المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا قال الله تعالى : أسرى بعبده ليلاً ؟



طارق شفيق حقي
17/07/2010, 01:03 AM
قال الله تعالى في سورة الإسراء :


سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِير1 الإسراء


إذا كان معنى " سرى " مشى ليلاً فيقال يا ساري ، ومعنى أسرى بعبده أي سيره ليلاً

فلماذا أضاف الله تعالى كلمة ليلاً ؟

بنت الشهباء
24/07/2010, 12:07 AM
أخي الكريم طارق

أضاف الله تعالى كلمة ليلا للتأكيد على أن السرى لا يكون إلا بالليل كما جاء في

الصحاح في اللغة

المؤلف : الجوهري

" ويقال: سَرَيْنا سَرْيَةً واحدة، والاسم السُرْيَةُ بالضم والسُرى. وأَسْراهُ وأَسْرَى به، وإنَّما قال تعالى: " سُبْحانَ الذي أَسْرى بعَبْدِهِ ليلاً " وإن كان السُرى لا يكون إلاّ بالليل للتأكيد. والسِرايَةُ: سُرَى الليل، وهو مصدر."

ولو أننا حاولنا أن ننظر إلى الناحية البلاغية في الآية الكريمة بإضافة كلمة ليلا وخاصة أنها سبقها سبحان فهذا قد يدلّ على أن التسبيح والتقرّب إلى الله تعالى يكون أقرب إليه العبد من ربه في الثلث الأخير من الليل .....

وجزاك الله خيرا

عبد الله نفاخ
24/07/2010, 07:30 PM
لما كان الأمر نظراً في لمحة قرآنية بيانية كان لا بد من العودة إلى ما قاله أئمة التفسير و البلاغة من علمائنا الكبار ، و إذا ما ذكر التفسير و اللغة سارع الذهن إلى العلمين الكبيرين جار الله محمود الزمخشري صاحب الكشاف و أساس البلاغة ، و أبي حيان الأندلسي صاحب البحر المحيط و ارتشاف الضرب .
قال الإمام الزمخشري في هذه الآية (( فإن قلت الإسراء لا يكون إلا بالليل فما معنى ذكر الليل ؟
قلت أراد بقوله ليلاً بلفظ التنكير : تقليل مدة الإسراء ، و أنه أسرى في بعض الليل من مكةإلى الشام مسيرة أربعين ليلة ، و ذلك أن التنكير فيه قد دل على معنى البعضية ، و يشهد لذلك قراءة عبد الله و حذيفة : من الليل أي من بعض الليل . كقوله ( ومن الليل فتهجد به نافلة ) يعني القيام في بعض الليل )).
وفي حاشية على الكشاف للشيخ أحمد بن المنير الإسكندري قال (( و قد قرن الإسراء بالليل في موقع لا يحسن الجواب عنه بهذا كقوله ( فأسر بأهلك بقطع من الليل ) و كقوله تعالى ( فأسر بعبادي ليلاً ) فالظاهر _ و الله أعلم _ أن الغرض من ذكر الليل و إن كان الإسراء يفيده تصوير السير بصورته في ذهن السامع ، و كان الإسراء مما دل على أمرين : أحدهما السير ، و الآخر كونه ليلاً أريد إفراد أحدهما بالذكر تثبيتاً في نفس المخاطب و تنبيهاً على أنه مقصود بالذكر .))
أبعد هذا الكلام كلام !!!! .... أبعد هذه الروعة روعة .... أبعد فكر علمائنا الأقدمين فكر !!!!!!!!
أما الإمام أبو حيان الأندلسي في بحره المحيط فيقول (( و انتصب ليلاً على الظرف و معلوم أن السرى لا يكون في اللغة إلا بالليل ، و لكنه ذكر على سبيل التوكيد ، و قيل : يعني في جوف الليل ، فلم يكن إدلاجاً و لا ادٍّلاجاً ))
لله دركم أيها الكبار ...... أفلا يحق لنا بعد كل هذا أن نقول : ما ترك الأول للآخر !!!!!!

