المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ندم وهم وغم



محمد يوب
25/01/2010, 08:49 AM
ندم و هم وغم
تكاثرت علي الديون فهي هم بالليل وفي النهار اختباء من رصد العيون ، كبر الأولاد ازدادت المصاريف ، شكلي لا يسعد العدو ولا يسر الصديق ، لا أتذكر في أي سنة اشتريت حذائي الوحيد وسروالي الذي انكشف لونه من كثرة الغسيل بالماء و الصابون ، أنتظر الزيادات ، لا الرتب تجدي ولا السلالم ولا العلاوات .
أذهب إلى المقهى أطلب قهوتي السادة المعتقة، يقف النادل على رأسي يطلب مني واجب القهوة قبل إحضارها يخاف من إشارة يدي اللولبية .... إلى الغد ، أصدقائي يتهربون مني أسلم عليهم يكشرون في وجهي حتى لا أطلب منهم مزيدا من المال .
زملائي في العمل في راحة تامة يعيشون حياة هنيئة يلبسون البدل السوداء والأقمصة البيضاء و الأحذية اللامعة ، يركبون السيارات الجديدة ، ويسافرون مع أولادهم في الإجازات الربيعية و الصيفية.
أشعر بضيق في صدري ، اسودت الحياة في عيني، الدنيا برحابتها و شساعتها أصبحت بالنسبة لي كعلبة كبريت تقذفني من مكان للآخر ، لا أشعر بآدميتي ماذا فعلت في حياتي ؟ ،لماذا أعاقب هكذا؟ تساؤلات أطرحها على نفسي أبحث عن إجابة تشفي غليلي .
إني أغالط نفسي، أنا أعرف السبب لكنني أتغاضى و أريد أن أنسى أو أتناسى ، لأن أمي ماتت وهي غاضبة مني، كانت تتألم من شدة المرض ، كانت وحيدة لا تجد من يرعاها و يشتري لها الدواء ، تحبوا على ركبيها من أجل قضاء حاجتها ، كانت أبية عفيفة لا ترضى الذل و الهوان .
كانت أمي امرأة عجوز هدها الشغل في بيوت أعيان القرية ،تكنس الأرض وتغسل الملابس والزرابي الثقيلة، وفي الصيف تذهب للحصاد ، تكسب قوت يومها من عرق جبينها ، كانت صغيرة جميلة رفضت الزواج ضحت من أجل سعادتي ، خافت من نظرة زوج الأم وسوء معاملته لي .
في المساء أجلس في بهو الدار على أريكتي الحديدية أراجع دروسي ، تحضر لي أمي كأس الشاي المنعنع الممزوج بالشيبة وقطعة الحلوى التي أحبها ، تحط يدها على ظهري تدلك عنقي أشعر بخشونة في كفها من كثرة العمل في الحقل ، وكانت في الليل تشتكي من شدة التعب و الإرهاق وتقول لي كل هذا يهون من أجل راحتك ومتابعة دراستك ،وأتمنى اليوم الذي أراك فيه قاضيا أو أستاذا وتريحني من هم الزمان .
انتقلت إلى المدينة انشغلت ببريقها الزائل ، تزوجت امرأة تعرفت عليها في المقهى المجاور للعمل كانت أنانية تحب نفسها وتحب أهلها ، كانت تربطني بها علاقة سيئة كنا على خلاف دائم ، في كثير من الأحيان كنا نريد الطلاق ولكني كنت أفكر في الأولاد كنت لا أريد تكرار نفس مأساتي .
مرت الأيام كلمح البصر ماتت أمي ولم أحضنها ولم أحضر جنازتها ، تبرع الجيران كل واحد بما استطاع ، غسلوها كفنوها ودفنوها حاولوا الاتصال بي لكن الخط كان دائما مشغولا ، أخبروني أنها كانت تسأل عني وتنتظرني ، قالت لهم قولوا له : ماتت التي كان الله يرزقك من أجلها .


