المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : برقيات ويكيليكس وحق التصرف في الشعوب العربية



علاء الدين الخطيب
06/12/2010, 07:45 AM
الأمطار الطوفانية من البرقيات السرية التي يُغرق موقع "ويكيليكس" العالم فيها هذه الأيام فيها، مؤشرات توحي بأن أمريكا تحضر العالم لتقبل تخليها عن بعض أدوارها في بعض مناطق المعمورة، وتحديدا في منطقة الشرق الأوسط لصالح إسرائيل لتقود دفة الكثير من السياسات التي لا تسمح الظروف الداخلية الأمريكية وظروف الرئيس أوباما الحرجة والمزرية بإنهائها في الحين، ومنها قضية السلام في فلسطين ومشروع الاعتداء على إيران للتخلص من منشآتها النووية، ولكن الإمكانات العسكرية والاقتصادية الأمريكية والشرعية التي توفرها الأنظمة العربية، خاصة الخليجية والنظام المصري، بمواقفها العميلة الملحة على إتمام هذا الاعتداء وطمس القضية الفلسطينية، أو على الأقل إبعادها إلى المراتب الأخيرة من الاهتمام .




فإذا كان هذا السيل من برقيات الفضائح لا يعامل قادة الغرب بأكثر من استعمال أسلوب الدعابة والتنكيت، كأن يوصف الرئيس الفرنسي ساركوزي "بنابليون العصر الذي لا يملك إمكانات نابليون" ويقال عن رئيس الوزراء الإيطالي إنه يسهر طوال الليل ولا يستطيع اتخاذ القرارات في النهار، وأن المستشارة الألمانية تخشى المجازفة السياسية لأنها ضعيفة الخيال، وأن الرئيس الروسي ميدفييدف إنسان متردد، في حين فلاديمير بوتين يحسب نفسه "باتمان"، وأن زوجة الرئيس الأذربيجاني مفرطة في التبرج وكثيرة التردد على عيادات الجراحة التجميلية.. فإن ما كشف ويكشف عن الزعماء العرب هو النميمة التي يمارسها بعضهم ليلا ونهارا ضد البعض الآخر لدى إسرائيل وأمريكا، خاصة مزايداتهم على بعضهم لاستسراع القضاء على حزب الله والاعتداء على إيران بدعوى الخطر الذي يمثله برنامجها النووي.
ويأتي على رأس الأنظمة العربية المفرطة في التحمس لهذا الاعتدء كل من السعودية ومصر، هذه الأخيرة التي لم يكتف رئيسها بالكذب لدى الرئيس بوش بأن صدام حسين يملك أسلحة الدمار الشامل، مما تسبب في احتلال العراق وتدميره تدميرا شاملا، ولم يكتف بمشاركة إسرائيل في العدوان على لبنان صيف2006 ومشاركتها مباشرة في حربها الشاملة على قطاع غزة والمجازر التي ارتكبتها في حق الشعب الفلسطيني، بل أنه اليوم يطالب ويلح في الطلب ويعرض المساعدة والمشاركة بأن تعلن إسرائيل الحرب على حزب الله وعلى إيران.
ولعل هذه المواقف العميلة لإسرائيل والمعادية لمصالح الشعب المصري والشعوب العربية الأخرى هي التي جعلت الرئيس حسني مبارك وعائلته يحظون بكل هذه الحماية من أمريكا وإسرائيل، ويحوزون حق التصرف المطلق في الشعب المصري في الماضي والحاضر والمستقبل، وهذا ما يفسر الحدود التي وصلها تزوير الانتخابات التشريعية الإخيرة في مصر والعنف المرافق لها، والذي وصل إلى درجة ممارسة التعذيب والتقتيل في حق مرشحي المعارضة ومناصريهم في الشارع العام أمام كاميرات التلفزيون وعلى مرأى ومسمع المنظمات الدولية والمحلية لحقوق الإنسان.
إن الكشف عن هذه التصرفات الدنيئة والخيانات العظمى يعطي الشعوب العربية الحق والشرعية الدولية في التخلص من هذه الأنظمة الساقطة وغير الإنسانية بكل الوسائل والسبل المتاحة، وتفرض على الولايات المتحدة الأمريكية الحياد، على الأقل، في المعركة القادمة، لأن أمريكا نفسها أصبحت متضررة من هذه الأنظمة ومحرجة أمام هذه الشعوب بعد كشف المستور.. وإلا فلن يكون لإيران خيار آخر غير الانتقال ببرنامجها النووي إلى الاستعمال العسكري أو إنتاج السلاح النووي لامتلاك وسيلة الردع أمام الخطر المشترك المحدق بها من إسرائيل والأنظمة العربية العميلة،
ورد فعل كهذا هو ما تعودت الأنظمة العربية أن تجنيه لأوطانها وشعوبها على مر العصور .
سالم زواوي
جريدة الشروق