المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصوم جُنّة يوصل إلى باب الريان



ايهاب هديب
20/08/2009, 07:55 AM
قال الرسول صلى الله عليه وسلم :


إنّ في الجنة بابا يقال له الريّان


يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم


يقال أين الصائمون فيقومون ، لا يدخل منه أحد غيرهم


فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد


صحيح البخاري كتاب الإيمان (920)



الأخوة الأفاضل الكرام



لقد حلّ علينا الشهر الفضيل ببركاته ورحماته

حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(الصيام جنة، فلا يرفث ولا يجهل، وإن امرؤ قاتله أو شاتمه، فليقل إني صائم - مرتين - والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك، يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، الصيام لي وأنا أجزي به، والحسنة بعشر أمثالها).

صحيح البخاري كتاب الصوم 1795
أخوكم ايهاب هديب

عبد المنعم جبر عيسي
20/08/2009, 10:03 PM
جزيت خيرا أديبنا الكريم الأستاذ ايهاب ..
وتقبل الله منكم صالح العمل ..
وكل عام وأنتم بخير وعافية ..
والحديثان الشريفان أوردهما العلامة ( أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ) فى كتابه ( فتح الباري شرح صحيح البخاري ) ، وقام بشرحهما رحمه الله تعالى .. حيث قال عن الحديث الأول تحت عنوان ( بَاب الرَّيَّانُ لِلصَّائِمِينَ ) :
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَقُومُونَ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ ) .
قَوْلُهُ : ( بَابٌ ) بِالتَّنْوِينِ ( الرَّيَّانُ ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ وَزْنُ " فَعْلَانَ " مِنَ الرِّيِّ : اسْمُ عَلَمٍ عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَخْتَصُّ بِدُخُولِ الصَّائِمِينَ مِنْهُ ، وَهُوَ مِمَّا وَقَعَتِ الْمُنَاسَبَةُ فِيهِ بَيْنَ لَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الرِّيِّ وَهُوَ مُنَاسِبٌ لِحَالِ الصَّائِمِينَ ، وَسَيَأْتِي أَنَّ مَنْ دَخَلَهُ لَمْ يَظْمَأْ .
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ : اكْتُفِيَ بِذِكْرِ الرِّيِّ عَنِ الشِّبَعِ ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ أَنَّهُ يَسْتَلْزِمُهُ ، قُلْتُ : أَوْ لِكَوْنِهِ أَشَقَّ عَلَى الصَّائِمِ مِنَ الْجُوعِ .
قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ ) هُوَ ابْنُ دِينَارٍ ، وَسَهْلٌ هُوَ ابْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ .
قَوْلُهُ : ( إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا ) قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ : إِنَّمَا قَالَ : " فِي الْجَنَّةِ " ، وَلَمْ يَقُلْ : " لِلْجَنَّةِ " لِيُشْعِرَ بِأَنَّ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ مِنَ النَّعِيمِ وَالرَّاحَةِ فِي الْجَنَّةِ ، فَيَكُونَ أَبْلَغَ فِي التَّشَوُّقِ إِلَيْهِ . قُلْتُ : وَقَدْ جَاءَ الْحَدِيثُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِلَفْظِ : ( إِنَّ لِلْجَنَّةِ ثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ ، مِنْهَا بَابٌ يُسَمَّى " الرَّيَّانَ " لَا يَدْخُلُهُ إِلَّا الصَّائِمُونَ ) . أَخْرَجَهُ هَكَذَا الْجَوْزَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي غَسَّانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، وَهُوَ لِلْبُخَارِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ ، لَكِنْ قَالَ : ( فِي الْجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ ) .
