المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لن أبكي.....................



فطيمة عزوني
23/06/2010, 07:13 PM
مثل طفلة صغيرة تختبئين خلف زجاج شرفة غرفتكما المطلة

على فناء البيت. وكأنك تختبئين-تهربين- من نفسك التي –

ترفضين- لا ترغبين أن تواجهك

بانهزامك أمام أنثى مثلك ...تراقبينه من خلالها وهو حامل

لحقيبته متجها نحو العيادة . بحركة آلية يمتد بصره إلى حيث

كنت تختبئين وكأنه كان موقن أنك ما دمت لم تودعيه عن قرب

كالعادة لن يطاوعك قلبك وسترمقينه ولو


بنظرة من بعيد. ينطلق بسيارته ليتركك وحدك تحتضنين –

تواجهين- حمم بركان الألم التي فجرها ليلا داخل أعماقك

وهو يعترف لك بزواجه من أخرى...........

وأنت تراقبين السيارة وهي تبتعد عن المنزل شيئا

فشيئا ......كان حواركما بالأمس كأنه معزوفة حزينة ترافق

مشهد ابتعاده عن المنزل أكثر فأكثر حتى غاب منظر السيارة

بالكامل.

لم تتخيلي يوما أن هذا البيت الذي بني على الحب والتقوى

،يمكن أن يغزوا سماءه حب امرأة أخرى..... غيرك. ولا أن

ينبض قلب من أحببتِ حد الثمالة من أجل امرأة أخرى.....كان

ذلك الأمر مستحيلا بالنسبة لك حد القطع بذلك. لكنه الآن

أصبح واقعا معاشا ...وليس مجرد نزوة عابرة ناتجة عن ما

يسمى " أزمة منتصف العمر" .....بل واقعا تتأهبين لعيشه

بكل تفاصيله. سواء رضيتِ ...ومن ثم بقيت هنا تجترين كل

يوم قهرك.... وانهزامك ،أو رفضت فرحلتِ........ ما دام قد صرح

برغبته في نقلها للعيش معكما في الطابق العلوي .


يتمسك قلبك المرتجف حد القهر بكلمة" يا الله". تترجمين

الكلمات المرة في حلقك و أعماقك بتنهيدات عميقة ....كانت

تحرك ستار الشرفة في حركة جنونية كلما خرج ذلك الزفير

الملتهب من العمق.....من شدة الحرقة .


غريب أنك حتى الآن لم تسمحي لتلك العبرات - التي أسرت

صوتك في سجن الغصة.وجعلت من عينيك قطعتا زمرد تبرقان

حد الاشتعال.... - أن تنزل.


وكأنك لا تريدين تخفيف الألم بداخلك حتى تستجمعي

شجاعة كافية لأخذ قرارا مريحا للكل. أنت وهو .....و هي

أيضا......وكأنك تقولين لنفسك سأبقى قوية صامدة حتى

النهاية...... .ولتنزل العبرات بعدها كيفما شاءت.

تتذكرين تفاصيل حياتكما ...كلها كانت جميلة وعذبة....أكيد لا

تخلوا من مشاكل عابرة...ولكن حتى تلك المشاكل كانت

تضفي على حياتكما طعما خاصا ...خاصة بعد أن يتم الصلح

بينكما..... فتتساءلين:" مادام الأمر كان كذلك فأين المشكل

وكيف حدث الإختراق"؟؟؟


تبحثين بعمق أكثر وأكثر في تفاصيل أدق من حياتكما

المشتركة...فتقسمين بينك وبين نفسك...أنه لم يكن هناك

شئ يعكر صفوكما.....فتطرحين نفس السؤال على نفسك

مرة أخرى باستغراب أكبر ...:"فأين المشكل؟؟؟؟؟".

لأول مرة تشعرين ببرد غريب مميت طرد ذلك الدفء الذي

طالما دفأ الفؤاد و الروح هنا...... في بيتكما......

تتجهين نحو باب الغرفة كي تخرجي منها فالجو هنا أصبح

خانقا حد الاستفزاز ...تنزلين الأدراج وتخرجين من الباب

الرئيس للبيت نحو الفناء .....كأنه جاء دورك الآن لترمقي

شرفة الغرفة والبيت بكامله بنظرة مثلما فعل هو قبل أن يغادر

البيت للعمل....لكن نظرتك كانت تختلف عن نظرته ......فدافع

كل احد منكما لذلك التصرف مختلف تماما. هو كان يبحث عن

الشرفة عله يصادف عيناك كي يقرأ فيهما مايخفيه

صمتك...أما أنت فكنت تنظرين وكأنك تعطين لنفسك إشارة

بإمكان الرحيل عن هنا....ما دام المقام لم يعد يطيب لنفسك

هنا.........

