المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة الطفل مشروع كتاب إلكتروني



طارق شفيق حقي
31/10/2009, 08:03 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

قام المربد منذ مدة بإضافة قصة الطفل لقسم القصة
وقد قام عدد من الكتاب بالإشارة لضرورة الاهتمام بأدب الطفل
وقد أبلغنا بذلك الأستاذ خليد خريبش
ثم قامت الكريمة وردة القاسمي بفتح موضوع شغل بالها عن مادة الطفل النادرة في الأسواق العربية
وكان للمشرف الكريم عبد المنعم جبر عيسى دور في فتح موضوع يثير ذات المشكلة
ولا بد أن نشير لردود القاصة عائشة بنور في المضمار ذاته

فكان أن اقترحنا بفكرة إعداد أول كتاب إلكتروني عن أدب الطفل في المربد

ونفتتح هذا الموضوع لجمع المادة

فعلى كل من يريد المشاركة في هذا الكتاب وضع مادته
علما أننا سنشكل لجنة تختار الأفضل
لنقدم لطفلنا العربي مادة بطعم لمربد


وعلى بركة الله

عبد المنعم جبر عيسي
31/10/2009, 08:44 PM
على بركة الله ..
وبالتوفيق ..

عبد المنعم جبر عيسي
31/10/2009, 09:02 PM
حجاجُ النسَّاجُ
قال الوالي الظالمُ ؛ للنسَّاج ( حَجَّاجِ ) :
- أريدُ منكَ شيئا يا ( حَجَّاجُ ) .
فرفع ( حَجَّاجُ ) يده محييا .. وهو يقول :
- طوعْ أمرِكَ يا مولاي .
فقال الوالي :
- أريدك أن تَنْسِجَ لي ثوبا ..
أسرع ( حَجَّاجُ ) .. قائلا :
- إنه أمرٌ بسيطٌ .. هينٌ !
فجاء صوتُ الوالي .. غريبا .. قاسيا :
- لا يا ( حَجَّاج ) .. إنه ليس ثوبا عاديا !
فقال ( حَجَّاجُ ) :
- يمكنني صنعُهُ من حريرٍٍ .. أُزَيِّنُهُ بخيوطِ الذَّهبِ !
فقال الوالي :
- لا أريدُ الحريرَ .. ولا خيوطَ الذَّهبِ !
ثم صَمَتَ قليلا .. قبل أن يقول :
- أُرِيدُهُ ثوبا غريبا .. عجيبا .. لَمْ يَرْتَدِ مثله إنسان قَبْلِي !
سأل ( حَجَّاجُ ) بشئٍ من الحِيْرَةِ :
- ما رأيكم في الدِّيْبَاجِ .. الزُّمُرِدِ .. اليَاقُوتِ ؟
فقال الوالي بِحَسْمٍ :
- لا أُرِيِدُ كل هذه الأشياء !
عاد ( حَجَّاجُ ) إلي صَمْتِهِ ، بَيْنَمَا قال الوالي :
- أريدك أن تَنْسِجَهُ من أشعة الشَّمْسِِ الذَّهَبِيِّةِ عند الغروبِ .. زَّيِّنْهُ بقطراتِ النَّدَي .. أو حتي حَبَّاتِ المَطَرِ !!
ثم فكر قليلا ، قبل أن يواصل :
- جَمِّلْهُ ببريق نجوم السماء ، في ليلة من ليالي الربيع العذبة .. حَسِّنْهُ بِطيورِ الخَيَالِ وَرْدِيَّةِ اللون !
لم يَجِدْ ( حَجَّاجُ ) ما يقوله ، فوقف وقد اتسعت عيناه دهشةً وذهولا .. والوالي يقول مهددا :
- أمامك يوم واحد فقط لتأتيني بالثوب .. وإلا .. !
ارتجف ( حجاج ) خوفا ، وعاد إلي بيتهِ حزينا مهموما .. قالت له زوجته :
- لِمَ لَمْ تقل له لا أستطيع ؟
فقال ( حجاج ) :
- ومن يجرؤ علي قول ذلك للوالي ؟
ثم دخل ( حجاج ) غرفته ، وجلس وحيدا يفكر .. ولم يشعر بنفسه والوقت يمر به .. حتي أفاق في مساء اليوم التالي ، ورجال الوالي يَجُرُّوْنَهُ إلي قصرِ الوالي جَرَّا .. حتي وجد نفسه بين يَدَيِّ الوالي ، الذي سأل ( حَجَّاجَا ) عندما رآه :
- صَنَعْتَ الثَّوْبَ ؟!
صَمَتَ النسَّاجُ المسكينُ طويلا ، قبل أن يقول مترددا :
- لا .. سيدي .. لم أَسْتَطِعْ .
وكانت ثورة الوالي عارمةً ، قال غاضبا :
- كيف تَجْرُؤْ يا ( حَجَّاجُ ) .. أيها النَسَّاجُ ؟!
وبدا الوالي في أَشَدِّ حالات الغَضَبِ والهَيَاجِ .. وَوَضَحَ أنه سوف يفتك به .. بينما اشْتَدَّتْ فَرْحَةُ النَسَّاجِ ( حَجَّاجِ ) بآخرِ كلمةٍ قالها الوالي ، بعد أن وجد فيها مَخْرَجَهُ ونَجَاتَهُ ؛ من هذا المأزق القاتل .. فجاء صوته معبِّرا عن سعادةٍ لا توصَفْ :
- أنْتَ قلتَهَا يا مولاي .. أنا فَقَطْ .. نَسَّاجُ !
قال الوالي في دهشة :
- ماذا تقصد ؟
فقال ( حجاج ) :
- أقصد أنني مجرد نَسَّاجٍ بسيطٍ ، لو أَمرتُ الشمسَ بِأَنْ تَبْعَثَ بأشعةٍ ذهبيةٍ ؛ يمكنني نَسْجُ الثوبِ منها لما أطاعتني .. كذلك قطرات الندي .. وحَبَّات المَطَرِ .. لو أمرتهما بأن يسقطا قطراتٍ وحباتٍ ؛ يمكنني تزيين الثوب بهما ؛ لما أطعنني !
صمت الوالي في ذهول ، فواصل ( حَجَّاجُ ) :
- لكنك أنت الوالي .. تَأْمُرُ والجميع يطيعون .. فلماذا لا تَأْمُرَ الشَّمْس .. وقطرات الندي .. وحبات المطر .. وكذلك نجوم السماء .. وطيور الخيال وردية اللون ؟!

