المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حماس: الفكر والممارسة السياسية



محمود الحسن
26/01/2006, 10:53 PM
اسم الكتاب: حماس: الفكر والممارسة السياسية.
المؤلف: خالد الحروب.
عدد الصفحات: 342الطبعة: الأولى - 2000م
الناشر: معهد الدراسات الفلسطينية- واشنطن-الولايات المتحدة الأميركية

خدمة كامبردج بوك ريفيوز


بخلاف العديد من الكتابات الغربية صدرت عن التيار الإسلامي الفلسطيني عموما وعن حركة حماس تحديدا في السنوات القليلة الأخيرة. ويمكن القول بغير قليل من الدقة إن غالبية تلك الكتابات كانت إما متحاملة أو منحازة للرؤية الإسرائيلية أو على أقل تقدير جزئية في موضوعيتها, خاصة أن معظم مصادر تلك الدراسات كانت مثل قصاصات الصحف أو اقتباسات عن بيانات ووثائق الحركات الإسلامية الفلسطينية مترجمة إلى اللغات الغربية




وبخلاف الوضع في حالة الحركات بشكل عام, في مصر والجزائر والأردن على سبيل المثال, حيث توجد أعداد من الباحثين الإسلامية الغربيين المهتمين منهم المتحامل ومنهم الموضوعي, فإن الحركة الإسلامية الفلسطينية كان حظها أقل في العثور على من يؤرخ لها من ناحية موضوعية وعلمية. وفي ما عدا بعض المساهمات التي كتبها الفرنسي جان فرانسوا لوغران, وكريستين وعدد قليل من أمثالهم فإن الموضوع الإسلامي الفلسطيني بقي حكرا على الأكاديميين المناصرين لإسرائيل أو المتأثرين بدعايتها وخاصة في الولايات المتحدة. ومن هنا تأتي أهمية الكتاب الذي بين أيدينا
والذي يؤرخ للفكر السياسي لحركة حماس الفلسطينية بعيدا عن الدعاية الصهيونية وفي الوقت نفسه بعيدا عن المناصرة العفوية والفجة. وربما لهذا السبب فإن الأكاديمية سارا روي من جامعة هارفارد وصفت هذا الكتاب بأنه "كتاب ممتاز بكونه يقدم تحليلا دقيقا ومعمقا عن هذه الحركة بعيدا عن الصورة المشوهة والانطباعية المعروفة عنها، وهو كتاب بعيد عن الاعتذارية والتبرير للحركة من ناحية, وضروري للاطلاع عليه من قبل صناع القرار والسياسيين ودارسي الشرق الأوسط على حد سواء".

يعتمد الكتاب, وهنا موضع أهميته العلمية خاصة بالنسبة للقارئ الغربي, على وثائق الحركة وبياناتها وأدبياتها المنشورة وجزء من تلك الأدبيات غير المنشورة أيضا فضلا عن لقاءات المؤلف مع قياداتها ورموزها. والمؤلف يشرح منذ البداية أن هدفه هو التأريخ للفكر السياسي للحركة وليس التأريخ لمسيرتها السياسية بتفاصيلها, أي أن ما يتم البحث فيه هنا هو البنية التحتية المكونة للتوجه والقرار السياسي وليس فقط التوقف عند رصد المسيرة السياسية للأحداث التي مرت بها وكيف تعاملت معها. على ذلك فإننا نلاحق في فصول الكتاب خطين متوازيين من التحليل, الأول خط تأريخ نشوء وتطور الحركة والعودة إلى جذورها الإخوانية في النصف الثاني من أربعينيات القرن الماضي حينما تشكلت أول أنوية جمعية الإخوان المسلمين في حارة الشيخ جراح في القدس, مرورا بتضخم الجمعية ثم ضمورها مع حرب 1948, إلى عودتها إلى ساحة العمل العام في حقبة الخمسينيات خاصة في قطاع غزة, وبعدها بتحولاتها بعد حرب 1967 وانضمام الضفة الغربية و"إخوانها المسلمين" إلى الأردن, وحتى انطلاق الانتفاضة الفلسطينية عام 1987 وتشكيل الإخوان لحركة حماس وإطلاقها إلى العلن. أما الخط الثاني من التحليل فهو خط تأريخ تطور فكر الحركة نفسه وتحديدا في ما يتعلق بجدلية التحرير والتغيير التي أستحوذت على فكر الإسلاميين الفلسطينيين منذ تاريخ نشوئهم وحتى الآن. فالسؤال الإشكالي الدائم الذي كان يواجههم هو أين تقع الأولوية بالضبط عند مواجهة الاختيار بين سلوك طريق التغيير الاجتماعي والتربية و"الإعداد" أو سلوك مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وعدم الانتظار حتى يكتمل "الإعداد لجيل التحرير". ويعتبر إنشاء حماس في الأيام الأولى للانتفاضة الفلسطينية تلك هو لحظة "الحسم الإخواني" لذلك السؤال الإشكالي الذي جلب على الإخوان المسلمين في فلسطين وأماكن أخرى, اتهامات بالقعود والتخاذل عن تبني خيار المواجهة المسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي.





