقبل .
ولربما قال المريض للطبيب ماقاله ذاكَ :
جَسَّ الطبيبُ مفاصلي ليداوني ....... فــرثـى لحـالـي حـيـن جَــــس
فـطلبتُ منه رحمـةً لمُتيمٍ قـال ........هل ترضى الوصال قلتُ : بس
وقد رأيت الأمل مصحوباً بالخوف والألم .
وأما الألم واليأس فقد قيل في اليأس : سُبحان الذي شَجَّ وفَجَّ رأس الياس بفأس قوله تعالى : ( وما يقنط من روح الله إلا القوم الكافرون ) أعاذنا الله وإياكم من اليأس .
أما الأمل فإنه الحياة . وقد قيل : لو الأمل لما غرسَ غارسٌ شجراً ولما أرضعتْ أمٌّ طفلها ، فهذه البذرة الصغيرة يأمل صاحبها أن تكون شجرة ويأكل من ثمارها .
البارحة كتبت في المنتدى عن ( الأزمة والفرج ) وكأنما استشراف لما كتبتِ ، أتمنى العودة إليه .


أستاذنا الفاضل
حسن العويس



رسالتي هذه لا أكتم عليكم قد أتيت بها من أرشيفي الخاص ... والغاية من الرسالة الأدبية هذه لم تكن إلا بهدف أن ندرك بأن علقم الدواء ومرارته قد يؤتي أكله من الطبيب المداوي الذي يريد لمريضه أن يخرج إلى الحياة حتى ولو كان مصابا بمرض عضال .....
وعلقم الدواء ومرارته كناية عن محبة الطبيب لمريضه ... لذا فإن المريض هنا الذي يتألم وينزف دمًا أراد أن يوحي بكلامه للقارئ بأن الناصح الأمين والطبيب المعالج له كان يتلذذ بوحشيته التي من خلالها أراد له أن يتغلب على أحزانه وآلامه ليقف في نهاية الرسالة وقفة صادقة مع نفسه حينما أعلن ودون مقدمات بأن من سيعينه ويثبته في التغلب على جراحاته وآلامه هو الله حسبه وكافيه ....
ولك مني كل التقدير والاحترام على مداخلتك الغنيّة الطيبة التي أكرمتني بها لتزدان بها رسالتي المتواضعة
ودمت بألف خير