المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وفاة المفكر العربي الجزائري: محمد أركون .



محمد حجاجي
16/09/2010, 11:13 AM
http://4.bp.blogspot.com/_3-oO0YDdGJQ/SN5-xGLP0jI/AAAAAAAABYI/11uX2mrdMDo/s400/1.jpg
الراحل: محمد أركون .


توفي ليلة الثلاثاء ـ الأربعاء الماضية المفكر الجزائري: محمد أركون عن سن تناهز 82 عاما .
والفقيد الراحل من مواليد سنة 1928 ببلدة تاوريرت بتيزي وزو (منطقة القبائل) بالجزائر .
درَس ودرَّس بجامعة السوربون العريقة بباريس، وترك ذخيرة هامة من المؤلفات الفكرية تـَرجم معظمَها إلى العربية: الكاتبُ والمترجم من أصل سوري المقيم بباريس : هاشم صالح .

رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته، وإنا لله وإنا إليه راجعون .


ـــــــــــــــ

محمد حجاجي
16/09/2010, 11:24 AM
مثقفون مغاربة يعتبرون رحيل أركون خسارة كبرى .



ـــــــــــــــــــــــــ






المشروع الفكري لمحمد أركون فتح أوراشا فكرية كبرى حسب فعاليات مغربية


اعتبرت فعاليات فكرية وثقافية رحيل المفكر الكبير محمد أركون ، الذي وافته المنية مساء أول أمس الثلاثاء بالعاصمة الفرنسية، خسارة كبرى للفكر العربي والإنساني، بالنظر لمشروعه الفكري الذي فتح أوراشا فكرية هامة وكذا لخصائص كتاباته ورؤاه .
وأكدت هذه الفعاليات في تصريحات لوكالة المغرب العربي للأنباء أمس الأربعاء ، أن التراث الفكري للراحل يشكل نبراسا للأجيال الحالية والمستقبلية، التي هي في حاجة إلى فكر متنور كالذي أنتجه محمد أركون.
وفي هذا الصدد ، أكد المفكر والباحث الجامعي محمد سبيلا ، أن محمد أركون يعد من أبرز المفكرين العرب الذين أخضعوا التراث للفحص النقدي انطلاقا من معطيات العلوم الإنسانية الحديثة وعلى رأسها اللسانيات والإبستمولوجيا والسيميولوجيا والأنتربولوجيا وعلم الأديان المقارن وغيرها من الأدوات الفكرية والمنهجية المستقاة من العلوم الإنسانية والاجتماعية الحديثة.
وأبرز في هذا الإطار، أن أركون استعمل العديد من المفاهيم المستقاة من هذه العلوم كمفاهيم " العقل " ، و " المفكر فيه" ، و " اللامفكر فيه" ، و " النسيان الاجتماعي" ، و"الإبيستيمي" (البنية الفكرية) وغيرها من المفاهيم التي استخدمها كمباضع لتحليل بنية الفكر العربي الإسلامي.
وقال سبيلا إن تحليلات الراحل اتسمت أساسا بنكهتها الحداثية، ذلك أنه لم يقدم نفسه كمجرد مؤرخ للفكر العربي الإسلامي، بل تعمد عن وعي أن يتخذ موقف المؤول والمحلل لمكونات وبنيات هذا الفكر انطلاقا من توجه حداثي نقدي.
وهكذا ، يضيف سبيلا ، جاءت أحكامه وتحليلاته لهذا الفكر ، أو لما يسميه هو "العقل الإسلامي "، متسمة بالكثير من الجرأة والإقدام وإصدار أحكام تتسم بنزعة نقدية قوية، حيث إنه يرى أن الفكر العربي الإسلامي ظل أسير مكوناته التقليدية ولم يطور أصوله وجذوره.
فأركون يرى أن الفكر العربي مر بمرحلتين ، أولاهما مرحلة التجديد المرتبطة بالقرنين الأوليين من الإسلام استعار فيها المفكرون والفقهاء العرب العديد من الأفكار اليوناينة والمعارف المستقاة من ثقافات أخرى، فحققوا نوعا من التجديد والتطوير في الفكر الإسلامي، فيما المرحلة الثانية هي مرحلة الجمود حيث تجمدت الاجتهادات وتكلس إطارها الفكري وأصبحت اجترارا وتكرارا وترجيحا للبداهات والمسلمات.
وأضاف أن أركون كان يعتبر أن مهمته الأساسية تتمثل في إعادة الروح التجديدية ل`"العقل الإسلامي" والعمل على تطويره وتنويره في اتجاه اكتساب ما كان يسميه بالحداثة الثقافية والفكرية.
وتهدف "جرأة أركون المعرفية"، -حسب تعبير سبيلا- والتي تمثلت في اقتحام النصوص التقليدية عبر أدوات العلوم الإنسانية، إلى تشريح مكوناتها وهو بذلك من أكثر المفكرين العرب المعاصرين جرأة في نقد العقل الإسلامي على غرار محمد عابد الجابري والطيب التيزيني وحسن حنفي وحسين مروة.
وإذا كان سبيلا قد ركز على جراة أركون المعرفية فإن الباحث والإبستمولوجي محمد وقيدي اعتبر من جهته أن الراحل تميز باستمرار موقفه النقدي لما دعاه ب`"العقل الإسلامي" ويقصد بذلك من جهة بنية العقل الإسلامي الذي نشأ وتكون في إطارها أي الثقافة الإسلامية، ومن جهة ثانية العقل الذي أنشأ وطور هذه الثقافة.

وتميز مشروع أركون، يقول وقيدي، بامتداد نقده الى العقل الاسلامي المعاصر ، وربما يمكن القول ، يضيف وقيدي ، إن نقد العقل الإسلامي الوسيطي كان الهدف منه هو معرفة ونقد العقل الإسلامي المعاصر.
وضمن هذا المشروع قرأ أركون الإنتاج الإسلامي كما درس قضايا إسلامية معاصرة، كما أن للنقد الأركوني، في رأي وقيدي، وجه آخر وهو أنه كان يدعوا الى تطبيق المناهج المتطورة في العلوم الإنسانية وعلى النصوص الإسلامية كالتاريخ وعلم النفس واللسانيات(...).
وقال الاستاذ وقيدي، الذي تعرف على أركون سنة 1976 وجمعت بينهما صداقة كبيرة، إن أركون ظل يدافع عن مشروعه النقدي الذي كان يراه مفتاحا لتحديث المجتمعات الإسلامية انطلاقا من فهم قضاياه فهما معاصرا، مضيفا أن مشروع أركون "مشروع كبير أخذ عرضه حدا أكثر من حد تطبيقه" .
واستطرد أن هذا لا يعني أن أركون لم يكن يهتم بالتطبيقات، بل على العكس من ذلك فله كتابات تعتبر "دراسات تطبيقية" خاصة عندما درس على سبيل المثال النزعة الإنسانية في الثقافة الإسلامية.
ومن زاوية أخرى يرى محمد الصغير جنجار ، مدير مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية ومدير مجلة( مقدمات)، أن الراحل استطاع بفضل انفتاحه الفكري وتمكنه من مختلف العلوم المرتبطة بالفكر الإنساني أن يسهم في فتح أوراش فكرية وطرح أسئلة منهجية كبيرة ، شكلت حدثا جديدا في معاهد الدراسات الدينية في العالم العربي، والتي كانت تعتمد مقاربات تراثية تقليدية تعتبر، حتى في جانبها الأكثر تبلورا، مجرد إعادة إنتاج لأسئلة وخطابات العلوم الدينية كما أنشئت في الفترة الإسلامية الكلاسيكية.
وأوضح بهذا الخصوص أن مسار محمد أركون تميز بعمله الدؤوب على إرساء قواعد الدراسات الإسلامية الحديثة، أو ما أسماه "الإسلاميات التطبيقية"، عبر إحداث دمج ديناميكي للترسانة المفاهيمية والمنهجية للعلوم الإنسانية والاجتماعية الحديثة في حقل الدراسات الدينية الحديثة.
فيما أبرز الشاعر محمد بنيس ، أن محمد أركون ، الذي تعرف عليه قبل حوالي ثلاثين سنة ، يشكل وجها مشرقا للفكر والثقافة العربية و" اختيارا نحتاج إليه للمضي بشعوبنا نحو زمن عربي جديد".
واعتبر أن الرسالة التي حملها أركون، وشغلته طيلة حياته الفكرية ، هي "رسالة موجهة لكل واحد في العالم العربي ولا تقتصر على خطاب النخبة " ، مؤكدا أن أعمال هذا المفكر، الذي طبعت إسهاماته الفكرية مسارات أجيال متتالية من المفكرين والمثقفين العرب في العقود الأخيرة ، تعبر عن رؤية جديدة للإسلام تقوم على الدعوة إلى انفتاح الفكر الإسلامي والعربي وإعادة النظر في المسلمات التقليدية التي يقوم عليها حتى يتمكن من أن يستعيد تلك الشعلة الكبرى التي جعلت منه منارة لباقي الحضارات، ودوره كموجه للحياة السياسية والاجتماعية والثقافية داخل الوطنين العربي والإسلامي.
وقد ترك الراحل ، الذي توفيّ عن عمر يناهز 82 عام بعد معاناة مع المرض، مكتبة واسعة من المؤلفات من بينها ( الإسلام: أصالة وممارسة ) ، ( تاريخية الفكر العربي الإسلامي أو "نقد العقل الإسلامي" ) ، و( الفكر الإسلامي: قراءة علمية ) ، و( الإسلام: الأخلاق والسياسة ) ، و ( من الإجتهاد إلى نقد العقل الإسلامي ) ، و(الإسلام أوروبا الغرب، رهانات المعنى وإرادات الهيمنة ) ، و( نزعة الأنسنة في الفكر العربي ) ، و( قضايا في نقد العقل الديني. كيف نفهم الإسلام اليوم).