ما يريد أن يقوله, ويثبته, المؤلف في هذا الكتاب لقرائه الغربيين هو رسالة بسيطة ومباشرة وهي أنحالة حماس كسائر حركات مقاومة الاحتلال في العالم هي حالة طبيعية واستجابة متوقعة ويجب عدم الاستغراب من وجودها بل إن غياب أي حركة مقاومة في مواجهة وضع احتلالي هو الوضع المستغرب وهذا المنطق البسيط ينطبق على الحالة في فلسطين







. ولعل الاقتباس المثير والناجح عن إيهود باراك الذي صدر به المؤلف كتابه يختصر كل ذلك. فباراك يرد متعجبا على سؤال صحفي حول ماذا كان سيفعل لو كان ولد وعاش فلسطينيا في قلب الحالة المزرية التي يعيشها الفلسطينيون, بأنه على القطع لن يكون مدرسا لتلاميذ الصف الثالث, بل سوف ينخرط في "التنظيمات الإرهابية الفلسطينية". لكن الأمور بالطبع ليست على هذه الدرجة من البساطة في المخيلة الغربية التي تنظر إلى إسرائيل كحمل وديع غربي الوجه و"ديمقراطي" المضمون يواجه "إرهاب" حماس وغيرها الذي لا هدف له إلا تدمير هذه الدولة المسالمة. ومن هنا فإنه لا مناص من الانخراط في سجال "الإرهاب أم المقاومة" الذي سرعان ما يبرز عند أي مناقشة لموضوعة حماس في الغرب. والمؤلف هنا يرفض التعريف الغربي للإرهاب مشيراً إلى أنه تعريف وظيفي سياسي غير محايد. فـ"الإرهابي" هو يمارس ممارسة عسكرية مضادة للمصالح الغربية, أو الأميركية تحديدا, وهذه الممارسة نفسها تكون مقبولة في ما لو مورست في أماكن وظروف أخرى تكون الولايات المتحدة راضية عنها. وعلى سبيل المثال, كما يورد, كان نيلسون مانديلا لعقود طويلة متصدرا لقوائم الإرهابيين, ثم صار رئيس دولة يحترمه كل العالم, وياسر عرفات قضى حياته جلها مصنفا في تلك القوائم وهو نفسه الذي أستقبل في البيت الأبيض من قبل الزعماء الأميركيين وأصبح رجل دولة. فـ "إرهابيو" الأمس يغدون بين عشية وضحاها رجال دول يفرضون أنفسهم على الغرب بما يشير إلى هشاشة التعريف ويفضح استخداماته الظرفية المسيسة.

يشتمل الكتاب على خمسة فصول يناقش أولها الجذور التاريخية للحركة التي تعود إلى نشوء الجميعات الإسلامية في فلسطين في أوائل القرن العشرين متأثرة بمثيلاتها في مصر وبلاد الشام, واستجابة لانهيار السلطنة العثمانية وتصاعد الوجود الصهيوني في فلسطين المدعوم من قبل الانتداب البريطاني. ثم يتدرج التحليل مع مرور عقود الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي ونشوء حركة فتح من تحت عباءة الإخوان المسلمين الفلسطينيين في قطاع غزة في أواخر النصف الثاني من الخمسينيات بسبب تمسك الإخوان بمبدأ "إعداد الجيل" قبل الشروع في "التحرير", وخشية من مواجهة نظام عبد الناصر الذي كان العداء بينه وبين الإخوان المسلمين المصريين قد وصل إلى نقطة كسر العظم, وهو عداء متبادل انتقل لقطاع غزة الذي كان تحت الإدارة المصرية بعد حرب 1948 وأضفى أجواء من الخوف على الإخوان الذي سرعان ما فقدوا بريقهم الذي تصاعد خلال حرب فلسطين ومشاركتهم فيها. مع حرب 1967 ووقوع ما تبقى من فلسطين انسحب الإخوان عن ساحة النشاط العسكري المواجهة لإسرائيل أكثر فأكثر مع بروز التنظيمات الفلسطينية الوطنية واحتلالها صدارة العمل الوطني. وفي ما عدا المساهمة المحدودة التي ساهم بها الإخوان الفلسطينيون خلال سنوات 1968-1970 من خلال معسكرات فتح في شمال الأردن فإن العمل الإسلامي الإخواني إنحصر في الدعوة والتربية والاهتمام بالعمل الاجتماعي الهادئ. وظل الأمر كذلك حتى جاءت الانتفاضة الفلسطينية التي أنقذت في واقع الأمر الإخوان من مزيد من التهميش السياسي.

