المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تقاعد سفن الصيد العراقية



كاظم الحمامي
10/09/2009, 12:18 AM
على ضفاف شط العرب




تقاعد سفن الصيد العراقية




نشر الموضوع في جريدة الزمان بعددها 3394 في 9/9/2009



كاظم فنجان الحمامي

لا وجود لقانون تقاعد سفن الصيد في مسطحاتنا المائية, لكن روحه الشريرة ما انفكت تبث سمومها في أماكن متفرقة من شط العرب, حتى بدت لمساتها الخبيثة واضحة للعيان, فشملت سفن وزوارق الصيد العراقية, وحرمتها من الوجود الدائم في مياهنا الإقليمية, و(تطوعت) بعض الجهات لأداء (خدمات وطنية) غير متوقعة, فتبنت منذ أعوام إصدار سلسلة من التعليمات والتوجيهات والتشريعات الظالمة للإطاحة بمقومات عمل سفن الصيد, فأرغمتها على عدم ممارسة نشاطاتها المعتادة في عرض البحر.
http://www.arabswata.org/up//uploads/images/wata070272f31e.jpg (http://www.arabswata.org/up//uploads/images/wata070272f31e.jpg)


مشهد مؤلم من مشاهد تكدس سفن الصيد العراقية المهجورة على اليابسة


وهكذا أُغلقت بوابات مياه الخليج العربي بوجه سفننا, وصارت مياهنا البحرية مرتعا للزوارق والسفن الإيرانية والكويتية, لتصول فيها وتجول على هواها, رغم وجود الفرقاطات الأمريكية المتبجحة بقوتها الاستباحية, بيد إن هذه الفرقاطات لا شأن لها بتحركات سفن الصيد المتسللة الى مياهنا. فمهماتها مقتصرة على (حماية) منصات تحميل النفط, و(تأمين سلامة) الناقلات العملاقة المشحونة بالنفط الخام, وهكذا تُرك الحبل على الغارب لمن هب ودب, وتسربت الزوارق غير العراقية إلى محرمات خور عبد الله, التي تعد من أغنى وأفضل مكامن سمك الزبيدي في حوض الخليج العربي. بينما لاذت سفننا في أخاديد شط العرب, وتكدست في تجاويفه النهرية, فأصابها الشلل التام, وأُحيلت على التقاعد, لتقضي ما تبقى من عمرها في تجمعات مبعثرة على ضفاف شط العرب. أما العاملون عليها والذين توارثوا مهنة الصيد البحري عن أجدادهم, فقد سحقتهم أنياب الفقر والحرمان, وذاقوا مرارة العوز والفاقة, بعد أن كانوا أسيادا يجوبون البحار بسفنهم الخشبية, فاضطروا للبحث عن لقمة العيش في أماكن أخرى من ارض الله الواسعة,

http://www.arabswata.org/up//uploads/images/watae05b2c3b82.jpg (http://www.arabswata.org/up//uploads/images/watae05b2c3b82.jpg)
وتركوا هذه المهنة الشريفة على أمل العودة إليها في يوم من الأيام, حينما تتيقن مؤسساتنا الوطنية المعنية بحماية حقوقنا البحرية السيادية, بأنها فقدت عنصرا مهما من عناصر عمقها السوقي في حوض الخليج العربي, وحينما تدرك تلك الجهات بأنها خسرت ركنا أساسيا من أركان واجهاتها ومنافذها البحرية, وحينما تعي بأنها فرطت بمواردها المالية, ومواردها الغذائية, التي كانت تجنيها من نشاطات الصيد البحري, والتي وهبها لنا الله, وأصبحتمصدرا أساسيا يرفد أسواقنا المحلية بالأسماك اللذيذة على مدار السنة.
http://www.arabswata.org/up//uploads/images/wata98d187c797.jpg (http://www.arabswata.org/up//uploads/images/wata98d187c797.jpg)


ما ذنب هذا الشاب الذي تمزقت شباكه وجنحت سفينته على ساحل الحرمان


إذن ينبغي أن لا نفرط بثرواتنا السمكية, وأن لا نهمل حقوقنا البحرية, ويتعين علينا التوسع في نشاطات الصيد البحري, واستغلال مواردنا المائية لإقامة مشاريع متنوعة لصيد الأسماك, ولابد من مشاركة مؤسسات الدولة في توفير الدعم والرعاية اللازمة للنهوض بالسياسات التنموية والاستثمارية,فقطاعالصيد في أمس الحاجة اليوم إلىرعاية أجهزة الدولة, وتبنيها مجموعة من الإجراءات الإدارية والفنية الساندة, ويتعين عليها توفير الدعم المالي على شكل إعانات, وقروض وحوافز, والتي يفترض أن تكون في شكل نقدي أو عيني بهدف تشجيع وتطوير مهنة الصيد البحري, وبسط نشاطات الصيد, ومدّها إلى مساحات ومسافات بحرية أوسع وأعمق. ومن نافلة القول نذكر ان الدول المجاورة وزعت الزوارق على الصيادين بالمجان, وشجعتهم على الصيد البحري لغايات ودوافع إستراتيجية محسوبة. وإنها أدخلت التعديلات على مواد تشريعاتها البحرية لكي توفر الغطاء القانوني اللازم لدعم وإسناد زوارقها وسفنها.أما نحن فليس عندنا تشريعات محلية حصرية تنظم نشاطات سفن الصيد, سوى قانون تسجيل السفن العراقية, الذي يعد من التشريعات المعنية بتنظيم قيود وسجلات ملكية الزوارق والسفن النهرية والبحرية على وجه العموم, وبصرف النظر عن نوعيتها وتخصصها, وهو من التشريعات القديمة الصادرة عام 1942, ولميستبدل منذ ذلك الحين, وما زال نافذا حتى الآن. وهذا يفسر مدى إهمالنا, وعدم اهتمامنا بقطاع سفن صيد الأسماك, التي لا تزال مرمية على ضفاف شط العرب, بانتظار من يعيدها إلى البحر. .