عبد المنعم جبر عيسي
31/10/2009, 09:05 PM
ندى
( ندي ) فتاةٌ ريفيةُ ، جميلةٌ نديةٌ ، عذبةٌ كأنسامِ الصباحِ ، رقيقةٌ كقطراتِ الندي .. في عينيها زُرْقَةُ السَّمَاءِ ، في ساعاتِ الصَّفَاءِ .. وفي وجنتيها حمرة خفيفة رائعة .. وفي جبينها اشراقة وضاءة لا مثيل لها .. تَحْمِلُ شعرا له نعومة الحرير .. ورقة النسيم .. ولون الذهب !
تخرج كل صباح إلي البَرَارِي ، تعمل في جَمْعِ الزِّهُورِ البَرِّيَّةِ وتنسيقها ، في تنظيم عجيب بديع ، يَسْلُبُ الأَلْبَابَ ويبهرُ العيونَ .. بروعةِ التنسيقِ ودقةِ الترتيبِ وجمالِ التنظيمِ .. ثم تقوم ببيعها ، لمساعدة جدتها الحبيبة ؛ التي تقضي معها أشهرَ الأجازةِ الصيفيةِ .
كانت ( ندي ) سعيدة بحياتها ، مستمتعة بكل شئ فيها .. تحب كل المحيطين بها ، وتتعامل مع الجميع بحبٍ ومودةٍ ؛ وقلبٍ مفتوحٍ .. كانت صادقة جدا مع نفسها ؛ ومع الآخرين !
في مرةٍ ؛ ذهبت ( ندي ) إلي السوق ، قابلها رجلٌ شريرٌ .. حاول اقناعها بأن يبيعا الزهور البرية ؛ علي أنها زهور بلدية ، وبذلك تتضاعف أرباحهما كثيرا .. لكن ( ندي ) رفضت ذلك بِشِّدَّةٍ ، لأنه غش وخداع .. وراحت تعرض زهورها علي المشترين قائلة :
- هذه زهور برية .. من يشتري الزهور البرية ؟!
فغضب منها الرجل الشرير غضبا شديدا ..
يوما ، رَأْتْ فأرا يهرب .. يطارده ثعبانٌ ثقيلٌ ضخمٌ .. اقترب الثعبانُ من ( ندي ) .. وسألها :
- أين ذهب الفأر ؟
فأرشدته ( ندي ) إلي مكان الفأر الهارب ، ثم عاد الثعبان الثقيل بعد قليل ليشكرها ، قائلا بصوته الغليظ :
- شكرا لكِ .. لقد كنت صادقةً جدا معي !
قَاَبَلَتْ في أحد الأيام ذئبا غبيا مغرورا .. وقف أمام ( ندي ) مستعرضا قُوَّةَ مَخَالِبِهِ وَحِدَّةَ أَنْيَابِهِ .. قال مهددا :
- أَرَاكِ وحيدةً يا ( ندي ) !
فأجابته ( ندي ) علي الفور :
- لستُ وحيدةً .. بَلْ مَعِيَ رَبِّي .
تَلَفَتَّ الذئب حوله .. ثم قال مبتسما :
- أين هو .. ؟ أنا لا أراه !
فقالت ( ندي ) ببساطةٍ :
- إنه معي بعلمهِ .. ويحرسني بقوتهِ !
لم يفهم الذئب الغبي ؛ المعني الحقيقي لكلمات ( ندي ) ، لاحَ علي البُعدِ أمامهما صيادٌ يحمل بندقيةً .. أحسَّ الذئبُ بالخوفِ .. فانطلق مبتعدا عن ( ندي ) وهو يقول :
- أنتِ صادقة جدا .. وداعا !
وقفت ( ندي ) بين الأحراشِ ، لتواصل عملها في جَمْعِ الزهورِ .. حولها الفراشاتُ الجميلةُ ، ترفرف بأجنحتها الملونة في سعادةٍ ومرحٍ .. والطيورُ تشدو بأعذبِ الألحانِ وأجملِ النغماتِ .. ورَاحَتْ ( ندي ) تغني أغنية الصدق ، علي أنغام الطبيعة الساحرة .. وهي تحس بأن الدنيا كلها تتمايل ؛ مع غنائها في رقص بديع مدهش .. ثم ظهرت أمامها مفاجأة !
إنه ذلك الرجل الشرير ، الذي قابلته ( ندي ) في السوق ، ورفضت طلبه بأن يبيعا الزهور البريَّةِ ؛ علي أنها زهور بلدية .. وبدا الرجل أنه ما زال غاضبا جدا من ( ندي ) .. قال :
- أخيرا وقعتِ في يدي !
لم تَخَفْ ( ندي ) من الرجل ، لأنها علي يقين من أنها لم تخطئ في حقه .. لم تَظْلِمْه .. سألته في هدوء :
- ماذا تريد مني ؟
فقال الرجل في غيظ :
- لقد رفضتِ التعاون معي .. عصيتِ أوامري ..
فقالت ( ندي ) بهدوءٍ أَشَدٍّ :
- لا أستطيع أن أَغشَّ في تجارتي .. لا أحب خداع من يثقون فيَّ ..
اتسعت عينا الرجل الشرير في غضبٍ هائلٍ .. وهو يقول :
- سوف أنتقم منكِ !
لم تهتم ( ندي ) بتهديد الرجل .. ولم تَخَفْ .. بل استدارت عنه ، وواصلت جَمْعَهَا للزهورِ .. حولها الفراشاتُ ؛ ما زالت ترفرف بأجنحتها الملونةِ الجميلةِ ، والطيورُ تواصل شدوها ؛ بأعذبِ الألحانِ وأجملِ النغماتِ .. مرددين جميعا أغنية الصِدْقِ .. بينما جاء صوت الشرير يقول في عنفٍ : - أنت صادقة جدا .. وسوف أنتقم منك !
وقبل أن يتحرك ذلك الشرير بإتجاه ( ندي ) ، كان الثعبان الثقيل قد خرج توا من جحره ، قال بصوته الغليظ :
- ماذا هناك ؟
وظهر للجميع وهو يتلوي علي الأرض ، بحجمهِ الضخمِ وزحفهِ الثقيل ..
وبدا لمن رآه .. وكأنه خرج ليشارك جميع الكائنات فرحتها وسعادتها بصدقِ ( ندي ) ..
وسرعان ما أطلق الرجلُ الشريرُ ساقيهِ للريحِ !

الباز
31/10/2009, 09:29 PM
بارك الله فيكم
جهد مبارك
كان الله في عونكم..


رائعة قصصك الجميلة أخي عبد المنعم
لكني استغربت فقط اختيار اسم النساج في القصة الأولى
فالحجاج كما هو معروف كان من أبطش الناس
فكيف تحول في هذه القصة إلى حمل وديع مطيع ضعيف؟؟



أقترح -من بعد إذنكم- تغييره



وشكرا لكم على هذه الفكرة السديدة المفيدة

عبد المنعم جبر عيسي
01/11/2009, 04:09 PM
فالحجاج كما هو معروف كان من أبطش الناس





أنت قلتها شاعرنا المبدع :
الحجاج ( معرفة ) .. وليس حجاج ( نكرة ) ..
وقد قصدتُ الإقتراب من المعنى اللغوى ( حَاجَّ فَحَجَّ ) أى غلب بالحُجَّةِ .
وهو ما أثبتته نهاية القصة .
وكنتُ أتصورُ ـ فى فترة سابقة من حياتى ـ أن ( حَجَّاجا ) صيغة مبالغة من ( حَجَّ ) .
ثانيا .. القصة موجهة لمرحلة طفولة معينة ، لا تعرف شيئا عن الحجاج بن يوسف ، لذلك فاحتمالات الربط بين الشخصيتين والمقارنة .. أو الخلط .. بعيدة جدا أو غير واردة ..
أيضا تعودنا فى أدب الأطفال أن يكون للعنوان رتم محبَّب .. أو إيحاء مُنَغَّم .
والعنوان فى هذا الشأن مثالى .
حيث لم يخل من تنغيم .. كما أوحى بمضمون القصة ..
لذلك أختلف معكم .. فأى تغيير للعنوان أو اسم شخصية البطل .. قد يُفْقِدُ القصة مغزاها ..
شكرا جزيلا ..

عبد المنعم جبر عيسي
01/11/2009, 08:03 PM
فَتَاةُ الثَّلجِ
كانت الأسرة في زيارةٍ لدولة النرويج ، التي تقع في أقصي الشمال الأوروبي .. حيث الطقس شديد البرودة ، والثلوج تتساقط معظم شهور السنة .
وكان برنامج الرحلة حافلا ؛ بزيارة العديد من المواقع ، وِفْقَ برنامجٍ أَعَدَّتْهُ العمةُ ( فريدة ) ؛ التي تقيم وزوجها وأطفالها هناك ، بعد أن أضطرتهم ظروف الحياة والعمل الشريف ، للإقامة في هذه الدولةِ البعيدةِ .
وكان ( بَسَّامُ ) صغيرا جدا ، عندما صَنَعَ فَتَاةً من الثَّلْجِ ، ورَاَحَ يَتَفَّنَّنُ في تلوينها .. لكنه تَعِبَ كثيرا حَتَّي أَعَدَّ لها ثوبا يتناسب مع طبيعتها المائية .. حتي بَدَتْ كعروسٍ تستعد لليلة زفافها !
وسرعان ما قَدَّمَها لوالديهِ قائلا :
- هَذِهِ فتاةُ أحلامي .. سوف أتزوجها عندما أكبر وأصير رجلا !
تبادل الوالدان الإبتسامات ، وأظهرا إعجابهما بعروس ( بَسَّامٍ ) ، وهما يَمْتَدِحَانِ جمالها الفَتَّانِ .. !
لكن القطة المشمشية اللون كان لها رَأْيٌ مختلف ، فقد مَاءَتْ بغضبٍ شديدٍ عندما رأت فَتَاةَ الثَّلْجِ ، وحاولت إسقاطها من فوق المنضدة ؛ مستعينة بعصي سحرية صغيرة ، لولا أن أدركها ( بَسَّام ) في اللحظات الأخيرة !
كما كان لأصدقاء ( بَسَّامٍ ) رأي آخر تماما .. فقد عبَّروا عن شِّدَّةِ إعجابهم بِفَتَاةِ الثَّلْجِ ، من حيث دِقَةِ الصُّنْعِ وروعةِ الألوانِ وجمالِ الملامحِ .. غير أنهم رأوا أنها لا تصلح كزوجة لـ ( بَسَّامٍ ) ، لأنها ستكون صغيرة جدا ، عندما يكبر ويصبح رجلا !
نَسِيَ ( بَسَّام ) ووضع فتاة الثلج بالقرب من المدفأة ، وسرعان ما ذاب أنف الفتاة ، عندما أَحَسَّتْ بالحرارةِ ، وأسرع ( بَسَّام ) ليبعد فَتَاةَ أحلامهِ عن طريقِ المدفأةِ ، وهو يتساءل بينه وبين نفسه : عن الطريقة التي يمكنه بها عقاب المدفأة !
تألم ( بَسَّام ) قليلا ؛ من أجل فتاة الثلج ، ثم بدأ في تَقَبُّلِ الأمر ببساطة بعد ذلك ، معزيَّا نفسه بأن فتاة بلا أنف ؛ أفضل كثيرا من لا شئ .. وإن بَدَا شكلها الجديد مثيرا للضحك جدا ، ولم يعجب الببغاء ( توتو ) .. وراح يردد :
- فتاة بلا أَنْفٍ .. فتاة بلا أَنْفٍ !
لكن العمة ( فريدة ) ، كانت سعيدة بفتاة الثلج ، وأبدت اعجابها بصنيع ( بسام ) ، غير أنها قالت :
- لو كان لها أنف .. ؟!
فأحس ( بسام ) بالحزن لأول مرة !

