المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أرجوك سامحيني



عبد الله نفاخ
26/07/2010, 08:09 AM
أرجوك سامحيني :







صعد درجات السلم الأخيرة يتعثر في خطواته ، أحس حوله الدنيا كبستان مهجور تملؤه الأشواك و الحشائش المتوحشة ، حين مد يديه ليفتح الباب أصابته نفحة من تردد ، وجد ماضيه كله منبسطاً أمامه كلوحة تجريدية ، أعاد نفسه إلى واقعه بلحظة حزم ، ضغط مزلاج الباب بقوة كأنه بذلك يغلق باب ذكرياته الهادرة كالسيل .



رائحة الموت تعم المكان ، الجسد مسجى على السرير ، و مغطى كله بأحد أغطية النوم ، شعر وهو يقترب منه أنه يسير في عالم آخر ، اقترب من رأسها ، مد يديه ليرفع الغطاء فوجد شيئاً يمنعه ، و أحس أن برزخاً ما يفصل بينه و بين يديه .



كانت جدة فاضلة ، تأخر عن زيارتها زمناً ليس بالقصير ، مع علمه قدر محبتها إياه ، و هو يتذكر تفريطه في حقها انتبه ليجد نفسه قد حسر الغطاء عن وجهها دون أن يشعر ، وجد وجهها أمامه جامداً به مسحة من شباب ، بدت له قوية كما لم تبد من قبل ، ثابتة كما لم تبد من قبل ، صارمة كما لم تبد من قبل .


أصابته رعشة من خوف لم يدر سببها ، وجد نفسه دون تفكير يعيد الغطاء إلى وجهها ، يحث الخطى إلى باب الغرفة دون أن يلتفت ، ينزل باب السلم بخطى متثاقلة .

لم يعرف أحد ممن شهدوا الحادث في الطريق لم و كيف كان يقطع الشارع دون أن ينظر حوله ، كان ينظر للأمام دون أدنى التفاتة كأنما يحدق في شيء من الفراغ ، و حتى حين كان ملقى على الأرض كان لا يزال ذاهلاً يشخص ببصره نحو السماء و هو يتمتم : أرجوك سامحيني .... أرجوك سامحيني .

http://merbad.net/vb/images/statusicon/user_online.gif http://merbad.net/vb/images/buttons/report.gif (http://merbad.net/vb/report.php?p=511932) http://merbad.net/vb/images/misc/progress.gif

مصطفى البطران
26/07/2010, 11:22 AM
رسالة معبرة يطلب صاحبها الاستغفار من ذنب التقصير بحق جدته
اللغة المسبوكة بإتقان جعلت الرسالة مشوقة ومعبرة ولكن ماذا
عن نهايتها أتساءل هل هذه النهاية هي الطريق الأمثل للتكفير عن الذنب
تساؤل يطرح نفسه بقوة أم أن الأستاذ عبد الله له رأي آخر ؟؟؟
مررت فأحببت أن أترك أثرا ... دمت بخير

فريدة ابراهيم
26/07/2010, 04:51 PM
هل الموت يولِد موتا آخر..؟
هل يكفي أن نعاتب أنفسنا كي نكفر عن ذنوبنا التي لا تغتفر؟؟

ماذا بعد هذا السقوط..هل هو حادث مفاجئ.. نتيجة شرود في موت آخر..
هل هو كاف ..حتى يطلب السماح..

الأكيد أن النهاية ..لا تعني الهروب..ولكن لا بد من مجابهة هذا الموت بموت أقوى..

موت قد يعني حياة..بملء الحزن ..

والأكيد أنه مهما تعذب فلن يكفر عن ذنبه على الاقل على مستوى الصوت الداخلي
الذي لن يسكت وسيعاقبه مدى الحياة

وفي اللحظة التي يظن فيها أنه شفي من تأنيب الحضور..
ستهجم الذاكرة المثخنة بجرائم البشر في حق البشر الاضعف منهم..

فلنرحم شيوخنا..ونحترم صيرورة تارخيهم الزاخر بالمآسي
ولنكن رفقاء بعجائز اليوم ..حرائر الامس الجميل..

لفتة طيبة منك أن تجعل الكثيرين يعيدون حساباتهم في تعاملهم مع أعز واضعف الناس..

طارق شفيق حقي
26/07/2010, 10:18 PM
هل أخبرك بأمر : أشعر بشعور عارم أن هذه القصة لي وأنني من كتبها

بنت الشهباء
26/07/2010, 11:41 PM
هو التقصير الذي دفعه إلى الشعور بالذنب وتأنيب الضمير ، لكن ما وراء القصة كان أعمق بكثير لمن أراد أن يقرأها بصوت عال ....

