المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدروس الخصوصية



محمد يوب
05/04/2010, 09:20 PM
أهيم على وجه الأرض منذ الصباح الباكر، أخرج من بيتي على ظهر بطني ، أتنقل على دراجتي النارية بين الدروب أتقصى أثر المدارس المفتوحة حديثا في الأحياء الجديدة والإقامات ، أقدم طلبا هنا وطلبا آخر هناك، بيوت الحي تعرفني ، يجودون علي بأكواب العصير و الحلويات .
ساعات يومي أصبحت مزدحمة ، كل ساعة بثمنها ، ساعات خصوصية و أخرى جماعية ، أحل معهم التمارين الكتابية و الشفوية، ارتاح بال الأغنياء وازداد هم الفقراء ، أصبحت الدروس الخصوصية عبئا من الأعباء، ينهالون علي بدعوات الشر و الإفلاس بعد الأداء .
أقبض واجباتي خفية من هنا و تذوب كما أخذتها مرة في العلاج ومرة في المصائب المتتالية هنا وهناك ، حدثني أحد الزملاء الأتقياء لماذا كل هذا العناء ؟ راتبك الدائم القليل فيه البركة و فيه الخير الكثير و الجزاء .
أتناول وجبات الغذاء و العشاء في المطاعم الشعبية ، أقف في الطابور مع العمال المياومين أنتظر دوري ، لعلي أجد طاولة فارغة أرمي جثتي عليها ، حزامي مشدود على خاصرتي حتى آخر ثقب فيه ، أصبح وجهي شاحبا وظهري مقوسا ، اشتعل رأسي شيبا ، قل بصري ، لبست نظارة مجهرية .
غرني الزمان الذي كان يمضي بسرعة تناولني شابا يافعا ، عظاما فتية و لحما طريا ثم رماني كهلا عجوزا ، أبنائي يكبرون تحت أنظار أمهم ، ألفوا صورتي المبروزة المعلقة على الحائط .
عدت ذات يوم متأخرا إلى بيتي ، تسللت كعادتي إلى غرفتي أمشي على مشط رجلي ، علقت معطفي على المشجب وراء الباب ، خلعت حذائي ، دخلت فراشي ارتمى ابني إلى حضن أمه خائفا مرتعشا وقال بصوت مرتفع : من أنت ؟ قلت له نم يا ولدي لا تخف إنني أبوك .
محمد يوب
06-02-10

بنت الشهباء
07/04/2010, 03:14 PM
وهل سيبقى الحال على ما هو يا أخي الكريم محمد يوب !!!؟..

أم أنّه سيسعى جاهدا أن يواكب السير مثلما يفعل غيره ليلتقط قوت يومه !!؟؟..

والله يا أخي الكريم حالنا لم يتغيّر ما دام العلم لم يبق له ثمنا ، ولم يعد له قيمة ولا احتراما في نظر المجتمع ....

لنعد إلى أيّام زمان يوم كان مهنة التدريس مهنة مقدّسة لا يجوز أن ينتهك حرمتها أحد ..

صورة واضحة رسمتها لنا بريشتك بالرغم من أنها آثرت أن تختار الألوان القاتمة لها لتحكي لنا واقعا مأساويا يعيشه من آثر على نفسه أن يحمل رسالة كريمة ويكون أمينا مؤتمنا عليها ...

محمد يوب
07/04/2010, 03:20 PM
شكرا لك أختي على مرورك البهي الذي شرفني بارك الله فيك أختي

عبده رشيد
07/04/2010, 05:38 PM
أهيم على وجه الأرض منذ الصباح الباكر، أخرج من بيتي على ظهر بطني ، أتنقل على دراجتي النارية بين الدروب أتقصى أثر المدارس المفتوحة حديثا في الأحياء الجديدة والإقامات ، أقدم طلبا هنا وطلبا آخر هناك، بيوت الحي تعرفني ، يجودون علي بأكواب العصير و الحلويات .
ساعات يومي أصبحت مزدحمة ، كل ساعة بثمنها ، ساعات خصوصية و أخرى جماعية ، أحل معهم التمارين الكتابية و الشفوية، ارتاح بال الأغنياء وازداد هم الفقراء ، أصبحت الدروس الخصوصية عبئا من الأعباء، ينهالون علي بدعوات الشر و الإفلاس بعد الأداء .
أقبض واجباتي خفية من هنا و تذوب كما أخذتها مرة في العلاج ومرة في المصائب المتتالية هنا وهناك ، حدثني أحد الزملاء الأتقياء لماذا كل هذا العناء ؟ راتبك الدائم القليل فيه البركة و فيه الخير الكثير و الجزاء .
أتناول وجبات الغذاء و العشاء في المطاعم الشعبية ، أقف في الطابور مع العمال المياومين أنتظر دوري ، لعلي أجد طاولة فارغة أرمي جثتي عليها ، حزامي مشدود على خاصرتي حتى آخر ثقب فيه ، أصبح وجهي شاحبا وظهري مقوسا ، اشتعل رأسي شيبا ، قل بصري ، لبست نظارة مجهرية .
غرني الزمان الذي كان يمضي بسرعة تناولني شابا يافعا ، عظاما فتية و لحما طريا ثم رماني كهلا عجوزا ، أبنائي يكبرون تحت أنظار أمهم ، ألفوا صورتي المبروزة المعلقة على الحائط .
عدت ذات يوم متأخرا إلى بيتي ، تسللت كعادتي إلى غرفتي أمشي على مشط رجلي ، علقت معطفي على المشجب وراء الباب ، خلعت حذائي ، دخلت فراشي ارتمى ابني إلى حضن أمه خائفا مرتعشا وقال بصوت مرتفع : من أنت ؟ قلت له نم يا ولدي لا تخف إنني أبوك .
محمد يوب
06-02-10




