المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نجل حسني مبارك يدق طبول الحرب



محمد محمد البقاش
20/11/2009, 03:35 AM
نجل حسني مبارك يدق طبول الحرب
===========

وأنا أضع اللمسات الأخيرة لرواية نساء مستعملات وأمامي التلفزيون الذي تركه ولدي الشغوف بكرة القدم وذهب إلى فراشه، كانت قناة درييم Dream تتحدث عن مباراة كرة القدم التي جرت بالأمس في السودان بين مصر والجزائر برسم إقصائيات كأس العالم، لم أكن أهتم بها إلا قليلا جدا علما بأني تابعت المباراة، ولكنني حفلت عند فعل التسخين الذي يمارسه المذيع الصحافي للقناة وقد غاظني تصرفه وكأنه يدق طبول الحرب.
بينما أنا كذلك دخل على الخط نجل الرئيس حسني مبارك علاء ففاجأني بدونية حديثه عن نتيجة المباراة، فتساءلت عن انسجام موقف القناة وعلاء وقلت أيهما أخذ عن الآخر، وهل هناك مخطط يُركب للوصول به إلى إعلان الحرب على الجزائر؟
تكلم فضيلته عن المرتزقة وهم المشجعون للفريق الجزائري، وتحدث سيادته عن الإرهابيين وهم بالطبع المشجعون، وتحدث عن الحقد ولم يحصره في المشجعين لأنه يتبنى فكرة توجيه المشجعين ووقوعهم تحت مخطط قدموا به من الجزائر، ولست أدري هل سيقول هو أو غيره بأن الجزائر قد بعثت بمشجعين من الجيش الجزائري أو البوليس متخفين في لباس المدنيين.
هل هناك عقول تفكر في مصر؟ بالطبع نعم، ولكنها للأسف ليست هي التي تغذي الأحقاد، فتصرفات مناصري الفريق الجزائري تصرفات عادية تحصل في نفس مصر بين فرقها، وتحصل في كل الدنيا، ومعالجتها لا تكون بدق طبول الحرب من الطرفين، فنحن في العالم العربي بجماهير أرقى من بلاد أوروبا التي عرفت قتلى وجرحى بالعشرات ونحن لم نعرف ما عرفت..
ودعوني أنقل لكم أجواء المغرب حتى نتبين من أمر شعوبنا كمثقفين، فالمغرب في أكثريته كان مساندا للجزائر رغم ما يسمى بالمؤامرة الجزائرية على التراب الوطني بقضية الصحراء ودعمها للانفصاليين، فالمغاربة أيدوا الجزائريين، ولو حملهم الحاكم على عدم تأييدها لما أفلح، ومدينة طنجة بالخصوص كانت في القمة، أتدرون لماذا؟
أولا: الحزن على خروج تونس والبحرين والبوسنة وتركيا وكل فرق البلاد الإسلامية من التصفيات المؤهلة لمونديال جنوب إفريقيا، وهذا حق لنا لأننا جزء من كل لم يفرقنا إلا الاستعمار حديثا، والرغبة في الاندماج الحقيقي والوحدة الحقيقية موجودة وبقوة، ولا ندري كم دماء ستراق لتحقيق ذلك، لأن حكامنا لن يتنازلوا عن كراسيهم لأنانية شعوبهم المتمثلة في الرغبة الملحة في الوحدة والاندماج الفعلي والانصهار الكلي والتي هي جزء من عقيدتهم وفعل حضاري لا بد من سلوكه، ولكن من من الحكام على استعداد للتخلي، لا أقول بالتنازل للآخر، ولكن للتخلي عن الحكم حتى ندمج حقيقة كألمانيا الغربية مع الشرقية دون أن يحرض شعبه على الآخر..
ثانيا: الكراهية للمصريين موجودة، وتقسم هذه الكراهية إلى قسمين، قسم يأخذ البريء بجريرة المجرم، وقسم يتبين فينعت المجرم ويشير إليه وحده وإلى جرمه، فالمصريون بالحاكم الذي يقيم علاقات مع عدوهم اليهود الصهاينة، ويمنع الطعام والشراب والدواء عن شعب غزة بتواطؤ مع اليهود، ويقمع أحرار مصر والمعارضين، ويهيئ للعرش الخ، كل ذلك جعل المسلمين يقفون من مصر الحاكم والمطبعين من المثقفين والعلماء موقفا معاديا، هذا واضح، لأن من يخذل المقاومة بكل أشكالها في كل البلاد العربية والإسلامية ويحرض عليها أو يعمل على إنهائها وإن سانده حاكم ما فإن الشعوب العربية والإسلامية لن تسانده، بل تعاديه، والتاريخ الحديث مليء بمواقف الشعوب الثابت تجاه القضايا المصيرية، وتجاه اعتداءات أمريكا على الشعب الصومالي والأفغاني والعراقي..
