المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : موت شاعر / الى شار سوري عز الدين الخيــّر



راسم المرواني
16/01/2010, 11:59 PM
(موت شاعر)



قصيدة إلى روح الشاعر السوري



(عز الدين الخيـّر)



وغادَرَ آخرُ أحبابِهِ
فَلفَّ المساءَ بجِلبابِهِ


وأعرَضَ عنْ أُغنياتِ الوجودِ
فلمْ يَبقَ صوتٌ على بابِهِ


يدورُ بأحداقهِ في الفضاءِ
يلوكُ الفراغَ بأهدابِهِ


يمرُ بهِ الحزنُ مثلُ الحَمامِ
يَرفُّ عليهِ بأسرابِهِ


فعادَ بوحشتِهِ للوراءِ
كطفلٍ يَعودُ لألعابِهِ


وعانقَ شُبّاكَهُ للرحيلِ
فأيقظَ غفوةَ لِبلابِهِ


يلوّح للسفْحِ عَبرَ الزُجاجِ
ليَسمَعَ ضحكةَ أعشابِهِ


هُنا كنتُ طفلاً ، هناكَ التقينا
هنا ذابَ عُمرٌ بأكوابِهِ



هناك احتفينا بخمرِ القصيـدِ
وطِفنا سُكارى بِتَشرابِهِ


أنا و (مَناةُ) ، وهمسُ البحورِ
وشِعرٌ يتيهُ كأربابِهِ



لقد عِشتُ عمراً كأن اللياليْ
جَهَدْنَ ، جَهَدْنَ بإتعابِهِ


تداركهُ الوهنُ حتى وَثِقْتُ
بأنَّ التلاشيَ أولى بِهِِ


فكمْ أوجَعَ الثلجُ (شوُحَ) الجبالِ
وعضَّ عليهِ بأنيابِهِ


وكمْ ضاجَعَ الصيفُ حُلْمَ الخريفِ
ليولِدَ أيلولَ مِنْ آبِهِ


غَدَاً !! سأغادرُ صَمْتَ المروجِ
كما يُنـزَعُ (الحورُ) مِنْ غابِهِ


ويُصبحَ بيتُ اللقاءِ (العتيقِ)
مكاناً يَعُجُّ بأغرابِهِ


فنامَ على زمنِ الراحليـنَ
ليغفو على بَرْدِ أعتابِهِ


وَبعثَرَ أشعارَهُ بالضياعِ
ليشكو إلى الصمتِ ممّا بِهِ


تماهى معَ الموتِ يأساً فيأسَاً
وغطّى الهدوءَ بأسبابِهِ


يُشاكسُهُ الحُلمُ حيناً بخوفٍ
ويعبثُ حيناً بأعصابِهِ


يُعالجُ أقواسَهُ بالبقاءِ
ليرميْ الفناءَ بنشّابِهِ


يُكوّرُ أشلاءَهُ بالسجودِ
لِيولَدَ منْ قبرِ محرابِهِ


وحتى لفرطِ الأسى والقنوطِ
تَثاقَلَ عنْ حَملِ أثوابِهِ


يُسامِرُ أوجاعًهُ الـمُضنياتِ
ولمْ يَشكُ يوماً لعرّابِهِ


تداركهُ الوهنُ قَطراً ، فسالتْ
بقايا الحياةِ بميزابِهِ


فأسلَمَ للموتِ قَودَ الزمامِ
وأغناهُ عن جَمعِ أسلابِهِ

مصطفى البطران
18/01/2010, 05:22 PM
وكمْ ضاجَعَ الصيفُ حُلْمَ الخريفِ
ليولِدَ أيلولَ مِنْ آبِهِ

غَدَاً !! سأغادرُ صَمْتَ المروجِ
كما يُنـزَعُ (الحورُ) مِنْ غابِهِ

ويُصبحَ بيتُ اللقاءِ (العتيقِ)
مكاناً يَعُجُّ بأغرابِهِ

فنامَ على زمنِ الراحليـنَ
ليغفو على بَرْدِ أعتابِهِ

دمت وفياً للأحياء ورحم الله الراحلين فلم يعدموا وفاءك
وعاطر بوحك ونبض حرفك الشجي
أهلاً بك في مرابع المربد الغناء بكل سرور وود أخوكم : مصطفى البطران

راسم المرواني
18/01/2010, 06:23 PM
الأستاذ مصطفى البطران

شكراً لمرورك الجميل
سنلتقي مجدداً
وسيكون للشعر متكأ بيننا

د.فادي محمد سعيد
19/01/2010, 09:46 AM
رحم الله الشاعر الفقيد وللجميع الصبر والسلوان...قصيدة ممتازة ورثاء رائع تشكر عليه...