يؤسفني استاذي ان أخالفك الرأي ..فليس الامر بهذه القتامة كما وصفت..أكيد ظروف المدرس المادية غير مريحة مع الارتفاع المهول
لمؤشر المعيشة ومتطلبات البيت المتزايدة ..ولكن العديد منهم جعلوا من القاعدة استناء ومن الاستثناء قاعدة ..وكيف لا وقد اصبحوا يتقاضون من الاجر اضعافا مضاعفة ..لا اجد مبررا للتعاطي للدروس الخصوصية تحت اي مصوغ كان ..فعواقبها غير محمودة لما لها من آثار سلبية على مردودية المدرس في عمله الحكومي وعلى عمله الوظيفي كرب أسرة دائم الحضور والتواجد ..
أعبتني القصة جدا باسلوبها الراقي ولرمزيتها ولتطرقها لموضوع تربيوي اجتماعي هام وكشف بعض جوانبه .
دمت بألق أخ محمد

محمد يوب
07/04/2010, 05:44 PM
نختلف في حيثيات الموضوع ونتفق في كيفية طرح الموضوع وبأسلوبه هذا جميل أتمنى لك الصحة و العافية بارك الله فيك

مصطفى البطران
07/04/2010, 07:43 PM
موضوع في غاية الأهمية يناقش واقعاً نعيشه
شئنا أم أبينا دمت بألق القص وروعة الموضوع
بكل ود وسرور أخوك : مصطفى البطران

محمد يوب
07/04/2010, 07:54 PM
أخي مصطفى كم أشتاق لإطلالتك على إبداعاتي المتواضعة إن كلماتك الممزوجة بروح الشاعر تبعث على المزيد من العطاء .
محمد يوب

كريم محسن
07/04/2010, 08:42 PM
علقت معطفي على المشجب وراء الباب

هذه العبارة تكفي

فنحن في معركة لا فائز فيها و لا اظنها تنتهي قريبا , ولا نعرف (مـَن ضد مـَن ) الا اننا سنكون اول الخاسرين .

محمد يوب
07/04/2010, 08:50 PM
و الله أخي كريم ردك بحر جعلني أقرأة من حيث علاقته مع القصة و من حيث علاقته مع الواقع المرير الذي نعيشه إنها قراءة شاعر فيها صور وتشرفت بمعرفته و أنا الآن احتفظت بمدونتك على مكتوب لأتمتع بأشعارك ولكن باللغة العربية إنني لا أفهم شيئا في الكردية إلا إذا فهمت قواعدها إنها أمامي على المدونة

طارق شفيق حقي
07/04/2010, 08:54 PM
أعتقد أننا نناقش اليوم قضية اجتماعية بقالب قصة
هناك مشاكل كثيرة يعيشها مجتمعنا
في حقيقتها هي مفرز من مشاكل أكبر

هل هناك من يعرف ما هي هذه المشاكل الأكبر ؟؟


إن حل المشاكل الصغيرة لن يحل المشكلة الأكبر

التراجعي القيمي في منظومة اجتماعية كبيرة
يعني ما وصلنا إليه اليوم
الأخطاء الصغيرة تكبر مع المفاهيم الرأسمالية

كلنا أصبحنا رأسماليين

وكل شىء أصبح في المجتمع له قيمة

يعرض ويباع
حتى الحب والأدب والمرأة
حتى برامج الأطفال
الخبر
المسلسلات
كرة القدم
التعليم
المذاهب

هل بقي شىء

فتحي فطوم
08/04/2010, 06:10 AM
" عدت ذات يوم متأخرا إلى بيتي ، تسللت كعادتي إلى غرفتي أمشي على مشط رجلي ، علقت معطفي على المشجب وراء الباب ، خلعت حذائي ، دخلت فراشي ارتمى ابني إلى حضن أمه خائفا مرتعشا وقال بصوت مرتفع : من أنت ؟ قلت له نم يا ولدي لا تخف إنني أبوك ".
سيعود المدرس كل يوم متأخراً إلى البيت ، ويتسلل كالعادة إلى غرفته ، يمشي على مشط الرجلين .... ويدخل فراشه ، ويرتمى ابنه إلى حضن أمه خائًفًاً ، مرتعشاً ، ويقول بصوت مرتفع : من أنت ؟ فيجيبه : نم يا ولدي ! لا تخف إنني أبوك .
ويستمر الحال من أجل تأمين متطلبات الحياة ... لقد مارست مهنة التدريس في مدرسة حكومية مدة وجيزة من الزمن ، فكانت تجمع بين المتعة والتعب حتى درجة الإرهاق ... تحياتي

محمد يوب
08/04/2010, 06:23 AM
مرورك أخي طارق يسعدني ويشرفنيأحسنت القراءة

محمد يوب
08/04/2010, 06:25 AM
أستاذي و حبيبي فتحي فطوم بالفعل مهنة التعليم مهنة ممتعة مشاقة في نفس الوقت ولها ضريبة قاسية ونحن في هذه القصة نحاول إثارة موضوع يزيد فيه الأستاذ من متاعبه في هذا المجال بارك الله فيك