المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الهاتف



وردة قاسمي
03/11/2009, 07:27 PM
لفافة التبغ تلفظ أنفاسها ...الواحدة تلو الأخرى، في سحب زرقاء تتراقص أمام عينيه، وهو يتأملها كيف تنقشع في سكون غرفته.... ومن حين لآخر، يرقب بطرف عينه الهاتف على المنضدة.... ثم يعود ليتابع سحب لفافته... وينتظر.
صوت الرنين يوقظه من حلمه....يرفع السماعة ويطلق زفرة لفافته الأخيرة:
- ألو..
- تأخرت عليك؟
يأتيه صوتها الناعم كما يأتي الغيث الأرض العطشى......هو ظمآن يريد أن يرتوي.
- لا، بل في الوقت المناسب، قد وصلت منذ قليل..
- كيف قضيت يومك؟
- كمسافر ينتظر...
- وماذا تنتظر؟
- رنين الهاتف يعلن وصول صوتك، ليأخذني في رحلة سرمدية، لا أشكال فيها ولا أبعاد، بل أطياف وألوان...
يسحب من علبة السجائر لفافة أخري ليراقص سحبها، بينما تلوح الشمس بأشعتها الاخيرة تاركة العالم يغرق في الظلام.
-ألهذا الحد تسأم من حياتك؟
-.. حياتي وحياتك وحياة كل الناس، مجرد أقنعة مزخرفة وملونة حسب الطلب والظرف، العالم مسرح كبير ونحن نمثل...نمثل على الآخر...نمثل على أنفسنا..وهكذا.
- ألست تفلسف الحياة؟
- أنا لا أفلسفها... أنا أريك ما يجري في كواليس مسرحنا الكبير فقط..
- وحين ينتهي العرض؟
- نحلم....
صوت ضحكتها الناعم يذكره دوما بالماء...أليس الماء هو الحياة....والحياة امرأة.
- نحلم؟
- أجل نحلم....لكل منا حلمه الخاص...لكن حلمنا المشترك، أن نزيل أقنعتنا..و نواجه حقيقتنا، حينئذ نجد السلام الذي نبحث عنه.
- وبم تحلم أنت؟
- ...أن أتحرر...من نفسي..من أقنعتي..من جدران منزلي وأرصفة الشارع...من الزمان ..من المكان، أحلم أن أطير دون أجنحة ، أن أغتسل بالشمس و ألتحف السحاب ....أن أركب الريح و أفترش البحر..
- وكيف السبيل إلى تحقيق ذلك؟
-أن نحب....أن نحب بصدق وبقوة...أن نتوحد فيما نحب وفيمن نحب...إن لحظة التوحد هي الطاقة التي تحررنا...وهي اللحظة التي توقف الزمان وتلغي المكان، وتجعل العالم كله سماء واسعة...واحدة.
- وما يمنع أن نحب بهذه الطريقة؟
- هل يحب الممثلون بعضهم حقا فيما نراه من قصص...لو حصل ذلك، تكون الأقنعة قد تبدلت، والأدوار قد تغيرت، ويصبح الأحباب أعداء، والأعداء أصحاباً...وهكذا...
موسيقى السكون تعزف نغماتها بين طرفي خط الهاتف، بينما يفقد سحب لفافته المتراقصة في عتمة غرفته....
- لماذا سكتَّ؟؟
- أستمع لموسيقى صمتك الناعمة....
- وهل للصمت صوت؟؟
-له صوت....كما للعيون كلام...
- أنت غريب..
- إن هذه الغرابة لهي السلام الذي ننشده..من يدركها، يقال له مجنون...ومن يفقدها ..يتيه في مس من العقل..
صوت طفل يبكي يوقظ يقظته...ينتبه أنه يغرق في عتمة الليل...يقوم بتثاقل، يشعل مصباح غرفته وينظر عبر النافذة إلى المدينة المزخرفة بالأنوار...يفرغ علبة سجائره من لفافتها الأخيرة...يشعلها ويسحب منها نفسا عميقا كأنما يقبلها، ينظر بطرف عينه إلى الهاتف على المنضدة....يعرف أنه لن يرن، فهو لا يملك خطا... ويعرف أنه لا توجد ذات الصوت الناعم كتدفق الماء... و أنه لن يكلمها عن الحياة وعن الحب....لكنه...يرقب سحب لفافته.. وينتظر.