* * * * *
دهش ( بَسَّام ) بشدة ، من تَصَرُّفِ ( نَانِي ) ابنة عمته ( فريدة ) .. التي سَخِرَتْ بقوةٍ من فتاة الثلج ، وضحكت أكثر عندما جذبتها من يدها بعنفٍ ؛ فكسرت اليد في يدها .. أختنق صوت ( بَسَّام ) بالبكاء ..
فَأَنَّبَهُ والده قائلا :
- لا تَنْسَ أنها عروس من الثلجِ !
وجاء صوت الببغاء بفرحة :
- عروس بلا أَنْفٍ .. عروس بلا يَدٍ !
تبادلت العمة ( فريدة ) الإبتسام مع الأم ، وضحك الأب لقول الببغاء .. بينما جاء صوت ( ناني ) ضاحكا ، وهي تزود المدفأة الرئيسية بالعديد من قطع الفحم :
- ستكون مفاجأة .. عندما يستيقظ ( بسام ) من نومه غدا صباحا !
وكانت ليلة من ليالي الشتاء قاسية البرودة ، نام فيها جميع أفراد الأسرة مبكرا ، عدا ( بسام ) ..
الذي استلقي في فراشه ، وراح يفكر في كلمات ( ناني ) الأخيرة ، وراح يجتهد في تصور : ما الذي يمكن أن يحدث ، عندما يصحو من نومه في صباح الغد .. ؟!
ولم يتعب كثيرا فى الربط بين قولها .. وتزويدها المدفأة بالفحم !

* * * * *
استيقظ ( بَسَّام ) من نومه صباحا ، وَجَدَّ في البحث عن عروسه الثلجية ، تذكر أنه رآها لآخر مرة قبل أن ينام ، بعد أن وضعها بآنية مسطحة علي مقربة من سريره .. أسرع اليها .. لم يجد بالطبق سوي بعض قطرات من الماء ؛ هي كل ما تبقي من عروسه ..
لم يكن الأمر مفاجأة للأب والأم والعمة ( فريدة ) ، وكانت ( ناني ) في قمة سعادتها لما أصاب عروس ( بَسَّام ) .. الذي بدا صامتا .
وكان ( بَسَّام ) يفكر ..
تذكر كلمات قالها والده ، عن كونها مجرد عروس من الثلج ، لا تصلح سوي لبعض اللعب والمرح لبعض الوقت ، وإن عَبَّرَ مظهرها الخارجي الملون عن غير ذلك ..
وصمت أيضا كل من الأب والأم والعمة ( فريدة ) ؛ انتظارا لما يفعله ( بَسَّام ) ..
وكانت مفاجأة حقيقية ؛ عندما لم يبك ( بسام ) هذه المرة .. بل تَصَرَّفَ كرجلٍ لأول مرةٍ ..
وقال وهو يتعمد إثارة غيظ ( ناني ) ابنة عمته :
- يمكننى صنع غيرها !

عبد المنعم جبر عيسي
01/11/2009, 08:06 PM
يــاَيــَا ( * )
( يارا ) تلميذةٌ بالصفِ الثانى ، خفيفة الظِّلِ .. رقيقة .. ذات ملامح جميلة ، تحب أسرتها الصغيرة : بابا .. ماما .. أخاها الصغير ( رامى ) ، الذى كان يعانى من مشكلةٍ ؛ قد تبدو صغيرة بعض الشىء !
وكانت مشكلة ( رامى ) : أنه لا يستطيع نطق حرف الرَّاء نطقا صحيحا .. مما يجعله يشعر بالحزن كثيرا .. ويدفعه للخجل من نفسه ، خاصة عندما يتحدث إلى أحدٍ لأول مرة !
وفى حقيقة الأمر ، لقد تعبت ( يارا ) كثيرا مع ( رامى ) ، حاولت معه مرارا ، لكى تعلمه نطق حرف الرَّاء نطقا صحيحا ، لكن محاولاتها تلك كانت تفشل فى كثير من الأحيان .. !
كثيرا ما تهمس ( يارا ) لـ ( رامى ) :
ـ قل راء .. راء .. راء .. !
يحاول ( رامى ) تقليدها .. يقول فى خجل :
ـ ياء .. ياء .. ياء .. !
تبتسم ( يارا ) ، ويضحك الوالدان ، وهما يحاولان اقناع الصغيرين ؛ بأن ( رامى ) لا يزال صغيرا جدا ، وأن أمامه متسعا من الوقت ؛ لكى يتعلم نطق حرف الراء ، وكل الحروف العربية نطقا صحيحا .
يوما ، رن جرس الهاتف .. وسبق ( رامى ) الآخرين إلى السماعة ، ورفعها إلى أذنه .. وكانت ( ريرى ) صديقة ( يارا ) على الطرف الآخر ، وطلبت منه التحدث إلى ( يارا ) .. فهتف ( رامى ) مناديا أخته :
ـ هذه ( يى يى ) يا ( يايا ) .. !
وكانت مفاجأة محزنة لـ ( رامى ) ، عندما جاء صوت ( ريرى ) على الطرف الآخر غاضبا :
ـ اسمى ( ريرى ) لو سمحت .. !
وأحسَّ ( رامى ) بخجلٍ شديد ، وقرر بينه وبين نفسه ؛ ألا يجيب الهاتف أبدا .. حتى لا يفقد احترام الناس .. !
ومرت السنوات بالأسرة بسرعة ، حتى سمعت ( يارا ) والدها يتحدث إلى والدتها يوما ، عن أن ( رامى ) قد بلغ عامه السادس ، وهذا يعنى أنه سيبدأ حياته المدرسية ؛ خلال شهور معدودة .. وأسرعت ( يارا ) لتزف الخبر السعيد إلى ( رامى ) ، الذى قال على الفور :
ـ لا .. لن أذهب إلى ( المديسة ) .. !
دهشت ( يارا ) لرد ( رامى ) الغريب ، وحاولت مناقشته فيه .. لكنه رفض بشكل نهائى ؛ أى كلام حول هذا الموضوع ، وشاركها الوالدان فى دهشتها ، ومحاولاتها إقناع ( رامى ) بالتراجع عن قراره هذا .. فقال ( رامى ) فى حزن :
ـ لا أحب أن يضحك منى الأولاد !
وزار الجد الأسرة فى إحدى المناسبات ، وأراد أن يكافىء ( رامى ) ، وطالبه باختيار هدية مناسبة ، وجاء رد ( رامى ) عجيبا :
ـ هديتى .. ألا أذهب إلى ( المديسة ) .. !
اتسعت عينا الجد فى دهشة ، فقال ( رامى ) مستعطفا :
ـ ( أيجوك ) .. ( أيجوك ) يا جدى !
وحاول الجدُّ أن يقنع ( رامى ) ؛ بأهمية المدرسة فى تحصيل العلوم .. وضرورتها لكى ينمو عقله بشكل صحيح ، مع النمو الطبيعى لجسمه ، لكنَّ ( رامى ) رفض كل هذا .. فلم يكن من سبيل أمام الأسرةِ لإقناع ( رامى ) ، سوى الإنتظار بعض الوقت ، ربما تهدأ الأمور قليلا ..
وكانت ( يارا ) قد فكرت بعمق ..
فعرفت على الفور أن ( رامى ) ؛ لا يرى فى مشكلته إلا الجانب المظلم فقط : وهو سخرية بعض التلاميذ منه .
وتأكدت أن ( رامى ) لم يحاول أن يرى الجوانب الأخرى الممتعة فيها ، والتى سيعيشها فى المدرسة : من صداقة بين الزملاء .. وتعاون .. وتنافس فى تحصيل الدروس والعلوم .
قالت ( يارا ) لـ ( رامى ) :
ـ قد يسخر منك بعض التلاميذ ، وهذا شىء غير طيب .. لكنك ستكون أقوى وأفضل لو صَبَرَََْتَ على سخريتهم هذه .. حتى تتعلم .
نظر إليها ( رامى ) قالت ( يارا ) :
ـ ستتعلم فى المدرسة أشياء كثيرة ، أهمها الحروف .. بداية من حرف ( الألف ) .. حتى تصل إلى حرف ( الياء ) .. مرورا طبعا بحرف ( الراء ) .. !
تأمل ( رامى ) كلمات ( يارا ) .. فكر فيها كثيرا .. سمع ( يارا ) وهى تهمس له :
ـ نعم يا ( رامى ) .. ستتعلم فى المدرسة نطق حرف الرَّاء .. نطقا صحيحا .. !
وكانت فرحة ( رامى ) لا حدود لها ، وقد بدأ يردد وراء ( يارا ) الحروف العربية مرتبة :
ـ ألف .. باء .. تاء .. ثاء .. جيم .. حاء .. خاء .. دال .. ذال ..
ثم توقف قليلا ، لينطق حرف الرَّاء .. همس :
ـ ياء .. ياء .. غاء .. غا .. غاو .. غا .. !
ابتسمت ( يارا ) وقد لمحت فى ( رامى ) تقدما .. قالت :
ـ رائع .. رائع يا ( رامى ) ..
فجاء صوت ( رامى ) هاتفا .. ومعبِّرا عن سعادة غامرة :
ـ ( يايا ) .. سأذهب إلى ( المديسة ) .. !
-----------------------------------------
( * ) القصة منشورة للكاتب ضمن مجموعته ( موسيقى فلفل ) التى أصدرتها ( الهيئة المصرية العامة للكتاب ) عام 2006 م .