محمد يوب
23-01-10

طارق شفيق حقي
25/01/2010, 10:51 AM
سلام الله عليك

قصة عميقة جداً

لكني أرى أنك استعجلت فيها بعض الشىء

القصة تصلح أن تكون قصة طويلة منها قصة قصيرة

في بناء القصة القصيرة كان الأقوى ترك السبب مكثفاً
كأن تبدأ بوصف حال الأم وتعبها وما إلى ذلك
ثم تنهي القصة تلك أمي التي ماتت ولم أحضر جنازتها

وتترك تفسير سوء الحال والعقوق للقارىء

علينا دائماً أن نترك مساحة القارىء للقارىء

بكل الأحوال قصة شدتني بحق لما فيها من وصف إنساني والتفاف حول قيم هي أساس حياتنا
لك تحياتي

محمد يوب
25/01/2010, 12:49 PM
شكرا أخي طارق على اهتمامك وعلى ملاحظاتك

أيوب الحمد
25/01/2010, 04:54 PM
قصة شيقة تحاكي الواقع , واقع الكثير من الذين عقوا والديهم إما لأجل امرأة حسناء أو من أجل منصب براق
ولكن كان عليك عدم ذكر السبب كي لا تسلب حق القارئ في استنتاج الأسباب واستخلاص العبر ,
والجيد في هذه القصة معالجتها لجانب إنساني على قدر كبير من الأهمية .
تقبل تقديري

عبد الحميد دشو
25/01/2010, 05:31 PM
قصة رائدة شعرتني أحداثها بغصة عميقة أخي الأستاذ محمد يوب
بسرد جميل و لكن كما قال الأستاذ طارق
كانت تصلح أكثر تجلت أحداثها عبر قصة طويلة أو قل
رواية صغيرة
مودتي

محمد يوب
28/01/2010, 07:56 AM
شكرا لكم جميعا على مروركم أتمنى لكم الصحة والعافية
محمد يوب

حسن_العلوي
29/01/2010, 06:33 PM
بسرد جميل تمكن الكاتب من وضع اليد على احدى علل مجتمعنا,العقوق,فمقابل الجميل الذي قامت به الام تجاه فلذة كبدها,قابلها بالنكران و الهجر و النسيان,و كانت نتيجة فعله العيش الضنك,الكل ابتعد عنه,و الذلة و المسكنة احاطتا به.
المراة تحضر بصورتين,صورة مشرقة هي الام التي تعبت و ضحت الى ان استوى الزرع فلم تاكل منه,و الزوجة التي صيرت حياة الزوج جحيما فانسته امه الطيبة و المكافحة..
استاذي الحبيب ,كتبت نصا به موعظة,او لنقل به رسالة اخلاقية ينبغي على الجميع الانصات لها قصد الاستفادة..
لي ملاحظة قد اكون فيها غير صائب,ثوب انكشف,افضل حال,و لك القرار.
مودتي

محمد يوب
04/04/2010, 12:14 PM
شكرا أخي حسن على مرورك بارك الله فيك تحية عطرة مني إليك .
أخوك محمد يوب

عبد الله نفاخ
04/04/2010, 02:05 PM
أشعرتني بالدوار وجعلت دموعي تذرف في مقهى النت ،رأيت حساسيتك تجاه الأم فعرفت لم أوصيتني بأمي بإصرار.....شكراً لأنك أحزنتني يا أستاذي، لكن سامحني لن أتحمل إعادة قراءة هذه القصة مرة أخرى

ام زينب
04/04/2010, 04:19 PM
ذرة من ذرر الاستاذ يوب المعهودة
تحيات ام وليد تلميذتك
ادين لكم بهذه الاحالة الرائعة

محمد يوب
04/04/2010, 05:11 PM
إحساس نبيل وشعور مرهف من قارئ متذوق لكل ما هو نبيل أسعدني اهتمامك بهذه القصة أخي عبد الله

محمد يوب
04/04/2010, 05:12 PM
أستاذتي بكل عز أفتخر بأن تقرأي لي هذه القصة المتواضعة بارك الله فيك