المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هكذا قدري



عبد الله نفاخ
07/06/2010, 03:49 PM
ربما كان أقسى يوم في حياتي ، لكنه كان كذلك اليوم الذي فجر شرارة الأدب في صدري .



كان اليوم الذي نبذت إليَّ فيه ، فكأنها طعنتني بألف سكين في قلبي و تركتني أنزف وحيداً .



كان أول يوم في رمضان ، لكنني بدل أن أتناول طعام الإفطار بعد أذان المغرب لجأت إلى أوراقي فخططت عليها هذه الكلمات لتعبر عن نفسي التي تمزقت يومها تمزيقاً ، و تطايرت أجزاؤها كخفافيش صغيرة تحلق في الفراغ.



صحيح أن الحياة تبدلت لدي من بعد ، و جددت هي ما كان بيننا بعد قريب من سنة ، إلا أن شيئاً لم يستطع أن يمحو ذلك اليوم من مخيلتي ، و لا أساه من قلبي ، و لا سيما أن هذه الوثيقة منه لا تزال في أوراقي ، و أن أشياء كثيرة قد تغيرت بسببه في نفسي ، فكان حقاً اليوم الأهم في عمري كله ، و ربما كان هذا النص كذلك الأهم في حياتي كلها .



هكذا قدري



هكذا قدري .....



أن أقيم بين مأساة و مأساة ، لا ترحل عني واحدة حتى أُبتلى بثانية أكبر منها و أشد قسوة ، و لا يسكن قلبي من مصيبة حتى تطرقه أخرى أكثر مرارة منها، أقضي عمري بين ألم هناك و تمزق هنا ، و بين حزن هنا و فجيعة هناك ، لا أكاد أغمض عيني على مرأى السعادة حتى يدهمني شعور الخيبة فيهدم فيَّ ما كانت قد بنت ، و يذرني قاعاً صفصفاً .



كنت أتقوى على كل أمر و أصبر و أكابر ، و أتعزى بشيء جديد ، فما تلبث الأيام حتى ينالني من هذا الجديد الذي تخذته عزاء لي و سلواناً ألم جديد و حزن أكبر مما كان من سابقه ، أفكتب عليَّ أن أعيش تعيسًاً شقياً لا تعرف السعادة لي باباً ولا أرى نور الأمل يشع لي من خلف جدار ، أكتب علي أن أبقى أترقب الآتي و لا يأتي ، و أن أداعب آلامي و أحزاني و أحملها علِّي أحظى منها بما يخفف عني وحشتي و كآبتي .



لاأقوم من أزمة حتى أقع في أخرى ، ولا أنتظر الفرحة لأني أعرفها غير غير آتية ، لا أنتظر إلا بصيص نور ، بصيص نور صغير في ظلمة هذه الحياة التي اعتادت أن تقابلني مدبرة لا مقبلة .



الضياع و الهم و التشتت و خيبة الأمل حالي الآن ، كلها اجتمعت في شخص إنسان لم يعرف الفأل الحسن طريقاً إليه مذ صرخ صرخته الأولى مستقبلاً الحياة .



أيها القدر .......هل تخبئ لي خيراً مما أنا فيه ، أم إن علي أن أقضي بقية عمري كما قضيت ما سلف منه .......


كتبت عقب أذان المغرب في
1 - رمضان – 1427
24 - أيلول - 2006

محمد يوب
07/06/2010, 04:26 PM
ولكن يظهر أن القدر منحك أشياء جميلة منح هذه الرغبة في الكتابة في التعبير البهي أسلوبك بالفعل تغير من 2006 إلى اليوم عشت مبدعا أخي عبد الله

عبد الله نفاخ
07/06/2010, 04:27 PM
سلمك الله أستاذي .... فعلاً قد تغير الكثير فيَّ منذ ذلك التاريخ

طارق شفيق حقي
09/06/2010, 12:53 AM
سلام الله عليك

كتب هذا النص في فترة خضراء كان الكاتب يمر في مرحلة ككل الشباب ، فهو يشعر أنه مقصود ، وأنه متعب منهك وأن صبراً قليلا منه يعني تحملاً لم يعد يحتمله

فهذه المشاعر المرهفة التي أراد القدر أن يعصرها قليلاً لتقوى وتعارك الحياة بصلابة ، هي اليوم مشاعر جميلة تعني للكاتب الكثير

رغم أننا بهذا الطرح الموجود وهذه المعالجة والنتيحة لم نقدم الجديد ، فهي صفحة من صفحات كل شاب أتقن فن التعبير

لكننا لا ندرسها بجديدها بل بصدقها التعبيري


وهذا الكاتب هو كاتب واعد لو عرف كيف يتخلص بعض الشىء من الذاتية المفرطة - لو كان تعبير الذاتية المفرطة تعبيراً صحيحاً-

عبد الله نفاخ
09/06/2010, 02:19 AM
حياك الله و سلمك أخي طارق ......
هذه الذاتية المفرطة تخلصت من كثير منها بدليل نصوص أُخر لي ، لكن للموضوعات الذاتية صبغة لا بد أن تظهر فيها .... ألا تتفق معي ؟؟

طارق شفيق حقي
09/06/2010, 09:26 PM
حياك الله و سلمك أخي طارق ......
هذه الذاتية المفرطة تخلصت من كثير منها بدليل نصوص أُخر لي ، لكن للموضوعات الذاتية صبغة لا بد أن تظهر فيها .... ألا تتفق معي ؟؟

النص يا صديقي يحمل لك معنيين ، لذلك فهو محمل بحمولات لا تظهر لغيرك

قد يجد الناقد مقاربة ما تجعله يحس بما تراه في النص

أما الذاتية فهي تعني الصدق في التعبير أكثر من الموضوعية

وهذا الموضوع مشكل

فالأدب في التاريخ العربي كان يعبر دائماً عن حالة رسمية يبتعد فيه الكاتب عن ذاتيته

فيتكلم عن الأمور التي تخص الناس عامة والقبيلة ككل

لكن ذلك لا يتعارض مع الخوض في ذاتية الإنسان

هناك ذاتية شخصية

وذاتية تتوحد مع ذات القبيلة - لنقل-

فمثلاً أغلب المطالع تتخذ من الغزل مدخلاً لقلوب المستمعين

وهي في ذلك ذاتية

لكن ذاتية تخص الجميع


حتى فنياً وأسلوبياً

يفضل قولك مثلا : - القلب يشتكي - ولا تقول قلبي يشتكي

نحن لا نتكلم عن الكاتب عبد الله نفاخ في هذه الصفحة

نحن نتكلم عن كاتب مضى

ففي كل لحظة نولد مرة أخرى - لمن أراد


يبقى الصدق أكبر معيار للسمو الأدبي
تقبل تحياتي

عبد الله نفاخ
11/06/2010, 09:47 PM
صدقت أخي طارق كل الصدق ....... كاتب مضى ..... ليس هو أبداً كاتب اليوم