ثم لماذا لم يتحرك الإعلام الرسمي لكرامة الجنود المصريين الذين قتلوا على يد الصهاينة في سيناء؟ لماذا لم يسمح ( كان مرغما إذ لن يقبل طلبه) بفريق التحقيق المصري في متابعة قضية طائرة البطوطي التي كان على متنها رجال مصريون على مستوى راق من التعليم وأسقطت عن قصد متعمد بصاروخ من بارجة أمريكية؟ لماذا يستهان بغرقى العبارات ولا تتخذ بشأن المستهينين بأرواح الناس إجراءات زجرية؟ لماذا يباع الغاز المصري للعدو اليهودي وبه يقتل الفلسطينيين والمصريين؟ لماذا لا تلقى في الزبالة معاهدة العار كامب ديفيد وتعود مصر إلى دورها المشرف؟
كل هذا وغيره لن تنساه الشعوب العربية والإسلامية، فهل ينتج عن مثل هذه السلوكيات محبة؟ هل يحب الناس الحاكم المصري وزبانيته والمنتفعين به وهم يتفرجون على المجازر الإسرائيلية ويساندونها؟
بالطبع لا، لن يحبوا إلا الذي يقف مع الفلسطينيين ضد اليهود ومع المستضعفين ضد أمريكا، لقد مل الناس خطبه الناصحة دائما بالتعقل، ولا يعني هذا أن الشعب المصري ممقوت، كلا، ولكن كل من يركب سفينة الخيانة والتواطؤ لن ينجو من كراهية أحرار العالم، فكيف بكراهية العرب والمسلمين؟...
ثالثا: ادعاء الفرعونية.
هذا الأخير هو الأخبث، لقد جالست وناقشت وسمعت وقرأت عن ردة الفعل تجاه الذي يدعي الفرعونية فكان التبرم والكراهية، وأبسط رجل في المغرب لا يمكن إلا أن يعيب كل من يتشبث بالفرعونية، فمصر ليست فرعونية، ولن تكون أبدا رغم أنف الزاعمين، إنها كتهامة والحجاز والمغرب العربي ونجد والشام والعراق وغيرها بلاد إسلامية، والانتساب إلى الفرعونية دونية مقيتة، ذلك أن التاريخ الفرعوني ممقوت، وينعت بحبه للقتل والسبي والإرهاب، فهرم الملك خوفو مثلا بني في ظرف عشرين سنة وكان الفراعنة بأتون بالشباب في سن الرابعة عشرة أقل أو أكثر بحسب رؤيتهم للطفل والشاب الضليع شديد البضعة، الجسيم صلب العضل، يسوقونه للخدمة في بناء الأهرامات، ثم يرمون به هزيلا مريضا قد قضي على صحته، هل نفتخر بهذا؟ والله لو كان الفرعون والدا للعاقل منا لما افتخر به. والفراعنة ادعوا الألوهية، واستعبدوا الناس.. وأخيرا ليس هناك ما يفتخر به، إن من يفتخر بالفرعونية يدون عن البهائم، والمغاربة مستاءون من هذا وقد بدأوا يهجرون كل ما هو مصري، بل منهم من صار يكره كل ما هو مصري، أفلامهم لم تعد تتابع، والمرأة المغربية كانت شغوفة بالأفلام المصرية وقد بدأت اليوم (لا أعني الآن، بل منذ مدة) تتبرم من كل ما هو مصري شأنها شأن الرجل، ولا يقال أن الأفلام التركية المدبلجة قد قضت عليها، لا يقال ذلك رغم صحته، فالمسألة ليست في دخول الفيلم التركي وتحقيقه للفرجة والمتعة، فالأمر أكبر، فبالله عليكم من المتسبب؟ الناس ببساطة مسلمون لا يقبلون إلا أن يعتز المرء بدينه، أو برجال ممن أنجبهم هذا الدين.