وأصدقك القول يا أخي الكريم عبد الله

أنني أحسست برهبة الموت أمامي وكأنني أرى جدتك بالصورة التي أردت أنت أن ترسمها لنا وقد ظهرت لك وأمام الجميع وقد عاد لها الصفاء والنقاء لترشدنا إلى أن علامات المؤمن لا يمكن لها إلا أن تبدو واضحة على معالمه حين وفاته وهذا حقّ ولا يمكن إلا أن نصدقه ونؤمن به ...

فالتقصير هنا ليس كل ما يريده لنا ، بل كان يأبى إلا أن يرسل لنا رسالة وعظ وإرشاد أمام رهبة وخشية الموت الذي ينتظرنا وينتظر الجميع لنسأل أنفسنا :

ماذا أعددنا لهذه الساعة ، وإلى أين نحن نسير ؟؟....

عبد الله نفاخ
27/07/2010, 05:40 AM
رسالة معبرة يطلب صاحبها الاستغفار من ذنب التقصير بحق جدته
اللغة المسبوكة بإتقان جعلت الرسالة مشوقة ومعبرة ولكن ماذا
عن نهايتها أتساءل هل هذه النهاية هي الطريق الأمثل للتكفير عن الذنب
تساؤل يطرح نفسه بقوة أم أن الأستاذ عبد الله له رأي آخر ؟؟؟
مررت فأحببت أن أترك أثرا ... دمت بخير

أستاذنا الكبير ...
الحمد لله لم أقصر في حق جدتي نفس تقصير البطل ، و القصة ليست مما سمعت أو شهدت بل نسجتها بيدي و فكري ... ههههههه
النهاية لم أرد لها أن تكون تكفيراً ، بل دلالة على الحالة التي أصاته حتى أوقفت عقله و شلت تفكيره ..
شرفتموني كثيراً بمروركم و تعليقكم ...
ألف شكر لكم

عبد الله نفاخ
27/07/2010, 11:45 AM
هل الموت يولِد موتا آخر..؟
هل يكفي أن نعاتب أنفسنا كي نكفر عن ذنوبنا التي لا تغتفر؟؟

ماذا بعد هذا السقوط..هل هو حادث مفاجئ.. نتيجة شرود في موت آخر..
هل هو كاف ..حتى يطلب السماح..

الأكيد أن النهاية ..لا تعني الهروب..ولكن لا بد من مجابهة هذا الموت بموت أقوى..

موت قد يعني حياة..بملء الحزن ..

والأكيد أنه مهما تعذب فلن يكفر عن ذنبه على الاقل على مستوى الصوت الداخلي
الذي لن يسكت وسيعاقبه مدى الحياة

وفي اللحظة التي يظن فيها أنه شفي من تأنيب الحضور..
ستهجم الذاكرة المثخنة بجرائم البشر في حق البشر الاضعف منهم..

فلنرحم شيوخنا..ونحترم صيرورة تارخيهم الزاخر بالمآسي
ولنكن رفقاء بعجائز اليوم ..حرائر الامس الجميل..

لفتة طيبة منك أن تجعل الكثيرين يعيدون حساباتهم في تعاملهم مع أعز واضعف الناس..


كعادتكم في ردودكم أستاذتي تكشفون المخبوء و تفتشون عن الجوهر المستكن في تضاعيف الكلام .....
تعليقك يبعث دائماً و يظهر ما خفي على الكاتب نفسه ....
هذا حال النقاد أمثالك أستاذتي الكبيرة ...
سلمك الله

اسراء عبدالله وحيد
28/07/2010, 06:43 PM
السلام عليكم استاذي
القصه محبوكه وهدفها عظيم بارك الله فيك والى المزيد

اسراء العبودي

محسن العافي
29/07/2010, 12:51 PM
أصدقك القول ،جعلتني قصتك الحزينه هذه أشعر بتأنيب الضمير ،وإعادة النظر في تقوية صلة الرحم واصرة القرابة ،وهذا هو الهدف النبيل للقصة .
سلمت أيها الصديق ودمت متالقا وعزيزا

عبده رشيد
30/07/2010, 04:35 PM
قصة أقرب إلى الواقع منه إلى نسج الخيال مثلما تفضلت أخي الكريم عبد الله,جمالية السرد وسلاسة الاسلوب وتشويقه تشد القارئ من ألف النص ألى يائه .
فإن كانت هناك بعض النصوص تبحث لها عن حكاية , فالحكاية هنا هي النص .التفاتة كريمة إلى كل الجدات الذين يقضون في صمت في ظل غياب الابناء والاحفاد لسبب أو آخر.
تحياتي أخي عبد الله