ــــــــــــ







نزهة بولندة وعبد اللطيف الجعفري (هسبريس)

محمد حجاجي
17/09/2010, 12:48 AM
رحيل محمد أركون فاضح الجهالات المقدسة .
ـــــــــــــــــ


عشرات الكتب، ومئات المقالات، وعدد لا متناه من المحاضرات والمقابلات التلفزية والإذاعية، وتجربة تربوية في كبريات الجامعات العالمية كانت كفيلة بأن يسطع نجم آخر من شمال إفريقيا في سماء الفلسفة العربية والإنسانية. إنه محمد أركون ابن منطقة القبائل الجزائرية الذي غادرنا أمس الثلاثاء عن سن يناهز 82 عاما بعد مرض عضال، كما يحلو لوسائل الإعلام أن تقول، مع وفاة كل قامة علمية شامخة.
محمد أركون الجزائري الولادة والفرنسي الجنسية انضاف أمس الثلاثاء في العاصمة الفرنسية باريس إلى قائمة التنويريين الذين غيبهم الموت في أقل من سنة. فبعد الخطيبي ومحمد عابد الجابري، ونصر حامد أبو زيد، هاهو مبدع المفاهيم الأصيلة يغادر ساحة الفكر العربي، ليقل ماء التنوير القليل أصلا. فعلا يستحق الراحل لقب مبدع المفاهيم الأصيلة. فمن الجهل المؤسس، إلى الجهل المقدس، وصولا إلى نقد العقل الشرعي والسياجات الدوغمائية، ظل أركون وفيا لآرائه غير المهادنة وهو يعيد قراءة التراث العربي الإسلامي.
وإذ كان انتماؤه إلى حقل الفكر والفلسفة والعلوم الإنسانية العربية قد شكل إضافة نوعية، فإن اجتراحه لمفاهيم جديدة بوأته مكانة خاصة ضمن صناع المفاهيم ومستحدثيها المبدعين، وتبقى دعوته لإعادة قراءة القرآن برؤية عصرية وتجريده من القداسة التي تعيق دراسته النقطة الفاصلة في مسار باحث لم يعرف المهادنة العلمية قط، وهو ما جعله عرضة لانتقادات التيارات الأصولية المتشدّدة.
لقد أعمل أركون معاول الهدم في بنية العقل العربي الإسلامي، مسلحا بمناهج علمية أمضى أكثر من أربعين سنة في اختبارها، جاعلا من حقل الإسلاميات حقل اشتغاله الأول، اشتغال جلب لأركون العديد من الأعداء على امتداد أكثر من أربعة عقود.
لقد تعرض لغارات الأصوليين بمختلف توجهاتهم الشرقية والغربية، فاتهمه أصوليو بني جلدته أنه مجرد صدى للمستشرقين، وأنه معادٍ في العمق للفكر الإسلامي بصورته المعروفة. وفي الجهة المقابلة هاجمه الغربيون بدعوى أنه مجرد مفكر إصلاحي لا أكثر، أو لنقل أنه مفكر وسطي، أو توفيقي يحاول التوفيق بين الدين والعقل، تماماً كما حاول الفلاسفة المسلمون من قبل.
يقول مترجمه خالد هاشم في هذا الصدد “بعد أن تركت محمد أركون رحت أفكر فـي حجم المعركة التي يخوضها بكل ملابساتها وتفاعلاتها، وهالني الأمر فكلما توهمت أن حدودها قد أصبحت واضحة محصورة، كلـما اكتشفت أنها متشابكة معقدة، شبه لا نهائية. هناك شيء واحد مؤكد على أي حال : هو أن محمد أركون يخوض المعركة على جبهتين جبهة الداخل، وجبهة الخارج، جبهة أًصوليي المسلمين، وجبهة أصوليي المستشرقين”
الأكيد أن لائحة الاتهامات التي تعرض لها أركون ثقيلة ومتعددة، لكن وبرغم كل ما قيل عنه وما سيقال سلباً أوإيجاباً سيبقى محمد أركون اسماً مرادفاً للقضايا التي أخذته إلى العالمية. وبعيدا عن تطرف أصوليي الداخل والخارج، رسم أركون لنفسه مسارا متميزا يتأسس على البحث المنهجي بأحدث ما وصلته العلوم الإنسانية من مناهج، ولم يقطع نهائيا مع الأسس الحداثية للتفكير، بل استخدم مقولاتها دون أن ينتهي إلى إقصاء الماضي. وبذلك ظل هدفه تنقية هذا الماضي من شوائب التخلف والأساطير والخرافة لملاءمته مع العصر دون تهميش نصوصه.
لقد أهله موقعه النقدي والعقلاني ليحتل موقعا هاما في تاريخ الفكر العربي إلى جانب الرواد الأوائل من قبيل محمد عبده وفرح أنطون وشبلي الشميل والأفغاني والكواكبي وطه حسين وصادق جلال العظم وعبدالكبير الخطيبي ومحمد عابد الحابري وناصر حامد أبو زيد.
إن إنسانية المذهب الذي انتمى إليه أركون، وعشقه للفلسفة وللفكر الإسلامي، جعلا منه مثيرا لزوابع فكرية صاخبة لن تهدأ طبعا بوفاته، مما جعله مؤهلا ليكون في مرمى سهام كل الأصوليين بمختلف مشاربهم الشرقية والغربية، غير أن هذه السهام انكسرت، بفعل استيعاب أركون للتراث بشكل استثنائي دون اغترابه عن الحضارات الحديثة.
صحيح أن الموت حتمية لابد منها، لكن بن القبائل على غرار كل المفكرين الكبار، لم يمض دون أن يترك أثره الواضح في الفكر العربي والإنساني المعاصر، بعد أن فرض على العالم إسما قادما من العالم الإسلامي، لكن بمرجعية علمية جعلته محترما في جميع الأوساط المستشرفة للمستقبل، احترام لم يصله جزافا، بل بالمكتبة الثرية من المؤلفات والكتب التي تركها.
إن أصالة الفقيد الحقيقية لا تكمن فقط في ثراء إنتاجه، وإنما تكمن أيضا في قدرته على ابتكار مفاهيم ذات طبيعة إنسانية كونية، ولم يكن كتابه الأخير “الإنسانية والإسلام” سوى خاتمة رحلة إنتاجية جاوزت الأربعين سنة من الحفر في “ملامح الفكر الإسلامي” الكلاسيكي”، مرورا ب”دراسات الفكر الإسلامي”، ووصولا إلى” الإسلام أمس وغدا” ثم” من أجل نقد للعقل الإسلامي”، و”الإسلام أصالة وممارسة”، و”الفكر الإسلامي: قراءة علمية- الإسلام: الأخلاق والسياسة- الفكر الإسلامي: نقد وإجتهاد- العلمنة والدين: الإسلام، المسيحية، الغرب- من الإجتهاد إلى نقد العقل الإسلامي- من فيصل التفرقة إلى فصل المقال: أين هو الفكر- الإسلامي المعاصر؟- الإسلام أوروبا الغرب، رهانات المعنى وإرادات الهيمنة.- نزعة الأنسنة في الفكر العربي- قضايا في نقد العقل الديني. كيف نفهم الإسلام اليوم؟- الفكر الأصولي واستحالة التأصيل. نحو تاريخ آخر للفكر الإسلامي- معارك من أجل الأنسنة في السياقات الإسلامية… وغيرها.
هكذا برحيل محمد أركون يكون الموت قد غيب رابع مرجع فكري عربي من القامات الشامخة في سماء الفكر الإنساني، في أقل من أربعة أشهر. كما يصدق وصف سنة2010 بسنة اختطاف الموت لرموز التنوير العربي. فبعد الخطيبي ومحمد عابد الجابري، ونصر حامد أبو زيد يرحل أركون ليترك تجويفا آخر في الفراغات الكبيرة للفكر العربي الإسلامي، لتنضاف إلى الفراغات الجوفاء المتعصبة الدينية والطائفية، ليس في العالم العربي فحسب بل في العالم بأسره، وهنا لا يمكن سوى التحسر على فقدان شخصية علمية فذة، وبخاصة إذا استحضرنا مقولة الفيلسوف الفرنسي جيل دولوز الذي يقول في عبارات لاذعة: “كلما توفي مفكر عظيم، إلا وارتاح الأغبياء”.

المقال منشور بالتعاون مع مشروع منبر الحريةwww.minbaralhurriyya.org

عزيز مشواط (كاتب مغربي) .
عن موقع: دروب .