وردة قاسمي

مصطفى البطران
04/11/2009, 12:02 AM
لغة ساحرة عبارات منمقة مموسقة تنطق بمعاناة تلمس شغافنا جميعاً كبشر
إنه الحلم بالحب الذي يكاد يلفظ آخر أنفاسه الثكلى 000 همسة عجلى أما زال التدخين مسموحاً في الأحلام أم أن الأحلام تبيح ما لا يباح 000 استمعت بهذا القص الرائع دمت مبدعة أتمنى للبطل ألا يطول انتظاره في عالم يكاد لا يبشر بخير في الغد المنظور 000 بكل ود أخوك : مصطفى البطران

حسن_العلوي
04/11/2009, 08:14 PM
العزيزة وردة قاسمي
قرات النص البهي فعلا دفعة واحدة كنت اتلذذ بلغته الفاتنة و سرده الاسر
كانت القفلة مصوغة بقلم محتلافة تدرك كنه الكتابة و تعرف بقوة اسرار الحرف
سرت مع احلام الرجل الى ان وقفت الى ان الرجل كان يحلم فقط
احييك على الكتابة الفاتنة
مودتي
ملاحظة لا تنال من جمال النص و هي ناتجة عن الرقن لاني اعرف امتلاكك للغة

اعداء بدون الف بالنهاية
و الاعداء اصحاب_اصحابا

د/ حكاواتى
04/11/2009, 08:27 PM
جودو..!!!!!!
دائما فى انتظار جودو نبقى
ودائما هذا الجودو لا يأتى ..!!
لغتك قوية هذا ما لا شك فيه
عبارتك منمقة مهندمة أعجبتنى وسرقت حنايا عقلى
فلسفتك الحياتية كقرص الشمس الذى تحدثتى عنه فى قصتك
الحلم بيّن
والصراع جليّ
والنهاية رغم حدثى بها مسبقا
غير أنها كانت الفاصلة ولها الكلمة العليا
" لو بطلنا نحلم نموت .."
همستى البسيطة جدا تكمن فى جملة
"هو ظمآن يريد أن يرتوي. "
أقنعتى سابقتها فما رأيت لها بد..!!
تحياتى كــ طـــول النيل

وردة قاسمي
05/11/2009, 11:36 AM
لغة ساحرة عبارات منمقة مموسقة تنطق بمعاناة تلمس شغافنا جميعاً كبشر
إنه الحلم بالحب الذي يكاد يلفظ آخر أنفاسه الثكلى 000 همسة عجلى أما زال التدخين مسموحاً في الأحلام أم أن الأحلام تبيح ما لا يباح 000 استمعت بهذا القص الرائع دمت مبدعة أتمنى للبطل ألا يطول انتظاره في عالم يكاد لا يبشر بخير في الغد المنظور 000 بكل ود أخوك : مصطفى البطران



أخي البطران
إنه لمن دواعي الغبطة و السرور أن تحظى مشاركاتي باهتمامك فتنفحني بقراءتك الأولى دوما...
و كما قلت، أردت للغة أن تشابه في مدلولها عالم الخيال، و ما انقشاع سحابات السجائر إلى رمز على انقشاع الأحلام
لك نظرة قرائية ثاقبة و مميزة
لك مني أعطر التحايا
وردة

وردة قاسمي
05/11/2009, 12:02 PM
الأخ العزيز العلوي
شكرا لك تواجدك في ركني المتواضع، متابعتك لي تغمرني بالغبطة و السرور
كنه القصة يسير مع حلم أحدهم...قد يكون حلمنا جميعا في أن نواجه حقيقتنا و نجد السلام الداخلي
أن نتوقف عن التمثيل لبضع لحظات، نسترد فيها أنفاسنا
و لكن كل هذا ليس إلا حلما...حديث نفس تواقة
يسعدني انها اعجبتك
ملحوظتك في مكانها شكرا عل التصويب
لك مني الاف التحايا
وردة

وردة قاسمي
05/11/2009, 12:05 PM
جودو..!!!!!!
دائما فى انتظار جودو نبقى
ودائما هذا الجودو لا يأتى ..!!
لغتك قوية هذا ما لا شك فيه
عبارتك منمقة مهندمة أعجبتنى وسرقت حنايا عقلى
فلسفتك الحياتية كقرص الشمس الذى تحدثتى عنه فى قصتك
الحلم بيّن
والصراع جليّ
والنهاية رغم حدثى بها مسبقا
غير أنها كانت الفاصلة ولها الكلمة العليا
" لو بطلنا نحلم نموت .."
همستى البسيطة جدا تكمن فى جملة
"هو ظمآن يريد أن يرتوي. "
أقنعتى سابقتها فما رأيت لها بد..!!
تحياتى كــ طـــول النيل





السيد الحكواتي
شكرا لمرورك العطر بين اسطري، و أشكرك ايضا على الملحوظة
و لكني لم أفهم ما قصدته بكلمة جودو، فهلا وضحت لي من فضلك
لك مني اعطر التحايا
وردة