طارق شفيق حقي
02/11/2009, 05:08 PM
مدينة السعادة

قال سامي لوالده وهما على طاولة الإفطار: أريد عينين من وراء رأسي كي أرى أخي كنان وهو يلعب.

قال الأب : إذن لنذهب إلى مدينة السعادة ونرى هل فكرة العينين صائبة.

وأخرج من جيبه قطعة خشبية عجيبة ثم أحرقها فظهر دخان كثيف ، وحين اختفى وجد سامي نفسه أمام البناية التاسعة في الحي الرابع من مدينة السعادة، ثم سمع صوتاً يناديه كان من الطابق الثامن: سامي تعال اصعد إلى هنا

كان شاباً وسمياً هو الذي يناديه ، صعد سامي إليه حيث منزله وحين دخل وألقى السلام على الشاب الذي كان اسمه سريع.
قال له سامي : ماذا تفعل إلى هذا الوقت في المنزل ، لماذا لم تذهب إلى المدرسة؟!


قال سريع: كل يوم أتأخر على المدرسة لذلك لم أعد أذهب إليها.
قال سامي : لماذا ؟!

قال سريع : لأني أتأخر في لبس جواربي.

استغرب سامي من ذلك وقال لكن لبس الجورب لا يأخذ وقتاً طويلاً يا سريع.

نظر سريع فيه ثم قال انظر إلى أرجلي .

نظر سامي فشاهد خمسين رجلاً بعضها بجوارب وبعضها بدون جوارب والأرجل التي بدون جوارب بعضها بأظافر وبعضها بدون أظافر وبعضها نظيف وبعضها متسخ.

قال له سامي : ما كل هذه الأرجل ، لم أنتبه إليها.

ثم اقترب موعد الغداء فقال سريع لسامي تعال لنُعد الطعام ، وكان سريع يتحرك بسرعة كبيرة في المنزل وخلال دقائق أعد الطعام ، فقال له ما رأيك أن ندعو جارنا كريم ، وافق سامي.

وبسرعة ذهب سريع وعاد مع جاره كريم.

نظر سامي فوراً إلى أرجله فشاهد فقط اثنتين، وقال الحمد لله إنه مثلي.


ابتسم كريم وجلس بجانبهما على الطاولة.

ثم قال سريع : تفضلوا الطعام لذيذ.

فخلع كريم سترته وظهرت لهم ثلاثين يداً فأكل الطعام كله بسرعة ولم يأكل سامي لقمة واحدة، ثم شكرهم وذهب سريعاً.

في المساء جاء جارهم ليسلم على سامي وكان اسمه مختار ، ثم أصابه النعاس ونام على الأريكة، ولم يستطع سامي النوم لأن مختار كان يشخر بصوت عال حيث أنه يملك خمسة أنوف
فكان يصدر أصواتاً تعادل خمسة أشخاص

فقال سامي أريد العودة إلى البيت ولا أريد أن يكون لي عينين خلف رأسي إن مدينتي هي مدينة السعادة الحقيقية ، فظهر ضباب كثيف وحين اختفى شاهد سامي نفسه بجانب والده وحمد الله على أنه خلقه في أحسن تقويم وفي كل يوم كان يتحسس رأسه من الخلف يتأمل أن لا تظهر له عينان جديدتان.

طارق شفيق حقي
__________________

طارق شفيق حقي
02/11/2009, 05:10 PM
صائد السحاب


نزل الأستاذ زهير من السيارة حاملاً حقيبة صغيرة ..تلفت يميناً..يساراً فهذه أول مرة يزور أخته بعد أن انتقلت إلى هذه القرية بحكم عمل زوجه ,تابع طريقه حتى توسط الجلسة بين أخته وزوجها ولؤي جالس على رجل خاله ورامي على رجله الأخرى وهما فرحين بزيارة خالهما العزيز,وبعد أن ذهب أبو لؤي إلى عمله ودخلت أم لؤي إلى المطبخ لتعد طعام الغداء , خرج لؤي و رامي مع خالهما العزيز إلى الحديقة ..تسابقوا ولعبوا,ركضوا خلف الفراشات ...وحين تعبوا جلسوا تحت شجرة التوت الكبيرة - قال لؤي الذي بلغ من العمر خمس سنين بشيء من الانزعاج بعد أن نظر إلى السماء وقد


قطب حاجبيه: يبدو إنها ستمطر ...قال الخال : لماذا أنت غاضب هكذا..ألا تحب المطر..قال رامي الذي بلغ من العمر ثلاث سنوات : مطر..مطر....أردف لؤي أنا لا أحب.....قال رامي : أنا لا أحبه.....- قال الخال: ولماذا لا تحب المطر يا لؤي أجاب لؤي:أنا لا أحب المطر لأنه يحرمنا من اللعب أنا لا أحبه ..ردد رامي : لا أحبه..لا أحبه ...فقرب الخال الطفلين منه وقال :أتحب الحمّام يا لؤي ...قال لؤي نعم أحبه...-


ولماذا تحبه..صمت لؤي قليلاً ثم قال:لأني أقف تحت الدوش وألعب بالماء وأغدو بعدها نظيفاً ...- قال رامي : وأنا ألعب بالبطة في الماء....- قال الخال : كذلك فإن العشب والأشجار والأزهار تستحم حين يهطل المطر ...ألم ترها تحرك أغصانها وأوراقها فرحة بهطول المطر ...قال لؤي: نعم رأيتها من النافذة ولكني لم أعرف بأنها تستحم ثم سكت لؤي قليلاً وقال : خالوه...كيف يهطل المطر......-قال الخال : إنها قصة


طويلة....لكن أتعرف صائد السحاب - صائد السحاب ...ومن هو صائد السحاب ....- صائد السحاب هو رجل ضخم بلحية طويلة يطير في الهواء فوق السهول والأنهار ..يقترب منكل زهرة وعشبة يحادث كل ثمرة و ورقة ويطير بعيداً إلى البحار حيث تمتزج زرقة البحر..بزرقة السماء والشمس الصفراء ترسل أشعتها لتنتشر بين زرقة السماء وزرقة البحر وهناك يعمل صائد السحاب وهو يحمل خلف ظهره سلة كبيرة وعندها اقترب الطفلان أكثر من خالهما وهما يراقبان شفتاه اللتان تخرجان ذلك الكلام الغريب ...


ويحلق صائد السحاب من هنا إلى هناك بين السماء والأرض وهو يبحث عن ندف الغمام حيث تتبخر قطرات الماء وتتحول إلى بخار فيجمعها صائد السحاب بشبكة ناعمة الخيوط ويضعها خلفه في السلة ..-لكن ما هو بخار الماء خالوه قال لؤي ..-أرأيت يا لؤي ذلك الشيء الذي يخرج من الماء حين تسلق لك ماما البيض.....- نعم.. نعم كنت أتدفأ عليها .....-وأنا أيضاً قال رامي ...-قال الخال : هو ذا بخار الماء ....


