المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قُصاصة تُحتضر!!



زرقـــاء اليمامة
25/09/2009, 05:48 PM
قُصاصة تُحتضَر!!



في حياتي صادفت أناسًا أغرابًا وأمضيت معهم زمنا ثم رحلت عنهم دون أن تكتمل حكايتهم فاسمعي صغيرتي أغرب حكاية مازالت عالقة بذهني تُدعى بطلتها "سجينة الزمن" تحمل هذه الحكاية بين طياتها استفهامات لا إجابة لها:في ذات مساء حكم علي الزمن أن أكون حارسة على زنزانة لا يوجد بها إلا إنسانة مجهولة الهوية , قالوا لي : لا تفتحي زنزانتها إلا بعد الغروب وضعي عندها قلما وورقة فهو شرابها وطعامها , ولا تخاطبيها أبدا.., وأول ليلة لي دخلت فرأيتها قابعة في زاوية مظلمة لا ترى إلا بصيص نور يتسرب من النافذة وهي ملتفة حول نفسها ,متقوقعة..تخفي ملامحها..تخشى الإنكسار ..تلملم جراحها ..- كما شعرت- وضعت القلم والورقة بهدوء وهممت بالخروج وأنا أراها بطرف عيني فإذا بها ترفع رأسها بتثاقل وتتسلل نظراتها إلى ما بيدي وكأن روحها بها, فلم أرى منها سوى عيون حائرة تخفي خلفها أنهارا من دموع,خرجت وأغلقت القضبان وأنا أسمع أنينا مؤلما ,وصرير قلم , وخربشات ورق, وبقيت هكذا مدة والسيناريو يعيد نفسه في كل ليلة.. الأنين هو الأنين والنظرات هي...!! وأنا لا أسمع ولا أتكلم حتى أتى ذلك اليوم, وبعد الغروب أنهيت مهمتي وضعت القلم و..و.. ,أطالت النظر ..أغلقت القضبان وعدت أدراجي ,ينتابني إحساس غريب بأنها آخر ليلة أراها, فالقمر في كبد السماء الممطر يأتلق ..رعد..برق..صقيع..أزيز أبواب ..زوابع ريح..وظلام دامس ومع هذا يصل إلى مسمعي أنينها ..نعم ..ليلة موحشة..الأنين يعلو بل إني أسمع صوت نحيبها وهو يختنق وأنا هنا أرتعش وقلبي لأنينها يحترق ويدي تتشبث بالفانوس وهي ترتعد ..أصوات غريبة ..فجأة ..صفعت ريح صارخة ,وبعدها عم الهدوء,فلا أنين ولا أزيز,استجمعت قواي ودلفت إلى الزنزانة ..ياللعجب!!اختفت ليس لها أثر!! نافذتها تصفعها الريح وقلمها ملقى على الأرض يصارع الموت وأوراقها تتطاير خالية, لكن جدرانها قد اختطت عليها أحرف مبعثرة (جروح الماضي لم تندمل بعد..أحلامي إلى عالم الشتات..أنا مذنبة!!) طلاسم لم أعِها هممت بالخروج ,فارتمت في حضني قصاصة من بقايا أوراقها مبللة بدموعها التي كانت تخفيها وقد أنزف حبرها (ان.س.ان..سين مجهول بين أنينين ..شكوت الزمن للزمن ..متى عني يغترب؟!ضياء ماض في أحشائي انتحر..أشلاء وركام حب اندثر..ووميض وفاء وإخلاص انتحب..أشكو غربة أوطان..أحن لعالم الأحزان..كسرت يراع جراحي ..شتت قصاصات آلامي..دونت تأريخ ميلادي ونعيي على الجدران..رحلت..رحلت رحيل مغترب إلى دهاليز النسيان!!)وضعتها في جيبي,مافهمته أنها لن تعود ,أغلقت القضبان وسلمت المفتاح...وأكملت رحلتي في الدرب نفسه لكني كلما حل الغروب تسللت يدي باستحياء إلى القصاصة السجينة في جيبي وتأملتها لعلي أحل بعض طلاسمها ..ولم ألتقِ بها بعدتلك الليلة,وهنا انتهت الحكاية صغيرتي وأنا مازلت على أمل أن ألتقي بتلك السجينة لكن ليس في دربي..!!

ا.هـ.

ايهاب هديب
27/09/2009, 11:42 AM
شكرا زرقاء على هذا النص الجميل

زرقـــاء اليمامة
27/09/2009, 01:50 PM
شكرا زرقاء على هذا النص الجميل


أخي الفاضل إيهاب هديب
أشكر لك مرورك العطر..
دمت بخير