لا يقال أن الفرعونية بنَت حضارة ويؤتى بالأهرامات كدليل، لا، فالحضارة فكر وثقافة وسلوك، والأهرامات مدنية، وفرق بين هذا وذاك، صحيح أن الأهرامات بناء يدل على عبقرية المصري، ولكن المهندس والباني ليس الفرعون..
نقلت إلي خولة بنت أختي المتحمسة للفريق الجزائري (ليس إرهابية بالطبع ولا حقودة..) أنها كانت في الاستماع إلى قناة فنطق فيها مصري وكان الخطاب موجها إلى مغربي، قال له إن مصر أم الدنيا، فرد عليه المغربي قائلا: إذا كانت مصر أم الدنيا فالمغرب أبوها، ولست أدري هل سيظهر من يقول أن بلده أو دولته جد الدنيا أو جدتها، ثم هل سيكون الذي افتقد إلى الفخر عاجزا عن التمسك بالجد الثاني ثم الثالث والرابع...
ما هذا؟
إن الإنسان يحب الفخر، وهو مشروع، ولكن ما لم يؤد إلى الضرر بفكر ومشاعر الآخر، لقد أصدرت كتابات منها رواية طنجة الجزيرة أفتخر فيها بمدينتي طنجة، وأزعم أنها شمس المغرب، وأم المدن المغربية، ولم أكتف بذلك، بل رشحتها لتكون أم المدن العربية، وسأرشحها وربما أفرضها لتكون أم كل مدن الدنيا، فإن كنت بها، فنعم، وإلا فإنني مستعد للتخلي عن هذا الزعم إذا كان يثير العنصرية، فلا فخر إذن، وإذا أصر المرء على ذلك، فهي عنصرية، وليس الأمر محصورا في المدن والدول والبلدان، بل يتعداها إلى الأفكار كفكرة القومية العربية والقومية البربرية (الأمازيغية) والقومية الكرية والطوروانية...
إنني على استعداد للتخلي عن كون طنجة أم المدن المغربية والعربية والعالمية، ومستعد أيضا للتخلي عن كونها شمس المغرب، ولكنني محب للفخر، وما دمت كذلك فالتفكير صفة للإنسان، وإذن فأنا لست طنجاويا، بل دراديبيا نسبة إلى الدرادب وهي المنطقة التي ازددت فيها، فإن كنت بها، فنعم، وإلا فأنا لست دراديبيا، بل معدنوسيا نسبة إلى الزنقة التي ولدت فيها، فإن كنت بها فنعم، وإلا بحثت عن فخر آخر، وهكذا، المهم ألا أضر غيري وألا أثير مشاعر الحقد والكراهية عند الآخر.
وأنتم حضرة الفراعنة لا فخر لكم بفراعنكم الذين قضوا، ولا يفرعونكم البئيس، فابحثوا عن فخر يليق بكم كشعب عظيم فيه علماء وفقهاء ومثقفون غير مطبعين، ولا تنسوا أن مصر بلادي مثلها مثل المغرب، كما لا أنكر أن المغرب وكل البلاد الإسلامية بلادكم، بلادنا جميعا، وعليه لا سبيل للسقوط في الدونية، فلكم إخوة منجدون لا يقبلون منكم غير الإنصاف ورمي الجحود..
أما فيما يتعلق بالفرجة فإنها بالنسبة لي قد قضت أن يتأهل المنتخب الجزائري لاعتبارات الشباب فيهم، والفنيات العالية، والحماس القوي، هذا كمتفرج لا يرفض وجود مصر ممثلة له في المونديال بشبيبة نضرة، وفنيات عالية، وحماس أكبر، ولكن قد بان التفوق الجزائري، وعلينا أن نختاره، وقد تأكد في المساجلة، فهنيئا للجزائر، وهنيئا للمصريين الذي كانوا في الميدان وفي المدرجات أعقل من الصحفيين والقنوات ونجل الرئيس مبارك، لقد اخترت المنتخب الجزائري واختاره معي غيري واختار نفسه هو أيضا بقدراته واستحقاقه خلاف المنتخب الفرنسي مثلا الذي غش الحكم، أو تواطأ معه خصوصا بعد شيوع نبأ رغبة الفيفا في تأهل فرنسا ليدلل عليه "تيري هنري" بلمسه الكره باليد بشكل مفضوح وتقديمها لزميله، ربما.