قال رامي : وصائد السحاب يجمعه...-نعم وتساعده أيضاً الطيور والنوارس فهي تطير بعيداً وتقترب من صفحة الماء وتسأل الأمواج عنها فترمي لها الأمواج بندف صغيرة تحملها النوارس لتضعها في سلة صائد السحاب وكلما رأيت أسراباً من الطيور مجتمعة فاعرف إنها تساعد صائد السحاب في عمله ويبدأ صائد السحاب بجمع بخار الماء على شكل ندف من الغيم حتى تمتلئ سلته فيطير بها أبعد إلى مكان تجمع الغيوم ثم يجمع


ندف الغيوم الكثيرة و يربطها بخيوط العنكبوت التي تجمع له الكثير منها قبل هطول المطر....- خيوط العنكبوت قال رامي.... - نعم ألم تر ذات مرة خيوطا تلمع تحت أشعة الشمس تنزل من السماء ......- سكت رامي قليلاً ثم أومأ برأسه بالإيجاب ...-هذه الخيوط تكون قد سقطت من صائد السحاب سهواً وهو يربط ندف الغيم بها وبعد ذلك يجمع أكوام الغيم ويصفها بجانب بعضها البعض وهنا يأتي دور القمر الشقي ....- وهل للقمر دور أيضاً دور في مساعدة صائد السحاب ....- نعم فصائد السحاب يقوم بمهمة صعبة ويجب أن يساعده أحدهم في تفريغ الماء المتجمع في أكوام الغيم ويكون صائد



السحاب قد تعب من عمله المجهد فيستلقي فوق تلال الغيم وينده للغيم قائلاً : ها قد جاء دورك يا صديقي فما أن يسمعه القمر حتى يشرق سعادة فهذا هو عمله المفضل فيقفز إلى سطح الغيم وعندها يهطل قليلاً من المطر وهي بداية المطر ثم يبدأ القمر بالرقص والقفز من هنا إلى هناك وهو يصيح : مطر ..مطر والماء الموجود في الغيم يتفرغ تحت ثقل القمر الذي علا صوته مطر ..مطر فتشاركه الطبيعة غنائه وهي تتمايل وتتراقص فرحةً بالمطر وحبيباته تغسلها وهي فرحة مسرورة تشارك القمر غنائه وتعلو الأصوات حتى تصل إلى أذن القمر فيتوقف عن إتمام مهمته ويمد رأسه بين


فتحات الغيوم ليراقب الأشجار والأعشاب وهي تغتسل بالماء فيأتينا ضوء القمر عبر الفتحة التي ينظر منها فتشكل برقاً أبيض اللون ... وما أن يراه صائد السحاب قد تقاعس عن أداء مهمته حتى يصيح به صوتاً عاليا ً وعندها نسمع نحن على الأرض الرعد فيتابع القمر مهمته وحين ينتهي من إفراغ الغيمات من قطرات المطر ينسج له صائد السحاب جسراً جميلاً ملوناً هو قوس قزح فيصعد القمر على قوس قزح ويعود إلى السماء فرحاً بهذا الجسر الجميل الملون وصائد السحاب يشكره قائلاً:إلى لقاء جديد يا



صديقي القمر الشقي فيقول القمر : أنا مستعد دائما ...متى أردت مساعدتي ما عليك إلا أن تنظر إلى السماء ويتابع القمر صعوده إلى السماء بينما يعاود صائد السحاب عمله من جديد وهو يبحث عن ندف الغيم الصغيرة فوق السهول والجبال والوديان والبحار يعد حمّاماً جديداً للطبيعة......



والآن أعرفت كيف يهطل المطر يا لؤي...- نعم عرفت إنه صائد السحاب ... أنا أحب المطر وعندها جاءهم نداء إلى الغداء فتسابقوا مسرعين إلى البيت بينما كانت عين تراقبهم من بين شقوق الغمام.
طارق شفيق حقي
حلب 12 / 2 / 2000

ايهاب هديب
02/11/2009, 09:07 PM
( حكايات لانا والجنية مانا )

ــ 1 ــ (( الله خالقنا ))

كانت لانا الطفلة الجميلة الحلوة يا أحبابي تمشي
مع ماما بين دكاكين ومتاجر السوق ، عندما رأت أمامها فجاءة واجهة مَحَلّ الألعاب المختلفة للأطفال ،
يتعلّق في منتصفها ذلك الفانوس الرمضاني الشهير ،
وهو يُضيئ لها كشمس الصباح المشرقة ..
فنادت لانا على أُمّها متلهّفة :
ــ ماما .. ماما .. ماما ... !
وأشارت بيدها الصغيرة الى الفانوس الرمضاني المضيئ تُريد الحصول عليه .. لكن ماما قالت لها :
ــ ليس اليوم يا لانا .. سنشتريه ان شاء الله يا حبيبتي
الإسبوع القادم عندما يثبُت هلال شهر رمضان المبارك ونراه بإذن الله يُنير ويتلألأ في وسط
السماء .
وشعرت لانا بالضيق في نفسها وكشرت زعلانة ،
لكنها لم تخرج عن حدود الأدب مع أمها .. فهي بنت
مؤدبة ومُتربّية .
في تلك الليلة الوردية يا أحباب ، رأت لانا الحلوة
في أحلامها الملائكية بأن الفانوس السحري يملأ
بأنواره الرمضانية المباركة وجه الدنيا، ومن داخله
كانت جنية حسناء صغيرة إسمها مانا ، تُسلّم عليها
وتحكي معها قائلة :
ــ لانا يا أختي وصديقتي الجميلة الحلوة .. لا تحزني
لأن ماما لم تشتري لكِ اليوم الفانوس الرمضاني ،
فبعد أيام قليلة سأكون أنا وهذا الفانوس الذي أسكن في داخله عندك بمشيئة الله سبحانه ...!
فرحت لانا كثيرا وقالت متعجّبة :
ــ أنتِ تُكلّميني أيتها الجنية مانا ؟؟ ..
قالت الجنية مانا :
ــ نعم يا لانا ، فهذا فضل الله سبحانه يعطيه لعباده الذين يُحبهم
ويجعلهم يتكلّمون بإذنه مع مَن يُحبهم ويُحبّونه فهو سبحانه يُحبّنا لذلك جعلنا نتكلم مع بعضنا أنا وأنتِ .. إنه عزوجل القادر على
كل شيئ .. لقد خلقنا نحن الجِنّ المسلمين كما خلقكم أنتم الانس .. فأنا
حفيدة الجَنّ الذين استمعوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتلو القرآن الكريم فآمنوا به وصدّقوه وذهبوا الى قومهم فقالوا لهم : ــ
(( ... إنا سمعنا قرآناً عجبا*1* يهدي الى الرُّشد فآمنّا به ولن نُشرك
بربّنا أحدا )) . سورة الجن آية 1
لهذا يالانا نحن نؤمن بربّنا ونعبده ونصلي له الخمس صلوات المفروضة ، مثلكم تماماً أيها الانس .. فالله سبحانه خالقنا وخالق
الحياة والممات .
قالت لانا بإيمانٍ ورضى :
ــ نعم ، أنا أؤمن بالله تعالى وأحبّه كثيراً جداً جداً وسأظل أصلّي
له الخمس صلوات الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء ،
لأنه خلقني وخلق بابا وماما والناس وكل الأشياء

نهاية الحكاية الأولى
بقلم : ايهاب هديب
جميع الحقوق محفوظة بأمر الله

وردة قاسمي
03/11/2009, 06:42 PM
السيد طارق
بارك الله فيك مجهودك الرائع و بارك الله في جميع من شاركونا هذه الفكرة
و كما قلت، أنا معكم قلبا و قالبا..و ارى أن نقوم بتبويب أنواع الكتابات الموجهة للطفل حسب الفئات العمرية المستهدفة ( مثلا مابين 10/15 سنة أو أقل من 10 من عشر سنوات) و حسب المواضيع ( مثلا تراث - ممكلة الغاب - مغامرات - تحري و ألغاز) و هكذا...و بالتالي تتنوع المواضيع و تتعدد الأفكار...و سأنقل موضوعي لقصة الطفل ( سلسلة أسود الغابة الفضية) إلى هذا الفصل بإذن الله.
كما انه من المهم مناقشة كيفية إخراج العمل، و أقترح في هذا الصدد مشاركة الإخوة من المهتمين بالبرمجة و التصميم لإفادتنا في الموضوع
أتمنى لي و لكم التوفيق و لكم مني أصدق التحايا
وردة قاسمي

