المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة في كتاب- نقدالعقل العربي- د- الجابري



محمد يوب
11/12/2009, 07:27 PM
http://3.bp.blogspot.com/_IGjZM8l4xmg/SyKXxCBKs6I/AAAAAAAABDY/6XR3g2ywmXM/s320/%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AC%25D8%25A7%25D8%25A8 %25D8%25B1%25D9%258A.jpg (http://3.bp.blogspot.com/_IGjZM8l4xmg/SyKXxCBKs6I/AAAAAAAABDY/6XR3g2ywmXM/s1600-h/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A7%D8%A8%D8%B1%D9%8A.jpg)

من خلال القراءة السابقة لكتاب - تكوين العقل العربي- وصلنا إلى نتيجة هي أن العقل العربي في نظر الجابري بدأ في عصر التدوين ، وأن الدراسة التي قام بها هي دراسة بنيوية تكوينية تهتم بتكوين العقل العربي عبر مراحل تاريخية مختلفة.

أما في هذه القراءة لكتاب - بنية العقل العربي- وهو الجزء الثاني من دراسة د- الجابري لنقد العقل العربي ، فقد اهتم فيها بالمعنى الحقيقي للعقل العربي، وهو مجموعة من المبادئ و القواعد التي تقدمها الثقافة العربية و الإسلامية للمثقف العربي ، هذه القواعد التي تساعم في اكتساب المعرفة في فترات تاريخية مختلفة التي حدد الجابري بدايتها انطلاقا من عصر التدوين ولم يحدد لهذه الفترة التاريخية نهاية لأن العقل العربي لا زال يشتغل.

وقد حدد للثقافة العربية ثلاثة قطاعات مختلفة كل قطاع له تصور خاص به ويدخل في علاقة منافسة مع القطاعات الأخرى. لقد اهتم بالأسس التي يعتمد عليها المثقف العربي في تحصيل المعرفة, وهذه القطاعات الثلاثة هي:

1- البيان

2- العرفان

3- البرهان

اعتمد د- الجابري في دراسة كل قطاع من هذه القطاعات بتحليلها ومعرفة طبيعة الفعل المعرفي المؤسس لها ثم الاهتمام بالعناصر الأساسية التي يتشكل منها كل واحد من هذه القطاعات.

فعند تعريفه للبيان فهو الظهور و الإظهار و الفهم و الإفهام، وهو مجموعة من المبادئ و الأدوات التي تهتم بتحليل الخطاب العربي الإسلامي على مستوى اللغة .

و العرفان يهتم بالكشف أو العيان وهو عبارة عن خليط من الهواجس و المعتقدات، فهو أسمى من المعرفة.

و البرهان هو الدراسة القائمة على أسس علمية، تأثر به العرب عندما ترجموا الكتب اليونانية وخاصة الأرسطية، وقد أدخل العرب البرهان في البيان وظهر جليا في النحو ومنه استفادوا في تقعيد اللغة العربية.

ونلاحظ من خلال هذه القراءة عند د- الجابربأن هذا التقييم في الثقافة العربية بدأ مع عصر التدوين ، غير أن الملاحظ هو أن القران الكريم نزل كإعجاز لغوي، و أن العرب كانوا لا يملكون شيئا إلا اللغة ومعجزة الرسول صلى الله عليه وسلم هي القران الذي نزل كتحد بالدرجة الأولى على مستوى البيان فالعرب كانوا يفتخرون بلغتهم وفصاحتهم وبلاغتهم.

إذن فمرحلة البيان عند العرب كانت مزدهرة في الجاهلية و زاد ازدهارها مع نزول القران الكريم، إذ أنه أعطى للعرب و اللغة العربية قيمة مضافة، أما في عصر التدوين فيظهر أن اللغة العربية وصلت إلى مرحلة النضج و خاصة عند تقعيد اللغة العربية وظهور الشروحات و الألفيات و المعاجم.

إن الإنسان العربي بليغ بالسليقة لا يعتمد على قواعد اللغة العربية لقراءة القران، إذن كان البيان قديما و زاد القران في تطويره و ازدهاره، وأن قواعد اللغة والنحو ظهرت في وقت احتاج الأعاجم إلى معاجم وقواميس لفهم القران و قراءته قراءة جيدة بعيدة عن اللحن الذي يؤدي إلى الفهم الخاطئ للقران الكريم.

أما ما سماه د- الجابري بالعرفان فهو خروج العقل العربي عن مساره الصحيح أي مسار العقيدة الإسلامية الصحيحة، و الانحراف إلى عقائد أخرى منحرفة كالغنوصية متأثرة بالثقافة اليونانية الفاشلة ثقافيا وحضاريا حينذاك.

إذن عنصر العرفان في تاريخ العقل العربي دليل على عجز العقل العربي و اعتماده على الكشف و الالهام ، وفي هذه المرحلة ظهرت فرقا صوفية تعتمد مبدأ المغالاة في الاسلام بالتصوف أثبت العلماء أنه نزعة هروبية إلى المستقبل.

فهو حالة لا شعورية تعطل العقل وتبحث على أساليب أخرى يمكن أن نسميها بالشطحات الروحانية، وهذا الهروب أحدث فراغا في المجتمع العربي على مستوى استخدام العقل و الخوض في السياسة و غيرها.

أما عنصر البرهان فلا يبهرنا فيه إلا الاسم لأن هذا العنصر من المفروض أنه يعتمد على أدوات إجرائية يستخدمها في الفعل المعرفي، لكن مع الأسف فإن الأدوات التي اعتمدها هي أدوات أرسطية فاشلة، أثبت العلماء فيما بعد فشلها، إنها متجاوزة و فيها عدة ثغرات ، ولذلك عندما ينطلق المثقف العربي من نظريات أرسطو فإنه يصل إلى نتائج مغلوطة، فأصبح يعيش في تناقض بين الموروث الثقافي الإسلامي و الموروث الثقافي اليوناني.

محمد يوب


11-12-2009