د.فادي محمد سعيد
20/01/2010, 08:37 AM
أنقل لكم جزءاً من أقوال الشاعر الفقيد من مقابلة صحفيه سابقة تمت معه:

حوار مع الشاعر عز الدين الخير


الوحدة
ثقافة
الخميس 23 / 2 / 2006
حاوره : مالك الرفاعي
شاعرٌ من الذين بلغوا ذروة الشعر والعمر أعطى حياته كلها للشعر ... كل مافي تفاصيل حياته تشي بذلك حتى تعامله وكلامه وبيته وبالأخص غرفته وعلى الرغم من أنه عمل في الصحافة أكثر من أربعين عاماً فقد ظلَّ بعيداً عنها فلم ينشر إلاَّ القليل النادر من قصائده .. ولم يطبع مجموعة شعرية حتى الآن ولديه آلاف الأوراق المتناثرة هنا وهناك في زوايا وخفايا الدفاتر والكتب والرفوف ... وأضيف أن أحد أصدقائه وهو صاحب فندق في دمشق احتفظ له بما يمْلأ عشر مجموعات شعرية ... كتبها الـشاعر على مدار عشرين عاماً كان ينزلُ فيها فندق صديقه ..


ظهرية أمس الأول المشمسة حملتُ أوراقي باللهفة الملحاح وانطلقت إلى « بنجارو » التي لا تبعد عن جبلة إلاّ مسافة الجمال من الجمال والهدب من الهدب في منزله الحجري العتيق المطلّ على رابية مشعّة ٍ كان الشاعر الكبير عز الدين الخيَّر متربعا على قصائده ودفاتره وبعد هنيهة قدم نجله غسان والشاعرة مناة وبعد ذلك قدم الشاعر عبد الكريم ومجموعة من أصدقاء الشعر وكان هذا الحوار :‏
عز الدين الخير:‏
= استاذ عز الدين إذا رجعنا إلى البدايات فماذا تبوح روحك السامية ?‏
منذ صغري كنت كثير القراءة لشعر العرب وكثير الحفظ له واعتقد أنني حفظت ما بين 50 ألف 100 ألف بيت وبصورة عامة فإن أكثر شعر العرب المطبوع قد اطلعت عليه قديماً وحديثاً .‏
أتذكر أنني كنت في حوالي الثانية عشرة من عمري عندما بدأت أكتب شعراً .. طبعاً كان شعراً طفولياً ولكنه كان صحيح الوزن .. فأنا أحسّ إحساساً شديداً بالوزن الشعري ... أتذكر أنني كنت في المرحلة الإعدادية وكان يعلمنا الدكتور محمد الحاج حسين اللغة العربية وكان إذا سألني عن وزن بيت وذكره أقوله على البديهة وكان الزملاء يستغربون ذلك فيقول لهم هذا الطالب شاعر له أذن موسيقية .‏
الشاعر مثلي هو مخيّر بين أمرين لاثالث لهما أما أن يقول شعراً في الغزل أو في المراثي ..‏
في الشباب بدأت أكتب شعر الغزل ومن ثمَّ فقد سايرني شعر الغزل ردحاً طويلاً من الزمن وهو في جميع الأحوال لايمثّل صفةً شخصيّة وإنما هو شعر ينبيه العمر ومن هذا الشعر حين قلت :‏
صغيرةٌ أنت ِ أقصاني أنا كبري يا حيرة الحبِّ بين الشوك والزهر ِ‏
لو كان يعرفُ ربَّ الكون ِ ما ألمي أعادَ لي مثل ردِّ الطرفِ لي عمري‏
صغيرةٌ أنت ِ أدري أنني هرمٌ لا لا .. أكابرُ جفّتْ نبعةُ الحجر ِ‏
لو كنتُ أملك سرَّ الخلق ِ من عَدَم ٍ زرعت كلَّ صحارى العمر ِ بالمطر ِ‏
= في هذه المرحلة الشبابية من عمرك من هم الشعراء الذين عرفتهم وتعرَّفت إليهم ?..‏
كان منهم بدوي الجبل - محمد حمدان الخير - نديم محمد - وحامد حسن وعمر أبو ريشة ¯ وسليمان العيسى.‏
ومن هؤلاء الذين كنت على اتصال معهم شخصياً حامد حسن ونديم محمد ومحمد حمدان الخير ... كنت أسمعُ شعرهم وأسمعهم شعري . أذكر كنت في زيارة نديم محمد وكان ديوانه لا يزال مخطوطاً وكان ساكنا في طرطوس حيث كان يأمُّ مجلسه شباب طرطوس ويكلّفهم بقراءة شعره وأحياناً كانوا يخطئون فلمّا جئت إليه قال لهم : هذا شاعر وهذا لن يخطئْ أما علاقتي بمحمد حمدان فهي علاقتي بعمّي وكان منهجه الشعري بعيداً عن منهجي وكان شاعراً كبيراً .. وهنا تحضرني حادثة جرت مع شاعرنا أننّي كنت قد كتبت قصيدة استحسنها الناس فقالوا : أن هذه القصيدة كتبها له عمّه الشاعر محمد حمدان ولماّ سألوه عن ذلك قال لهم : أنا لم أكتب له فهو شاعر منذ عهد ٍطويل ولا يحتاج لمن يكتب له .‏
