عبد الله نفاخ
05/05/2010, 04:57 PM
بيت العائلة
من وحي بيت جدي
العتيق بالصالحية
يقف متربعاً على هامة الزمن ، يقاوم كل عواديه ، و يحفظ على نفسه هيبته المنيعة ، هيبة منزل الملاّك الكبار و الأسرة الخالدة .
يبقى مستعصماً بنفسه ، يلفها بظلام الليل علّه يخيف الناهبين ، يرسم في الفضاء لوحة تخيلية لذكريات ماضيه الأسطوري ، حين كانت تفترش صحنه الأسرة الكبيرة ، و يتخذ رب الأسرة بطربوشه الشامخ و شاربيه المفتولين مكانه على رأس المائدة ، و تلتف أسرته الكبيرة على طعامها بزهو و ألفة ، و على مقربة منهم نافورة بركة الماء ترسم بقطراتها المبعثرة في الهواء صورة لملاك صغير .
يقف كزعيم قبيلة عظيمة بعزة و كبرياء ، يرنو للمدينة الكبيرة الممتدة في السفح باستعلاء ، كأنه يقول لها : لا تحسبي أن الأيام قد دارت دورتها فدالت دولتي و قامت دولتك ، لا زلت عظيماً كبيراً ، حاكماً على نفسي و على غيري وحتى عليك ، فتجيبه بصمت هادر يحمل كل معاني السخرية و الهزء بخيلائه الفارغة من كل واقع .
هجره أهله منذ أربعين عاماً ، و لم يبق به إلا الخواء و الريح اللاعبة بالأبواب ، و أحجار بركة الماء التي صمتت من أمد بعيد .
و في ليالي الشتاء الباردة التي تعصف فيها الريح الوحشية تنفتح دفتا باب الغرفة الكبيرة الذي يفصلها عن صحن البيت ،فتطل صورة رب الأسرة بطربوشه الشامخ و شاربيه المفتولين المعلقة على جدار الغرفة ، واقفاً مندهشاً يتساءل وهو يحدق في صحن الدار بعينين جاحظتين : هل خوى المنزل الذي كان قصراً من ساكنيه ، و بات ملعباً للريح و أوراق الأشجار المتناثرة ..... هل بات محط آمال الناس قبل خمسين عاماً متحفاً مهجوراً لذكريات الزمن الراحل و أيامه البائدة .
فيرد عليه صفير الريح بصوت خشن : نعم يا سيد البيت .... فالزمان قد تغير .... قد تغير .... قد تغير .
من وحي بيت جدي
العتيق بالصالحية
يقف متربعاً على هامة الزمن ، يقاوم كل عواديه ، و يحفظ على نفسه هيبته المنيعة ، هيبة منزل الملاّك الكبار و الأسرة الخالدة .
يبقى مستعصماً بنفسه ، يلفها بظلام الليل علّه يخيف الناهبين ، يرسم في الفضاء لوحة تخيلية لذكريات ماضيه الأسطوري ، حين كانت تفترش صحنه الأسرة الكبيرة ، و يتخذ رب الأسرة بطربوشه الشامخ و شاربيه المفتولين مكانه على رأس المائدة ، و تلتف أسرته الكبيرة على طعامها بزهو و ألفة ، و على مقربة منهم نافورة بركة الماء ترسم بقطراتها المبعثرة في الهواء صورة لملاك صغير .
يقف كزعيم قبيلة عظيمة بعزة و كبرياء ، يرنو للمدينة الكبيرة الممتدة في السفح باستعلاء ، كأنه يقول لها : لا تحسبي أن الأيام قد دارت دورتها فدالت دولتي و قامت دولتك ، لا زلت عظيماً كبيراً ، حاكماً على نفسي و على غيري وحتى عليك ، فتجيبه بصمت هادر يحمل كل معاني السخرية و الهزء بخيلائه الفارغة من كل واقع .
هجره أهله منذ أربعين عاماً ، و لم يبق به إلا الخواء و الريح اللاعبة بالأبواب ، و أحجار بركة الماء التي صمتت من أمد بعيد .
و في ليالي الشتاء الباردة التي تعصف فيها الريح الوحشية تنفتح دفتا باب الغرفة الكبيرة الذي يفصلها عن صحن البيت ،فتطل صورة رب الأسرة بطربوشه الشامخ و شاربيه المفتولين المعلقة على جدار الغرفة ، واقفاً مندهشاً يتساءل وهو يحدق في صحن الدار بعينين جاحظتين : هل خوى المنزل الذي كان قصراً من ساكنيه ، و بات ملعباً للريح و أوراق الأشجار المتناثرة ..... هل بات محط آمال الناس قبل خمسين عاماً متحفاً مهجوراً لذكريات الزمن الراحل و أيامه البائدة .
فيرد عليه صفير الريح بصوت خشن : نعم يا سيد البيت .... فالزمان قد تغير .... قد تغير .... قد تغير .