د/ حكاواتى
05/11/2009, 05:37 PM
السيد الحكواتي
شكرا لمرورك العطر بين اسطري، و أشكرك ايضا على الملحوظة
و لكني لم أفهم ما قصدته بكلمة جودو، فهلا وضحت لي من فضلك
لك مني اعطر التحايا
وردة

سيدتى الكونتيسة
جودو...
أو بمعنى أصح " فى انتظار جودو "
هى أشهر مسرحيات وكتابات الكاتب الأيرلندى " صامويل بيكيت"
وربما من أشهر مسرحيات الأدب الأنجليزى فى القرن الماضى
والمسرحية بـ اختصار شديد
تدور حول فئة معينة معدمة ومهمشة ومنعزلة ويبقون فى انتظار شخص يدعى جودو
ليغير حياتهم ويحقق كل أحلامهم
ويبقى الجميع فى انتظار جودوا وعند النهاية هذا الجودو لا ياتى أبدا
هى مسرحية رمزية تعبر عن الخواء الحايتى لدى بعض الناس وعجزهم
والهروب فقط إلى الأحلام..!!
وهذا ما بدا جليا فى قصتك البهية
من أجل هذا فور إنتهائى من القراءة كدت أصرخ بأعلى صوتى
جودوا.. فى انتظار جودو ..!!
ودادى

رغـــد اليمينى
07/11/2009, 08:31 PM
http://img194.imageshack.us/img194/8975/2z4buwj1.gif (http://img194.imageshack.us/my.php?image=2z4buwj1.gif)



ومهما تكابل الإنسان نتيجة ظروف قاسية أو تجربه


مريرة تبقى للآحلام مساحة حرّة .



الزميلة الفاضلة



((( وردة قاسمى )))



تحية طيبة ....



أسعدنى القراءة لكِ لما تملكينه من مقومات الكتابة


الإبداعية لفن القص ورؤى أدبية ثاقبة ..


النص يحمل من اللغة ما يمتع الذائقة إلا أن


{الهاتف }سَردّه يقع مابين فصول الرواية الإجتماعية


الطويلة وبين القصة القصيرة ، التي لا تحتملُ


إسهاباً أو تفاصيلَ تـُعَرِّضها للترهل ِ و الإهتراء


لذلك يا عزيزتى لا تهتمى بالمعنى على حساب الأسلوب كى لا يتحول


إلى إسلوب إخبارى ( تقريرى )بدل من قصصى شيق يستمتع به المُتلقى


وكلما كان الحوار مُكثف بجمل مُختزله كلما كان


اللهاث وراء فِكرتها أقوى عِند التلقى


فمن جمال القص أن لا يٌقدم كل شئ يُريد قوله فى


القصة وأن يكون هُناك يد تخفى ما بين السطور لجذب


القارئ ومحاولة السيطرة على نُصب فِكره نحوها


وهذا لا ينفى إعجابى بقلمك ولايقلل من نضج التجربة الحالية للقاصة


فقوة فكرتها نقطه إيجابية ومُدهشة فى القصة...


أعلم أن مرورى ثقيل ولكن حرصى من دفعنى لذلك..


مع خالص تمنياتى لكِ بمزيد مِن التقدم , و الرقى , و مواصلة الإبداع


تقديرى ....


http://img194.imageshack.us/img194/8975/2z4buwj1.gif (http://img194.imageshack.us/my.php?image=2z4buwj1.gif)

وردة قاسمي
07/11/2009, 08:44 PM
http://img194.imageshack.us/img194/8975/2z4buwj1.gif (http://img194.imageshack.us/my.php?image=2z4buwj1.gif)



ومهما تكابل الإنسان نتيجة ظروف قاسية أو تجربه


مريرة تبقى للآحلام مساحة حرّة .



الزميلة الفاضلة



((( وردة قاسمى )))





تحية طيبة ....



أسعدنى القراءة لكِ لما تملكينه من مقومات الكتابة


الإبداعية لفن القص ورؤى أدبية ثاقبة ..


النص يحمل من اللغة ما يمتع الذائقة إلا أن


{الهاتف }سَردّه يقع مابين فصول الرواية الإجتماعية


الطويلة وبين القصة القصيرة ، التي لا تحتملُ


إسهاباً أو تفاصيلَ تـُعَرِّضها للترهل ِ و الإهتراء


لذلك يا عزيزتى لا تهتمى بالمعنى على حساب الأسلوب كى لا يتحول


إلى إسلوب إخبارى ( تقريرى )بدل من قصصى شيق يستمتع به المُتلقى


وكلما كان الحوار مُكثف بجمل مُختزله كلما كان


اللهاث وراء فِكرتها أقوى عِند التلقى


فمن جمال القص أن لا يٌقدم كل شئ يُريد قوله فى


القصة وأن يكون هُناك يد تخفى ما بين السطور لجذب


القارئ ومحاولة السيطرة على نُصب فِكره نحوها


وهذا لا ينفى إعجابى بقلمك ولايقلل من نضج التجربة الحالية للقاصة


فقوة فكرتها نقطه إيجابية ومُدهشة فى القصة...


