المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الغرور



حسن العويس
23/11/2010, 06:53 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

في تصفحي لدفتر قديمٍ من دفاتري وجدتُ تلخيصاً موجزاً لكتاب ( الكشف والتبيين في غرور الخلق أجمعين ) لأبي حامد الغزالي وأريد أن أُجمعها بالشكل التالي :
يقول الإمام أبو حامد الغزالي : اعلم أن الخلق قسمان : حيوان وغير حيوان ،غير الحيوان ( الجمادات ) خارج عن نطاق التكليف ، أما الحيوان فينقسم إلى قسمين : مُكلّف ( الإنسان ) وغير مُكلف ( كالبهائم ) .
والمكلف ينقسم إلى قسمين ( كافر ومؤمن ) ، والمؤمن ينقسم إلى قسمين ( طائع وعاصٍ ) والطائع ينقسم إلى قسمين ( عالم بطاعته وجاهل بها ) والعاصي ينقسم إلى قسمين ( عالم وجاهل ) .
وماذا يعني لفظنا بالمكلف ؟ يعني : مَنْ خاطبه الله بالعبادة ، وأمره بها ووعده بالثواب عليها ، ونهاه عن المعاصي ، وحذره العقوبة .
أما غبر المكلف فهو مَنْ لم يُخاطب بذلك .
والغرور لازمٌ لجميعِ المُكلفين ، المؤمنين والكافرين ( إلا من عصمه الله ) وأن المغرورين من الخلق عدا الكافرين أربعة أصناف :
الصنف الأول : من العلماء ، والصنف الثاني : من العُبّاد ، والصنف الثالث : من أرباب الأموال ، والصنف الرابع : من المُتصوِّفة .
أما غرور الكافرين صنفان : الصنف الأول : الحياة الدُنيا ، والصنف الثاني : مَنْ غره بالله الغرور ( الشيطان ) .
أما الذين غرتهم الحياة الدنيا فهم الذين قالوا : ( النقد خير من النسيئة ، ولذّات الدُّنيا يقين ، ولذّات الآخرة شك ، ولا يُترك اليقين بالشك ) وهذا قياس فاسد ، وهو قياس إبليس ( أنا خير منه ) فظَنَّ أن الخيرية في السبب .
وعلاج هذا الغرور شيئان : إما بتصديق وهو الإيمان ، أو ببرهان .
أما صنف المؤمنين منهم العلماء وهم فِرق :
فرقة : أحكمت العلوم الشرعية والعقلية وتعمقوا فيها واشتغلوا بها ، وأهملوا تَفقّد الجوارح ، وحفظها عن المعاصي ، وظنوا أنهم عند الله بِمكان وهذا غرور .
وفرقة : أحكموا العلم والعمل الظاهر وتركوا المعاصي الظاهرة ، وغفلوا عن قلوبهم فلم يمحوا منها الصفات المذمومة عند الله كالكِبر والرياء والحسد وطلب الرياسة والشهرة والعلو .
وفرقة : تركوا المهم من العلوم واقتصروا على علم الفتاوي في التحاكم والتخاصم وتفاصيل المعاملات الدنيوية الجارية بين الخلق .
وفرقة : اشتغلوا بعلم الكلام والمجادلة والرد على المخالفين واشتغلوا بتعلم الطريق في مُناظرة أولئك وإفحامهم ، وهي فرقتين ( ضالة مُضلة ، ومُحِقّة ) .
وفرقة : عدلوا عن المهم الواجب في الوعظ ن واشتغلوا بعبارات النكت والسجع والاستشهاد بأشعار الوصال والفراق . وغرضهم أن يكثُر في مجلسهم التواجد ولو على أغراض فاسدة . فهؤلاء شياطين الإنس ضلّوا وأضلّوا .
وفرقة : قنعوا بكلام الزهاد ، وأحاديثهم في ذم الدنيا .
وفرقة : اشتغلوا بعلم النحو واللغة والشعر وغريب اللغة ، واغتروا به .
أما الصنف الثاني : أصحاب العبادات وهم فرق :
منهم من غُروره في الصلاة ، ومنهم في تلاوة القرآن ، ومنهم من اشتغل بالنوافل وتساهلوا بالفروض .
ومنهم مَنْ يوسوس له الشيطان في نيته للصلاة من شدة الحرص .
وفرقة منهم غلبت عليهم الوسوسة في إخراج حروف الفاتحة من مخارجها .
وفرقة تأمر الناس بالمعروف وتنهى عن المنكر ، وهم لا ينتهون .
وفرقة جاوروا بالمدينة أو بمكة واغتروا بهما ولم يراقبوا قلوبهم ، ولم يُطهروا ظواهرهم وبواطنهم ، وربما كانت قلوبهم متعلقة بأوطانهم .
وفرقة زهدت بالمال وقنعت من الطعام واللبس ومن المسكن بالمساجد ، وظنوا أنهم أدركوا رتبة الزُّهاد .
والصنف الثالث : أصحاب الأموال وهم فرق وسأكتفي بفرقة واحدة خشية الإطالة : فرقة يبنون المساجد والمدارس والقناطر ، لِيُكتبَ اسمهم بالآجر عليه لتخليد ذِكرهم .
والصنف الرابع : المتصوفة وفرقهم كثيرة ومنهم فرقة مِنْ يتكلم بهدوء زائد وهيئة في جلسته وطعامه ، وتعامله مع مُريديه .
اكتفي بهذا القدر كما وقلت خشية الإطالة فهي مَصدرٌ للملالة .
اللهم احفظنا من الغرور والعجب والرياء والحسد .
ولكم تحيات : حسن العويس

