المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصتي و الصالحية



عبد الله نفاخ
13/06/2010, 04:48 PM
قصتي مع الصالحية



خذوا مني حياتي ....



و هبوني ساعة في ليل الصالحية ....



خذوا مني وجودي ......



و هبوني لحظة في فجر الصالحية .....



و خذوا مني كل ما فيَّ .....



و لا تعطوني غير صلاة في جامع في الصالحية ...



ليست الصالحية أرضاً ككل أرض .... بل أرض تمتد روحها في ثناياها أكثر مما يمتد ترابها ، الصالحية سماوات روحية امتزجت بتراب من الجنة قليل شاء الله أن يكون على هذا الجبل فكان .



تلك الأرض التي منَّ الله علي فخلقني فيها ، و جعل مسقط رأسي في بعض من أرضها ، و جعل روحي تنتشق عبير خلودها من هوائها ، و جعل عينيًّ ترنوان أول ما ترنوان إلى دمشق مرتسمة وادياً من علاها .



و لئن كانت ولادتي في الصالحية ، فلقد شاء رب السموات أن تبقى روحي محومة في زواياها ، و حاراتها الضيقة ، و مزارات أوليائها المزينة بالقباب ، و مآذنها الرانية إلى سمائها ، الباحثة عن المدى غير المنظور القائم وراء المدى المنظور .



عندما بنى أولئك المهاجرون الفارون بدينهم من بطش الصليبيين أبنية قليلة على ذلك الجبل الأجرد ، شاؤوا أن تكون جامعاً و مدرسة و منازل تؤويهم ، جامعاً يربطهم بربهم ، و مدرسة يتعلمون فيها كيف يرتبطون به ، و منازل تقيهم الحر و البرد و البأس ، فيؤتون أنفسهم حقها كما شاء ربهم .



و على هذا قامت أولى مناراتي الروحية و آخرها ، منارة التقاء السماء بالأرض ، منارة الجبل الذي أوى إليه أهل الكهف ، و الربوة التي لجأ إليها المسيح و أمه من طغيان الطاغين و عتو العاتين ، و منارة المجاهدين الذين صدوا الفرنجة و المغول فما هانوا و لا لانوا و لا نكصوا على أعقابهم .



و كأن الله أراد أن تكون تلك البلدة الصغيرة النائمة وادعة على كتف قاسيون مأوى للمؤمنين بدين الله الذي ارتضاه لعباده ، و مهبط وارداته على أوليائه بعدما انقطع وحيه عن أنبيائه ، فتكون بها آخر صلات السماء بالأرض و الأرض بالسماء .



و كأن هذه البلدة التي ينظر إليها المرء ليلاَ فتبهره أضواؤها و شاعرية مشهدها ، تقذف شعوراً في النفس يقول : قد حباني الله جمال روح يفوق كل جمال ، إن حبا غيري أشياء يحسبها الظمآن ماء ، و ما هي إلا سراب في سراب .



فيا لك من أرض اجتمعت بها عناصر الكون كلها ، لتصنع الكون الأصغر الذي ليس إلا .... أنت .

محمد يوب
13/06/2010, 05:16 PM
وصف جميل لأزقة الصالحية الضيقة و أضرحة أوليائها مشاهد جميلة وكأنك تحمل كاميرا تصور بها هذه المشاهد هناك مشاهد تلتقطها بقلمك تشبه مشاهد كثيرة في مدن مغربية مثل مدينة فاس ومدينة مراكش هناك تشابه كير و الجميل عندك أخي عبد الله اغتك القوية الخالية من الأخطاء إنني أحاول مسك خطئ فلا أجد ممتع.

عبد الله نفاخ
13/06/2010, 05:22 PM
حياك الله و سلمك أستاذي ..... لله در كلامك ما أجمله

طارق شفيق حقي
15/07/2010, 09:08 PM
جميل جداً
تصوير وجداني رائع
رسالة أدبية ذاتية جميلة
يتخلص الوجدان من كل شىء ويركز على فكرة بحد ذاتها ، فنشعر بأنك تمسك بالحظة الشعورية وتجيد الترسل

تحياتي لك

عبد الله نفاخ
15/07/2010, 09:10 PM
بارك الله بك أستاذي الكريم .....
مرورك بكلماتي أسعدني أيما سعادة .....
كلماتك تنعش القلب الظمآن ....
حياك الله و سلمك