عبد الله نفاخ
30/07/2010, 04:44 PM
هو التقصير الذي دفعه إلى الشعور بالذنب وتأنيب الضمير ، لكن ما وراء القصة كان أعمق بكثير لمن أراد أن يقرأها بصوت عال ....
وأصدقك القول يا أخي الكريم عبد الله
أنني أحسست برهبة الموت أمامي وكأنني أرى جدتك بالصورة التي أردت أنت أن ترسمها لنا وقد ظهرت لك وأمام الجميع وقد عاد لها الصفاء والنقاء لترشدنا إلى أن علامات المؤمن لا يمكن لها إلا أن تبدو واضحة على معالمه حين وفاته وهذا حقّ ولا يمكن إلا أن نصدقه ونؤمن به ...
فالتقصير هنا ليس كل ما يريده لنا ، بل كان يأبى إلا أن يرسل لنا رسالة وعظ وإرشاد أمام رهبة وخشية الموت الذي ينتظرنا وينتظر الجميع لنسأل أنفسنا :
ماذا أعددنا لهذه الساعة ، وإلى أين نحن نسير ؟؟....

سلمك الله أيتها الكريمة الفاضلة ....
النص بعدما خرج مني صار لكم ، و صرتم أحراراً في قراءته و تأويله ، و لا بد أن تظهر شخصياتكم في ذلك ....
و إذا ذكرت بنت الشهباء ذكرت النظرة الإيمانية المفعمة بالتقى ....
سلمك الله و بارك بك ....
كم أنا مسرور بأن نصي أعجبك

خليد خريبش
31/07/2010, 11:48 AM
ملاحظاتي حول هذه القصة هي:
تجد نفسك حينا أمام لوحة ثابتة وحينا آخر تحس بالحركة أي أن الكاتب يتخيل حركية مكونات تلك اللوحة.
حافظ الكاتب على التسلسل المنطقي للأحداث رغم البعد السريالي أي جنوحه عن الواقع في بعض الأحيان وفي حقيقة الأمر تشيه كتابات شفيق حقي في هذا الشأن.
أشيد أيضا بالسلامة اللغوية وحتى انسجام الأصوات وهذا شيء مهم لا يتقنه من هب ودب ،أعني أنه لايجب استعمال أصوات متنافرة تضجر القارئ.
تحياتي الأخوية.

عبد الله نفاخ
01/08/2010, 08:41 PM
السلام عليكم استاذي
القصه محبوكه وهدفها عظيم بارك الله فيك والى المزيد

اسراء العبودي

أختي الكريمة إسراء .....
بارك الله بك و سلمك ...
شرفني مرورك الكريم ...
و أسعدني أنك رأيت في القصة جمالاً .....
دمت مبدعة في ما تكتبين و تقرئين

محمد يوب
02/08/2010, 09:57 AM
قصة جميلة بلغتها البسيطة و تسلسلها المنطقي كانت النهاية حزينة لكن فيها عبرة للآخرين.
مودتي

عبد الله نفاخ
05/08/2010, 03:47 AM
أصدقك القول ،جعلتني قصتك الحزينه هذه أشعر بتأنيب الضمير ،وإعادة النظر في تقوية صلة الرحم واصرة القرابة ،وهذا هو الهدف النبيل للقصة .
سلمت أيها الصديق ودمت متالقا وعزيزا

بارك الله بك ....
و ما أريد بعد أن تؤثر قصتي في قاص مثلك .....
شجعتني و دفعت همتي للتركيز على كتابة القصة القصيرة .....
دمت مبدعاً في كل شيء

عبد الله نفاخ
12/08/2010, 03:22 AM
بارك الله بك أخي الكريم العزيز .....
شرفني مرورك و تعليقك و إعجاب قاص قدير مثلك بقصتي المتواضعة ....
ألف ألف شكر لك .....

عبد الله نفاخ
12/08/2010, 03:24 AM
ملاحظاتي حول هذه القصة هي:
تجد نفسك حينا أمام لوحة ثابتة وحينا آخر تحس بالحركة أي أن الكاتب يتخيل حركية مكونات تلك اللوحة.
حافظ الكاتب على التسلسل المنطقي للأحداث رغم البعد السريالي أي جنوحه عن الواقع في بعض الأحيان وفي حقيقة الأمر تشيه كتابات شفيق حقي في هذا الشأن.
أشيد أيضا بالسلامة اللغوية وحتى انسجام الأصوات وهذا شيء مهم لا يتقنه من هب ودب ،أعني أنه لايجب استعمال أصوات متنافرة تضجر القارئ.
تحياتي الأخوية.

أخي الكريم خليد ...
بارك الله بك و بقراءتك الراقية لقصتي المتواضعة ....
شرفني مرورك و كلماتك ....
ألف ألف شكر لك ....