المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ديك و دجاجة



نشيد الربيع
19/02/2006, 02:41 PM
قال :

ما بال ديكنا أخرس اليوم .. صحيح أنني أتمنى كل يوم أن يذبحوه ، إلا أن العشرة مبتهنش إلا على ولاد الحرام .. والقط مبيحبش إلا خناقه .. وأهو ونَس في البيت وضل ديك ولا ضل لحمة الحكومة ، وديكك الأعرج يغنيك عن الوقوف على أبواب الجمعية التعاونية .. فخفوت صوته هذا يجعلني أفكر في كل هذه البلايا المترتبة على موته أو سرقته والعياذ بالله .. جارنا الحج اسماعين اتسرق من عنده الأسبوع اللي فات خمسة ديكة ( وكانوا رومي لحسن حظ السارق إذ أن الديك الرومي يقضي ليله صامتا لا يفتح فمه ولو سرقت دجاجاته أمام عينيه .. ) .

قمت مسرعا وكلي لهفة أن أجد ديكنا الشجي يلعب في مدخل البيت مع دجاجاتنا الحسناوات . عندما كانت هذه الدجاجات صيصان صفراء صغيرة . كانت الحاجة أمي تجمعها في صندوق وتضيء لها مصباح يدفئها من البرد .. ولم يكونوا ليسلموا من عبث أطفال البيت .. فهذا يمسك بالصوص ويقذف به إلى الحائط فيسقط مترنحا .. وهذا يمسك ذلك الفرخ من رقبته ويخيف به ابن عمه الذي جاءهم زيارة من البندر .. فهو ابن مدينة لا يرى القطة إلا مصورة .. ولا يرى الدجاجة إلا محمرة ..

عندما خرجت من الحجرة وجدت فتحية خادمتنا العجوز تقبل علي مسرعة وأنا أعلم هذه الهيئة .. هيئة الإعلان عن مصائب القرية .. قالت : الحقنا يا سي عبده .. الديك بتاعنا عنده برد ..

فضحكت وقلت لها : برد .!! الديك بدل ما يصيح عطس ؟!

قالت : لأ .. جت له الانفلونزا اللي بيقولوا عليها دي .. وخايفين لاحسن تكون بقية الفراخ اتعدت ..

- وانت عرفت منين أنها الانفلونزا اللي بيقولو عليها .. ؟

قالت : الحاجّة بعتت لابن زيدان .. بيقولوا اتخرج من اسمها ايه دي بتاعة البهايم وبقى داكتور مواشي قد الدنيا عقبال ولادك .

قلت : بتاعة البهايم ..؟ وبقى دكتور مواشي ..؟ أهو هو لو عارف اللي هتقوليه دا .. مكنش تعب نفسه خمس سنين .. المهم وقال ايه ..

قالت : أخده على الوحدة البيطرية .. وقال هيحللوله . ربنا يقومه بالسلامة ..

سألتها : مين دا .؟!

قالت : الديك يا بني .. لو شفتو يا حبة عيني وهو كانن في جنب العشّة و والدم مغطي حتت من ريشه ومنقاره كان صِعب عليك .. مش روح دي برضو وبتحس ..

أحيانا أشعر أن الست فتحية دي قلبها كبير يسع حتى حيوانات الدار .. أذكرها منذ أن كنت طفلا .. كانت هي بعد الصبا بقليل .. لم تكن لتهدأ أبدا منذ أن تستيقظ وإلى أن تنام .. تخدم الكبير والصغير .. كنت يومها أشعر ان في بيتنا أمّان : جدتي .. وفتحية . .جدتي لأنها أمنا جميعا .. و فتحية لأنها القائمة بأعمالنا كلها ..

قطع صوتها خاطري وهي تسأل : لو اتأكدو انه عنده البتاع دا .. هيعملوا ايه ..

قلت لها ولا حاجة .. هيعدموه ...

أحسست بشفقة غريبة على هذا الديك ... مع أن دوره في الحياة أن يذبح لنأكله .. إلا أن هذه الموتة الغير لائقة به احزنتني كثيرا .. اذكرة مرة عندما احترقت قريتنا ونحن صغار .. بعد أن أخمدت النيران .. رأيت في عشة جيراننا دجاجة مشوية وهو ترقد على بيضها .. لم تتمكن من الهرب .. فشويت في مكانها .. يومها بكيت كثيرا ... لا اعلم لماذا .. أحسست أنها أخذت على حين غرة .. وبقيت أياما لا أقرب الدجاج .. حتى أخبرني أبي أن أن مثل هذا الأمر قد يدخل في باب من أبواب الحرام .. إذ لا يجوز الامتناع عن أكل اللحوم شفقة عليها . لأنه شرع الله ..

لم أفهم كثيرا وقتها .. لكن صورة الدجاجة المغدور بها باقية في خاطري .. لم تمحى ..

أشعار
19/02/2006, 08:01 PM
!

القصة مثيرة وحادة بهدف جميل ..

أنا من النوع الذي لايفضل خلط العامية بالفصحى أبداً ..
ربما تكون تلك ملاحظتي الوحيدة وماعدا ذلك ..

كل الشكر على هذا الإبداع ..

اختك

نشيد الربيع
28/02/2006, 08:48 AM
!


القصة مثيرة وحادة بهدف جميل ..

أنا من النوع الذي لايفضل خلط العامية بالفصحى أبداً ..
ربما تكون تلك ملاحظتي الوحيدة وماعدا ذلك ..

كل الشكر على هذا الإبداع ..

اختك




مرحبا أشعار ...

أولا أهلا بك في المربد

ثانيا شكرا على المرور ..

بالنسبة للعامية انا ايضا لا احب الكتابة بها .. لكني بعض الشخصيات لا يمكن أن تعرض إلا بلغتها الدارجة ..

عموما .. ملاحظة لها قدرها ..

وشكرا لك ..