وردة قاسمي
03/11/2009, 07:00 PM
أُسود الغابة الفضّية



الحلقة الأولى



درباس

أحسّ درباس بسعادةٍ لا تُوصف، وهو يُراقب قطعان الظباء و النُّوْ و الغزلان تعود من هِجرتِها الشّتوية. فاعتلى قمّة صخرة القمر، و أطلق زئيرا مدويًا، تَبِعه إخوته ليثٌ و ضرغامٌ و هزبرٌ بزئير مثلهِ؛ مُعلنين ترحيبهم بِعَودة الحيوانات من جديد. و في المساء، اجتمع درباس و إخوته بِرؤساء القطعان العاشبة و زُعماء الحيوانات اللاحمة.
-مرحباً بِعودتكم من جديد.
-نشكرك أيّها الملك على الترحيب الذي حظينا به.
-لا شُكر على واجب، إنّها غابتكم.
فيقول رئيس قطيع الغزلان:
-أودُ أيّها الملك أن أستفسر عمَّا وصلتْ إليه المسالة التي تحدثنا فيها قبل موسم الشّتاء؟
-لا تقلق أيّها الزعيم، لقد استَشرتُ زعماء الحيوانات المُفترسة و قد أعلنوا موافقتهم على الخطة.
فيُضيف زعيم قطيع الذئاب، و الذي كان يستشيره درباس في كل الأمورِ المتعلقةِ بالغابةِ ، نظرا لحكمته وسنِّه الطاعنة:
-لقد رأينا أن مُقترحكم عادل لكلا الطرفين، فيمكنكم أن تطمئنوا على صغاركم، و يمكننا إطعام صغارنا من لحوم الحيوانات العاجزة و المريضة. يُسعدنا أن نتحد معاً من أجل غابتنا.
فيقول درباس عندئذٍ:
- إذن، فَلْنحتفل بهذا اليوم العظيم.
وهكذا، بدأ عهدُ سلامٍ جديدٍ داخل الغابة الفضّية بِقيادة الأسد الحكيم درباس، الذي كان يلقى احترامَ الجميعِ لِلُطفه وحكمته و شجاعته.
لكن الأمر لم يَرُقْ سرحان، ذلك الذئب النّهم المفترس. فيقول ذات يوم مُحدثاً صديقه:
-اسمع يا ضُبَيْع، هذا الأمر لا يروقني...كيف نُحرم من اصطياد ما نشتهي من الغزلان و الظباء...من يَحسبُ درباسٌ هذا نفسَه؟؟
-و...و...ل..ل..كنن...نه ال...ال..الم...لك...يا..يا..سر..سر..حا.. .ننن
-هه..الملك، هذا لا يُعطيه الحق في التصرف بأرزاقنا...لن أسمح له.
-وَ...وَ..وَيْ...لي.....ما...ما...ذا..تع. .تع...تع....نييي؟
-سأبقى على عهدي، لن ألتزمَ بالاتفاق...فانا لا أتمتّع إلا بطعم الظِباء الصغيرة و الطرية....ممممم.
وهكذا نفذَ سرحان وعيده، و أخذ يتربّصُ بِصغار الحيوانات العاشبة في منطقة الجُرفِ الصّخري عند نهاية المراعي. و عندما تأتي أُمّهاتُها للبحث عنها يقول أنّها سقطتْ من أعلى المنحدر. في البداية، بدا الأمر طبيعياً نظراً لِخُطورة المكان. و لكن تكراره بنفس الطريقة جعل رئيس القطيع يشك في الأمر بِرُمّتِه. فَنَقل مخاوِفه لِلملك درباس:
-معذرةً أيّها الملك، لكن الأمر يزداد خطورة..لا أظن أن كل هذه الاختِفاءات ناجمة عن السقوط في الوادي. كما و أنّ....
وقبل أنْ يُتم كلامَهُ، سُمِع صوت السّنجاب يجري مذعوراً إلى الملك:
-أيّها الملك...أيّها الملك...أمر خ..خ..طير..خطير جداً.
-ما الأمر أيّها السنجاب...ما الذي يجري؟؟
-لقد..لقد..رأيتُ جثة...إحدى الغزلان الصغيرة....يبدو أن أحداً اصطاده منذ يوم فقط..
-ماذا تقول؟؟
-لقد رأيتها...بِعَيْنَيَّ هاتين.
فقال درباس و الغضب يعتريه:
-إذن هناك من يخرق القانون في الغابة.
فيردف رئيس القطيع:
-هذا ما شعرتُ به أيّها الملك..علينا أن نجد من يخرق القانون و نُعاقبه.
-سوف نجِدُه...و حينها، سيكون لي معه حساب عسير...أيّها السنجاب.
-نعم يا سيدي.
-اجمع كلَّ السّناجب و انتشروا في الغابة...أريدكم ان تجدوا هذا الذي يخرق القانون...هذا أمر ملكي.
-حاضر يا سيدي
و مَضتْ كلُّ السناجب تقوم بِعملها... و بعد عدة أيام، كان درباس في عرينه مع شقيقه ليث عندما سُمِعَ صوتُ السّنجاب:
- أيّها الملك...أيّها الملك..لقد عرفته، لقد وجدته
- أخبرني من هوَ؟ من الذي يخرقُ قانونَ الغابة؟؟
- إنه الذئْبُ سرحان ...
- ماذا تقول؟؟ سرحان؟
- اجل يا سيدي، لقد رايته يقترب من أحد صغارِ البقر الوحشي و يلاطفها، ثم يطلب ان تلعب معه....و عندما تغفل أُمهاتُها عنها، يفترسها و يُلقِي بِبَقاياها في الوادي..
- البائس...لأُعاقبنَّه عقاباً عسيراً...ليث.
- أمركَ يا أخي.
- جِدْ لي الذئبَ سرحان و استدعِهِ...و لكن لا تُبدِ له أنّي غاضب أو مُنزعج، مفهوم.
- حاضر
و انطلق ليث حتى وجد سرحاناً ممداً في ظل شجرة. اقترب منه بِهدوء و ألقى عليه التحية:
- مرحباً يا سرحان...تبدو سعيداً اليوم؟
- أهلاً أهلاً،...و من لا يَسعد في يومٍ كهذا و في غابةٍ مثل غابتنا؟؟ إنّ الحياة جميلة حقا..
- معكَ حق..غابتنا جميلة و الحياة فيها رغيدة ....آه، كدْتُ أنسى..الملك يستدعيك في مجلسه.
فقام سرحان من مكانِه و علاماتُ القلقِ بادية على وجه:
-ال...ملك؟...و ماذا يُريد مني سيدي الملك؟
- الحقيقة أني لا ادري....لم يُخبرني السبب.
ثم سكتَ هُنَيْهَةً و أضاف:
-أعتقدُ أن الأمر يتعلق بقيادة قطيع الذئاب...أنت تعرف أن قائدها أصبح هرِماً، و لم يَعُدْ في وِسعِهِ تَحَمّل أعباءِها...
فَالتَمعت عَيْنا سرحان في خبث و مكر و قال:
-حقاً؟؟...و متى يُرديني أن أذهب إليه؟
-الآن...أنت تعرف أن أخي لا يتوانى في أمورٍ تتعلق بِسلامة حيوانات الغابة و راحتها
-أكيد ...أكيد.
فقال ليثٌ في نفسِه " أيّها الماكر...لقد وقعتَ في المصيدة". ثم أضاف:
-أنا آسف يا سرحان، لا استطيع مرافقتك، لقد أوكل إليَّ الملكُ مهاماً أخرى...
-لا تقلق أبداً...أنا أعرفُ طريقي...رافقتك السلامة.
و انطلق سرحان مزهواً فرحاً و هو يُحدث نفسه و يُمَنيها " يا لَفرحتي...عندما أصبح قائدَ القطيع..سأفعل ما يحلو لي...يا سلاااااااااام."
وصل سرحان إلى عرين الأسود، فوجد الملك ممداً مشغولاً بتلميع مخالبه. فاقترب منه و قال:
-اسعد الله صباحك أيّها الملك السعيد. هل طلبتني؟؟
-آه، هذا أنت يا سرحان...يبدو انك لا تُهْمِل واجباتك أبدا.
-بالطبع يا سيدي..و إلاّ لما وجدتَ في شخصي المتواضع المُناسبَ لما سَتُوكله إليَّ من مهام.
فنظر إليه درباس جاهداً في كتم غيظه، ثم قال:
-أكيد...لكني أريد تذكيرك أن أول شيء عليك احترامه...هو القانون يا سرحان.
-بالتأكيد...لولا القانون لما أصبحت غابتنا مفخرة الوادي الكبير...وأنا أحترم القانون.
-و أنت تعرف كذلك، أن قانون غابتنا يُطبَقُ على الكبير مثلما يُطبقُ على الصَّغير...على القوي قبل الضعيف..
-أجل ..أجل. هذا أكيد.
عندئذ قام درباس مكشراً عن أنيابه و مخالبه:
-إذن، لماذا تصطاد صغار الحيوانات العاشبة بعد أن منعتُ ذلك حتى على الأُسود؟؟
ذُعر سرحان و تلعثم لسانه، و اخذ يتراجع إلى الوراء مع تقدم درباس الغاضب إليه. غير انه توقف فجأةً ليجد وراءه ليث القوي و ضرغام الجسور و هزبر الشرس. أحاط الأُسودُ الأربعة بالذئب المذعور و هم يسلون مخالبهم و يكشرون عن أنيابهم الفتّاكة. فقال درباس:
-لو أسمعُ عن اختفاء أي حيوان صغير...و لو كان جُرذاً...فلا تلومنَّ إلاَّ نفسك. هل تفهم؟
وصفعه بشدة حتى أحدثت مخالبه جرحاً بالغاً في وجه الذئب الذي ولّى هارباً لا يلوي على شيء.
عند الغدير، كان سرحان ينظف جرحه الذي ترك علامةً بارزةً على وجهه و هو يكادُ يموت من الحنق. فاقترب ضبيع منه قائلا:
-ل...لق...لقد...ح..ح..حذر...تك...يا..يا.. .سر..سر...حان..فلم..فلم...تس..تس..تست..م ع..إلي..و..
-أصمت أيها الأحمق و إلا قطعتُ ذيلك...لن يمرَّ هذا اليوم دون حساب.سوف أنتقم مما حدثَ لي.
-وي...وي..وي..لي ...ما..ما...ذا تع...تع...ني؟؟
اعني ما فهمتَ يا ضُبيع...سوف ينالُ درباسٌ هذا عقابه على ما فعلهُ بي...أعدكْ.