إن كرة القدم هي ما صار يركز عليها الحاكم في كل الدنيا، ولكن العالم العربي والإسلامي استثناء، ذلك أن كرة القدم أفيون جديد وملاذ الشباب للهروب من قهر الحاكم وديكتاتوريته وقمعه.
إنها تنويم خبيث يهدف ألا ينهض العربي والمسلم لرفع الظلم عنه من حاكمه ومن الذي يتلقى منه حاكمه الأوامر والنواهي ويقدم له فروض الولاء والطاعة..
==========
محمد محمد البقاش
طنجة: في 20 نونبر 2009

د.فادي محمد سعيد
20/11/2009, 04:43 PM
الأستاذ محمد المكرم:



مقال هام وتحليل رائع من إنسان عالي الثقافة ومحايد ويحب الخير للجميع....سلمت يداك بكل حرف سطرته ودمت بألف خير...وأنا مع وجهة نظرك الصائبة...



ثم لماذا لم يتحرك الإعلام الرسمي لكرامة الجنود المصريين الذين قتلوا على يد الصهاينة في سيناء؟ لماذا لم يسمح ( كان مرغما إذ لن يقبل طلبه) بفريق التحقيق المصري في متابعة قضية طائرة البطوطي التي كان على متنها رجال مصريون على مستوى راق من التعليم وأسقطت عن قصد متعمد بصاروخ من بارجة أمريكية؟ لماذا يستهان بغرقى العبارات ولا تتخذ بشأن المستهينين بأرواح الناس إجراءات زجرية؟ لماذا يباع الغاز المصري للعدو اليهودي وبه يقتل الفلسطينيين والمصريين؟ لماذا لا تلقى في الزبالة معاهدة العار كامب ديفيد وتعود مصر إلى دورها المشرف؟

نرجس
20/11/2009, 05:12 PM
أحسنت سيدي
و الله إن العين لتدمع عندما نشاهد
تكالب أولئك المحسوبين على الإعلام
علينا و على تاريخنا
و بالمناسبة أشكر تونس و المغرب
شعبا و إعلاما
الله يهينا جميع
+/

طارق شفيق حقي
20/11/2009, 10:38 PM
أحسنت سيدي

و الله إن العين لتدمع عندما نشاهد
تكالب أولئك المحسوبين على الإعلام
علينا و على تاريخنا
و بالمناسبة أشكر تونس و المغرب
شعبا و إعلاما
الله يهينا جميع
+/


سلام الله عليكم
هناك صحفيون مرتزقة كان لهم دور كبير فيما حدث
لا شك أن خذلان الحكومة المصرية للشعب الفلسطيني
ومساعدتها الصهاينة في قتل الأطفال باغلاق المعابر
قد فجر كل شىء حتى كرة القدم

صالح المانسي
01/12/2009, 07:44 PM
نجل حسني مبارك يدق طبول الحرب
===========

وأنا أضع اللمسات الأخيرة لرواية نساء مستعملات وأمامي التلفزيون الذي تركه ولدي الشغوف بكرة القدم وذهب إلى فراشه، كانت قناة درييم Dream تتحدث عن مباراة كرة القدم التي جرت بالأمس في السودان بين مصر والجزائر برسم إقصائيات كأس العالم، لم أكن أهتم بها إلا قليلا جدا علما بأني تابعت المباراة، ولكنني حفلت عند فعل التسخين الذي يمارسه المذيع الصحافي للقناة وقد غاظني تصرفه وكأنه يدق طبول الحرب.
بينما أنا كذلك دخل على الخط نجل الرئيس حسني مبارك علاء ففاجأني بدونية حديثه عن نتيجة المباراة، فتساءلت عن انسجام موقف القناة وعلاء وقلت أيهما أخذ عن الآخر، وهل هناك مخطط يُركب للوصول به إلى إعلان الحرب على الجزائر؟
تكلم فضيلته عن المرتزقة وهم المشجعون للفريق الجزائري، وتحدث سيادته عن الإرهابيين وهم بالطبع المشجعون، وتحدث عن الحقد ولم يحصره في المشجعين لأنه يتبنى فكرة توجيه المشجعين ووقوعهم تحت مخطط قدموا به من الجزائر، ولست أدري هل سيقول هو أو غيره بأن الجزائر قد بعثت بمشجعين من الجيش الجزائري أو البوليس متخفين في لباس المدنيين.