= في هذه الفترة التي تعرّفت على هؤلاء لماذا لم يدفعك ذلك إلى نشر شعرك مثلهم ?‏
والله لا أجد في ذلك من سبب إلاّ عدم الاهتمام .‏
= وقد انتقلت كما قلت في بداية الحديث إلى صاحبة الجلالة فلماذا لم تكن نوافذها مفتوحة أمام انطلاقك إلى الضوء .‏
كانت مفتوحة وقد نشرت الكثير من القصائد في الصحف اليوميّة ولكنني لم أجمعها في ديوان ?‏
= ومتى ستجمع هذه القصائد ?‏
إن شاء الله قبل وفاتي .. وإلاّ فمناة هي الموّكلة بذلك وفي الحقيقة أن أكبر رادع لي عن كتابة ديوان هي عدم رغبتي في أن أتسّول به .?‏
ولأن مناة ترنيمة طير الصبح متى استيقظُ من سكري‏
ولأن مناة رنينُ زقزقة المسحور في غصني‏
ولأن مناة آخر صيحات الفرح الهارب من شجني‏
خلّني أرسمُ في عينيك ملامحَ وجه مناة‏
عيناك هما وطني .‏
= عشت في لبنان مرحلة من العمر فماذا تركت في شعرك ونفسك ?‏
كانت الحرب أثناءها مشتعلة وكثيراً ما فوجئت بالجثث مطروحة في الشوارع كانت فاجعة كارثيّة .. الحمد لله ارتاح منها اللبنانيون - و أخشى أن تعود الآن - وعلى الرغم من ذلك فقد تعرّفت على مجموعة كبيرة من الشعراء والأدباء أذكر منهم :‏
شوقي خير الله ـ محمد علي شمس الدين - شوقي بزيع - أدونيس - خليل حاوي - الذي انتحر احتجاجاً على الصمت العربي حينما دخلت المدرعات الاسرائيلية إلى بيروت وحاصرتها شهراً كاملاً .‏
وقد تركت هذه الفترة بصمتها على شعري حيث كتبت قصيدة ملحميّة تكاد تكون ديواناً مستقلاً ترصد الوجع العربي منذ أيام جلجامش وحتى الاجتياح الاسرائيلي لبيروت في محاولة لربط الماضي بالحاضر ورصد الوجع الإنساني الذي تخلّفه الحروب والثمن الباهظ الذي غالباً ما يدفعه الفقراء .‏
= كيف ينظر شاعرنا إلى ما يسمّونه الحداثة الشعرية المعاصرة في بنية الشعر العربيّ ?!‏
أنا أحب شعر التفعيلة وقد كتبتُ به ولكن لم أحبُّ هذا الشعر الحّر الذي يسمونه قصيدة النثر وكنت أسميّه مع زملائي الظرفاء النثر المشعور وإذا كنت أحبُّ شعر التفعيلة وأكتبه فليس معنى هذا أنني أفضله على شعر العمود الأصيل ..‏
فالحداثة في نظري لا ترتبط بالشكل ارتباطاً كاملاً فقد توجد في الشعر العمودي وتوجد في التفعيلة وأينما وجد الشعر الجيد فهو شعر ... ولكنني أرى أن الوزن والقافية ولو استعملت بشكل متسع إلاّ انهما لازمان للشعر .‏
إنّ للشعر روحاً سواء كان عمودياًّ أو على وزن التفعيلة فإذا غابت هذه الروح لا يبقى الشعرُ شعراً.‏
= من هم الشعراء الذين تركوا أثراً في نفسك الشاعريّة ?‏
يقف في أولهم الشاعران عمر أبو ريشة ونديم محمد وهما في رأيي شاعران من مدرسة شعريّة واحدة .‏
= ما رأيك بأعمدة شعراء الحداثة ..!‏
أدونيس ?! شاعر متمرّس في الشعر وكنّا نظن انه لايكتب الشعر إلاّ بشكله الحديث ولكننا اكتشفنا أنه يكتب شعراً عمودياًّ من أرقى الشعر ?‏
محمود درويش : شاعر المقاومة وشاعر الأرض له موسيقيّة خاصة ورؤية خاصة .‏
نزار قباني : شاعر مبتكر ومبدع وتجوّل بين الشعرين فأبدع فيهما .‏
= عشت عمرك قارئاً وكاتباً تخوض غمار هذه الحياة تجربة وصحبة وأسرة فأين أنت الآن ?‏
أنا الآن في الهزيع الأخير من العمر ولا أدري إلى متى يمتد بي الأجل وأصبحت كتابتي للشعر قليلة .. وفي هذه الأيام بالتحديد أنا عاكف على جمع شعري المتناثر على صفحات متناثرة وعند أصحاب كثر وفي مجلاّت وجرائد عديدة .. وسأسعى جاهداً إلى جمعها إذا امتدّ بي الأجل .‏
رحيل الشاعر عز الدين الخير