الخليل المغربي
04/11/2009, 11:46 PM
سلام الله عليك اخوان باسواق المربد ..
على بركة الله وللفكرة هدف سامي فلتكن بداية طيبة ..
الخليل المغربي

وردة قاسمي
07/11/2009, 09:35 PM
أسود الغابة الفضية



الحلقة الثانية – الخديعة –

مضت أيامٌ لم يُسمع فيها عن اختفاء صغار الحيوانات العاشبة. لكن سرحان كان يُبَيِّتُ أمراً يُمكّنه من الانتقام من درباس و جماعة الأُسود. و ذات يوم، انطلق سرحان إلى منطقة الفِيَلَةِ، و توجه إلى "ناب العاج" قائِدِها.
-مرحبا أيها الناب، كيف حالك؟
فتلَفت إليه الفيل الكبير مُرَحِبًا :
-أهلاً يا سرحان....مضى وقت طويل...ما الذي جاء بك إلى هنا؟
-كنت أَمُرُّ بالمكان، فخطر لي أن أُسلمَ على......أمير الحيوانات.
فانطلقت من الفيل الضخم قهقهة عالية و قال:
-أشكرك على الإطراء يا سرحان..
-هذا ليس إطراءاً..إنها الحقيقة، سَلْني أنا..فالحيوانات معجبة كثيراً بِحكمتك و تُكِنُّ لك الاحترام الشديد.
-هذا يسعِدني ....شكراً لك يا سرحان.
-لا تشكرني أيها الأمير، إنها الحقيقة التي لا تراها...فمن غيرُكَ يملك الحكمة و القوة لِيُِِصبِح أميراً للحيوانات...أو حتى ملكاً...لِمَ لا؟
فتعجب الناب مما يقوله الذئب و قال:
-ما الذي تقوله يا سرحان؟؟ كيف لك أن تصفني بملك الحيوانات؟
-أُعبر عن رأي الغابة فيك يا سيدي....قلْ لي لماذا تعيشون في هذا الجزء من الغابة؟
-إنَّه اتفاق مع الحاكم درباس...هذه منطقتنا.
فقال الذئب بمكر و خبث:
-هه..... صحراء قاحلة...أتعرف أن يعيش درباس و جماعة الأسود؟
-و ما هَمَّني في الأمر؟
-لا شيء...سوى أنه هو الأسد المفترس يعيش في منطقة مليئة بالحشائش و قرب البحيرة الكبيرة....ماذا يفعل لاحِمٌ مثله بالمراعي في حين يحرمك و جماعتك منها؟
لم يُجب الفيل عن سؤال سرحان، فاغتنم هذا الأخير الفرصة و قال:
-أرأيت؟ هذا ليس عدلاً...ثمَّ يسُن القوانين و يحرِم حيوانات كثيرة من حقوقها. فلا حقَّ للفِيَلَة بمرعى الحشائش، و لا حق للحيوانات المفترسة في الصيد...بينما يتمتع هو و جماعته بِطَرائِد ثمينة...و لا يتبقى للحيوانات سوى البقايا...هل هذا عدل؟
فيجيب الناب مُحاولاً عدم التفكير في الأمر:
-لكنَّ الحيوانات راضية بالوضع..
-هي ليست راضية...إنها خائفة، فلا أحد يجرؤ على الوقوف في وجه الأُسود...أُنظر..أُنظر ما فعله بي الأسد ليث..
ثم أراهُ الجرح الذي كان لا يزال محمرا من أثر مخالب الأسد درباس، فسأله الفيل متعجباً:
-ما هذا يا سرحان؟
ردّ الذئب الماكر في مَسْكَنَةٍ مُصطنعةٍ:
-لقد صفعني ليث عندما كنت أستلقي في ظل شجرة، و لأني لم أرد أن أترك له مكاني...طردني.
-لا.. لا يا سرحان...لا أظن أن جماعة الأسود مُتجبرة لهذه الدرجة....لابد أنك فعلت شيئاً ما.
-أنا؟...و ما الذي يفعله ذئب مثلي لِأسدٍ مثله...و لكن قلْ لي، هل يستشيرك درباس في أمور تخص الغابة؟
-و ما علاقة هذا بِِقضيتك يا سرحان؟
-أعرف أن الجواب هو لا...و لكن فلْتعلم أن درباس ينوي طرد الفِيَلة من الغابة..لقد سمعت ليثا يحدثُ أخاه هِزبراً قائلاً أنكم حيوانات بليدة و بطيئة و لا طائل منكم سوى تدمير الغابة، لهذا تم إبعادكم إلى هذه المنطقة الخالية ثم تُطردون نِهائياً.
فاستشاط الناب غضباً و قال:
-ماذا؟....يطردوننا من الغابة؟...لن أسمح بِذلك.
فرد سرحان بكثير من اللؤم:
-إنه حقك، عليك أن تحمي جماعتك من غطرسة بني الأسود و تُعيدَ للحيوانات كرامتها...الكلُّ يعتمد عليك...أنت من ينبغي له حكم الغابة..
و هكذا، استطاع الذئب سرحان أن يخدع الفيل الكبير و يقنعه باحتلال الغابة. فأصدر ناب العاج أمراً للفِيَلة بالتجمع و التوجه إلى حيث يوجد درباس و جماعته. هناك سُمِعت جَلَبة كبيرة، فقام دربا س متسائِلاً:
- ما الذي يجري يا هِزبر؟
- لا أدري....إنها الفِيَلة...تتوجه إلينا.
- الفِيَلة؟....و ما الذي تريده؟
و انتظر درباس في مكانه حائراً قدوم ناب العاج. فقال هذا الأخير بصوت مِلؤُه الغطرسة و التجبر:
- أين أنت يا درباس؟
- عِمتَ صباحا أيُّها الناب....ما الذي جعلك تزورنا في هذا اليوم السعيد؟
- لقد جئت كي أضع حداً لِتجبُر بني الأسود عل الغابة و أعيد ترتيب الأمور فيها...
فرد هِزبر بغضب قائلاً:
-اسمع أيها الفيل....درباس يكلمك بِشكل لائق، فاحترم نفسكْ.
فقال له درباس محاولاً فهم ما يجري:
-دعهُ يا هِزبر...لابد أن أمراً ما أزعج الفيل.
-يُعجبني ذكاؤك يا درباس....و ما يزعجني هو أنت، الذي يحسب أن كونك أسدا يعطيك الحق في حكم الغابة و التصرف فيها.
-ما الذي تقوله أيها الناب....لطالما كان هذا قانون الغابة، و لم يعترض أحد عليه..
-هه...قانون وضعتموه انتم، كي تتحكموا في الحيوانات و تفعلوا ما يحلو لكم...و أنا أُعلن رفضي له.
فانطلق الهمس بين الحيوانات تتساءل ما الذي أصاب الفيل و جماعته...بينما كان سرحان يراقب الوضع من بعيد. فقال درباس:
-لا يُمكن ذلك أيها الناب، و إلا اختل النظام هنا.
-لا ...لن يختل النظام إلا بوجودكم أيها الأسود....ارحلوا عنها و سنعيش كلُّنا بسلام.
فقال ليث غاضبا:ً
-هذا مستحيل...هذا وطننا و لا مكان آخر نعيش فيه، و أنت تعرف هذا جيداً.
فقال الناب بسخرية بالغة:
-إذن، فليكن لنا ملكٌ آخر غيركم.
-أنت تعرف أن ملك الغابة مسؤول عن حمايتها من هجمات الكلاب البرية و من جماعات الأسود الأخرى..و نحن نفعل ذلك على أكمل وجه.
-يمكنني أن احمي الغابة كذلك ...لستم الأقوياء الوحيدين هنا.
عندئذٍ تفطن درباس لما يريده الناب، فقال له:
-ما الذي تريده يا ناب العاج؟
-أريدك أن تتنازل عن حكم الغابة.
-ولِمن افعل ذلك؟
-لي أنا.
-و إن رفضتُ؟
-فلنتبارز حتى الموت.
-هذا مستحيل.
-إذن أنت خائف، و لا يجدر بالخواف أن يكون ملِكاً.
-لستُ خائفاً أيها الناب....لكني لا أحل الأمور بالقوة..
-إنها طريقتي...و إلاَّ...
تُرى ما الذي سيحدث لِدرباس و جماعة الأسود.

