المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لويزة إغيل أحريز



رزاق الجزائري
04/05/2010, 02:54 PM
http://ec1.images-amazon.com/images/I/51G1MDMZ4NL._SS500_.jpg
"اريد من الفرنسيين ان يعلموا انه ما بين 1954و 1962 لم يكن هناك أي شيء مما يسمى إعادة النظام. انا نشرت قصتي لكي اذكر انه كانت هناك حرب قذرة في الجزائر. ولم يكن سهلا علينا حصولنا على الاستقلال. لقد دفعنا ثمن حريتنا اكثر من مليون شهيد. وتضحيات جسام. ومعاناة سببت لنا آلاما لا تمحى من ذاكرتنا النفسية. وأقول هذا ليس بدافع الكراهية. فالذكريات شيء يثقل حمله. آمل من شهادتي ان تفتح صفحة أخرى ما بين ضفتي المتوسط. و تنحل عقدة السنة الضباط الفرنسيين القدامى الذين عاشوا هذه الحرب وفظائعها وآمل آن يستلهم من قصتي في انه يجب حماية كرامة الإنسان. أيا كان وانى يكون وانه لا التعذيب ولا الأساليب المهينة للنفس البشرية تحقق أهدافها. مهما كانت فظاعتها . فانا فعلت فقط واجبي أمام الحقيقة".
يوميات الحرب القذرة . أهات المقهورين والمكلومين. أنات الشرف المستباح و العرض المهتك في زنازين القهر والإذلال. نساء حق لنا ان نغار منهم نحن الرجال وان ننحني لكبريائهم. لنخرق جدار الصمت عن الفظائع التي ارتكبت في ارض الجزائر باسم التنوير باسم الأخوة والحرية والمساواة لننزع عن كاهلهن ولو عبئا ثقيلا صعب على الرجال احتماله. نساء كبيرات كبر التاريخ وكبر هذا الوطن. وطن كل شبر من ترابه سقيت بدم شهيد. صرخة في وجه الازدراء والعنصرية. هي اكبر من صفحات 132 سنة مضت من الصمت لفلسفة ازدراء حق شعب وهوية ولا زالت تنكر حتى اليوم. بل لا يخجل الجلاد ان يمجد جلد الضحية. ربما العديد منا يعرف جملة بوحيرد كرمز للنضال النسائي للثورة الجزائرية لكن جلنا يجهل لويزة اغيل احريز رغم ان جميلة لم تكن الا لويزة أخرى.
تقول المجاهدة الكبيرة لويزة اغيل احريز في كتاب صدر بعنوان *جزائرية*:"لا أبدا إن الاغتصاب كان قائما، لكن أحدا لم يتحدث عنه من مفهوم الاحترام .فقد كان الحديث عنه من طابوهات المجتمع التقليدي الجزائري. بعد اغتصابي زارتني أمي في السجن وسألتني في همس الجزع .. هل اغتصبوكِ؟... لقد وجدت هذا رهيبا،فليس سهلا على المرأة ان تقول أني اغتصبت وفي النهاية قبلت بسؤالها هذا، فهي أمي مع كل الممنوعات والمحرمات والتقاليد.
كنت في حالة نفسية و جسدية محطمة وأمي تهتم بذلك هذا صعب للغاية، فأولا كان يجب عدم الكلام عن هذا.. بعدها .. قلت لها نعم"*وهل تري في إنسانا. فهم لم يتركوا في شيئا يا أمي. قتلوا في حتى إنسانيتي*.
لم يكن سهلا على مجاهدات الثورة الجزائر رفع الستار عن حوادث الاغتصاب.. لأن الأمر يتعلق بقضية شرف .. الشرف الذي وإن كانت فيه المرأة الجزائرية ضحية، ولكنه كان ولا يزال حتى بعد 46 سنة عارا وفضيحة، وإن كان السبب فيه نزوة وحش فرنسي.
المجاهدة لويزة إغيل أحريز خلافا للكثير من المناضلات الجزائريات الأخريات اللواتي فضلن دفن السر مع الكثير من صور العذاب، اخترقت جدار الصمت لتنقل قضيتها أمام الرأي العام، "لأستطيع ولو لمرة واحدة منذ اعتقالي أن أغلق عيني وأن أنام نوما هادئا".