تتنفسين بعمق اكبر حتى تطردي خيار البكاء......غريب .....لو

كانت امرأة أخرى في نفس موضعك لفجرت البيت صراخا في

وجه زوجها.....ولبكت حرقتها لعل الغليل يشفى...فمالي أراك

صامتة تبتلعين قهر الأنثى الجريحة ...التي على الرغم من

جرحها...ترغب في أن تنسحب في صمت....دون أدنى كلمة

عتاب....كأنك تفضلين خيار الراحة لكليكما.....فرغم كل شئ

أراك لا تزالين أسيرة لقلب ذلك الرجل....أيعقل أن تبقين

حاملة ودا لمن أسدل ستار الظلام على كل أحلامك....بحجة

أنه أحب أخرى!!!!!!!!!!!!!

تحمدين الله بينك وبين نفسك على عدم تركك لعملك...رغم

الحاحه هو بحجة التفرغ لحياتكما والبيت ....فلولا عملك لكانت

مساحة الاختيار لديك الآن أضيق.....ولكانت غصة الحلق

أقسى وأشد.

تعاودين الدخول للبيت .ومن ذلك الصعود للغرفة مرة

أخرى ..تنظرين حولك فتجدين أشياء كثيرة مبعثرة.تعاودين

ترتيبها في أماكنا حد الإتقان المطلق..كما لو أنك تعاودين

ترتيب ذكرياتك الجميلة هنا داخل الذاكرة إيذانا منك بتركها

للنسيان....وفي آخر المطاف ترتبين حقيبتك.....لم يكن يصعب

عليك حملها فكل ما فيها كان هاتفا نقالا بطاقة تعريف مع

جواز للسفر....قبل أن تخرجي مررت أمام مرآتك تدققين في

وجهك ذو التفاصيل الطفولية البريئة...والشامات الجميلة كأنك

تتأكدين أن ذاك الوجه الذي عشقه زوجك في ما مضى لا

يزال على هيئته.... ....تتوقف عيناك عند قطع ذهبية كانت

قدمت لك منذ سنين منه كهدايا . بعضها أيام الخطوبة وبعضها

بعد الزواج.....دون أن يستغرقك التفكير طويلا تنزعينها بحركة جنونية .
ومنه الخاتم الذي كان قد أهدي لك ليلة

زفافكما...تضعينهم على الطاولة المحاذية لجهة السرير التي

تعودت النوم عليها...تديرين ظهرك لأشيائك التي تملأ الغرفة

لتخرجي منها.......... بل ومن حياته كلها....تنزلين..... تدخلين

مرأب السيارات تلقين نظرة على سيارتك التي كانت هدية

لعيد ميلادك السابق...تخرجين مفاتيحها ومن ذلك تضعينها

فوق مقعد السيارة.... تخرجين من البيت ....توقفين سيارة

أجرة.... تطلبين من السائق التوجه لبيت أهلك القديم التي

كنت ورثته عنهما.....تنزل أخيرا من عينك عبرة....لكن ليس

حزنا على خيارك....ولكن لتذكرك والديك....فحتى عند غيابهما

عن الدنيا لا تجدين مهربا لك إلا إليهما....... تمسحين عبرتك

التي فرت من عينك جبرا.....تحدثين نفسك أنك ما دمت راضية

عن اختيارك.....فأبد .....أبدا لن أبكي.......

خليد خريبش
10/08/2010, 01:07 PM
أديبة أختي،أسلوب روائي انسيابي،في الجزائر روائيون كبار.

فطيمة عزوني
10/08/2010, 07:48 PM
أديبة أختي،أسلوب روائي انسيابي،في الجزائر روائيون كبار.




السلام والرحمة.....
وأين أنا من أولئك الكبار؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
مأ أنا إلا هاوية تنفس عن أفكارها ببعض الكلمات....
أشكر لك مرورك .........تقديري.....فطيمة

مروان قدري عثمان مكانسي
10/08/2010, 07:56 PM
[\الأخت فطيمة
يعيش الإنسان بين مد الأمل وجزر اليأس
والصدمات لا تزيد العاقل إلا قوة ومضاء
عباراتك سلسة ، وأفكارك منسابة
بوركت جهودك ، وبورك حرفك .

فطيمة عزوني
11/08/2010, 09:02 PM
[\الأخت فطيمة
يعيش الإنسان بين مد الأمل وجزر اليأس
والصدمات لا تزيد العاقل إلا قوة ومضاء
عباراتك سلسة ، وأفكارك منسابة
بوركت جهودك ، وبورك حرفك .

السلام والرحمة...........
فعلا أخي الصدمات تزيد العقل نضجا وتفكيرا أعمق أكثر وأكثر.....تقديري