المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من وراء حجاب - قصة قصيرة



أحمد كمال سالم
01/02/2010, 03:07 PM
من وراء حجاب


قصة قصيرة
كتبها : أحمد كمال
( فيلسوف القصة )
كانت نائمة على فراشها في غرفتها ،كل ما يحيط بها ظلام ، وجدران اتشحت بالسواد ، وسقف ليس له عنوان .
تقلبت على جنبها إلى اليسار ، ثم إلى جنبها اليمين ، وارتسمت على شفتيها ابتسامة الرضا ، فقد كانت تسبح بروحها في فضاء فسيح ، ليس فيه غيرها ، ولا أحد هناك يضيرها ، ثم استقرت على ظهرها ، وتلألأ جسدها الأبيض في ظلام غرفتها كالثلج في عتمة الليل البغيض ، وانبعث من وجهها وهج ملائكي ، وتهللت ملامحها الطفولية ، وراح قميص نومها الأسود ، القصير ، الشفاف ، يداعب جسدها الثائر المثير ، حتى فتحت عيناها ، ولمع فيهما بريق ونهضت مسرعة نحو مقبس الإضاءة ، تلتمس نوراً ، وهى تتحسس جدران غرفتها الشاحبة ، ولا تكاد ترى غير ما تريد ، حتى أضاءت النور ، فتنفست الصعداء ، وتهللت أساريرها عندما أدرك غرفتها النور ، وبقى بداخلها اكتئاب من رؤية تلك الجدران السوداء ، تنتحب في كل وقتها ، وتنغص عليها حياتها ، وتئن و تتوسل لتغيير لون الطلاء ، لكنهم قالوا لها أن اللون الأسود وقار، وعفة ، ومخرج من النار ؟! ما ارتضت به ولم تقنع ، وظل يضايقها ، ولكنها تعودت عليه ولم تحبه ! وإذا بها تحدق في الساعة المعلقة على الحائط ، إنها السابعة ! وتتساءل في نفسها لماذا الشمس غابت ؟ّ! فراحت مسرعة نحو النافذة تفتحها بأناملها الرقيقة ، حتى تفاجأت بجدار ، اتشح هو الآخر بالسواد ، زلزلتها المفاجأة ، وراحت تتراجع بخطواتها وهى تصيح قائلة :-
- يا ويلاه .... من أين أتى هذا الجدار ؟!
وومض في خلايا عقلها فكرة ، أن تسرع وتستغيث بأهلها ، أو بالجيران ، أو بأحد المارة في الطرقات ، فأسرعت نحو الباب ، وأمسكت بالمزلاج ، وقد شحب وجهها وهي تسحب الباب ، واهتز كيانها عندما تفاجأت بجدار يسد الباب ، ويمنعها عن الأهل ، والجيران ، وحتى الناس في الطرقات ، واتشح الجدار هو الآخر بالسواد ، وراح الباب يهتز كأنه يقهقه ساخراً منها ، وراحت تضرب بيديها على الجدار ، غاضبة ، هائجة ، تطلب من الخارج النجدة وهى تصيح قائلة : -
- يا أيها الناس حطموا هذا الجدار
ولما أصابها الإعياء ، وشعرت بالدوار ، تراجعت بخطواتها حتى ارتمت بجسدها جالسة على حافة الفراش ، ودفنت رأسها بين كفيها ، وراحت تدلك شعرها بأناملها ، وهى مستغرقة في همها ، ولا تدري من أقام حولها هذا الجدار ، وسد عليها كل وسيلة لاتصالها بكل الجوار ولما هدأت قامت تتلفت حولها ، تستغرب كيف إنها تحملت كل هذا السواد ، وكيف هيأت لنفسها بنفسها أن تشيد حولها الجدار تلو الجدار ، ليحكم عليها الحصار ، فلا تملك من نفسها غير الخضوع والانصياع ، واشتعلت بداخلها نار ، وراحت تحطم أثاث غرفتها ، وتلطخ الجدران بكل الألوان ، ووقفت أمام مرآتها تحدق في نفسها وتهمس قائلة :-
- أيتها البلهاء الصواب ليس احتكار
وإذا بمرآتها تتشقق ، ثم تنفجر ، وتتناثر شظايا الزجاج ، فترتمي على الأرض فزعة ، وهي تصرخ قائلة : -
- يا ويلاه حتى مرآتك انفجرت غيظاً من أفعالك ؟!
ولما توقف هطول حبات الزجاج ، وهدأت طقطقات الانكسار ، رفعت رأسها بحذر ، ورنت بعينها تراقب موضع المرآة ، فإذا بالبرواز يحتوي سرداب ، أسرعت واقفة وراحت تنظر بداخله ، ولمحت في آخره شيئان ، نفق ضارباً في الأرض ، وسلم يصعد إلى السماء ، فازدادت دهشتها ، وبدت على ملامح وجهها حيرتها وتساءلت قائلة : -
- يا ترى ماذا سأختار ؟!
تمت

خليد خريبش
05/02/2010, 06:57 PM
قصة قصيرة ذات شأن أخي الكريم أحمد كمال،فيها أفكار قوية،رمزية،جمالية حتى أسلوبيا،تحياتي الأخوية.ومازالت لي عودة لقصتك السابقة،لكنك غبت عنا بعض الشيء،تحياتي الأخوية.

أحمد كمال سالم
18/02/2010, 05:10 PM
قصة قصيرة ذات شأن أخي الكريم أحمد كمال،فيها أفكار قوية،رمزية،جمالية حتى أسلوبيا،تحياتي الأخوية.ومازالت لي عودة لقصتك السابقة،لكنك غبت عنا بعض الشيء،تحياتي الأخوية.
أشكرك يا أخي خالد لمرورك الكريم
وتعليقك الرقيق
وتأكد أن غيبتي عنكم لم تكن بخاطري
ممتن لك عظيم الإمتنان لسؤالك الكريم
وانتظر عودتك

محمد يوب
11/03/2010, 03:02 PM
قصة جميلة تحكي حيرة الانسان الذي يحيط نفسه بتلك النظرة المتشائمة إلى الحياة و أعجبني فيها القفلة الجميلة التي تحير كل إنسان هل يختار الصعود إلى السماء أم النزول إلى الأرض بارك الله فيك