PDA

View Full Version : رسالة إلى القيمين على حياتنا الأدبية



عبد الله نفاخ
15/06/2010, 08:39 AM
رسالة



إلى القِيِّمين على حياتنا الأدبية



لله ما أثمر أدبكم يا أسلافنا .....



كان بين يديَّ كتاب الكامل للمبرد و هو ما هو جلالة و إفادة بين كتب الأدب قديمها و محدثها ، و سحت أجول بين صفحاته التي ملؤها شخوص و أحداث و وقائع مما يملأ قارئه علماً و فهماً ، و يجعل له جعبة من الألفاظ و المعاني التي يتلقاها عن أكابر الشعراء و الأدباء و العلماء ، و يفيد منها وقت الحاجة إليها .



و هنا يحق لي أن أتساءل ....



أيعقل أن يعرض نفر ممن يدعون الحداثة عن كل هذه المغاور المملوءة كنوزاً و جواهر و لآلئ ، و يصروا على أن يغرقوا في بحور غموضهم و إبهامهم ، تحت ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرجوا أيديهم لم يكادوا يرونها ، و يصفوا من يتأثر هذا الطريق الزاهر بالعفن ، و التخلف ، و التحجر ، و العيش في قوقعة الماضي .



لا نريد أن نعيش خارج زماننا ، فمهما فعلنا فإننا لا نملك أن نقلب دورة الأيام و نرتد إلى القرون الأولى للهجرة ، و لا نرغب في أن نقصر ساحة الأدب علينا و نحرم منها من لهم آراء تخالفنا أو تعارضنا ، فالمضمار يتسع للجميع ، و القمع و الاستبداد و سيلة الضعفاء و عديمي الحجة و فاقدي الوسيلة ، و لكننا نريد منهم أن يتركوا لنا مساحة و لو أقل من التي اتخذوها لأنفسهم ، فنحن لنا أن نختار نهجنا ، و لهم أن يختاروا نهجهم ، فيكون لنا دين و لهم دين ، و من بعد لا يتنازع الدينان .



أما أن يغلقوا الباب بعشرات المتاريس ، و يجعلوا حوله أشواك السعدان و مشاعل النيران ، و يحظروه على كل من لا يحشو مقالاته بالمصطلحات الحداثية حشواً حتى تغدو كجيوب الطفل العائد من دكان بائع الحلوى ، فذلك الطغيان عينه ، و السخف كله .



و لسنا ننكر على أدبائنا الجدد دورهم ، فمن يزورُّ عن قصائد محمود درويش و مآسي نازك الملائكة ، و أناشيد بدر شاكر السياب ، و ترانيم و غصص أمل دنقل ،



لهو أشد سخفاً ممن يؤلههم و يجعلهم خالقي الأدب الذي كان قبلهم عدماً سديمياً ،



فأوجدوه و زينوه و أحسنوا شأنه و أصلحوا حاله ، و الفريقان في الخطأ و الجريمة مشتركان .



فالأدب الحديث مرحلة من تاريخنا الأدبي لا تنكر ، و الإبداع عالم تخلقه نفس الشاعر ، و من أشد الظلم أن نحرم نفساً من إخراج فيضها لأنها لم تملك القدرة على إبراز نتاجها في القوالب التي اعتدناها ، فالنفوس البشرية ليست واحدة في القدرة و المواهب ، ولرب قادر على إنشاء مئة قصيدة على الأوزان و البحور لا يملك أن يحلق بخياله أكثر من مدى أنفه ،فينزل شعره على قارئه أشد من وقع البارود ، و لرب من خلق الله في نفسه قدرة التشبيه و التصوير ، و عوالم الإحساس و التأثير ، و لم يملِّكه زمام بحور القصيد ، أفنحرمه الخير كله إن لم يقدر على بعضه .



لقد تجاوز أجدادنا عن فنون تجديدية مثل ألوان الجزل و الكان وكان و المواليا و غيرها ، و لهي أشد إجراماً بحق الفن و الإبداع من قصيدة التفعيلة و شعر النثر في أيامنا هذه ، فلم نصم آذاننا عن تلك المواهب الدافقة ، و الأرواح المتألقة .



و لم يصر أهل الحداثة الذين باتوا أصحاب السلطان على مجلاتنا و جرائدنا على إقصاء أهل القديم أو الأسلوب الأقرب للقديم عن وسائل الإعلام ، و يتركونها حكراً لهم ، و يسمحون لمن لم يتأت لهم من ناصية الأدب أي ملمس أن ينشروا و يوزعوا ما تصطك له المسامع ، و يقفلون أي بوتقة يشع منها النور على القراء من كتاب ينشئون بأسلوب القديم أو ما هو أقرب للقديم .



رسالة ..... أرجو أن يلتفت لها أحد ممن بيدهم مقاليد الأمر في حياتنا الأدبية المأسوف عليها ، و إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .

محمد يوب
15/06/2010, 03:22 PM
دعوة جميلة من شاب مبدع للاهتمام بادبنا القديم ورأيي أخي عبد الله أن الأدب الحديث هو كذلك إبداعجميل لكن علينا قراءته بشئ من الوعي و الحذر.

عبد الله نفاخ
15/06/2010, 07:56 PM
كذلك أستاذي قلت .... فالأدب الحديث ليس سيئاً بالكلية كما يدعي بعض المتعصبين للقديم ، و ليس بداية الأدب كما يزعم جمع من الحداثيين ..... حياكم الله و سلمكم

محسن العافي
20/07/2010, 04:06 AM
سام جدا باحترامك للموارد الادبية الرئيسة ،أقول لك سيدي لاحداثة مبنية على حداثة ،بل لا بد لها من أكياس الكنوز التي انفردت بها أمهات الكتب الادبية ،فإن تعلق الحديث عن الحداثة كإسم في حد ذاته وكحركة مهاجمة لاصول الادب المعروفة ،فارى انها خطة مدبرة ليس إلا ، وإن تعلق الامر بحداثة هي نتاج لما تجمعه كتب الادب القديم وأكثر ستكون لامحالة حداثة أكيدة ومميزة ،


كانت دعوة منك ودعوة من نصك للانتباه إلى مانقرأ من الادب الحديث فلربما يكون سما لا ادبا في بعض الاحيان

دمت موفقا أستاذ عبد الله ،ورسالتك الادبية هذه وصلتنا وكنا نريد مثلها فعلا في زماننا هذا

عبد الله نفاخ
24/07/2010, 09:41 PM
بارك الله فيك أيها الكريم النبيل ......
حقاً كانت كلماتك كلمات وعي و حذق و تمعن ... تكاد تغني عن النص كله ......
حياك الله و سلمك