محمد حجاجي
17/09/2010, 07:13 PM
"
"...صاحب هذه الأطاريح العلمية الجدالية الساخنة والقوية، الذي ووجه بكثير من المواقف غير العلمية، في عدد من جامعات المشرق العربي، يؤكد في لقاء علمي بمراكش، [...] أنه يجد دوما في المغرب صدى لتحليل عقلاني لأفكاره غير مجامل. بل إنه أكد، رحمه الله، أنه حتى في الصف الإسلامي بالمغرب، كانت المحاورة معه جد علمية، رصينة، عقلانية وعالية. وليس اعتباطا، أنه كانت تحجز الأماكن والدعوات، مسبقا بأسابيع، من أجل الحضور لمحاضراته، وهذا أمر ظل يتحقق ببلادنا مع الدكتور محمد عابد الجابري والدكتور عبد الله العروي ثم مع المفكر الإسلامي المهاجر طارق رمضان.
برحيل محمد أركون، يكون صف رموز العقلانية بالعالم العربي قد فقد فارسا من فرسانه الكبار، وهو الصف الذي فقد في أربعة شهور فقط، أربعة من أعلامه البارزة، اثنان مغاربيان (الجابري وأركون) واثنان مشرقيان ( فؤاد زكريا، صاحب مشروع نقد العلمانية العربية ومترجم نيتشه الشهير.. ثم نصر حامد أبوزيد، بأبحاثه العلمية لدراسة النص القرآني دراسة متجددة) ..."

لحسن لعسيبي

ــــــــــــــــــــــ

خليد خريبش
18/09/2010, 08:58 PM
تفقد الله الفقيد برحمته ومغفرته،والجدير بالذكر أن مفكرنا كان يحمل الجنسية الفرنسية واختار المغرب للإقامة آخر حياته،فشاء الله أن يواريه ثراه.مشكور أخي الكريم حجاجي.

محمد حجاجي
19/09/2010, 09:15 AM
مشكور الأخ الكريم: خليد، على الاهتمام والأثر الطيب .

ـــــــــــــــــ

طارق شفيق حقي
19/09/2010, 01:07 PM
سلام الله عليك
لا نملك إلا أن نقول في موقف الموت إلا
حسبنا الله ونعم الوكيل
وإنا لله وإنا إليه راجعون

رحم الله الدكتور محمد أركون
فإن رحمته وسعت كل شىء

رغم ذلك

فنحن نختلف كثيراً مع ما ذهب إليه أركون في كثير من أطروحاته الاسشتراقية في نقضه للفكر الإسلامي
على الطريقة الغربية

وسأقتبس بعضاً من كلامه كي لا أظهر متحاملاً على الرجل
فهو كرجل لا يهمنا إنما ما يهمنا أفكاره ونحن إذ ننتقد ، ذك أن الفكر ملك للجميع ومن حق الجميع الوقوق عند زلاته
وعيوبه وسقطاته


يتكلم محمد أركون عن الوضع الراهن ويقول يجب أن نغيره وهو يتسم بالفشل والتراجع والإذلال والقمم والعنف الرمزي والجسدي القاتل والذي تعاني منه منذ فترة طويلة الشعوب المرتبطة بشكل صريح أو ضمني بالوضع العربي - الإسلامي
ينبغي أن نغير- والكلام لأركون - هذا الوضع السلبي المأساوي لكي يتحول لنقيضه أي إلى تاريخ متضامن خلاق محرر

وما طريقة أركون لنقد الفكر الإسلامي ، الطريقة هي كما يصرح البحث الأكاديمي المسى بالاستشتراق يقول :"
وينبغي أن نعيد التفكير في الوضع العري الإسلامي على ضوء المعرفة النقدية المجتمعة منذ القرن التاسع عشر بفضل البحث الأكاديمي الغربي الذي يهاجمونه تحت اسم الاستشراق"

أما خطة أركون لاختراق هذا الفكر فهي من خلال " الاختراق ، الزحزحة ، التجاوز" كما يصرح واختراق المواقع الفكرية التقليدية السائدة

ويقول "علينا الخروج من النموذج الديني ليس فقط بصيغتيه المنحرفتين للجهاد والعولمة الأمريكية وإنما أيضاً في صيغته الأكثر خصوبة والأكثر جدارة بالقصص التأسيسية الكبرى"
فقد ساوى بذلك الجهاد في سبيل الله بقصص القتل للعصابات الغربية في المشرق العربي الإسلامي

وسيكون لنا وقفة عند ما يقصده أركون بالقصص التأسيسة الكبرى

إنما في مقام آخر

أخيراً نقول

رحم الله الفقيد وتغمده برحمته

وإنا لله وإنا إليه راجعون

محمد حجاجي
19/09/2010, 11:02 PM
وعليك سلام الله .

شكرا على الاهتمام .

من حقك، طبعا، أن تختلف مع أركون وأن تنقده .

فاحترام الآخر المختلف مما كان أركون رحمه الله يدعو إليه .

والنقد كذلك، النقد الموضعي المبني والعلمي المقنع .


ـــــــــــــــــــ

محمد حجاجي
25/09/2010, 08:47 PM
أركون والمغالطة الكبرى .





ــــــــــــــــــــــــــــــــ










فقد العالم العربي والإسلامي في وقت واحد ثلاثة من أساطين الفكر التجديدي العربي, وهم محمد أركون ومحمد عابد الجابري, ونصر حامد أبوزيد. والواقع أنني كنت قد ألفت بعض الدراسات عن رؤى أركون التجديدية, ومنهجية الجابري في إعادة صياغة العقل العربي, وتشكيكية أبي زيد في النص المقدس.

وسأتوقف هنا عند المفكر الجزائري محمد أركون الذي أثارت أفكاره جدلا واسعا وسط الإنتليجانسيا العربية. وقد لعب أركون صاحب الكتب الكثيرة في الفكر الإسلامي دورا كبيرا في تبرير ما أقدمت عليه لجنة ستازي الفرنسية التي أوصت بحظر الحجاب في المدارس الفرنسية. وتجدر الإشارة إلى أنّ أركون كان عضوا في هذه اللجنة وهو أحد أبرز المدافعين عن علمانية فرنسا, وأحد المتحمسين لخلع الحجاب, فمن يكون أركون وما هي مرتكزات فكره الذي يريد البعض لصقه بالإسلام؟
محمّد أركون المفكّر الجزائري أثارت أفكاره في المغرب العربي ـ كما في مشرقه ـ جدلا واسعا, واحتار كثيرون في أيّة خانة يصنفّونه، أهو مع الفكر الإسلامي، أم ضدّه! أيدعو إلى تفعيل الفكر الإسلامي أم إلى نسفه من أساسه! أهو عربي وإسلامي الهويّة أم لا يختلف عن المستشرقين الذين تعاملوا مع الفكر الإسلامي من منطلق الإنقضاض عليه! وفي تعامله مع الموروث الإسلامي أيسقط عليه أدوات علميّة متعارفا عليها أم أدوات سربونيّة من وحي المناهج الغربيّة وآخر ما تفتّق عنه العقل الغربي في التعامل مع التاريخ! وفي خضمّ وجوده في باريس وإقامته في عاصمة الجنّ والملائكة وإشرافه على قسم الدراسات الفلسفيّة في جامعة السوربون كان ولاؤه للعالم العربي والإسلامي أم للغرب؟
وهل أصاب عندما حللّ مفردات الثقافة الإسلاميّة بأدوات غربيّة! عشرات الأسئلة تجمعّت وتراكمت جرّاء التعامل مع هذا المفكّر الذي مازالت آراؤه تثير الجدل في عالمنا العربي والإسلامي!


التجديد عند أركون:


