المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هذا قدرنا



عبد الله نفاخ
21/04/2010, 02:22 PM
هذا قدرنا



هذا قدرنا.....



هذا قدر هذه الحياة.....أن يكون الماضي مستقبلاً.....ثم يغدو حاضراً .... ثم يغدو ماضياً .



و حاضرنا الذي نعيشه اليوم سيغدو يوماً ماضياً ... ونبقى نحن بين كل هذا ....نبقى نحن .



كما كان الماضي يوماً ركاماً من التعاسة ، و ضباباً من الأحزان و الأوهام ، بات الحاضر رحباًَ رحابة السعادة ، و مملوءاً بالشوق إلى الأيام القادمة ، الأيام التي خلقنا لنعيشها ، ونصنع فيها مستقبلنا .. وحياتنا ...و حياة من يأتون بعدنا .



وبإطلالة الغد تشرق الحياة ، تشرق بإشراق الجزء الإلهي المزروع في قلوبنا نحن البشر ، و تذكرنا أنه و إن مر علينا أيام ظننا فيها أن الحياة قد انتهت ، والعالم قد توقف عند لحظة فما يغادرها ، وأننا بتنا على حافة الموت فما يحجزنا عنه إلا بضع خطوات ، فإذا الموت الذي حسبناه قادماً إلينا يخب في مشيته هو الحياة مقبلةًَ كرخ عظيم من أسطورة جاهلية يسد الأفق بأكمله ، لا ليأسرنا أو يحجزنا ، بل ليحلق بنا في سماوات و آفاق لم نكن لنعرفها لولاه ، وليرفعنا من القعر الذي كنا به ضائعين دون أن نعلم أننا ضائعون ، إلى حيث بتنا نعرف الحق فلا نحيد عنه ، والصدق فلا نكذبه ، و الخير فلا نختار غيره .



و نحن البشر خلقنا إذ خلقنا من طينة هذه الأرض ، فنحن منها و إليها نعود ، و لعل تعلقنا بها من هذا ، فلنتعلم منها حين يأتي عليها الشتاء ، فتذبل أزهارها ، وتيبس أشجارها ،و تؤول مقفرة مجدبة ،كيف تقوم قومة واحدة ، و تنشد عالياً لحن الخلود ، لحن الحياة ، لحن الثبات والإصرار و عدم الانحناء ، فتعيد خضرتها ، و تلبس نفسها حلة الربيع ، و نسمع منها صدى جلجامش و أدونيس ، صدى التضحية و الفداء لتكمل الحياة و تستمر .



ليس لأحد أن يعيش حياته دون تضحية ، فالحياة تجبرنا في مواقف كثيرة ، أو في موقف واحد يعدل مواقف كثيرة ، على أن نضحي بشيء غال لدينا ، لكننا بعد أن نضحي به ، نرى مقدار ما نحس من حقيقة الحياة و عظمتها التي لا تدرك إلا بالتجرد عن شيء من تراب أرضيتها لنلمح شيئاً من علاء سماويتها .



و كأن أكثر السعادة أو الانشراح الروحي لا يتأتى إلا عبر هذا الطريق ، الذي يكون ككل طريق موصل إلى ما هو عظيم ، صعباً و عسراً في أوله ، و ما إن يصل المرء إلى نهايته حتى ينسى أو يكاد ينسى كل ما لقيه فيه حين يلمس ما لم يكن ليلمسه لولم يسر فيه .



تعال أيها الغد المشرق ، حاملاً كل خير ، و كل سعادة ، و كل إيمان ، و لا أعاد الله علينا ما أصابنا يوماً ، و لا من أصابونا بهم يومها .

محمد يوب
21/04/2010, 03:10 PM
نظرة متأملة في الحياة بتجاربها نظرة متفائلة إلى المستقبل المشرق لغة راقية استخدمت فيها الخيال الذي يسبح بك في آفاق عالية وشاسعة.

عبد الله نفاخ
21/04/2010, 03:18 PM
ألف شكر لك سيدي

ايناس
21/04/2010, 07:12 PM
كلام حافل بمعاني الرضى و التفاؤل....
و نظرة سامية قلما نرى بها الحياة على تنوع فصولها و مشاهدها......
أسلوب بليغ ...جذاب.....يسهل به تبني الفكرة كأسلوب حياة...
فقدرنا فعلا أن نصنع قدرنا متسلحين بالرضى و الأمل..
أحييك زميلي عبدالله
دمت مبدعا

عبد الله نفاخ
22/04/2010, 05:27 AM
و دمت قارئة رائعة ، و كاتبة مبدعة
تحياتي

مريم الوادي
25/04/2010, 12:03 AM
كتبت يوما:
لا تبتئس من الحاضر فإنه غدا يموت ويصبح أمسا ويجرك إليه الحنين
ولا تخش المستقبل
لانك غدا تلقاه وتقنط منه كما قنطت أمس من حاضرك
ولا تقطع الصلة بالماضي لانك استمرار له وقطعة منه
عانق حياتك بحلوها ومرها
وقبل ثالوثها المقدس
فبين الماضي والحاضر والمستقبل يتعرى القلب ويورق
شكرا لانك دفعتني لتصفح مذكرة قديمة مرت اعوام لم اقلبها بين يداي
تقبل مروري
كنت هنا

عبد الله نفاخ
25/04/2010, 10:13 AM
شكراً لمرورك و تحيتك الغالية سيدتي

عبد الله نفاخ
26/03/2011, 01:48 PM
هو القدر الجميل لا بد آت ...
آت .. آت ... آت
و الحمد لله دوماً