بنت الشهباء
24/11/2010, 01:02 PM
وللأسف يا أستاذنا الفاضل حسن العويس


فكثير منّا من تشمّ منه رائحة الغرور والعجب والنفاق واحتقار الآخرين والكبر وعلامة العظمة والأنا هي المسيطرة على شخصيته فتراه يقول وبصوت عال :
أنا فعلت كذا ، أنا أكبر من هذا ، أنا أعلم ممن تظنون أنهم علماء ، أنا الناس تقف احتراما وإجلالا لي ، أنا كاتب وأديب ولا يمكن لأحد أن يصل إلى ما وصلت إليه ، وأنا وأنا وأنا ...................!!!...
وصدق ما قاله ابن القيم في زاد المعاد
" وليحذر كل الحذر من طغيان أنا ولي وعندي ، فإن هذه الألفاظ الثلاثة ابتلي بها إبليس وفرعون وقارون،(فأنا خير منه )لإبليس ، (و لي ملك مصر)لفرعون ، (و إنما أوتيته على علم عندي) لقارون"
اللهم إنا نعوذ بك من الرياء والنفاق ، والكبر والغرور

حسن العويس
25/11/2010, 05:21 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى بنت الشهباء تحياتي إليك وبعد : نعم كما قلت مسكين ابن آدم هذا ، يظن بنفسه أنه قادر على كل شيء ، وهو من لا شيء ، ولكن الله كرّمه وخلقه في أحسن تقويم ليعبده ، ولا يطغى ، حتى تتحقق إنسانيته .
وقد ورد في السير : أن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه ، كان يحمل قِربة في موسم الحج ويُسقي الحجيج ــ وليس غريباً عن عمر مثل هذا ــ فقال له أحدهم : ألايوجد من يكفيك هذا يا أمير المؤمنين ؟ قال : بلا ، ولكن أعجبتني نفسي ، وأردتُ أن أُؤدِّبها ، رأتني امرأة وقالت : سُبحان الله يا عُمر من راعي الغنم إلى راعي الأمم ! ياله من إخلاص وتأديب للنفس الأمارة بالسوء . وقد كان أبو حامد الغزالي عندما ألف ( إحياء علوم الدين ) انقطع عن الناس ، وقال : أريد النجاة لنفسي . إنه في مثل هذا القول في قمة الإخلاص للنجاة بالنفس . اللهم لا تمكر بنا .

بامغرف
30/11/2010, 12:51 PM
اعاذنا الله واياكم من الغرور بكل انواعه واشكاله