يوهمنا محمد أركون في كثير من كتبه أنّه في ردّه على مفردات الفكر الإسلامي لا يسفّه مرتكزات الشريعة الإسلاميّة, بل يعمل جاهدا على تصحيح الفهم الإسلامي دون أن يرقى إلى نقد مصادر التشريع في حدّ ذاتها.
وللإشارة فإنّ مثل هذا الطرح يتبنّاه حتى بعض المفكرين الإسلاميين, فالدكتور حسن الترابي في كتابه تجديد الفكر الإسلامي يدعو إلى تطهير التراث الإسلامي مما علق به من شوائب وتناقضات, ومثل هذه الدعوة سليمة في حدّ ذاتها, إلا أنّ أركون يخرج من سيّاق البحث إلى سيّاق الرّد على مرتكزات التشريع الإسلامي وكثير من البديهيّات والمسلمّات التي لها أصولها الضاربة في نصوص الشرع الإسلامي.
وعندما يقوم أركون بنسف الكثير من البديهيات المتعارف عليها بين المفكرين المسلمين فهو يدعو إلى تجديد الفكر العربي والإسلامي، ولكن دون تقديم البديل المتكامل, فما جدوى النسف دون تقديم البديل, ألا يصبح فكرنا عندها كالزوجة المعلقّة بدون مرتكزات نظريّة وبدون بديل ننطلق منه لبناء النهضة.
ويرى الدكتور محمد أركون أنّ علماء الإجتهاد في الإسلام قد جنوا على الإجتهاد عندما فرضوا مجموعة من الشروط والمقاييس لا يصّح الإجتهاد بدونها. وفي ذلك يقول أركون في كتابه "من الإجتهاد إلى نقد العقل الإسلامي" (صفحة 11): نقصد بذلك مؤسسّي المذاهب الكبرى اللاهوتية – القانونيّة الذين ثبتوا للقرون التاليّة المدونّات القانونيّة والعقائد الإيمانيّة الأرثذوكسيّة وعلم أصول الفقه، أي المعياريّة الضروريّة من أجل استنباط الأحكام بشكل صحيح من النصوص المقدسّة القرآن والسنة، وهكذا نجد أمامنا في بضع كلمات فقط كل شروط ومحدوديّة ممارسة الإجتهاد في الفكر الإسلامي الكلاسيكي.
ويؤخذ على الدكتور محمد أركون أنّه غير مطلّع على آليّة الإجتهاد في المدارس الإسلامية كافة, فالإجتهاد الذي يعني بذل الجهد لاستباط الحكم الشرعي لا يعني مطلقا مجموعة من الشروط يضعها الفقهاء ومن يجتهدون لتفعيل الشرع وجعله مواكبا لصيرورة حركة التاريخ والواقع. وليس الإجتهاد شروطا يضعها ويتوصّل إليها عقل المجتهد. إنّ الإجتهاد في بعده هو التحرك في منطلقات رسمها المشرّع ودور المجتهد هو في ردّ الفروع إلى أصولها دون التدخل في وضع هذه الأصول والتي وضعها المشرّع الإسلامي، وهنا الفرق الكبير بين المدرسة الإسلامية والمدرسة العلمانيّة الوضعيّة.
وفي سيّاق ردّه على محمد عبده ودعوته إلى فتح باب الإجتهاد، فإنّ محمد أركون يتهّم عبده بأنّ مفهومه لفتح باب الإجتهاد هو عبارة عن شرعنة البدعة التي كانت فيما مضى غير محسوبة على التراث الإسلامي، ويحاول أركون أن يقوّل عبده ما لم يقله وربمّا إلمامه المتأخر بلغة العرب جعلته يسيئ فهم بعض المفكرين المسلمين.


إشكالات النهج الأركوني:


في مجال نقد الأفكار والمناهج المعرفيّة يلجأ بعض المفكرين إلى استخدام الأدوات المعرفيّة التي توصلّ إليها العقل المعاصر لدى قراءة الأفكار التي أنتجت في حقبة زمنية هي في حكم العدم الآن, ففي مجال قراءة الفكر الماضوي هل نقرأ الماضي بعين الماضي أم بعين الحاضر!
فلدى تقييمنا لفكر أرسطو على سبيل المثال، هل نقرأه بعقلية كارل ماركس وجون بول سارتر، أم بعقليّة أفلاطون؟ بمعنى نجعل أنفسنا جزءا من الحقبة التاريخية التي عاشها أرسطو وبناءً عليه نتعامل مع فكره.
ومحمد أركون من الصنف الذي يتعامل مع الموروث الإسلامي بآخر ما توصلت إليه المدرسة الغربية النقديّة من نظريات ووسائل للتعامل مع النص ويسقط هذه الأدوات في التعامل مع النص الإسلامي الذي هو مختلف جغرافيا وصياغة ولغة ونفسية عن البيئة الغربية التي يستعين أركون بأدوات مفكريها النقديّة.
فمحمد أركون يقول: إنّ المصدر الأساس للفقه، وبالتالي القضاء، ليس هو القرآن بقدر ما هو التفسير، ونقصد بذلك أنّ الفقهاء قد قرأوا القرآن وفسروه بطريقة معينة، واتخذوا بعدئذ قراراتهم, وقد استخدموا في تفسيرهم المعارف اللغوية والإخباريّة السائدة في عصرهم، وكل هذه الأدبيات تتطلب اليوم مراجعة وإعادة قراءة على ضوء التاريخ النقدي الحديث.
وقد تناسى أركون أنّ المفسرين لا ينطلقون من أهوائهم بل يفسرون القرآن بالقرآن أو بالسنة النبوية الصحيحة أو بالشروط الشرعيّة المنصوص عليها.
وإذا سلمنا جدلا بما ذهب إليه أركون وأعلنّا عن حاجتنا إلى مرجعية نقديّة جديدة تخولنّا إعادة قراءة الموروث الإسلامي قراءة جديدة بعين العصر وعين الواقع والتحديّات المعاصرة, فمن أين نستقي المنهج النقدي الحديث لنسقطه على الموروث الإسلامي!
فيما يتعلّق بمحمد أركون فقد اختار بوضوح المنهج الغربي، وآخر إفرازاته، فهو كثيرا ما ينقل آراء جورج غرفيتش وجوزيف شافت وماكس فيبر وبورز دافيد وغولد زيهر وجاك غودي وعشرات آخرين.
وهؤلاء الذين تعاملوا مع التراث الإسلامي، فعلى أي أساس تعاملوا معه ! لقد كان الإسلام في نظرهم وحركته أيضا لا يختلف عن الحركات الدينيّة في الغرب, كالحركة الأرثوذوكسية وغيرها, وهذا التداخل والجمع بين أفكار متناقضة وبيئات متناقضة أيضا أوقع الكثيرين في فقدان نتائجهم النظريّة لأطرافها, ويبدو أن أركون كان أحد الذين انطلى عليهم هذا الخلط فهو كثيرا ما يستخدم مصطلحاتهم مثل: العقائد الإيمانية الأرثوذوكسية, الثرات الإسلامي السكولاستيكي (بمعنى المدرسي، أو الرأي الذي يعتمده الطالب في المدارس)، وهذه المصطلحات نفسها إستخدمها المفكرون المذكورون في تحليل مفردات الحركات الدينية في أقطار عدّة من العالم.
وإذا كان أركون يستند في مرجعيته النقديّة على إنتاجات من ذكرنا من المفكرين الغربيين, فإنّ المنطق العلمي والتحليل الفينومولوجي يفرضان علينا أن تكون أدوات النقد من سنخ الفكر الذي نريد تحليله وتشريحه, كما أنّ التعامل مع الفكر الإسلامي لا يمكن أن يكون انطلاقا من مصادر ومرتكزات غير متعارف عليها في هذا الفكر, وكذلك لا يمكننا أن نعالج فرضيات لم ترد في هذا الفكر نفسه، وإلاّ نكون بذلك قد حملنّا هذا الفكر أكثر مما يحتمل، فنخرجه من سيّاقه المعرفي بفرض فهم له لا يقّر هو به.
ولهذا فإنّ أركون يرى أنّ بعض آيات القرآن الكريم متناقضة ينطح بعضها بعضا، في حين أن القرآن يعلن جهارا نهارا أنّ لا اختلاف فيه ولا تبديل.
يقول أركون في المصدر السابق نفسه: هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق أنّا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون. وأمّا المعنى الثالث لكلمة النسخ والذي يعني إستبدال نص بنصّ أو نص لاحق بنص سابق فهو ناتج عن مناقشة الأصوليين، أي علماء الأصول الذين وجدوا أنفسهم في مواجهة نصوص متناقضة، وبالتالي فقد اضطروا لإختيار النصّ الذي يتناسب أكثر مع التوفيق وتحقيق الإنسجام بين الأحكام الشرعيّة التي كانت قد حظيت بإجماع الفقهاء الأوائل.
نسف مبدأ الإجماع:
تتفق المدارس الإسلامية كافة على أنّ الإجماع يشكّل مصدرا من مصادر التشريع، ومنذ 15 قرنا والمسلمون يلجأون إلى الإجماع، إمّا لسدّ الفراغ في دائرة الفتوى، وإما لجعل الشريعة الإسلامية تتواصل مع الحاضر ومستجداته الكثيرة.
أمّا الدكتور محمد أركون فله رأيه في الإجماع فهو يقول في المصدر السابق ص 77: يعرّف الإجماع عموما من قبل المسلمين الذين يمشي على آثارهم المستشرقون بأنّه أحد أصول القانون الديني, فإجماع المسلمين على مسألة من مسائل العقيدة والقانون يؤدّي في آن واحد إلى ضرورة الإنصياع له, كما إنّه يشكّل علامة من علامات الأرثوذوكسيّة التي ترسّخ وحدة الأمة وتراص صفوفها، ولكن السؤال المطروح: إجماع من! وما هو عددهم! ومن خلال إسقاطات عدّة من قبيل الحديث عن عدم التجانس بين المسلمين والخلافات الضاربة بينهم وهشاشة مجتمعاتهم يخلص أركون إلى إستحالة الإجماع, ويعكس تعريف أركون للإجماع بأنّه يفتقد إلى فهم كل للشريعة الإسلامية ومصطلحاتها, فالإجماع لا يعني توافق المسلمين رغم ما فيهم من ضعف، بل هو توافق أهل العلم المشهود له بالأعلمية والتقوى أيضا.
ويمكن القول من خلال تتبّع إنتاج محمد أركون إنّه يعتبر أنّ النصوص القرآنية متناقضة وبالتالي لا تصلح أن تكون مصدرا للتشريع الإسلامي, وقد تكون كذلك عندما يتيسّر لنا تفسير جديد لها يأخد بعين الإعتبار المرجعية النقدية والمعرفية المعاصرة الغربية طبعا.
ويعتبر أركون أنّ السنة النبوية هي الأخرى أسوأ حالا من القرآن الكريم ووضع المجتمعات الإسلامية في الماضي والراهن دليل على أنّ السنة شكلّت انعكاسا للتخلف والتقهقر الذين سادا المجتمعات الإسلامية.
والإجماع لا يمكن تحقيقه والعقل الإسلامي في عطلة إلى إشعار آخر, إذن وحسب رأي أركون مصادر التشريع الإسلامي في حاجة إلى إعادة سبك وصياغة وقولبة, ولذلك فهو يدعو إلى الثورة على ما يظنّه مليارا وربع مليار مسلم صحيح وسليم.
لكن وبعد الثورة على مرتكزات التشريع الإسلامي ماذا عسانا نفعل! إلى هنا ينتهي دور محمد أركون, لتبدأ الحضارة الغربية، وأركون أحد المدرسين في قلعة من قلاعها السوربون، ببّث فيضها إلى العالم العربي والإسلامي.
إنّها المغالطة الكبرى!