وقائع اغتصابنا كانت أكثر ألما من صور سجن أبو غريب تتحدث وثائق رسمية تشير واحدة منها "تعليمة للجنرال بيجو عام 1948 موجهة إلى عسكريين فرنسيين يأمرهم فيها بأخذ النساء دون 15 سنة ونقلهم إلى جزر نائية قرب المحيط الأطلنطي ومعاشرتهن من أجل تقوية الشعب الفرنسي، كما تكشف وثائق أخرى من ملف المجاهدة لويزة أحريز عن اعترافات جندي فرنسي يقول فيها أنه داهم قرية بإحدى مناطق الجبال، حيث اعتدوا على جميع النساء وبقيت في ذهنه صورة تلك العجوز التي صادفته فاتحة فمها لإخباره بأنه لا يحوي على أسنان من ذهب ورافعة عن ثوبها عارضة نفسها مقابل أن لا يمس عرض بناتها.
في هذا الريبورتاج للقناة الثانية الفرنسية يتحدث عن اغتصاب النساء الحرب الجزائرية يبدا الريبورتاج بقضية استدعاء الجنرال الفرنسي الشهير *بول اوساريس* لسماع أقواله بسبب شهادات مثيرة للجدل نشرها في كتابه*الأجهزة الخاصة في الجزائر* و الذي اعترف فيه ومجد أعمال التعذيب في الجزائر وهوالذي اثار ضجة ملف التعذيب في حرب الجزائر بفرنسا. بل ان الاغتصاب طال حتى الفرنسيات المتعاطفات مع الجزائريين امثال *انيك كاستيل باييه*التي كانت متزوجة من فرنسي شيوعي متعاطف مع جبهة التحرير الوطني الجزائرية. والذي قبض عليها و اغتصبت من طرف مظلي فرنسي و حوكم سنة 1958 ليحكم عليه بسنتين سجنا مع وقف التنفيذ شهادات من قناة فرانس 2 قمت بانتقائها وتعريبها



في البداية تقول المعلقة بان اوساريس وهو يصعد تحت شتم ضحاياه وذويهم ليمثل للمسائلة عن أقوال بخصوص التعذيب في كتابه يدرك انه حصل على عفو مسبق عن هاته الجرائم في حين كان الحاضرون من ضحايا التعذيب وذويهم ينتظرون العدالة.
وفي سؤال شخصي له تسأله المعلقة هل كانت النساء تعذب في المعتقلات
يجيب اوساريس .حتما كانوا يعذبون بنفس طريقة تعذيب الرجال
وفي سؤال آخر ان كن يتعرضن للاغتصاب. ينفي اوساريس ذلك قطعا.
لويزة اغيل احريز لا زالت تحمل في جسدها ندبات معركة الجزائر فلا زالت تحمل في حوضها رصاصة تؤلمها وتقعدها حتى اليوم. كانت قد جرحت خلال تبادل لإطلاق النار في سبتمبر 1957 .كان عمرها 21 عاما عندما اقتيدت إلى مقر قيادة وحدة المظليين العاشرة بالجزائر.
تقول لويزة .هنا اين اقتادوني من المستشفى بعدما كنت أصبت إصابة بالغة و كنت بجبيرتي .تشير الى الكاميرا بالمكان وهنا أين كان مقر الجنرال ماسو وهنا اين عاملونا تلك المعاملة ...المعاملة وتخنقها العبرة.
لويزة لا تريد العودة للمكان لانه هنا اين استنطقت طيلة 03 اشهر. على يد النقيب *غرازياني* الذي كان مقربا من اوساريس. فلويزة كانت احدى المجندات الشابات لجبهة التحرير واسمها الحركي كان ليلى وقد كانت كل عائلتها منخرطة في الثورة التحريرية فأمها وأخواتها تعرضن أيضا للتعذيب و تحت ضغط والدها الذي كان إنسانا تقليديا في انه يفضل الموت على الاعتراف بتعرضها للتعذيب والاغتصاب التزمت الصمت وكتم معاناتها.
تقول لويزة:" الأمر بدا بالصفع و باللكمات ثم الى الشتم بكل الألفاظ ثم بدأ التقرب بالقول ليلى ليلى ..ثم بدا ..ثم تصمت لويزة وتخنقها العبرة ...تقول محاورتها الا تستطيعين إضافة كلمات أخرى. وما استطيع ان افعل ...فامرأة...ثم تخنقها العبرة مرة أخرى....وتقول انه الاغتصاب ماذا أقول..بطريقة وحشية انه كثير ولهذا لن أسامحهم أبدا ولن أسامح أبدا كم كان مؤلما إنني قد احتمل كل أنواع التعذيب ان يبصقوا علي ان يسبوني ان يعذبوني جسديا لم اكن انتظر ابدا ان يغتصبوني.
