المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لا لرخص البناء فوق المناطق الخضراء



محمد محمد البقاش
20/01/2010, 11:21 PM
لا لرخص البناء فوق المناطق الخضراء
===================


منذ أول مجلس بلدي وطنجة تشهد تراجعا في مناطقها الخضراء، ولكنها باتت تُنهب أكثر وتُدمر بشكل أفظع مما كانت عليه في أواخر القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين.
لقد باتت طنجة يتيمة على موائد اللئام، حتى الذي قدموا إليها في هجرات معروفة وتسلموا مقاليدها بتزوير الانتخابات شاركهم فيها مسئولون لا عهد لهم ولا ذمة؛ لم يرفقوا بها، بل نظروا إليها كغنيمة تغني وترفع رصيد ثروة كل من اقتسم قطعة منها كالحيوانات تماما، انظروا إلى أثريائها من الذين يتاجرون في المخدرات ومن غيرهم، انظروا إلى الذين تسلموا مقاليدها في فترة ذهبية كانت السيبة تسودها، لقد اغتنوا على حساب تدمير طنجة وتشويهها، ولما ابتدأ العمل بالميناء المتوسطي فتحت شهية لئام من خارج طنجة فزاحموا لصوصها ومخربيها وأقصوهم فحلوا محلهم، والحقيقة أن الأولين أقل ضررا من الذين جاءوا بعدهم إذ لم يكونوا أسودا، بل كانوا ثعالب وذئاب وضباع وكلاب برية.
وبما أن الأمر قد استفحل لدرجة كارثية نخاطب الأحرار والمجتمع المدني أن يساندونا في مطالبتنا منع الترخيص لإقامة العمارات البليدة التي تحجب عن الساكنة السماء والشمس وتشعرنا أننا نعيش في كهوف يا ليتها كانت كهوف طبيعية لا تعلو إلا بقدر علو الجبل أو المنطقة التي يوجد بها الكهف، بل هي كهوف كالزنزانات المظلمة تعكس غباء المسئولين ومسؤولية من تقاعس من الساكنة عن المطالبة بحقها في رؤية السماء والشمس والسير ضمن أفق رحب يظهر للعين المجردة.
نطالب أيضا منع الترخيص في أي منطقة لا تزال فضاء يمكن إقامة مناطق خضراء فيها بما يكفي لأن تكون فعلا مناطق خضراء، وليس كتلك التي أقامتها الجهة أو المقاطعات الحضرية بإشراف والي جهة طنجة تطوان والتي منها ما هو عبارة عن بضعة أمتار مربعة كتلك التي توجد بشارع محمد بن عبد الله (عين إقطيوط) تثير السخرية وتعكس فعل النعامة في إخفاء رأسها من الخطر وجسمها المكتنز باد للعدو، مثل هذه المناطق الخضراء لا نطالب بإزالتها، ولكننا لا نقبل باستغبائنا، فالغباء ماركة المفسد والغشاش والظالم البيئي.. وظهورنا ليست يافطات ولوحات للإشهار، وهذا لا يعني أننا ندعو لظلم أرباب الأراضي وملاّكها والتي لا تزال عقارا عاريا، كلا، فلقد اقترحنا أن تُشترى منهم أملاكهم إن كانت فعلا أملاكهم التي لا تزال عارية من طرف المجالس الحضرية، وإذا لم يكف المال لشرائها نصحنا المجالس بالاقتراض، وإن لم تفعل فإننا مستعدون للاكتتاب حتى نشتري تلك الأراضي المتبقية لإقامة مناطق خضراء فيها مع سن قانون يمنع التصرف فيها من قبل المجالس المتعاقبة، بل حتى سن قانون في البرلمان لتحويلها إلى شيء آخر تحت أي ذريعة؛ مرفوض، لأنها ليس ملكا للبرلمان ولا للدولة ولا للفرد، بل هي ملك للشعب، وحين نقول هي ملك للشعب، فإننا نعني الأحياء الذين يوجدون بمدينتنا وكذلك الذين يحضرون إليها، كما هي ملك للأجيال القادمة، وما على الدولة إلا أن تحميها وتحافظ عليها؛ إذ هذه هي وظيفتها، وليس وظيفتها خوصصتها تحت أي اسم..
هيا إذن لإنقاذ ما تبقى من أراض المياه والغابات والأملاك المخزنية والأراضي المسترجعة وهي جميعها ملك للشعب لا يحق خوصصتها، فالخوصصة ظلم واعتداء على ملكية الشعب..
هذا ولا نقبل أن يقفز فصيح فيبدأ في قيئ نصائحه المتورمة ويشرع في قول كيت وكيت بشأن الاستثمار وتحريك عجلة الاقتصاد في البناء الذي يبدؤه المهندس ويتبعه النجار والحداد والصباغ والباني والعامل إلخ، لا نقبل مثل هذا الهراء الدال على جمود عقل قائله، فالتفكير الجدي الذي لا يكون من البطن بطبيعة الحال يعلو عن البطن وهو كفيل بإيجاد فرص للاستثمار في غير العلب الإسمنتية، فقط دعوا العقل ينطلق ولا تخذلوا الباحثين والمفكرين وذوي الرأي والخيال.. فهم قادرون على تنويركم بما يمكن أن يحقق النهضة الحقيقية لو دعم البحث العلمي وتم رفع الحظر عن نتاج تفكير الباحثين وتم الاهتمام بهم حتى لا يهاجروا، وتم تشجيع غيرهم بالعودة إلى بلدانهم ليساهموا في نهضتها، انظروا إلى براءة الاختراع في العالم العربي كله فلم يتجاوز سقفها 900 براءة اختراع، بينما إسرائيل تجاوز سقف براءة الاختراع فيها 16000 وذلك فقط في سنة 2009 .
صحيح أننا نعرف أن سوط الغرب المرفوع على رقاب الحكام العرب، وحكام الدول النامية مانع للنهضة والتحرر، وهو فعّال جدا حتى لا يسمحوا لشعوبهم بالتحرر من سيطرته حفاظا على أسواق منتجاته وتأمينا لتفوقه وتكريسا لترفُّله، ولكننا نعرف أيضا أن الكيِّس من الحكام العرب لا تعوزه حيلة ليتحرر من الغرب ويحرر شعبه وأمته، وبدايتها أن يجعل شعبه سنده الحقيقي، وليس الأجنبي.
=====

عن رئيس جمعية الجيرة للتفاعل الثقافي
طنجة بتاريخ: 20 يناير 2010