ـــــــــــ







يحيى أبو زكريا (هسبريس) .

طارق شفيق حقي
25/09/2010, 09:31 PM
العقل الإسلامي في عطلة إلى إشعار آخر


وهو أحد أبرز المدافعين عن علمانية فرنسا, وأحد المتحمسين لخلع الحجاب

أظن أن من يقول ذلك فعقله معطل وفكره مرهون لرهانات خذلته في آخر حياته

وهذا ما يسمى بؤس الحداثويين

فالنهايات المأساوية مصير كل من سار في درب الانقطاع عن جذوره

بكل الأحوال الوجدان الغربي يعيش حالة من مراجعة هذه الجريمة المسماة " الحداثة" وبدأت مراجعات كبرى

ستضع كل متبع لتشويش كبير

طارق شفيق حقي
25/09/2010, 09:43 PM
منذ أشهر اشتريت عدد كتب لأركون وغيره من دعاة التجديد في الدين الإسلامي على الطريقة الباريسية

وبمحض الصدفة وقع بين يدي كتاب عن الزنادقة ترجمة سهيل زكار

فأبعدت كتب أركون وقلت له لنقرأ أولاً لأجدادك حتى نفهمك بشكل صحيح

سأنقل لكم قريباً مقاربات تاريخية
بين فكر الزنادقة اليوم وفكرهم البارحة

طارق شفيق حقي
25/09/2010, 09:44 PM
منذ أشهر اشتريت عددا من الكتب لأركون وغيره من دعاة التجديد في الدين الإسلامي على الطريقة الباريسية

وبمحض الصدفة وقع بين يدي كتاب عن الزنادقة ترجمة سهيل زكار

فأبعدت كتب أركون وقلت له لنقرأ أولاً لأجدادك حتى نفهمك بشكل صحيح

سأنقل لكم قريباً مقاربات تاريخية
بين فكر الزنادقة اليوم وفكرهم البارحة

محمد حجاجي
26/09/2010, 04:46 PM
الاختلاف بيننا، أخي :


ــ أنك لا تعترف بالمختلف معك، وتعتبر أنك وحدك مالك للحقيقة ،

ــ فتعتبر "الحداثة"، وتضعها بين قوسين، "جريمة" ،(وأنت بالمناسبة، مستثمر لنتائجها . من يا ترى أوجد هذه الآلة العجيبة التي نتواصل بها الآن: الحاسوب والأنترنت؟)

ــ وتتهم أركون وغيره من المجتهدين الذين وهبهم ديننا الحنيف أجرا واحدا على الأقل على اجتهادهم، تعتبرهم "زنادقة" .

شخصيا لا أعتبر المختلف معي مجرما ولا زنديقا، ولا أعتبر نفسي مالكا للحقيقة، لأن لها عدة أوجه، وكما اعترفتُ ذات مرة: (رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب) .

ثم إن ديننا الحنيف يحثنا على أن نجادل أهل الكتاب بالتي هي أحسن، ونقول للكافرين (ومنهم فرعون!) قولا لينا، فبالأحرى من هم في نفس ديننا، لأن ذلك (المجادلة بالتي هي أحسن والقول اللين) هو الأدعى إلى الإقناع . أما التحامل والسباب والاتهامات المنفعلة... فلا تزيد الآخر المختلف إلا نفورا .



مع التحية والنقدير .



ــــــــــــــــــــ

عبد الله نفاخ
26/09/2010, 05:02 PM
عزيزي الأستاذ محمد حجاجي ....
لم أتدخل تحيزاً ، و قد آثرت طول المرحلة الماضية أن أبقى صامتاً في هذه المحاورة لأنني لست خبيراً بأمر الأستاذ محمد أركون و توجهاته ...
لكنني مضطر لقول بضع كلمات أرجو تحملها منكم
الحداثة التي يقف ضدها الأستاذ طارق ليست حداثة التقنيات و الاتصالات ، بل حداثة الفكر التي تريد ـ و إن لم تصرح ـ إعطاء رؤية مخالفة لرؤية التراث في أغلب موضوعات الفكر و الحياة
الأستاذ طارق لم يتكلم على المجتهدين بهذا الكلام ، بل تكلم على من يعتمدون في اجتهادهم على الأسس غير العلمية في مجال الاجتهاد الديني ، فهو لم يقل مثل هذا في علماء الدين المجددين ، بل في المفكرين الذين يريدون تفسير الدين بطريقة لا تتفق و طبيعته . أما الاجتهاد المقصود في الحديث الشريف فهو الاجتهاد المبني على الأسس التي بينتها أحاديث أخر ، من أهمها ما يروى عنه عليه الصلاة و السلام ( من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار ) و سأقوم بالتأكد من درجة الحديث ، و إن كانت أحاديث أخر تعضده في معناه

محمد حجاجي
26/09/2010, 05:33 PM
أستاذ عبد الله، أقدر تواضعك، وطريقتك في المجادلة .

حتى إذا اعتبرنا أركون، خارجا عن المجتهدين بالمفهوم الديني التراثي، وهذا في رأيي، فيه نظر، فمن يعطينا الحق باعتباره زنديقا أو مجرما ؟ هذا هو السؤال الذي أحاول أن أطرحه منذ مدة؟
أنا أعترف بأن الاختلاف ممكن ووارد، لكن ما هي الطريقة المثلى لتصريف هذا الاختلاف ؟
أنا أحاول أن أجد في تراثنا كيفية التعامل مع المختلف:

ــ بأن نتواضع ولا نزكي أنفسنا وننصبها مالكة للحقيقة بشكل مطلق، ووصية على الدين .
ــ بأن نتعامل مع الذي نختلف معه باللين وبالتي هي أحسن .(التراث يعطينا نماذج المجتهد والذمي والكافر) .
ــ بأن تكون مجادلتنا مبنية على الموضوعية والعقلانية والمنهج العلمي الرصين القادر على الإقناع (وشخصيا أركز على مسألة الإقناع، لأنها الكفيلة وحدها، في نظري، بجلب مخاطبنا إلى تبني أفكارنا ودفوعاتنا) .

أما في ما يخص مسألة الحداثة، أخي عبد الله، فأطرح هذا السؤال: هل يمكننا أن نفصل بين الخلفية الفكرية للحداثة وبين نتائجها التقنية وأدواتها الآلية؟

ولك تحياتي وتقديري .


ـــــــــــــــــ

طارق شفيق حقي
26/09/2010, 06:03 PM
الاختلاف بيننا، أخي :


ــ أنك لا تعترف بالمختلف معك، وتعتبر أنك وحدك مالك للحقيقة ،

ــ فتعتبر "الحداثة"، وتضعها بين قوسين، "جريمة" ،(وأنت بالمناسبة، مستثمر لنتائجها . من يا ترى أوجد هذه الآلة العجيبة التي نتواصل بها الآن: الحاسوب والأنترنت؟)

ــ وتتهم أركون وغيره من المجتهدين الذين وهبهم ديننا الحنيف أجرا واحدا على الأقل على اجتهادهم، تعتبرهم "زنادقة" .

شخصيا لا أعتبر المختلف معي مجرما ولا زنديقا، ولا أعتبر نفسي مالكا للحقيقة، لأن لها عدة أوجه، وكما اعترفتُ ذات مرة: (رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب) .

ثم إن ديننا الحنيف يحثنا على أن نجادل أهل الكتاب بالتي هي أحسن، ونقول للكافرين (ومنهم فرعون!) قولا لينا، فبالأحرى من هم في نفس ديننا، لأن ذلك (المجادلة بالتي هي أحسن والقول اللين) هو الأدعى إلى الإقناع . أما التحامل والسباب والاتهامات المنفعلة... فلا تزيد الآخر المختلف إلا نفورا .



مع التحية والنقدير .