في الفصل الثاني يعالج المؤلف رؤى حماس حول الصراع وإستراتيجيتها له ونظرتها لدوائره الثلاث, الفلسطينية والعربية والإسلامية, وكذلك النظرة إلى اليهودية والصهيونية والتفريق بينهما على قاعدة أن العداء والمقاومة تقوم على أساس الاعتداء وليس الاعتقاد. فحرب حماس, كما في أدبياتها المعمقة, وأحيانا غير المعروفة, ليست ضد اليهودية كدين, بل ضد اليهودية كعقيدة سياسية تحولت إلى صهيونية عنصرية معتدية على الحقوق الفلسطينية. ويلاحق المؤلف تطور فكر حماس السياسي من مرحلته العفوية الأولى حيث طغت الشعارات الفضفاضة والاتهامات العشوائية والتفكير المؤامراتي (مرحلة البيانات الأولى والميثاق سنوات 1987-198, إلى مرحلة أكثر نضجا حيث أصبح التفكير السياسي وصناعة القرار أكثر تعقيدا وأخذا للعوامل الإقليمية والدولية بالاعتبار (مرحلة ما بعد المذكرة التعريفية سنة 1993).

ثم تناقش الفصول التالية علاقات حماس السياسية, الفلسطينية, أي مع منظمة التحرير الفلسطينية وفصائلها, ومع حركة الجهاد الإسلامي وكذا مع المسيحيين الفلسطينيين (الفصل الثالث), وعلاقات حماس العربية والإسلامية والدولية (الفصل الرابع). ويتابع المؤلف جدلية العلاقة المعقدة مع منظمة التحرير, وخاصة مع حركة فتح, ومعضلة العمل من خارج إطار منظمة التحرير بما عناه ذلك من شد وجذب حول التنافس على "شرعية التمثيل الفلسطيني" التي شكلت قضية حياة أو موت بالنسبة للمنظمة وخاضت من أجلها حروبا دموية مع أنظمة عربية فضلا عن تنظيمات. ويرى المؤلف أن حماس واجهت عمليا ثلاثة خيارات إزاء التعامل مع منظمة التحرير هي إما الانضواء تحت راية المنظمة والعمل من داخلها ومحاولة "السيطرة" عليها وتوجيهها بما يتواءم مع برنامجها على ما في ذلك من صعوبات بالغة, وإما العمل من خارجها وتحديها على جبهة التمثيل الفلسطيني وإعلان نفسها بديلا عنها, وإما اختيار حل وسط "منزلة بين المنزلتين" بحيث تعمل من خارجها لكن من دون الإعلان عن أنها بديل عن المنظمة, وهو الذي تبنته حماس. لكن هذا الخيار فهم من المنظمة على أنه تحد لشرعيتها وقاد إلى توتر دائم في العلاقة بين الطرفين.

وفي سياق العلاقات الفلسطينية الداخلية يقدم المؤلف تحليلا وإستعراضا معمقا, وربما فريدا, حول علاقات ونظرة حماس للمسيحيين الفلسطنيين. ومعتمدا على وثائق داخلية لحماس نرى أن الحركة الإسلامية حرصت على إقامة علاقات وطنية وعضوية مع المسيحيين باعتبارهم جزءا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والسياسي الفلسطيني, ونجحت في تفادي شراك إسرائيلية عديدة لإثارة تخوفات المسيحيين منها. بل كانت تحرص في فعالياتها الانتفاضية على مراعاة الأعياد المسيحية, وتهنئة المسيحيين بأعيادهم والتضامن معهم والدفاع عن مقدساتهم, وتبني دعوتهم إلى عدم الهجرة من فلسطين والصمود فيها. والواقع أن هذا الفصل يعتبر متميزا ويقدم معلومات وصورة غنية غير معروفة عن حماس.

وحول علاقاتها العربية والإسلامية والدولية نلحظ أن حماس تفرق بين مستويين من العلاقات واحد رسمي وآخر شعبي وحاولت وتحاول أن توازن بينهما. فمن ناحية لا تعادي الأنظمة الرسمية وتقيم معها ما أمكن من علاقات, لكنها تحرص على ألا تكون تلك العلاقات على حساب صورتها الشعبية وعلاقاتها مع الهيئات والأحزاب والجمعيات القاعدية التي تعتبرها حماس مستودع أنصارها في العالم. وفي الوقت نفسه حرصت على ألا تقيم لها خلايا تنظيمية في الخارج بحيث تتسبب في توتير العلاقات مع البلدان وتتكبد مهام إدارية وحزبية واسعة النطاق هي في غنى عنها, وقصرت عملها ونشاطها المباشر داخل فلسطين، وهو الأمر الذي عاد عليها بفوائد كثيرة وقلل خصومها في الخارج.





الجزيرة

ابو العربي
27/01/2006, 12:04 AM
شكرا علي الموضوع الهام مع تحياتي

محمود الحسن
27/01/2006, 12:50 AM
شكرا علي الموضوع الهام مع تحياتي



أهلا بعودتك أخي محمد فأنت كثلوج روسيا التي تحتبس طويلا لكنها عندما تتساقط تتساقط بغزارة56./,7

حبيب الفلسطيني
17/04/2009, 10:54 PM
إخواني الاحبه الا توجد نسخه الكترونيه لهذا الكتاب ....

الصراحه نشف ريقي و انا ابحث عنه ......و اكون شاكرا اذا توفر ...

بارك الله فيكم جميعا