هل هناك عقول تفكر في مصر؟ بالطبع نعم، ولكنها للأسف ليست هي التي تغذي الأحقاد، فتصرفات مناصري الفريق الجزائري تصرفات عادية تحصل في نفس مصر بين فرقها، وتحصل في كل الدنيا، ومعالجتها لا تكون بدق طبول الحرب من الطرفين، فنحن في العالم العربي بجماهير أرقى من بلاد أوروبا التي عرفت قتلى وجرحى بالعشرات ونحن لم نعرف ما عرفت..
ودعوني أنقل لكم أجواء المغرب حتى نتبين من أمر شعوبنا كمثقفين، فالمغرب في أكثريته كان مساندا للجزائر رغم ما يسمى بالمؤامرة الجزائرية على التراب الوطني بقضية الصحراء ودعمها للانفصاليين، فالمغاربة أيدوا الجزائريين، ولو حملهم الحاكم على عدم تأييدها لما أفلح، ومدينة طنجة بالخصوص كانت في القمة، أتدرون لماذا؟
أولا: الحزن على خروج تونس والبحرين والبوسنة وتركيا وكل فرق البلاد الإسلامية من التصفيات المؤهلة لمونديال جنوب إفريقيا، وهذا حق لنا لأننا جزء من كل لم يفرقنا إلا الاستعمار حديثا، والرغبة في الاندماج الحقيقي والوحدة الحقيقية موجودة وبقوة، ولا ندري كم دماء ستراق لتحقيق ذلك، لأن حكامنا لن يتنازلوا عن كراسيهم لأنانية شعوبهم المتمثلة في الرغبة الملحة في الوحدة والاندماج الفعلي والانصهار الكلي والتي هي جزء من عقيدتهم وفعل حضاري لا بد من سلوكه، ولكن من من الحكام على استعداد للتخلي، لا أقول بالتنازل للآخر، ولكن للتخلي عن الحكم حتى ندمج حقيقة كألمانيا الغربية مع الشرقية دون أن يحرض شعبه على الآخر..
ثانيا: الكراهية للمصريين موجودة، وتقسم هذه الكراهية إلى قسمين، قسم يأخذ البريء بجريرة المجرم، وقسم يتبين فينعت المجرم ويشير إليه وحده وإلى جرمه، فالمصريون بالحاكم الذي يقيم علاقات مع عدوهم اليهود الصهاينة، ويمنع الطعام والشراب والدواء عن شعب غزة بتواطؤ مع اليهود، ويقمع أحرار مصر والمعارضين، ويهيئ للعرش الخ، كل ذلك جعل المسلمين يقفون من مصر الحاكم والمطبعين من المثقفين والعلماء موقفا معاديا، هذا واضح، لأن من يخذل المقاومة بكل أشكالها في كل البلاد العربية والإسلامية ويحرض عليها أو يعمل على إنهائها وإن سانده حاكم ما فإن الشعوب العربية والإسلامية لن تسانده، بل تعاديه، والتاريخ الحديث مليء بمواقف الشعوب الثابت تجاه القضايا المصيرية، وتجاه اعتداءات أمريكا على الشعب الصومالي والأفغاني والعراقي..
ثم لماذا لم يتحرك الإعلام الرسمي لكرامة الجنود المصريين الذين قتلوا على يد الصهاينة في سيناء؟ لماذا لم يسمح ( كان مرغما إذ لن يقبل طلبه) بفريق التحقيق المصري في متابعة قضية طائرة البطوطي التي كان على متنها رجال مصريون على مستوى راق من التعليم وأسقطت عن قصد متعمد بصاروخ من بارجة أمريكية؟ لماذا يستهان بغرقى العبارات ولا تتخذ بشأن المستهينين بأرواح الناس إجراءات زجرية؟ لماذا يباع الغاز المصري للعدو اليهودي وبه يقتل الفلسطينيين والمصريين؟ لماذا لا تلقى في الزبالة معاهدة العار كامب ديفيد وتعود مصر إلى دورها المشرف؟
كل هذا وغيره لن تنساه الشعوب العربية والإسلامية، فهل ينتج عن مثل هذه السلوكيات محبة؟ هل يحب الناس الحاكم المصري وزبانيته والمنتفعين به وهم يتفرجون على المجازر الإسرائيلية ويساندونها؟
بالطبع لا، لن يحبوا إلا الذي يقف مع الفلسطينيين ضد اليهود ومع المستضعفين ضد أمريكا، لقد مل الناس خطبه الناصحة دائما بالتعقل، ولا يعني هذا أن الشعب المصري ممقوت، كلا، ولكن كل من يركب سفينة الخيانة والتواطؤ لن ينجو من كراهية أحرار العالم، فكيف بكراهية العرب والمسلمين؟...