عبد المنعم جبر عيسي
10/11/2009, 10:55 AM
جهد جميل .. ومميز ..
لأدباء نحبهم .. ونعتز بهم ..
متابع معكم ..

نهي رجب محمد
24/11/2009, 04:59 AM
أعجبتني الفكرة ،بورك جهدكم وهذه مشاركة في القصة
----------------------------------شمس الصباح

طلبت المعلمة من تلاميذ الصف الثالث أن يرسموا صورة الشمس في الصباح، وقالت: أجمل صورة تستحق هدية قيّمة سأختارها بنفسي من محلّ الألعاب .
رجعت روضة للبيت، جهّزت الألوان وأوراق الرسم ووضعتها فوق المنضدة، ثم جرت لوالدتها وأخبرتها بالقصة، قالت الأم: عليك أن تنامي مبكرة اليوم يا روضة لتلحقي الشمس وترسميها قيل ذهابك إلى المدرسة.
تناولت روضة طعام الغداء، وأجابت فروضها المدرسية بمساعدة أمها، وتنزّهت في الحديقة، وجمعت طاقة ورد وقدّمتها لوالدها كهديّة، فشكرها ثم ذهبت للنوم .
رنّ جرس المنبه باكرًا، قفزت روضة من سريرها مسرعة إلي النافذة، فتحت الستائر، وكم أُصيبت بخيبة أمل وحزن عندما وجدت السحب تملأ السماء وتحجب ضوء الشمس!
جلست روضة تبكي ورفضت تناول فطورها أو أخذ طعام معها إلى المدرسة، ولم تحادث صديقتها المفضّلة سارة في الحافلة، جلست طوال الوقت في الصف شاردة صامتة.
لاحظت المعلّمة حزن روضة فسألتها: لماذا أنتِ حزينة مهمومة ياروضة؟ لماذا لا تشاركيننا الرسم؟
قالت روضة: لم أرسم شمس الصباح.
قالت المعلمة: عزيزتي روضة، الشمس تشرق كل صباح، ولكنها اليوم مختبئة خلف السحاب، وعنما يسقط المطر ستظهر الشمس وتستطيعين رسمها. ابتسمت روضة.

وفي اليوم التالي استمر تكاثر السحاب والجو الشتوي، وظلت الشمس مختفية، لفّت روضة كوفيّتها الحمراء حول رقبتها، ووضعت غطاء صوفيًّا علي شعرها البنيّ؛ فبدت مثل سندريلا الحزينة .
قالت الأم: روضة حبيبتي، الشتاء كثير الغيوم والشمس قليلة السطوع والمطر خير كبير من الله يهبه للأرض والزروع.
قالت روضة: أمي، أنا أحب المطر ولكنني لا أرى الشمس فكيف أرسمها وأفوز بهديّة المعلّمة وتصفيق الصفّ كلّه؟
ـ ألم تلاحظي، يا روضة، الشمس وتنظري لها في أيام كثيرة مشرقة وتتعرفي علي لونها الذهبيّ الجميل ونورها الذي يملأ االمزارع؟! يمكنك أن تغمضي عينيك وتتذكري هذه الصورة المنيرة في خيالك، ثم افتحي عينيك وخذي ألوانك وكرّاسة رسمك، ارسمي الشمس كما أحببتها، وكما عرفتها كل صباح.
جلست روضة علي كرسيّها الملوّن، وأغمضت عينيها فرأت الشمس جميلة كالعروس؛ ضفائرها صفراء طويلة، وابتسامتها عريضة، وأسنانها لؤلؤ مرصوص، وينزل من أذنيها أقراط زرقاء، وعلى رأسها تاج الورد.
فتحت روضة عينيها وبدأت في الرسم، وعنما انتهت أعجبها شكل الشمس وجرت تُري اللوحة لوالدتها، قالت الأم: هذه أجمل شمس رأيتها.
في اليوم التالي ذهبت روضة إلى المدرسة، وجلست هادئة مبتسمة، وعندما طلبت المعلّمة اللوحات سلّم الأطفال لوحاتهم، وسلّمت روضة لوحتها أيضًا.
أخذت المعلّمة اللوحات ونظرت إليها بدقّة، ثم وضعت نجمة لمّاعة على لوحة أعجبتها، ثم نادت بصوت مرتفع:
ـ روضة سالم
دُهشت روضة وفرحت وجرت نحو المعلّمة.
قالت المعلّمة: هذه أجمل لوحة، وتلك أجمل شمس رأيتها، كيف رسمتها يا روضة بهذه الروعة؛ لها ضفائر وشعر ناعم وأقراط وتاج؟! كل الأطفال رسموها مجرد شمس صفراء بين خضرة وشاطئ ماء!
قالت روضة مبتسمة: لأنني رسمتها كما تخيّلتها، رسمتها بطريقتي، أنا أحب الرسم جدًّا يا أستاذة.
قالت روضة: وأنا يعجبني رسمك يا روضة، أنت تستحقين الجائزة؛ عروسة جميلة.. سندريلا.
فرحت روضة، واحتضنت العروسة، ورجعت إلى مكانها وكل الصف يعجّ بالتصفيق والتهنئئة.

3/8//2008
نهى رجب محمد
ريشة المطر

طارق شفيق حقي
13/12/2009, 04:55 PM
سنجمع المادة في ملف نصي للمراجعة

طارق شفيق حقي
04/01/2010, 11:44 PM
الكتاب على الرابط (http://www.merbad.net/merbadup/kstory.zip)

حتاج ورد 2008 لفتحه

هل هناك ملاحظات

طارق شفيق حقي
07/01/2010, 07:39 PM
هل هناك من تصفح الكتيب ؟؟

خليد خريبش
07/01/2010, 08:43 PM
أخي الكريم،انتظر بعض الوقت حتى أقرأ هذا الكتاب،دع هذا الأمر إلى الأسبوع القادم.

طارق شفيق حقي
08/01/2010, 12:02 AM
وكيف هو الإعداد العام والتنسيق

خليد خريبش
12/01/2010, 10:05 PM
أخي الكريم،أمهلنا حتى ننظر في النصوص من حيث سلامتها اللغوية،بخصوص الشكل العام ،نختار شكلا بسيطا جذابا،الواجهة الأولى مستوحاة من الطبيعة هكذا...تحياتي الأخوية.

وردة قاسمي
29/01/2010, 02:24 PM
السلام عليكم أهل المريد
أسجل حضوري و أنا بإذن الله عائدة إليكم
تحياتي الخالصة
وردة قاسمي

طارق شفيق حقي
29/01/2010, 06:27 PM
السلام عليكم أهل المريد
أسجل حضوري و أنا بإذن الله عائدة إليكم
تحياتي الخالصة
وردة قاسمي


نرحب بك أختي الكريمة وردة القاسمي

كان لك دور واضح في التحريض على مشاريع أدب الطفل

عبد المنعم جبر عيسي
31/01/2010, 11:28 AM
جهد جميل أديبنا الكريم ، يليق بإسمكم والمربد الزاهر ..


شكر الله لكم ..


أعتذر لتأخر ردى لأننى لم أتمكن من فتحه سوى اليوم بواسطة ( أوفيس 2007 ) ، فأنا أعمل عادة بـ ( أوفيس 2003 عربى ) فهو أيسر بالنسبة لى ، وأتعامل معه بكل سهولة ويسر ..


ولكن بدت قصصى غير منسقة بعض الشىء .. أقصد بشأن علامات الترقيم ، وبداية السطر الأول مع كل فقرة ..


فهل ذلك راجع لإفتقادى ( أوفيس 2008 ) ؟


بقى أن ننتظر آراء نقادنا وكتابنا فى التجربة الفريدة ، حتى نتمكن من تقييمها وتلافى أخطائها .. كخطوة مربدية أولى على طريق طويل ، نرجو أن تتعدد فيه الخطوات .
تحياتى لكم .

طارق شفيق حقي
31/01/2010, 09:32 PM
سلام الله عليك

هناك العديد من الكتب التي تم إعدادها في المربد

ويمكننا أن نعمل أكثر من ذلك بكثير

لكن حتماً يد واحدة لا تصفق

فلا يستطيع فرد أن يقوم بكل الأعمال

الأفكار كثيرة والمواد متوفرة والأدوات جاهزة
والموقع هو أسواق المربد
لكننا بحاجة لجمع هذه التفاصيل كلها في خيط واحد

لنفكر في ذلك بتمعن فالنتائج تستحق