ــــــــــــــــــــ





سلام الله عليك
أخي الكريم حجاجي
إن كنت أستثمر هذه الحداثة فأنا أستثمرها بنقودي وحر مالي - ولا أستثمرها مجاناً - بل إنها كثيراً ما تستغلني وتطلب أكثر من قيمتها الحقيقية

ثم أنني لا أعني الحداثة العلمية

رغم أني أنتقد أن توضع العقلانية ويوضع العلم موضع الدين - وهناك فرق بين العقلانية وبين العلم - و هناك تنبيه لنوع الدين هل هو الذي حارب العلم والعلماء - أم هو الدين الذي يحض على العلم


لا زلنا نتكلم في الحداثة والمجتمع الغربي أعلن موتها في ولادة ما بعد الحداثة

ولازلنا نعنى بأمور غيرنا ونترك فكرتنا وطريقة عيشنا الأنسب والأسلم


أنا لا أتكلم من فراغ أخي الكريم وإن كنت نعت البعض بالزنادقة فكلمة زنديق تعني الذي يأخذ بالتأويل ويحب تأويل النص على غير معناه الظاهري
وهناك فرق بين فهم النص ومعنى النص وتفسير النص وتأويله

أم موضوع الاجتهاد فإذا كنت ألج باب تفسير القرأن وأنا لم أتقن أبسط وسائله فهذه جريمة فكرية ، خاصة لو عرفنا أن هذا المجتهد الذي تقصد يحب تأويل القرآن وينعته بالأسطورة ، يقول الله تعالى :

فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ 7 آل عمران


فكيف لي أن أجتهد في القرآن وأنا لا أعرف المكي من المدني ولا الناسخ من المنسوخ ولا أسباب النزول ولا الضعيف من الصحيح ولا أتقن حتى اللغة العربية التي نزل بها كتاب الله


وكان الكاتب أركون مولع بالكتابة بالفرنسية وكتبه كما تقول مترجمة


فماذا سنقول على من يدعي أن القرآن الكريم محرف وهو خطاب أسطوري ولعل كلمة زنديق ستكون بعد ذلك حتماً شكل من أشكال المدح

المشكلة أننا لا نفهم ماذا تعني الحداثة

ولا نفرق بين الحداثة ككلمة تعني التحديث

والمصطلح

ولا نفرق بين مصطلح الحداثة الفكرية والحداثة الأدبية
ولا نفرق بين الحداثة العربية والحداثة الغربية

فأهم أسس الحداثة في الغرب الكفر بكل مورث أوربا الديني
فتم ابعاد الدين و تقديس العقلانية التي غدت دين أوربا

وحركة ما بعد الحداثة اليوم تعتبر هذه جريمة

فيتم الآن استعادة الدين مع الابقاء على العقلانية

والحمد الله أن هناك من أراد استعادة الله وادخاله إلى المنزل مرة أخرى

الوجدان الغربي رغم التطور المادي والعلمي الذي نقر به ونقدسه قام بذلك على حساب القيم والأخلاق والعلاقات الاجتماعية
فهو اليوم يدفع ثمناً باهظاً جداً

ثم أنني أتهم هذه العقلانية التي يزعمون- فالعقلانية لا بد أن تتوافق مع مقاصد الدين

فلماذا لم تمنع عقولهم العلمية الخمر رغم ملايين الحوادث والجرائم والأمراض التي تقع بهم
ولماذا لم تمنع عقولهم العلمية الزنا بكل أشكاله رغم أن الأمراض وأشهرها الايدز فتك بامولهم وأولادهم
ولماذا لم تمنع عقولهم العلمية كل المنتجات الضارة التي تنتجها المعامل الغربية

ولماذا لم تمنع عقولهم العلمية التلوث الرهيب الذي فتك بكل مصادر الطبيعة وذهب بالعالم بأسره إلى الهاوية


ولماذا لم تمنع عقولهم العلمية نهب الرأسمالية لكل ثروات العالم واستغلالها للقوى العاملة في شتى البلاد الفقيرة حتى ولدت الأزمات الاقتصادية وتفشت في كل العالم


العالم بهذا الشكل وبعد حكم الحداثة الغربية له يتجه نحو الكارثة

فإن كنا لا نحس بحجم الكوارث من حولنا وخاصة في هذا العام

فلنبقى ننسج كدودة القز أوهاماً لذيذة لأناس رهنوا عقولهم لفكر تخريبي ميت


تقبل تحياتي أخي الكريم

حسن العويس
26/09/2010, 06:33 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحداثة المذمومة ليست التقانات الجديدة فالذي لا يستفيد منها يكون خارج التاريخ ، أما بمفهومها الغربي فإني أضم صوتي لخيري منصور حين يتحدث عن الحداثة بما يلي :
لا اظن أن هناك عربيا يؤرقه شجن الحداثة بإمكانه أن يقول حداثتنا كما قال هنري لوفيفر مثلا عن الحداثة الفرنسية، لان المحاكاة والتلفيق والافتتان بكل ما يصدر عن الغالب بالمفهوم الخلدوني ليست الأقانيم الصالحة لتحقيق حداثة ذات مفاعيل وليست مجرد استبدال العباءة بالجينز او خيمة الخيش بخيمة الرخام، وبإمكان أي باحث في هذا الموضوع ان يضيف الى ما سمّاه ادونيس اوهام الحداثة الخمسة وعشرين وهما آخر خصوصا اذا تجاوز حدود مدار الادب حسب تعريفه الضيّق، فالحداثة ليست تقنية اسلوبية او اجراء جراحات تجميلية لمن يعانون من جملة شيخوخات عمرانية وفكرية وسياسية وفنيّة، لهذا ليس غريبا ان تكون المفارقة الآن هي تداخل ما قبل الحداثة مع ما بعدها، تماما كما يزوّر الاعلام الرسمي صورة ما قبل الدولة ويقدمها بقناع يتيح لها او تؤدي دورا ولو عابرا في الحفلة التنكرية للمجتمع الدولي، فالاناشيد والاعلام لا تصنع استقلالا، وأوسمة الجنرالات المهزومين لا تغيّر فاصلة واحدة في كتاب التاريخ، والحداثوية الشكلانية القائمة على التماهي والتصادي الببغاوي ليست حداثة على الاطلاق، وربما كانت اسوأ من أية اتباعية، لأنها تقدم تقارير مزورة وكاذبة عن عافية المريض العربي بحيث يركن الى هذا الوهم ويتفاقم مرضه حتى يلقى حتفه! أما موضوع الزندقة ، فأمر يتجلى للمسلم من خلال الممارسات ، التي يقوم بها الشخص المراد توصيفه بالزندقة . فالقرطبي يقول : كل متمرد عاة على طاعة الله فهو زديق . والذي يريد أن يتكلم عن علمٍ فهو يحاكم نِتاجه وليس شخصه .
. أبو الفرج بن الجوزي يقول : زَنادقَةُ الإسلام ثلاثةٌ : ابنُ الرّاوندي ، وأَبوحيان التَّوحيدي ، وأبو العلاء المعري . وَأَشَدُهُم على الإسلام ، أبو حيان ، لأنَّهُما صَرّحا وهو مَجْمَجَ وَلَمْ يُصَرِّح .
أما إذا أردنا أن نتكلم عن شعر المعري فهو في الذروة ، وأبوحيان نتاجاته مبدعة ، وأما ابن الراوندي فكان عجباً في الذكاء .
لذلك علق شمس الدين الذهبي على هذا الذكاء بقوله : لعن الله الذكاء بلا إيمان ورضي عن الغباوة مع الإيمان . والاختلاف في الرأي ظاهرة صحيحة . لكم تحياتي .