ثالثا: ادعاء الفرعونية.
هذا الأخير هو الأخبث، لقد جالست وناقشت وسمعت وقرأت عن ردة الفعل تجاه الذي يدعي الفرعونية فكان التبرم والكراهية، وأبسط رجل في المغرب لا يمكن إلا أن يعيب كل من يتشبث بالفرعونية، فمصر ليست فرعونية، ولن تكون أبدا رغم أنف الزاعمين، إنها كتهامة والحجاز والمغرب العربي ونجد والشام والعراق وغيرها بلاد إسلامية، والانتساب إلى الفرعونية دونية مقيتة، ذلك أن التاريخ الفرعوني ممقوت، وينعت بحبه للقتل والسبي والإرهاب، فهرم الملك خوفو مثلا بني في ظرف عشرين سنة وكان الفراعنة بأتون بالشباب في سن الرابعة عشرة أقل أو أكثر بحسب رؤيتهم للطفل والشاب الضليع شديد البضعة، الجسيم صلب العضل، يسوقونه للخدمة في بناء الأهرامات، ثم يرمون به هزيلا مريضا قد قضي على صحته، هل نفتخر بهذا؟ والله لو كان الفرعون والدا للعاقل منا لما افتخر به. والفراعنة ادعوا الألوهية، واستعبدوا الناس.. وأخيرا ليس هناك ما يفتخر به، إن من يفتخر بالفرعونية يدون عن البهائم، والمغاربة مستاءون من هذا وقد بدأوا يهجرون كل ما هو مصري، بل منهم من صار يكره كل ما هو مصري، أفلامهم لم تعد تتابع، والمرأة المغربية كانت شغوفة بالأفلام المصرية وقد بدأت اليوم (لا أعني الآن، بل منذ مدة) تتبرم من كل ما هو مصري شأنها شأن الرجل، ولا يقال أن الأفلام التركية المدبلجة قد قضت عليها، لا يقال ذلك رغم صحته، فالمسألة ليست في دخول الفيلم التركي وتحقيقه للفرجة والمتعة، فالأمر أكبر، فبالله عليكم من المتسبب؟ الناس ببساطة مسلمون لا يقبلون إلا أن يعتز المرء بدينه، أو برجال ممن أنجبهم هذا الدين.
لا يقال أن الفرعونية بنَت حضارة ويؤتى بالأهرامات كدليل، لا، فالحضارة فكر وثقافة وسلوك، والأهرامات مدنية، وفرق بين هذا وذاك، صحيح أن الأهرامات بناء يدل على عبقرية المصري، ولكن المهندس والباني ليس الفرعون..
نقلت إلي خولة بنت أختي المتحمسة للفريق الجزائري (ليس إرهابية بالطبع ولا حقودة..) أنها كانت في الاستماع إلى قناة فنطق فيها مصري وكان الخطاب موجها إلى مغربي، قال له إن مصر أم الدنيا، فرد عليه المغربي قائلا: إذا كانت مصر أم الدنيا فالمغرب أبوها، ولست أدري هل سيظهر من يقول أن بلده أو دولته جد الدنيا أو جدتها، ثم هل سيكون الذي افتقد إلى الفخر عاجزا عن التمسك بالجد الثاني ثم الثالث والرابع...
ما هذا؟
إن الإنسان يحب الفخر، وهو مشروع، ولكن ما لم يؤد إلى الضرر بفكر ومشاعر الآخر، لقد أصدرت كتابات منها رواية طنجة الجزيرة أفتخر فيها بمدينتي طنجة، وأزعم أنها شمس المغرب، وأم المدن المغربية، ولم أكتف بذلك، بل رشحتها لتكون أم المدن العربية، وسأرشحها وربما أفرضها لتكون أم كل مدن الدنيا، فإن كنت بها، فنعم، وإلا فإنني مستعد للتخلي عن هذا الزعم إذا كان يثير العنصرية، فلا فخر إذن، وإذا أصر المرء على ذلك، فهي عنصرية، وليس الأمر محصورا في المدن والدول والبلدان، بل يتعداها إلى الأفكار كفكرة القومية العربية والقومية البربرية (الأمازيغية) والقومية الكرية والطوروانية...