أعلم أن مرورى ثقيل ولكن حرصى من دفعنى لذلك..


مع خالص تمنياتى لكِ بمزيد مِن التقدم , و الرقى , و مواصلة الإبداع


تقديرى ....


http://img194.imageshack.us/img194/8975/2z4buwj1.gif (http://img194.imageshack.us/my.php?image=2z4buwj1.gif)



الفاضلة رغد
لقد كان لقراءتك الفذة لقصتي بالغ التأثير في، و لم تحيدي عن الصواب فيما قلته...لقد كانت القصة مباشرة جدا، كان للفكرة فيها تأثير على البنية البلاغية و القصصية، أردت من أسلوب الحوار أن يكون مفتاحا لدلالتها في لحظة حلم عابرة، منفشعة حالها حال دخان اللفافات...و لعل مرد ذلك أن هذه القصة، أو الحوار القصصي ، من ضمن اولى محاولاتي المتواضعة في فن الكتابة السردية و القصصية...يزيد عمرها عن 10 سنوات، ...يمكنك ان تصفي هذا ب" و ما الحب إلا للحبيب الأول"...لنا دائما نص اول يستحوذ على ذكرياتنا مثلما أستحوذ على بالغ تفكيرنا في كيفية إخراجه إلى الواقع. و هذا حال هذه القصة..
عزيزتي، مرورك اعطر من الورود الجورية و اخف من جناح فراشة فلا تبخلي به علي...
لك مني اعطر التحايا

وردة قاسمي

خليد خريبش
13/11/2009, 09:03 PM
بسم الله الرحمن الرحيم،قرأت النص ،في جوهره رؤية للآخر من منظور وعي الكاتبة بذاتها ووجودها وكيانها وحضور هذ الآخر الإجباري في الحياة،بطبيعة الحال النص صيغ بتشكيلة جمالية اعتمدت أسلوبا يليق بالمواقف والانسياب الزمني المفضي بالأحداث المحبكة إلى اتجاه تراه الكاتبة.ملاحظتي هي أنك لو لم تستعملي هذه الجملة .

هو ظمآن يريد أن يرتوي.
لقلنا أن الرؤية السردية من خلف،أو خارجية،vision par derriereالراوي الذي يصف،يعرف كل شيء ولا يتدخل للتفسير،لكن الأمر صار يتعلق برؤية مع،vision avec.
تحياتي الأخوية.

بنور عائشة
21/11/2009, 03:36 PM
تحياتي ..........

جملة من الأحداث المتشابكة صاغتها الكاتبة في ثوب فني يمهد للحدث وهو الخيال المعنوي المتأزم في الحالة النفسية التي راحت تصوغها بأشكال تسقطها أحيانا في البوح المباشر وأحيانا أخرى تقف عندهـــا بترقب ، يمكن أن تضيئ طباع جوانب خفية من الشخصية التي تجاوزتها في فيما يخدم التعقيد .

القصة ذات جمل وأحداث إنسانية تحركها شخوص وهمية تسعى إلى الوصول إلى الهدف المبتغى وقد استمدت الحدث من واقع حياة الكاتب وثقافته والتي تشمل تاريخ البشرية حتى ولو كان دور التنظيم أو التقليد لعمل ما هو النهوض به فنيا مالم يكن للخيال دور وهذا ما ستطاعت الكاتبة خلقه في سيــاق العمل القصصي .
أما من ناحية الشخصية المحورية فهي شخصيات متعددة وبوجوه مختلفة ومعارضة لدرجة أنها كانت محل صراع نفسي واتجاه فكري معين . ومن أبرزها أنها كانت شخصية توافقية وواقعية تقنع لقارئ بواقعيته أو ما يسمى بواقعية الإمكان .

هذه جملة من القراءات المختلفة لشخصية ميزتها الكاتبة برؤية توافقية وبملامح سلبية وإيجابية وبمعطيات مختلفة .
نص قصصي جميل يضيف لمسته في الكتابة لدى القارئ.


بالتوفيق وفي قراءات أخرى متجددة بعيدا عن المباشرة أحيانا .

محمد يوب
05/04/2010, 11:29 AM
كان البطل يتماهى في عالم من الخيال وكنت أتجول معه غبر عدستي وفي النهاية وجدت نفسي أحلم مثلما يحلم البطل رائعة قصتك لغة وصورا ومعان