عبد الله نفاخ
09/09/2010, 10:11 PM
رحمك الله يا شيخنا الرافعي .... يا معجزة الأدب العربي
قال رحمه الله في مقالته في الإسراء و المعراج ( الإنسانية العليا ) بالجزء الثاني من وحي القلم
( و قد حار المفسرون في حكمة ذكر الليل في آية الإسراء من قوله تعالى ( سبحان الذي أسرى ...... من آياتنا ) فإن السرى في لغة العرب لا يكون إلا ليلاً
و الحكمة هي الإشارة إلى ان القصة قصة النجم الإنساني العظيم الذي تحول من إنسانيته إلى نوره السماوي في هذه المعجزة ، و يتمم هذه العجيبة أن آيات المعراج لم تجئ إلا في سورة النجم .
و على تأويل ان ذكر الليل إشارة إلى قصة النجم ، تكون الآية برهان نفسها ، و تكون في نسقها قد جاءت معجزة من المعجزات البيانية ، فإذا قيل إن نجماً دار في السماء ، أو انقطع ما تقطعه النجوم من المسافات التي تعجز الحساب ، فهل في ذلك من عجيب ؟
و هل فيه من شك أو نظر أو تردد ؟
و هل هو إلا من بعض ما يسبح لله بذكره ؟؟
و هل يكون إلا آية اتصلت بالآيات التي نراها اتصال الوجود بعضه ببعض ؟ )
انتهى كلام شيخنا الرافعي بنصه
فهل من متدبر ؟؟

طارق شفيق حقي
10/09/2010, 12:28 AM
ما شاء الله
رحم الله أمير النثر العربي الشيخ العلامة الرافعي وأسكنه فسيح جنانه

أحسنت النقل أستاذ عبد الله نفاخ

حسن العويس
10/09/2010, 10:47 AM
سرى يسري أي مشى ، وتقول سرْتُ إليه ولا يُعرفُ وقت المسير ، وسارت أخباره أو سارت قصيدته أي انتشرت لكثرة خطاها .
والسُرى المشي ليلاً . وقد قال ابن الوردي :
فبمكث الماء يبقى آسناً ـــــــــــــــــــــــــ وسُرى البدر به البدرُ اكتمل
وقد قال آخر في مدح الإسلام :
سرى في شرايين الحياة حضارةً ـــــــــــ كفى أنها سوت بين مسودٍ وسيّد
وما الإضافة برأيي إلا لتبيان المسير في حال الليل وإزالة الإبهام .