مجتمع
الخميس 27/9/2007
نهلة اسماعيل
رحل الشاعر الكبير عز الدين الخير شاعر الرومانسية الحديثة . .


رحل وبقيت الكلمات والملاحم الشعرية لتسير معه الى مثواه الاخير في قريته بنجارو في جبلة عن عمر /74/ عاما وبرحيله لم ترحل رؤيته وخاصة في الموت الذي قال عنه الموت هو الحادث الأعمق اثراً والأبعد مدى في تاريخ الانسانية.. هو الأرهب.. الدائم الذي لا مفر منه .. . ورؤيته البعيدة المدى ليست في الموت فقط وانما كانت له رؤيته في عالم الحب الذي امتزج شعره من مؤثرات عديدة كثيرة الاطياف ولكن حين بدأ الشعر مبكرا كان قد تتلمذ على شاعرية ابن عمه الشاعر الكبير محمد حمدان الخير وخلال مسيرة حياته الطويلة كتب اكثر من عشر مجموعات شعرية مخطوطة في الوجدانيات والغزل ورثاء رجال الفكر والاعلام وله قصائد صوفية مطولة منها القصيدة الحسينية الكربلائية التي تتجاوز 400 بيت وهي قصيدة ملحمية تؤرخ لهذه الفاجعة الانسانية وكل الفواجع وما جاء بعدها من فواجع بالامة العربية وكأنها تؤرخ لمأساة الوطن العربي الطويلة.‏
وقد زرع الشاعر عز الدين الخير غرسا عند الكتاب والادباء فحصد نتاجا من الابداع حيث كتب عنه العلامة الدكتور أسعد علي بحثا مطولا في كتابه ( فن الكتابة) اكثر من /40/ صفحة وهو مقرر لطلاب السنة الرابعة في قسم اللغة العربية بكلية الاداب وتكلم فيها عن جماليات شعره الفنية..‏
أما رأي الشاعر عز الدين في النقد فكان يقول : اعتقد ان الناقد يجب ان ينطلق في نقده للشعر من نفس مهتاجة بعض الشيء بهواجسها فليس الشعر مادة جافة ميتة وانما هو حياة بكل ما فيها من حب وبغض وخوف وطمأنينة ووحشة ودهشة وفرح وحزن . ومن شعره في واقع الامة العربية قال:‏
يكره الله معشراً الف العجز‏
فماتوا وعزمهم مشلول‏
ويلبي نداء من بعث السيف‏
بديلاً عن اللسان يقول‏
فممات مع الجهاد شريف‏
او ممات مع الهوان وبيل‏
كيف ترجى للمعتدين ديار‏
دمهم ليس دونها ممزول‏
ويرى شاعرنا ان الانسان هو هبة الالوهة وهديتها ( خلق الله الانسان على مثال صورته) هذه المقولة مفروضة بحدة على الذهن البشري ولا يتوقف القارئ هنا عند الصورة المعروفة للانسان وهي باستمرار تدفع الانسان دفعاً الى الالتصاق والاقتراب من ذاته الاخرى..‏
اما رأيه في الشاعر , الشاعر الحقيقي .. فكان يراه بأنه سارق النار والفينيق القائم من رماده النبي المجتبى الصامد الراسخ صديق الكلمة وسيدها,رفيق الالوهة..‏
والتائق الابدي الى ما تبقى من درجات الكمال..‏
هذا هو الشاعر الخالد بكلماته, بعباراته الذي عرف كيف يخط طريقه الشعري في مناهل كثيرة أغنت تجربته ونوعته عبر سني عمره ليرحل الجسد وتبقى الروح مجسدة في تراثه الانساني لتبقى حرة تنتقل بين اجيالنا وأرواحنا وعقولنا التي استنبطت الانسانية حلم البشر الخالدين الذين يقهرون الموت ويتغلبون عليه .. هو قال ذلك فقهر الموت وتغلب عليه بما ترك من اثر طيب عند كل من عرفه وعاش معه وصادقه .‏






رحم الله الفقيد وجزاه الله خيراً على ما قدمه من إثراء لمكتبة الأدب العربي خلال مسيرة حياته الغراء.