المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حنين....................



فطيمة عزوني
26/03/2010, 09:55 AM
على غير العادة استيقظت "هي" اليوم وكأن الحياة عادت إلى أوصالها من جديد بعد غيبوبة طويلة.....كانت تتحسس المكان بكل جوارحها .كأن شيئا ما بداخلها يرغب في أن ينقب عن بعض من ذكريات أيامها الخالية......

ربما كان الدافع لذلك استرخاءها اليوم في فراشها ....رفاهية افتقدها جسمها منذ زمن طويل.

"هي" اليوم في عطلة لذا لن تكون مجبرة على مسابقة الزمن، كي ترتب أشياء غرفتها وغرف أطفالها التي عبثا تحاول تثبتها في مكانها.....

تتحسس المكان بسمعها هذه المرة...فتجده صامتا حد الرغبة في العودة للنوم من جديد.....

أطفالها الثلاثة غادروا البيت منذ زمن مع والدهم لمقاعد دراستهم.....لذا فالبيت في تلك اللحظة كان سالما من "جرثومة" صراخهم المستمر......الذي كثيرا ما يسبب لها ألما فضيعا في الرأس....لا تسكنه إلا حبة الأسبرين التي أصبحت تتجرعها يوميا حد الإدمان....

ربما هذا الهدوء غير المعتاد هنا ، هو الذي أعطى لعقلها اليوم مساحة التفكير بعمق في تفاصيل حياتها داخل البيت وخارجه......

تلف خصلة من غرتها السوداء الجميلة حول سبابتها ثم تتركها تنسدل من جديد.....فهي قررت أخيرا النهوض من سريرها الذي ملت الاستلقاء عليه.

تتجه نحو مطبخها.....تلك المملكة الجميلة التي تشتهيها كل نساء العالم.....مملكة هجرتها كباقي تفاصيل أخرى جميلة أيضا ، اختزلتها من يوميات حياتها.....تسكب فنجان قهوة من الإبريق الذي حضره زوجها قبل أن يخرج للعمل .....

"غريب"...تردد في نفسها....حتى واجباتها نحو زوجها أسقطتها من قائمة الأولويات.....

تخرج للشرفة ....تبعد كرسي الطاولة الموجودة هناك بحركة بسيطة من رجلها...""فهي" اليوم تريد أن تتحرر من بروتوكولات حياتها العملية".....وتجلس أرضا...... ربما فعلت ذلك...لأنها ترغب في تحسس برودة البلاط. علها تشعر مجددا أنها هنا في بيتها بين أشياءها ....مملكتها الضائعة....التي لم تعد تختلف عن وطن عزيز ...تم هجرانه جحودا من قبل كل الأحبة .....

تميل برأسها إلى الوراء. فتعلق عيناها بزرقة سماء صافية حد الإغراء للتحليق فيها....فتطفوا على سطح ذاكرتها ....ذكرى وجودها "هي".... و"هو" هنا في البيت أول مرة.....كان ذلك يوم زفافهما....كلاهما كان يتخيل لحظتها أن عتبة هذا البيت لن تختلف كثيرا عن عتبة جنة دائمة الخضرة... خالية من كل أنواع الغيم الأسود......كلاهما عمل جاهدا لتحقيق ذلك......لكن الخضرة الدائمة بقيت مجرد حلم.....والسماء الصافية لا تعدوا أن تكون "هنا" جزءا من ذلك الحلم الذي استحال تحقيقه. ....

كل شئ"هنا"..... داخل البيت أصبح ذابلا مصفرا حد القهر.....

"الخيال غير الواقع" ...يردد صوت الحقيقة المر بداخلها..... "الخيال غير الواقع" يتكرر الصوت .......

تلعن للمرة الألف داخل نفسها الحاجة التي جعلت "منه" "ومنها "مجرد غرباء تحضنهم جدران باردة....وسقف يحبس تحته بعضا من آمالهم الضائعة......وغرف تملأها خيوط عنكبوت عمرت "هنا" لطول ذلك الجفاء بين "هي" و"هو"......

العاقل (تردد بينها وبين نفسها):" لا يلهث ليل نهار وراء لقمة عيش ممزوجة بالضياع".