محمد حجاجي
27/09/2010, 10:18 AM
محمد أركون: مشروع نقدي كبير .
ــــــــــــــ

http://merbad.net/vb/images/no.jpg

فتحت نافذة بريدي الإلكتروني صبيحة الأربعاء الخامس عشر من شتنبر، وكان القصد كالعادة هو الاطلاع على ماتوصلت به من رسائل،ففوجئت بأن الرسالة التي سارعت إلى فتحها تحمل نبأ فاجعا هو وفاة الأستاذ محمد أركون. داهمتنا على الفور جملة من الأسئلة التي تتعلق بعلاقتنا الشخصية بالرجل، وأخرى تتعلق بمكانته العلمية وتأثيره في الفكر العربي والإسلامي المعاصر، ثم بمصير الأفكار التي عبر عنها خلال حياته العلمية على مدى زمني تجاوز أربعة عقود.
كان آخر لقاء لنا بالرجل هو حضورنا إلى جانبه في الندوة التكريمية التي أقامتها على شرفه كلية الآداب والعلوم الإنسانية بن مسيك بالدار البيضاء. نوقش فكره من جوانبه المختلفة في هذه الندوة التي حضرها جملة من الباحثين. ولم تكن حال الأستاذ أركون خلال هذه الندوة(يونيو2010) توحي بأنه سيرحل عن هذه الدنيا بعد فترة وجيزة. وكان زملاؤنا في الكلية التي انعقدت بها الندوة قد شرفونا برئاسة الجلسة التي ألقى بها أركون محاضرته. ودعنا الرجل بعد نهاية الندوة على أمل لقاء جديد، ولكن الوفاة حالت دون هذا اللقاء.
عندما قرأنا خبر الوفاة تذكرنا اللقاء الأخير، ولكن شريط الذكريات عاد بنا أيضا إلى أول لقاء، وإلى كل اللقاءات المختلفة التي جمعتنا بالراحل في مناسبات متعددة. كانت أول معرفتنا بالأستاذ أركون عام 1976 عندما حضر إلى كلية الآداب بفاس التي كنا عضوا في هيئة تدريسها من أجل محاضرة عرض فيها، كما كان شأنه دائنا، معالم دعوته المنهجية من أجل دراسة مجددة للفكر الإسلامي في العصر الوسيط، وللفكر الإسلامي المعاصر وقضايا العالم الإسلامي المعاصر. وخارج القاعة التي ألقيت بها المحاضرة كان لنا ولزملائنا نقاش حول هذا المشروع الكبير.
كانت لنا لقاءات أخرى عديدة تعرفنا من خلالها على شخصية أركون ومكانته العلمية وعلى صدى الأفكار التي يحملها مشروعه. فقد زرنا الرجل في مكتب عمله بباريس سنة1978، وطلبنا منه حينئذ قبول الإشراف على بحث جامعي لنيل الدكتوراه. لم يقبل الرجل الاقتراح فحسب، ولكن صدر عنه أكثر من ذلك اقتراح فاجأنا في وقته ودل على سمو تقويم الرجل للأوضاع. فبينما كنا نطمح إلى درجة السلك الثالث التي كنا نواجه هنا صعوبة في مناقشة بحثنا المتعلق بها، إقترح علينا تسجيل هذا البحث لنيل دكتوراه الدولة. وكان الموضوع يتعلق عندئذ بمكانة العلوم الإنسانية في الثقافة العربية المعاصرة. لن نقول إننا خرجنا في ذلك الوقت أكثر ثقة في النفس فحسب، فهذا شعور ذاتي، بل إننا تعلمنا من الرجل طريقة في التقويم. لقد خرجنا من مكتبه ونحن نحمل درجة جامعية عليا كنا نود أن نحصل عليها بعد مدة من الزمن. كان ماوراء ذلك هو معرفة الرجل بنا من خلال لقاءات سابقة وتقديره لمستوانا العلمي. لم يكتب لهذا المشروع أن يصل إلى نهايته لأننا انقطعنا عن إنجازه لأسباب ذاتية وموضوعية. ولكن حتى في حالة عدولنا عن المشروع لسعته وتعقده بالنسبة لشهادة جامعية، لم نجد من الأستاذ أركون إلا تشجيعا على المضي في عملنا البحثي في إطار جديد، وظلت علاقة الصداقة التي بدأت تنمو بيننا مستمرة في كل لقاءاتنا وإلى حين وفاته.
كانت لنا لقاءات أخرى بمحمد أركون كان له الفضل فيها بتشجيعنا على المضي في البحث. فعندما صدر كتابنا عن باشلار سنة 1980، وكنا إذاك بباريس، حملنا أول نسخة نهديها إلى الأستاذ أركون، وسمعنا منه بعد تفحص للكتاب كلاما طيبا عن اهتمامنا وطلب منا الاستمرار في نفس الطريق.
نترك الجانب الذاتي من العلاقة، علما بأنه من بواعثنا الشعور بالفقدان على إثر وفاة المفكر الفذ المتمثل في محمد أركون. ونبدأ النظر في قيمته الموضوعية. فقد حضرنا لموسمين جامعيين (1978-1980) دروس الأستاذ محمد أركون بجامعة السربون الثالثة إذاك، وهي دروس كانت تدور حول الفكر الإسلامي وكان أركون يقدم فيها الاقتراحات التي يتضمنها مشروعه الكبير في دفع دراسة التراث الإسلامي إلى نهج مسارات منهجية جديدة تعتمد على العلوم الإنسانية المعاصرة والمعطيات المفهومية والمنهجية التي تبلورت مع تطور تلك العلوم. كان أركون يدعو إلى حضور هذه العلوم اللغوية والسيميائية والسيميولوجية والأنثربولوجية والتاريخية والسياسية. وكان يدفع كل باحث يتصل به من أجل دراسة تهم الفكر الإسلامي إلى الاطلاع على معطيات تلك العلوم لجعلها أساسا لكل تحليل للظواهر الدينية وللنصوص الفكرية التي نتجت عن الحضارة الإسلامية. ومثل صاحب أي دعوة منهجية جديدة، فقد لقي مشروع أركون قبول عدد من الباحثين له، دون أن يغيب مع ذلك الاعتراض على مضمون هذا المشروع ، علما بأن هذا الاعتراض اتخذ أحيانا أشكالا عنيفة لما كان فيه من مراجعة لخلاصات كان الفكر الإسلامي المعاصر قد اتخذها بمثابة اليقينات التي يتناقلها البعض عن سابقيه أو عن معاصريه. ولكن الاعتراضات لم تدفع أركون أبدا إلى التراجع عما يدعو إليه وظل يعيد على الناس عناصر اقتراحاته في دروسه بالجامعة، ومن خلال مشاركته في عدد كبير من المناظرات الفكرية، وكذلك في المحاضرات التي كان يلقيها في جهات مختلفة من العالم العربي والإسلامي وخارجه وبطبيعة الحال في مؤلفاته العديدة التي ترجمت إلى لغات مختلفة منها اللغة العربية.
بم كان يتعلق الدرس الأركوني؟ كان يتعلق بالفكر الإسلامي في العصر الوسيط، وقد دعا أركون إلى تجديد النظر المنهجي فيه. ولكننا لمستا أن اهتمام أركون بفكر الماضي الحضاري الإسلامي لم يكن يثنيه عن الاهتمام بالفكر الإسلامي المعاصر. ونستطيع القول إن الغاية البعيدة كانت هي الفكر الإسلامي المعاصر. فالتجديد المنهجي متجه إلى المستقبل الذي أساسه الفكر المعاصر لأن كيفية تمثل هذا الفكر لماضيه لها أثر بليغ في صيرورته ومستقبله. وقد حضرنا بجامعة السربون بعض دروس أركون التي كانت تتعلق بالفكر الإسلامي المعاصر، ومنها دروس تناول فيها بالدرس كتاب علال الفاسي حول النقد الذاتي.(1980)
كان أركون يهدف من خلال إنتاجه في مجموعه إلى نقد العقل الإسلامي المنتج للخطاب اليوم مع تتبع جذور تكوين هذا العقل في الماضي. ولذلك فقد بحث في كل العلوم الإسلامية الشرعية والعقلية ليصل إلى ذلك التكوين.
كان المشروع كبيرا، وقد لاحظنا بحضور أركون نفسه أن حظ الدعوة إلى المنهج وإبراز عناصر هذا المنهج فاق حظ التطبيق. لاننكر وجود هذا التطبيق الذي من علاماته الأساسية فيما سمي بالإسلاميات التطبيقية في الكتاب الذي تناول فيه أركون شروط نشأة النزعة الإنسانية في الثقافية الإسلامية المعاصرة. ولكن، هذا حال كل مؤسس حيث لايكون بسعة الفرد إقتراح مشروع فكري والقيام بكل الإنجازات التطبيقية له. فتلك مسألة متروكة للأجيال اللاحقة.
كلما فكرنا في فكر توقفه الوفاة عن الاستمرار تساءلنا دائما عن مصير ما دعا إليه وعن سبل الاستمرار فيه. وفي اللقاء الأخير الذي جمعنا بأركون أثناء الندوة التكريمية له، رأيناه مغتبطا بما رآه عند جملة من الباحثين من غير جيله بجوانب من المشروع الكبير الذي خصص له كل حياته الفكرية، وسمعناه وهو يشيد بهؤلاء الباحثين يدعوهم في الوقت ذاته إلى العمل من خلال دروسهم وكتاباتهم، إلى السير في الطريق الجديد الذي اقترحه، وإلى تطويره بمقترحات أخرى.
توفي أركون، ولكن الطريق الذي سنه مستمر مع غيره .

ـــــــــــــــ


محمد وقيدي (هسبريس) .
ــــــــــــــــ

محمد حجاجي
27/09/2010, 10:26 AM
محمد أركون: مشروع نقدي كبير .

ــــــــــــــ



http://merbad.net/vb/images/no.jpg


فتحت نافذة بريدي الإلكتروني صبيحة الأربعاء الخامس عشر من شتنبر، وكان القصد كالعادة هو الاطلاع على ماتوصلت به من رسائل،ففوجئت بأن الرسالة التي سارعت إلى فتحها تحمل نبأ فاجعا هو وفاة الأستاذ محمد أركون. داهمتنا على الفور جملة من الأسئلة التي تتعلق بعلاقتنا الشخصية بالرجل، وأخرى تتعلق بمكانته العلمية وتأثيره في الفكر العربي والإسلامي المعاصر، ثم بمصير الأفكار التي عبر عنها خلال حياته العلمية على مدى زمني تجاوز أربعة عقود.

كان آخر لقاء لنا بالرجل هو حضورنا إلى جانبه في الندوة التكريمية التي أقامتها على شرفه كلية الآداب والعلوم الإنسانية بن مسيك بالدار البيضاء. نوقش فكره من جوانبه المختلفة في هذه الندوة التي حضرها جملة من الباحثين. ولم تكن حال الأستاذ أركون خلال هذه الندوة(يونيو2010) توحي بأنه سيرحل عن هذه الدنيا بعد فترة وجيزة. وكان زملاؤنا في الكلية التي انعقدت بها الندوة قد شرفونا برئاسة الجلسة التي ألقى بها أركون محاضرته. ودعنا الرجل بعد نهاية الندوة على أمل لقاء جديد، ولكن الوفاة حالت دون هذا اللقاء.