أبوأويس
12/09/2010, 12:29 PM
هذا نموذج من تعامل الصحابة رضي الله عنهم مع كتاب الله تعالى في تأويله وشرحه وطريقة معرفة بيانه .
قال تعالى : فلينظر الإنسان إلى طعامه أنا صببنا الماء صبا ثم شققنا الأرض شقا فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا , وحدائق غلبا وفاكهة وأبا متاعا لكم ولأنعامكم
قال بن كثير رحمه الله تعالى : قوله تعالى وفاكهة وأبا , أما الفاكهة فهو كل ما يتفكه به من الثمار , قال بن عباس رضي الله عنهما : الفاكهة كل ما أكل رطبا , والأب ما أنبتت الأرض مما تأكله الدواب ولا يأكله الناس وفي رواية عنه رضي الله تبارك وتعالى عنه هو الحشيش للبهائم وقال مجاهد وسعيد بن جبير وأبو مالك الأب الكلأ وعن مجاهد والحسن وقتادة وبن زيد الأب للبهائم كالفاكهة لبني آدم وعن عطاء كل شيء نبت على وجه الأرض فهو أب وذكر بن كثير رحمه الله تعالى جملة من أقوال السلف رضي الله عنهم لاتخرج عن ما مضى وقال بن كثير رحمه الله قال أبو عبيدة القاسم بن سلام يعني في كتابه فضائل القرآن حدثنا محمد بن يزيد قال حدثنا العوام بن حوشب عن ابراهيم التيمي قال سئل أبو بكر الصديق رضي الله عنه عن قوله تعالى وفاكهة وأبا , فقال الصديق رضي الله عنه أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إن قلت في كتاب الله مالا أعلم وهذا إسناد منقطع بين ابراهيم التيمي وأبي بكر الصديق رضي الله عنه قال وأما ما رواه بن جرير رحمه الله حيث قال حدثنا بن بشار حدثنا بن عدي قال حدثنا حميد عن أنس قال : قرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه عبس وتولى فلما أتى على هذه الأية وفاكهة وأبا قال قد عرفنا الفاكهة فما الأب ؟
فقال عمر يعني لنفسه , لعمرك يا بن الخطاب إنها هذا لهو التكلف قال فهذا إسناد صحيح واخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن وأخرج البخاري رحمة الله عليه في الصحيح قول عمر نهينا عن التكلف قال بن كثير رحمه الله تعالى في هذا جميعه وهو محمول على انه أراد أن يعرف شكله وجنسه وعينه وإلا فهو وكل من قرأ هذه الآية يعلم أنه من نبات الأرض ولكن نهينا عن التكلف .
كتاب الله تبارك وتعالى هو عزنا هو ذكرنا وكتاب الله تبارك تعالى فيه خلاصنا من جميع ذلنا كتاب الله تبارك وتعالى ينبغي أن تفسر آياته بآياته وإلا فبأحاديث نبينا صلى الله عليه و على آله سلم وإلا فبأقوال الأصحاب رضوان الله عنهم فإن لم يوجد شيء من ذلك فباللغة التي أنزل بها القرآن , فهذا هو الطريق في تأويل كتاب الله تبارك وتعالى لا يحيد عنه إلا من زاغ عن منهج أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم , إن هذا لهو التكلف يا عمر!!!
أخرج الآجري والدارمي وبن بطة في الإبانة , والصابوني في عقيدة السلف , وبن وضاح في البدع والنهي عنها , وفي إسناد الآجري في الشريعة عن السائب بن يزيد قال : أتي عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعني جاءه من جاءه , فقالوا يا أمير المؤمنين إنا لقينا رجلا يسأل عن تأويل القرآن فقال اللهم أمكني منه , قال فبينا عمر ذات يوم يغدي الناس إذ جاءه رجل عليه ثياب وعمامة فتغدى حتى إذا فرغ قال ياأمير المؤمنين والذاريات ذروا فالحاملات وقرا فقال عمر أنت هو فقام إليه فحصر عن ذراعيه فلا زال يجلده حتى سقطت عمامته , وقال و الذي نفس عمر بيده لووجدتك محلوقا لضربت رأسك لأن التحليق سمة الخوارج , فقال عمر رضوان الله عليه لما حصر عن ذراعيه فأقبل عليه فجلده حتى سقطت عمامته فلم يجده محلوقا , قال لووجدتك محلوقا يحلف عمر رضي الله عنه بالله جل وعلا لضربت رأسك , ألبسوه ثيابه واحملوه على قتب ثم أخرجوه حتى تقدموا به بلاده ثم ليقم خطيبا ليقم رجل خطيبا أو ليقم هو خطيبا ثم ليقل إن صبيغا وهو الرجل الذي كان يسأل والذي دعا عمر رضي الله عنه ربه أن يمكنه منه , صبيغ بن عسل , وكان سيد قومه , ثم ليقم خطيبا ثم ليقل إن صبيغا طلب العلم فأخطأه , إن صبيغا طلب العلم فأخطأه , فلم يزل وضيعا في قومه حتى هلك , وكان سيد قومه , وهناك روايات لقصة صبيغ بن عسل هذا مع عمر رضي الله عنه , فيها أنه أعد له عراجين النخل فلما دخل عليه قال عمر : من أنت فقال : أنا عبد الله صبيغ , فقال عمر : وأنا عبدالله عمر , ثم أهوى إليه فجعل يضربه بتلك العراجين , فما زال يضربه حتى شجه , فجعل الدم يسيل على وجهه , يعني عمر رضوان الله عليه ضربه حتى جعل الدم يسيل على وجهه , فقال حسبك يا أمير المؤمنين فقد والله ذهب الذي كنت أجد في رأسي من شيطانه الذي عشش في يافوخه , قد ذهب عني الذي كنت أجد يا أمير المؤمنين , هنالك روايات بمجموعها تصح ورواية الآجري هي صحيحة لاتحتاج إلى غيرها لتصح , وفي تلك الروايات أن عمر رضي الله عنه , قد أعلم أهل بلاده ألا يجلسوا إليه وألا يجتمعوا به فكان الناس يكونون حلقا في المسجد فإذا أهل صبيغ داخلا قال بعضهم لبعض عزمة أمير المؤمنين أو عزمة أمير المؤمنين إن شئت , فيتفرقون حينئذ ويضل هو كالبعير الأجرب حتى مات .

عبد الله نفاخ
13/09/2010, 02:50 AM
و هل ترى يا أبا أويس أننا خالفنا هذا النهج بما نقلنا و عصينا الله و رسوله ؟؟
ألم نعتمد على اللغة و التأمل فيها ؟؟؟
هل هذا من التأويل المرفوض الذي عنيته ؟؟؟

أبوأويس
17/09/2010, 02:37 PM
تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام

أبوأويس
17/09/2010, 02:38 PM
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (( من قال في القرآن برأية فأصاب فقد أخطأ ))

عبد الله نفاخ
17/09/2010, 03:27 PM
تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام

لكننا لم نقل بمجرد الرأي ، بل تأملنا في اللغة
ثم إننا لم نفسر ، بل تفكرنا في الآيات و مدلولاتها ، و لم نبن على ما قلنا أحكاماً شرعية ، و لم نحل حراماً ، و لم نحرم حلالاً
و من اعتمدنا على أقوالهم هم ممن شهد لهم الأوائل و الأواخر بالفضل و الصدق و العلم !!