إنني على استعداد للتخلي عن كون طنجة أم المدن المغربية والعربية والعالمية، ومستعد أيضا للتخلي عن كونها شمس المغرب، ولكنني محب للفخر، وما دمت كذلك فالتفكير صفة للإنسان، وإذن فأنا لست طنجاويا، بل دراديبيا نسبة إلى الدرادب وهي المنطقة التي ازددت فيها، فإن كنت بها، فنعم، وإلا فأنا لست دراديبيا، بل معدنوسيا نسبة إلى الزنقة التي ولدت فيها، فإن كنت بها فنعم، وإلا بحثت عن فخر آخر، وهكذا، المهم ألا أضر غيري وألا أثير مشاعر الحقد والكراهية عند الآخر.
وأنتم حضرة الفراعنة لا فخر لكم بفراعنكم الذين قضوا، ولا يفرعونكم البئيس، فابحثوا عن فخر يليق بكم كشعب عظيم فيه علماء وفقهاء ومثقفون غير مطبعين، ولا تنسوا أن مصر بلادي مثلها مثل المغرب، كما لا أنكر أن المغرب وكل البلاد الإسلامية بلادكم، بلادنا جميعا، وعليه لا سبيل للسقوط في الدونية، فلكم إخوة منجدون لا يقبلون منكم غير الإنصاف ورمي الجحود..
أما فيما يتعلق بالفرجة فإنها بالنسبة لي قد قضت أن يتأهل المنتخب الجزائري لاعتبارات الشباب فيهم، والفنيات العالية، والحماس القوي، هذا كمتفرج لا يرفض وجود مصر ممثلة له في المونديال بشبيبة نضرة، وفنيات عالية، وحماس أكبر، ولكن قد بان التفوق الجزائري، وعلينا أن نختاره، وقد تأكد في المساجلة، فهنيئا للجزائر، وهنيئا للمصريين الذي كانوا في الميدان وفي المدرجات أعقل من الصحفيين والقنوات ونجل الرئيس مبارك، لقد اخترت المنتخب الجزائري واختاره معي غيري واختار نفسه هو أيضا بقدراته واستحقاقه خلاف المنتخب الفرنسي مثلا الذي غش الحكم، أو تواطأ معه خصوصا بعد شيوع نبأ رغبة الفيفا في تأهل فرنسا ليدلل عليه "تيري هنري" بلمسه الكره باليد بشكل مفضوح وتقديمها لزميله، ربما.
إن كرة القدم هي ما صار يركز عليها الحاكم في كل الدنيا، ولكن العالم العربي والإسلامي استثناء، ذلك أن كرة القدم أفيون جديد وملاذ الشباب للهروب من قهر الحاكم وديكتاتوريته وقمعه.
إنها تنويم خبيث يهدف ألا ينهض العربي والمسلم لرفع الظلم عنه من حاكمه ومن الذي يتلقى منه حاكمه الأوامر والنواهي ويقدم له فروض الولاء والطاعة..
==========
محمد محمد البقاش
طنجة: في 20 نونبر 2009
استاذي وملاذي محمد شكرا على المقال الممتاز وذلك حالنا وتلك أحوالنا وكيف تحولت مقابلة في كرة القددم الى حرب اعلامية بين بلدين شقيقين بواسطة وسائل اعلام سريعة الانتشار في زمن الاقمار الصناعية شارك فيها كل من هب ودب عدت يومها بعد أن شاهدت المباراة في مقهى الحي وسط ضجيج ينبعث من حناجر مؤيدة للفريق الجزائري تساألت حينها هل الأقربون اولى بالمعروف أم أن الأمر له دوافع أخرى ربما يكون للعملية الاستفزازية للاخوة في مصر بالمبالغة في الفرح بالانتصار في مباراة القاهرة وعلى مدى الأيام الفاصلة للمباراة الفاصلة كنت لا تسمع الا والله وعملوها الرجالة وكأن الانتصار نهائي لا نقاش فيه ولا غبار عليه وبه ترشح الفريق المصري وكانت مباراة السودان التي غيرت كل الموازين وخرج سي الحاج والد أستاذنا محمد وليترك جهاز التلفاز طيلة المباراة وليكون المقال الرائع الشيق