عندما قرأنا خبر الوفاة تذكرنا اللقاء الأخير، ولكن شريط الذكريات عاد بنا أيضا إلى أول لقاء، وإلى كل اللقاءات المختلفة التي جمعتنا بالراحل في مناسبات متعددة. كانت أول معرفتنا بالأستاذ أركون عام 1976 عندما حضر إلى كلية الآداب بفاس التي كنا عضوا في هيئة تدريسها من أجل محاضرة عرض فيها، كما كان شأنه دائنا، معالم دعوته المنهجية من أجل دراسة مجددة للفكر الإسلامي في العصر الوسيط، وللفكر الإسلامي المعاصر وقضايا العالم الإسلامي المعاصر. وخارج القاعة التي ألقيت بها المحاضرة كان لنا ولزملائنا نقاش حول هذا المشروع الكبير.

كانت لنا لقاءات أخرى عديدة تعرفنا من خلالها على شخصية أركون ومكانته العلمية وعلى صدى الأفكار التي يحملها مشروعه. فقد زرنا الرجل في مكتب عمله بباريس سنة1978، وطلبنا منه حينئذ قبول الإشراف على بحث جامعي لنيل الدكتوراه. لم يقبل الرجل الاقتراح فحسب، ولكن صدر عنه أكثر من ذلك اقتراح فاجأنا في وقته ودل على سمو تقويم الرجل للأوضاع. فبينما كنا نطمح إلى درجة السلك الثالث التي كنا نواجه هنا صعوبة في مناقشة بحثنا المتعلق بها، إقترح علينا تسجيل هذا البحث لنيل دكتوراه الدولة. وكان الموضوع يتعلق عندئذ بمكانة العلوم الإنسانية في الثقافة العربية المعاصرة. لن نقول إننا خرجنا في ذلك الوقت أكثر ثقة في النفس فحسب، فهذا شعور ذاتي، بل إننا تعلمنا من الرجل طريقة في التقويم. لقد خرجنا من مكتبه ونحن نحمل درجة جامعية عليا كنا نود أن نحصل عليها بعد مدة من الزمن. كان ماوراء ذلك هو معرفة الرجل بنا من خلال لقاءات سابقة وتقديره لمستوانا العلمي. لم يكتب لهذا المشروع أن يصل إلى نهايته لأننا انقطعنا عن إنجازه لأسباب ذاتية وموضوعية. ولكن حتى في حالة عدولنا عن المشروع لسعته وتعقده بالنسبة لشهادة جامعية، لم نجد من الأستاذ أركون إلا تشجيعا على المضي في عملنا البحثي في إطار جديد، وظلت علاقة الصداقة التي بدأت تنمو بيننا مستمرة في كل لقاءاتنا وإلى حين وفاته.

كانت لنا لقاءات أخرى بمحمد أركون كان له الفضل فيها بتشجيعنا على المضي في البحث. فعندما صدر كتابنا عن باشلار سنة 1980، وكنا إذاك بباريس، حملنا أول نسخة نهديها إلى الأستاذ أركون، وسمعنا منه بعد تفحص للكتاب كلاما طيبا عن اهتمامنا وطلب منا الاستمرار في نفس الطريق.

نترك الجانب الذاتي من العلاقة، علما بأنه من بواعثنا الشعور بالفقدان على إثر وفاة المفكر الفذ المتمثل في محمد أركون. ونبدأ النظر في قيمته الموضوعية. فقد حضرنا لموسمين جامعيين (1978-1980) دروس الأستاذ محمد أركون بجامعة السربون الثالثة إذاك، وهي دروس كانت تدور حول الفكر الإسلامي وكان أركون يقدم فيها الاقتراحات التي يتضمنها مشروعه الكبير في دفع دراسة التراث الإسلامي إلى نهج مسارات منهجية جديدة تعتمد على العلوم الإنسانية المعاصرة والمعطيات المفهومية والمنهجية التي تبلورت مع تطور تلك العلوم. كان أركون يدعو إلى حضور هذه العلوم اللغوية والسيميائية والسيميولوجية والأنثربولوجية والتاريخية والسياسية. وكان يدفع كل باحث يتصل به من أجل دراسة تهم الفكر الإسلامي إلى الاطلاع على معطيات تلك العلوم لجعلها أساسا لكل تحليل للظواهر الدينية وللنصوص الفكرية التي نتجت عن الحضارة الإسلامية. ومثل صاحب أي دعوة منهجية جديدة، فقد لقي مشروع أركون قبول عدد من الباحثين له، دون أن يغيب مع ذلك الاعتراض على مضمون هذا المشروع ، علما بأن هذا الاعتراض اتخذ أحيانا أشكالا عنيفة لما كان فيه من مراجعة لخلاصات كان الفكر الإسلامي المعاصر قد اتخذها بمثابة اليقينات التي يتناقلها البعض عن سابقيه أو عن معاصريه. ولكن الاعتراضات لم تدفع أركون أبدا إلى التراجع عما يدعو إليه وظل يعيد على الناس عناصر اقتراحاته في دروسه بالجامعة، ومن خلال مشاركته في عدد كبير من المناظرات الفكرية، وكذلك في المحاضرات التي كان يلقيها في جهات مختلفة من العالم العربي والإسلامي وخارجه وبطبيعة الحال في مؤلفاته العديدة التي ترجمت إلى لغات مختلفة منها اللغة العربية.

بم كان يتعلق الدرس الأركوني؟ كان يتعلق بالفكر الإسلامي في العصر الوسيط، وقد دعا أركون إلى تجديد النظر المنهجي فيه. ولكننا لمستا أن اهتمام أركون بفكر الماضي الحضاري الإسلامي لم يكن يثنيه عن الاهتمام بالفكر الإسلامي المعاصر. ونستطيع القول إن الغاية البعيدة كانت هي الفكر الإسلامي المعاصر. فالتجديد المنهجي متجه إلى المستقبل الذي أساسه الفكر المعاصر لأن كيفية تمثل هذا الفكر لماضيه لها أثر بليغ في صيرورته ومستقبله. وقد حضرنا بجامعة السربون بعض دروس أركون التي كانت تتعلق بالفكر الإسلامي المعاصر، ومنها دروس تناول فيها بالدرس كتاب علال الفاسي حول النقد الذاتي.(1980)

كان أركون يهدف من خلال إنتاجه في مجموعه إلى نقد العقل الإسلامي المنتج للخطاب اليوم مع تتبع جذور تكوين هذا العقل في الماضي. ولذلك فقد بحث في كل العلوم الإسلامية الشرعية والعقلية ليصل إلى ذلك التكوين.

كان المشروع كبيرا، وقد لاحظنا بحضور أركون نفسه أن حظ الدعوة إلى المنهج وإبراز عناصر هذا المنهج فاق حظ التطبيق. لاننكر وجود هذا التطبيق الذي من علاماته الأساسية فيما سمي بالإسلاميات التطبيقية في الكتاب الذي تناول فيه أركون شروط نشأة النزعة الإنسانية في الثقافية الإسلامية المعاصرة. ولكن، هذا حال كل مؤسس حيث لايكون بسعة الفرد إقتراح مشروع فكري والقيام بكل الإنجازات التطبيقية له. فتلك مسألة متروكة للأجيال اللاحقة.

كلما فكرنا في فكر توقفه الوفاة عن الاستمرار تساءلنا دائما عن مصير ما دعا إليه وعن سبل الاستمرار فيه. وفي اللقاء الأخير الذي جمعنا بأركون أثناء الندوة التكريمية له، رأيناه مغتبطا بما رآه عند جملة من الباحثين من غير جيله بجوانب من المشروع الكبير الذي خصص له كل حياته الفكرية، وسمعناه وهو يشيد بهؤلاء الباحثين يدعوهم في الوقت ذاته إلى العمل من خلال دروسهم وكتاباتهم، إلى السير في الطريق الجديد الذي اقترحه، وإلى تطويره بمقترحات أخرى.
توفي أركون، ولكن الطريق الذي سنه مستمر مع غيره .




محمد وقيدي (هسبريس) .


ــــــــــــــــ

صلاح الصادق الجهاني
25/10/2010, 07:41 AM
ركن من اركان الفكر المتحرر يغادرنا ولكن فكره باقي محمد اركن رجل يملك الحقيقة لماساة هذه الامة ولقضاياها العويصة المتكلسة وللفكر الظلامي الذي احتجازنا انفسنا فية فمنعنا من رويت الضوء والشمس والحياة جعل الوقت يمضي ونحن قابعون نردد اساطير الاولين الذين خلقنهم من نسج الخيل بعد ان عجزنا علي مواكبة الحظارة فلجاناء للماضي الانتقي وتحجر وتقوقع ماساة امة واكبر دليل علي ذلك ان رجل مثل محمد اركن يعيش خارج وطن هو في امس الحاجة لمثله رحم اللة محمد اركن ورحم الله الفكر والحقيقة في بئية الجهل المتعمد .