وخلافا لما قاله اوساريس ثبت وجود حالات عديدة للاغتصاب في السجون الجزائرية ابان حرب الجزائر و من الضفة الأخرى للمتوسط شهادة لامرأة فرنسية *انيك كاستيل* لم تتقبل بسهولة طي معاناتها المؤلمة ففي عمر العشرين ذهبت برفقة زوجها الى الاوراس الذي عين مدرسا في بابار البلدية التي تبعد200 كم عن قسنطينة. زوجها *اندري كاستيل* كان شيوعيا متعاطفا مع جبهة التحرير الجزائرية. فهي رغم انها لم تكن ناشطة فبعد اعتقال زوجها حضر مظليون الى بيتها واقتادوها الى مستشفى *بير تراريا* الذي حولوه الى مقر قيادة. وطيلة احتجازها لمدة 3 أسابيع كان عسكري يحذرها من ان بعض المظليين يتحدثون عن رغبتهم في اغتصابها.
تقول كاستيل" كانت المرة الثانية والثالثة التي يحذرني فيها عندما دخل احدهم بهدوء و كان مظليا و طلب مني الهدوء وان كل شيء سيكون على ما يرام فرفضت وحاولت الصراخ لأنبه الحرس الذين كان عليهم مراقبتنا. وقد دفعني الرجل بقوة مواجهة الجدار ثم تخنقها العبرة قل لي اذا واصلت المقاومة والصراخ فكل أصدقائه سيتداولون عليك. ثم تقول بعبرة مخنوقة كنت في حالة يرثى لها فمنذ 3 أسابيع وأنا في هذه الورطة. ولم يكن لي القوة على مقاومته .حاولت عبثا ان افهمه باني زوجة وام لطفلة حاولت عبثا ان اثير فيه الإنسانية والأحاسيس وهكذا فعل فعلته ورحل ..ثم أتت بعدها الشرطة لرؤيتي قلت لهم باني كنت اصرخ ليسمعوني فقالوا انهم لم يسمعوا شيئا. وكانت تتحدث وتتحدث معها العبرة.
كما تحدث *هنري بويلوت* وهو احد الجنود الفرنسيين في كتابه *فيلا سيسيني* وهي فيلا كانت تجرى فيها أعمال تعذيب واغتصاب طيلة 10 اشهر قضاها جوان 1961 الى مارس 1962 والذي قال فيه ان الاغتصاب كان احد وسائل الاستنطاق لدى الجيش الفرنسي.
شهادات للتاريخ مسطرة بجرعات من الألم المكتوم وجدت سبيلها لتخرج من أفواه كتمتها سنينا علها تخفف من جراحتها وآلامها لكن انى لتلك الآلام ان تنمحي من ذاكرة أولئك المعذبات والمظلومات وغير لويزة كثيرات وجلهن لا زال صامتا لليوم. اللواتي لا ذنب لهم سوى أنهم حملوا على عاتقهم قضية وطن لتشرق الشمس فيه بدون ان يسرق بسمتها محتل غريب وهكذا كان لكن ان يمجد الجلاد ذبح الضحية لابد ان ندق ناقوس الخطر على التاريخ. ان نتنكر عن حقهن في رد الاعتبار عار علينا وجرم على الهوية.
لجيلي انا كانت معاناتكم قمة التضحية ومدعاة للفخر لا العار و تحملتم ما لا نستطيع تحمله نحن الرجال وحق لنا ان نغار منكم. وآن الأوان لأن نعيد كتابة التاريخ ليشملكن بعد ما تنكر لكن حتى ذويكم. فهل تعمدوا بتركم من التاريخ ولماذا؟. فانا لم أقرأ عن معاناة المجاهدة لويزة يوما في كتب التاريخ المدرسي ولم اسمع بها الا بعد فضيحة اوساريس رغم ان لويزة تقول انه لم تكف يوما عن طرح المسألة على جبهة التحرير الوطني بعد الاستقلال اكثر من مرة وانه في كل مرة كان يقال لها بان الشروط لم نتضج بعد. رغم ان القضية معروفة في الجزائر منذ السبعينيات وقبل ذلك اين تحدثت مع العديد من الصحفيين والجرائد. لكن القضية لم يتبنى رسميا. وكان انطباعي ان الجزائر الرسمية لا تريد ان تعطي أهمية للمسألة ألحسابات السياسة نلغي الذاكرة. ام لحساب السلطان تصاغ الهوية ويتنكر للقضية.
لأمثالكن حق علينا ان نكافح لنعيد كتابة التاريخ وبشرف.
ر.رزاق الجزائري