المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من المسؤول؟



محمد يوب
10/12/2009, 09:35 AM
أي رأسي...أي ظهري...لا أتحمل المزيد ، لم أفعل شيئا، مظلوم...


كلمات رددها سعيد الملقب بولد سلطانة تحت ضربات الجلاد القاسية، اعترف قل من يزودك بهذه الكميات الكبيرة من المخذرات، مظلوم و الله مظلوم، لا أعرف من تسلل إلى غرفتي ووضعها فوق الدولاب، اضحك على أمك يا ابن ال...نحن نراقبك مند مدة طويلة ، أمسكناك بالدليل فلا داعي للإنكار.


رفع الجلاد يده اليمنى ملوحا بسوطه الطويل المبلل بالماء، صاح سعيد قائلا : لا تضربني سأعترف سأقول كل شئ، توقف الجلاد وكأنه الة تشتغل بكبسة زر، مرت الضربة فارغة في الهواء سمع سعيد صوتها مدويا، الحمد لله لم تكن من نصيب ظهري، رمى الجلاد السوط جانبا وقال: الان نجلس و نتفاهم. جلسا وجها لوجه، يقرأ كل واحد أفكار الثاني ، هدأ الجلاد من روعه، غير نبرات صوته، استخدم قاموسا فيه شيئا من اللباقة و التفاهم،في يده ورقة وقلم، أشعل سجارة شقراء، أعطى لسعيد سجارة أخرى، ما نوع قهوتك سادة أم بحليب؟ طلب سعيد ابريق شاي، قال له الجلاد : الشاي الأخضر بالنعناع تشربه عند أمك عندما تتكلم و تقل لنا الحقيقة.


أمسك سعيد السجارة باليد اليمنى وكوب القهوة باليد اليسرى، وشرع في سرد كل ما يعرف عن تجار المخذرات، وعن السموم التي تخرب عقول الشباب ، الفتيان و الفتيات.


نجا من عذاب الجلاد وانزوى في ركن داخل الزنزانة تحت سيل كبير من أسئلة الضمير، لا يكلم أحدا يسترجع ذكريات الماضي التعيس، لا يعرف لماذا سموه سعيدا وقد ولدته أم عازبة ،التي دخلت في علاقة عاطفية كاذبة مع رجل أوهمها بالزواج وعندما حملت منه توارى عن الأنظار كأنه جني نزل تحت الأرض ، سألت عنه أصدقاءه فأنكروا معرفتهم به، فهم كذلك يضحكون عن الفتيات، انتفخ بطنها، استعملت جميع الأعشاب لإنزال الجنين ، سفرتها أمها إلى البادية عند خالتها خوفا من كلام الجيران ، ولدت سعيدا سجلته في دفتر الحالة المدنية لأبيها، يحمل نفس لقب أمه ، لا يعرف هل هو ابنهاأم أخوها، يخرج للشارع تتبعه لعنات أقرانه.


الأسرة كلها تعيش في غرفة واحدة، لا يهم الضيق لا ضيق إلا ضيق الأنفس ، سعيد يتذكرالكلام الذي يتردد على لسان جده، ما هذا الكلام ، كلام ليست فيه أية مسؤولية ولا تفكيرفي عواقب الزواج و الإنجاب دون توفير أدنى شروط العيش الكريم.


ينام بجانب خالاته و أخواله على الأرض،يسمع حركات غريبة تأتي من الجهة التي تنام فيها الجدة و الجد، أمه تأتي متأخرة بالليل تنبعث منها رائحة الخمر ، يقول لها: ما هذه الرائحة يا أمي؟ تجيبه هذه رائحة الكحول لأنني أشتغل خادمة في إحدى العيادات، في الصباح يستيقظ مبكرا ينتظر دوره لقضاء حاجته، كان يعتقد بان الحمام يسمى بدورة المياه لأن الناس واقفين أمام بابه ينتظرون دورهم .


انتظارسعيد كل يوم أمام دورة المياه يؤخره عن المدرسة ، يجلس على قارعة الطريق دون إفطار ينتظر من يجود عليه بشضقة خبز أو حلوى قديمة . التقى به أحد المارة أعطاه قطعة من الحلوى على شكل عجين مذاقه لذيذ ، أحس بعدها بالنشوة و الانبساط، وفي اليوم الموالي بحث عن هذا الرجل فطلب منه المزيد من الحلوى، قال سأعطيك ما تريد شرطة توزيع هذه الكمية على زملائك في المدرسة.


سعيد لا يعرف أنه يتعاطى مخذر المعجون، طفل بريئ رمت به الأقدار في أياد قذرة ،لا يعرف أنه وقع تحت قبضة عصابة خطيرة لا ترحم تتاجر في المخذرات تروجها في أوساط التلاميذ الأبرياء.


تحرك ضمير سعيد وندم عن مغادرته للدراسة وعن بيع المخذرات و الأقراص المهلوسة عند أبواب المدارس، وقال في سريرة نفسه إنه خضع للظروف وكان عليه أن يواجه كل المصاعب لأنه لا دخل له فيها ،كان عليه أن يتناسى و يهتم بدراسته لأن بالعلم ومتابعة دراسته يستطيع خلق عالم خاص به ، و أن الفقر ليس عيب فلولا أبناء الفقراء لضاع العلم.


محمد يوب
10-12-2009

عبد الحميد دشو
10/12/2009, 12:24 PM
جميلة و هادفة هذه القصة , سعيد حصد ما جنته أمه اللعوب , و هذه المشكلة لا حل لها سوى بمعالجة أسبابعا , سلم قلمك و قلبك و أهلا بك أخي العزيز و أنا انتظر المزيد , أنا نشرت أول قصة لي في هذا المنتدى بعنوان " الخوف الآخر " و أرجو أن توافيني برأيك كي نستفيد و بارك الله بك .

حسن_العلوي
15/12/2009, 12:55 PM
الاستاذ يوب
سعدت بقراءة نصك,اعجبني الاسترجاع و معرفة كيفية دخول سعيد ابي النحس عالم المخدرات,حين كان منزويا بزاوية الزنزانة بعد وجبة الجلاد
انتقاد للعديد من المظاهر,الكذب و الغدر و المراة العازب و المسكن..
غير اني وجدت بعض الهنات التي ارجو العودة اليها لتصويبها
مودتي