لو أنها من بداية حياتها، لهثت وراء القلوب المعمرة هنا، داخل هذه الجدران الباردة كي تستعبدها، ألم يكن ذلك أسعد لها"" و"لهم"؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

تتذكر بحسرة أن تلك القلوب البائسة" هنا "خارجة عن إطار أولوياتها .....فأولوياتها "هي" محصورة في سفر ونجاح في عمل كي يزداد المردود الاقتصادي أكثر.....فتلبي لها ولهم طلباتهم الأكثر !!!!!!!!!!...فالحياة اليوم تستنزف منا أرواحنا كي نحصل على النقود .....كما أنها تستنزف الجيوب أيضا !!!!!!!!!!!!" بعد ذلك فتتركها خاوية مثل خواء الأجساد. من الأرواح ...

" تبا للحاجة" تكرر بينها وبين نفسها مرة أخرى .......ومرة أخرى..........وأخرى.

:" يبدوا أن الحياة اليوم جعلت من" الاختيار" هو الآخر "ترفا"، لا يحق للمواطنين من الدرجة الثانية والثالثة التمتع به !!!!!!!!!!!!!!!!" تردد "هي" في سخرية .

ولكني أريد استرجاع مملكتي وقصري.....من استعمار الحاجة و المادة......

أريد استرجاع حقوق ....."عرشي" داخل مملكة قلبه " هو".....أرغب في استرجاع موطن صورتي الحانية داخل عوالم" هم ".......... أطفالي.....ذاك الزاد الذي ضيعته...من اليوم الذي أجبرتني الحياة فيه على اللهث وراء مادتها ...من أجل تحقيق لي ولهم ما هو فقط مادة!!!!!!!!!!!!!!!!!!

أريد العودة من جديد إلى "هنا" ..............................قصري.....

خليد خريبش
29/03/2010, 10:32 PM
نص جميل أعجبني في الحقيقة وكيف صورت الكاتبة البيت بالقصر،وكيف تتحدى في كتابتها بعض منغصات التمتع الشرعي ببعض الحقوق،كالحلم في الحياة وحق رؤية وجهها الجميل،مشكورة أختي أجمل تحياتي.

فطيمة عزوني
02/04/2010, 06:46 AM
نص جميل أعجبني في الحقيقة وكيف صورت الكاتبة البيت بالقصر،وكيف تتحدى في كتابتها بعض منغصات التمتع الشرعي ببعض الحقوق،كالحلم في الحياة وحق رؤية وجهها الجميل،مشكورة أختي أجمل تحياتي.



السلام والرحمة...
أخي خليد..
وصفته بالقصر لأنه فعلا كذلك..للأسف أصبحت قصورنا مجرد خراب تعيشه أطياف إنسان....تقدير وزيادة..فطيمة.

محمد يوب
03/04/2010, 07:23 PM
قصة تغوص في تفاصيل الحياة ودقتها تتحدث عن مكونات البيت الذي شبهته بالقصر و كأن الكاتب تحمل في يدها كاميرا تسجل كل التفاصيل لغة بالغة و بليغة تمتح من الخيال وتعود مرة أخرى إلى الواقع لتنسج منه خيالا ن إنها لحظة تأمل تعيشها الأنثى في بيتها بل في قصرها و مملكتها إنها لحضة السعادة التي تخيلتها البطلة مع زوجها و أولادها رغم منغصات الحياة التي تعرفها و تحاول التغلب عليها أبدعت و أمتعت أستاذتي بارك الله فيك.
أخوك محمد يوب

فطيمة عزوني
04/04/2010, 05:36 PM
قصة تغوص في تفاصيل الحياة ودقتها تتحدث عن مكونات البيت الذي شبهته بالقصر و كأن الكاتب تحمل في يدها كاميرا تسجل كل التفاصيل لغة بالغة و بليغة تمتح من الخيال وتعود مرة أخرى إلى الواقع لتنسج منه خيالا ن إنها لحظة تأمل تعيشها الأنثى في بيتها بل في قصرها و مملكتها إنها لحضة السعادة التي تخيلتها البطلة مع زوجها و أولادها رغم منغصات الحياة التي تعرفها و تحاول التغلب عليها أبدعت و أمتعت أستاذتي بارك الله فيك.
أخوك محمد يوب

السلام والرحمة.........
بارك الله في القارئ أيضا.........مرورك أسعدني.

طارق شفيق حقي
04/04/2010, 07:01 PM
مبارك للأخت الكريمة القاصة فطيمة عزوني المركز الأول في مسابقة المربد الأدبية الرابعة

فطيمة عزوني
04/04/2010, 08:26 PM
مبارك للأخت الكريمة القاصة فطيمة عزوني المركز الأول في مسابقة المربد الأدبية الرابعة



السلام والرحمة.....
أخي الفاضل
للقصص هنا طعم آخر......والفوز أيضا ...تقدير يرقى ليليق....فطيمة.