المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة قصيرة بعنوان / تيه ومحاكاة



عبد الجبار الحمدي
08/10/2009, 08:04 PM
تيه ومحاكاة

أمتشق عصاه المعقوفة هرما ولف نفسه برداء القدم الذي عاشه منذ بداية الخلق , كان قد أقسم أن لا تساوره الشكوك فيما يسمع أو يرى من قاطني الأرض العريضة , بين جنباته كتاب حكايات دهور وأزمنة ملوك وسلاطين , حتى نوائب وأحداث شاءت قدرة من خلق ان يكون هو شاهدا عليها , بصر الدنيا الجديدة بعيون أُثقلت جفونها دموع أسف على ما كان ويحدث , تنفس عبر غضاريف جبلية أطارت بزفيره بقايا أشلاء تنامت بأحداث وحروب بشرية لم تخلو من غضب أرض وسماء وبحار, ألبس نفسه الحزن وجها أسودا عزاء على دنيا الأجيال القادمة , الذين تاهوا عن مخافة في زمن البهرجة والومضات السريعة , أحتار بدخوله وعلى من ! هل سيحل ضيفا ثقيلا كعادته ؟ أو يكون مفخرة للبعض ونقمة على الآخرين , لا شك سينتدب للحديث عن مآثر الغابرين , الذي سبقوا الوقت في اقتناء مداخل رموز على بداية صفحات حملها معه , ولابد أن يطلب منه إشراك الآباء والأجداد واستجلاب سيرهم بأحسن ما يكون بعيدا عن عيوب كانت جلودا يرتدونها في مخاتلات وبؤر خداع , قال في نفسه : لأتجول في العالم الجديد في عربة الزمن التي سارت وتسير , ما أن نفض عباءته وأسقط بذلك متسلقي وعوالق هذا الزمن , قال : ما لك يا هذا أأصبحت مطية لا تحسب مقدراتها فتركب معك عوالق بشرية بأجور زهيدة وتتشدق منتشيا بما يلعقون معك من بقايا أوجاع ومعاناة البشر , ما لك وأبن آدم الذي أخرجه الله من الجنة بفرط رغبة وإغراء , كيف تريد لنفسك سباقا مع من لا معول عليه , يختال فخورا بما ليس به لمجرد انه أفضل الخلق , ولم يعلم أن الأفضلية تكون للأعمال وما يزرع للآخرين من مناقب ومآثر تبقي من بعده على خير درب في حياة فانية , ألست من حمل سيفا تقطع به رؤوس خاوية جلجلت عبثا وصراخا في صعود دولاب هوائك انتصارا على جثث في حروب دموية وخراب بلاد , ألست من تسارع في تغيير أقنعة ووجوه , نكاية في أقدار كانت تعصف في أفواه ونفوس لزمت الحياة موتا بطيئا خوفا على عروش ومناصب , ألست أحد من تتلمذوا على يدي وسقت لك الأمثال عبرا لتعي المقادير القادمة ألست من أحب ان يكون للصلاة مواعيد للخلق كافة تعلنها بصوت مؤذن أو بأجراس كنائس , ألست من ألبس الأيام مختلف الأسماء وأطلقت لها مواقيت بساعات وثواني وأدلفت هي تعمل كرقاص امتثالا لأمرك , ما لك أراك قد تغيرت عن ما كان يحمله غيرك من السالفين , أين الوعود التي توشحتها نياشين على صدرك وسرت مفتخرا يوم خرجت لتسلم مقاليد حكم على رقاب السنين , أتراني أوجدت شيطانا فاسقا يروم بالناس إلى أسفل السافلين وجعلهم وقودا مع الحجارة لجهنم , وسلخ معالم وجوه لغير التي سترث الأرض , لقد جئت اليوم بعد أن ناحت على أعتاب بابي كل المآسي والنكبات حاملة العذاب مهودا خلفتها لهم , لا أدري كم صبرت عليك لتتغير أو تعود لرشدك وتصحح المسار , إننا وجدنا لأن نكون شواهد عيان على مسيرة البشر لا أنماط تغيير ومسارات علينا ان لا نتغير بما يتغير حولنا , فها أنا أراك قد لبست التقنيات الجديدة نقمة , وركبت من حديد الأرض آلة خراب , وسكنت في جوف بحر تبث سموما على الأرض , أخبرني بعد أن خرجت باحثا عن جواب في زمنك الأغبر هذا عن جواب , دعني أسالك الآن ؟ الى أين تريد الوصول بما حملت والأرض إلى هاوية جهنم أم هناك إعادة في حساباتك الزمنية لتقرض الآخرين فرص حياة جديدة .
كان الزمن مستمعا لتأريخ هرم ... ومن ثم أخرج وجوه أحداث زفيرا باتت كشريط عرض سينمائي يبضع مكائد وأحقاد بشر في سيطرة على مقدرات العالم , استهجنتها من وضاعة فيهم أول الأمر قال الزمن : لم أكن أحرك ساكنا شعرت بالاضمحلال إزاء ما يفعله الإنسان بأخيه الإنسان وان اختلف في الخلقة أو الأديان , فقد قرأ في سفرك ان كل من عليها فان وهذا ما علمه آدم ورواها لكل من سيكون أو كان , وعدت ونفسي في خلوة وركبت عرشي وأمسكت الصولجان , أنا الزمن , أنا من يقف بين يدي منشئ الكون ومن عليه سيحاسبني على بذور نمت في بطن أرض تحمل دياجين مظلمة تراهنت الشياطين إنسية على حكم وجبروت في طغيان متجبر يعصف بمن اهتدى سكنا وسلاما على أرضي , يسحق أطفال وشباب وأمهات وآباء بآمال مستقبلي , صبرت كثيرا أردت لك أن تتحرك وتجلب معك القدر والدهر لتعيد او توقف سير ودوران الأرض نحو الهاوية , ولكن لا معين ولا مجيب , فطرقت بابي النوائب والمكائد وسقتني شراب اللهو والبعد عن حب الله والإتيان بالفجور تحت مسميات غريبة , كنت فيها أسترسل انتقاما من بني جنس ألزم نفسه الموت ترياق لخلود , لم أعر بعدها اهتماما لعذابات وصراخ في مهود أو دمار في أعمار مختلفة , وأزلفت بعيدا ومن حولي ماجنات السنين والأشهر والأيام والليالي تراقصا على طبول حرب , فسرت أخرسا رغم ان بنادلي دقت مرات ومرات مستنجدة بكم ... لكن وبعد تفكير أدركت بقانعة اني لا أستطيع تغير ما لم يتغير الإنسان في قرارة نفسه فلا أستطيع صنع شيء هو لا يرغب فيه , وبعد تشريح لأجساد عرفت أن حب التملك هو من يقود لا الإنسانية , فزمن الإنسانية ولى بطويك صفحات كتبتها حين بداية خلق وسميتها باسمك تأريخ الأولين , فلم تعد تجدي او تسمن من جوع , فهذا زمني ... ولك الخيار أن تخرج قلمك لتكتب أحداثي .. أم تبقيها سردا قصصيا لتأخذ ما تشاء فألسنة التعبير كثيرة وأبواق التشهير عديدة فلك الخيار ان تنضم إلى من تريد أو ترجع إلى كهفك لتحتفظ بنقاء ما سطرته عن الأولين رغم صفحات سوداء طويتها لتثبت أنك بلا أخطاء , فلا تحزن ما أنا إلا ولادة منك فلا تحملني ما أخطأت به والأزمنة البعيدة ودع السنين والدهور والأيام تسير الى حين يأذن من خلق توقفها لتخرج سفرك شاهدا على الجميع .

وردة قاسمي
08/10/2009, 09:02 PM
مرور سريع
تعقبة قراءة متأنية ، بإذن الله
تحياتي

زهر الليلك