المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل كانت كذبة



عبد الله نفاخ
20/05/2010, 12:42 PM
هل كانت كذبة





كانت صديقة لي من أعز الناس على قلبي ، أحبت شاباً من رحمها ، و اجتمع قلباهما مذ كانا على أول طريق المراهقة اللاحب ، الحاوي لصنوف العذابات و التجارب ، و سار بهما ركب العشق المجلّل بالألم سنين عديدة كانا يعجزان عن اللقاء فيها بادئ الأمر ، ثم تبددت الغمة بدخولهما الجامعة فأضحى الأمر سهلاً ميسوراً .



و زاد الحب لديها حتى باتت لا ترى من الدنيا كلها شيئاً يكاد يستفز عواطفها إلا صورة محبوبها أو ما يخصه ، و غدا كل ذلك ظاهراً مكشوفاً ليس بيدها أن تخفيه مهما بذلت لذلك .



و كنت آنئذ خارجاً من قصة جعلتني أنكر أن يكون للحب وجود في الكون كله ، بل وصل الأمر بي إلى رفض أن يكون في لغة العرب أو غيرها من اللغات كلمة يجتمع بها حرفا الحاء و الباء أبداً ، و إن كان الشعراء قد أبدعوا و أطنبوا و قالوا ما قالوا في وصف تلك العاطفة العذبة ، بل رحت أردد أنّ الفتيات دون استثناء لا يعرفن من الزواج إلا أنه خزانة أموال يتنافسن على حيازتها و تكثير ما فيها ، لكنّ ما رأيته في قصة هذه الفتاة هز كيان أفكاري ، و بدد حصونها و قلاعها المنتصبة ، و شتت حراسها و جنودها المخلصين لها ، و تركها دمناً خربة و أطلالاً مهجورة .



إذ كان حبها له عجيباً ، و تعلقها به يدفع المرء للتفكير ألف مرة قبل الارتباط بأي فتاة ، فمن يرضى بعلاقة باهتة ينتج عنها زواج لا حب فيه بعد أن يرى كل هذا الولع و الهيام ، و القلب الذي يكاد يخرج من جسد صاحبته ليقر في كف محبوبها ، و من يقبل بسماع عبارات حب تقليدية رصفها كتاب من قديم الزمان ، و تناقلها الناس جيلاً بعد جيل و هو يرى نظرات العشق غير المحدود في عيني فتاة عندها من الجمال و أصالة النسب و عز الجاه ما يجعلها تذر ذوي السلطان واقفين على بابها يرجون أن تجود عليهم بنظرة أياماً طوالاً ،و من يجري وراء فتاة تطلب من خاطبها المال و العمل و المنزل إن كانت ذات الجمال كله لا تبالي بالدنيا كلها في سبيل من تحب .



و ما كنت أرى حبها له يزداد إلا قوة ، فيما أهلها يقفون في وجهه و يصنعون سدوداً لا سداً واحداً ، و يمنعون العاشقبن من رؤية بعضهما قدر ما يستطيعون ، و ظلوا على ذلك أمداً طويلاً ، يرفضون رفضاً لا مزحزح له ، و الفتاة يملأ قلبها عشق لا حدود له .



ثم حاقت بالأسرة مصيبة مفاجئة ، و هوى عمود البيت و سنده مريضاً ، و لم يمهله القدر كثيراً قبل أن يستل ملك الموت روحه من بين أطرافه ، تاركاً أهله يغشاهم الحزن و السواد والألم .



و خلال شهر بعد الحدث ، و دون أن أعرف مقدمات أو أسباباً ، ودون أن تقدم مسوغات أو تظهر التأثر و الجزع و هي التي كانت الدموع تملأ مقلتيها إن مر أسبوع و لم تر حبيبها ، أخبرتني أنها خطبت لرجل غيره .



و فجعني حقاً أن تقول لي بعد فترة : أترى هذا القدر ؟ .... إنني أحمد الله كثيراً على أن قصتي تلك لم تتم ........ فخطيبي هذا أفضل حالاً بكثير من ذاك (كذا) !!!! ........ و كانت المطرقة التي هوت على رأسي قولها : حالته المادية أفضل ، و هذا أهم شيء .



ألح علي السؤال بشدة من يومها : أيهما كان الأصل ؟.... صورتها الأولى أم صورتها الأخيرة ، و السؤال الأهم منه : أما زال في الدنيا حب ؟ ... و هل بإمكاني أن أثبت وجوده إن كانت أعظم قصة حب شهدتها في حياتي قد انتقضت و تهاوت أمام عينيَّ و غدت عبارة عن ذكرى أليمة .



لست أدري .......... لكنني على ذلك كله أثق أنه مهما سترت الظلمة البهيمة وجه الأرض فإن بضعة أنجم تبقى متلألئة في السماء لمن يريد المسير ، فمن شاء أن يراها استضاء بها و أكمل دربه ، و من شاء ألا يرى إلا الديجور الساتر كل ما حوله أيأس نفسه و قرَّ في مكانه .......... و لست ممن يفضلون هذا الخيار الأخير ، و إن لم يبق في ظلمة الليل إلا نجمة واحدة .......... فهي عندي كافية لتنير دربي ........ مهما كان طويلاً و معتماً و مقفراً

محمد يوب
20/05/2010, 06:59 PM
وصف جميل لعلاقة عرامية من نوع فريد نظرة متفائلة غلى المستقبل ولو بنجمة واحدة لغة سلسة أفكار منطقية

عبد الله نفاخ
21/05/2010, 05:21 AM
كل الشكر لمرورك و تعليقك أستاذي الفاضل

ناصرفارس
22/05/2010, 06:40 PM
و إن لم يبق في ظلمة الليل إلا نجمة واحدة .......... فهي عندي كافية لتنير دربي ........ مهما كان طويلاً و معتماً و مقفراً
الله الله
أستاذ عبد الله
هذا هو الإصرار بعينه
والشاعرية المتألقة.
أدعوك لكتابة القصة القصيرة
فلا ينقصك من أدواتها أي أداة
دمت بخير

عبد الله نفاخ
22/05/2010, 07:21 PM
حياك الله ........... هذا عينه ما طلبه مني الأستاذ محمد يوب و أنا الآن أحاول ......... دمت بخير أستاذي