قَوْلُهُ : ( فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ ) كَرَّرَ نَفْيَ دُخُولِ غَيْرِهِمْ مِنْهُ تَأْكِيدًا ، وَأَمَّا قَوْلُهُ : " فَلَمْ يَدْخُلْ " فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى " أُغْلِقَ " أَيْ : لَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ غَيْرُ مَنْ دَخَلَ . وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَخْلَدٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ : " فَإِذَا دَخَلَ آخِرُهُمْ أُغْلِقَ " هَكَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ مُسْلِمٍ ، وَفِي الْكَثِيرِ مِنْهَا : " فَإِذَا دَخَلَ أَوَّلُهُمْ أُغْلِقَ قَالَ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ : هُوَ وَهَمٌ . وَالصَّوَابُ " آخِرُهُمْ " . قُلْتُ : وَكَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي " مُسْنَدِهِ " وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي " مُسْتَخْرَجَيْهِ " مَعًا مِنْ طَرِيقِهِ ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَالْجَوْزَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَخْلَدٍ ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَغَيْرِهِ ، وَزَادَ فِيهِ : ( مَنْ دَخَلَ شَرِبَ ، وَمَنْ شَرِبَ لَا يَظْمَأُ أَبَدًا .. ) وَلِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ نَحْوُهُ ، وَزَادَ : وَمَنْ دَخَلَهُ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا وَنَحْوُهُ لِلنَّسَائِيِّ وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ ، لَكِنَّهُ وَقَفَهُ ، وَهُوَ مَرْفُوعٌ قَطْعًا ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا مَجَالَ لِلرَّأْيِ فِيهِ .
وفى شرحه للحديث الثانى قال رحمه الله :
قوله : (الصيام جنة) والجَنَّة بضم الجيم الوقاية والستر.
وقوله : (فلا يرفث) أي الصائم ، كذا وقع مختصرا ، وفي الموطأ " الصيام جنة ، فإذا كان أحدكم صائما فلا يرفث .. الخ " ويرفث بالضم والكسر ويجوز في ماضيه التثليث ، والمراد بالرفث هنا وهو بفتح الراء والفاء ثم المثلثة الكلام الفاحش ، وهو يُطلَق على هذا وعلى الجماع وعلى مقدماته وعلى ذكره مع النساء أو مطلقا ، ويحتمل أن يكون لما هو أعم منها .
وقوله : ( ولا يجهل ) أي لا يفعل شيئا من أفعال أهل الجهل كالصياح والسفه ونحو ذلك .
قَالَ القرطبي : لا يُفهَم من هذا أن غير الصَّوْم يُباح فيه مَا ذُكِر، وإنما المراد أن المنع من ذلك يتأكد بالصوم .
وعن قوله: ( وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل : إني صائم مرتين ) فقد اتفقت الروايات كلها على أنه يقول " إني صائم " فمنهم من ذكرها مرتين ومنهم من اقتصر على واحدة.
قال :
إن كان المراد بقوله " قاتله " شاتمه لأن القتل يُطلَق على اللعن ، واللعن من جملة السب ، فالمراد من الحديث أنه لا يعامله بمثل عمله بل يقتصر على قوله " إني صائم ".
واختُلِف في المراد بقوله " فليقل إني صائم " هل يخاطب بها الذي يكلمه بذلك أو يقولها في نفسه ؟ وبالثاني جزم المتولي ونقله الرافعي عن الأئمة ، ورجح النووي الأوَّل في " الأذكار " وقَالَ في " شرح المهذب " كل منهما حسن ، والقول باللسان أقوى ولو جمعهما لكان حسنا .
وأما تكرار قوله " إني صائم " فليأكيد الانزجار منه أو ممن يخاطبه بذلك .
ونقل الزركشي : إن المراد بقوله " فليقل إني صائم مرتين " يقوله مرة بقلبه ومرة بلسانه ، فيستفيد بقوله بقلبه كف لسانه عن خصمه وبقوله بلسانه كف خصمه عنه .
وقَالَ الإمَامُ ابن حجر:
فائدة قوله " إني صائم " أنه يمكن أن يكف عنه بذلك ، فإِنْ أصر دفعه بالأخف فالأخف كالصائل ، هذا فيمن يروم مقاتلته حقيقة ، فإِنْ كان المراد بقوله " قاتله " شاتمه فالمراد من الحديث أنه لا يعامله بمثل عمله ، بل يقتصر على قوله إني صائم .
قَالَ الإمَامُ ابن حجر :
قوله : ( والذي نفسي بيده ) أقسم على ذلك تأكيدا .
وقوله : ( لخلوف ) المراد به تغير رائحة فم الصائم بسبب الصيام .
وقوله : ( يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي ) هكذا وقع هنا ، ووقع في الموطأ " وإنما يذر شهوته .. الخ " ولم يصرح بنسبته إلى الله للعلم به وعدم الإشكال فيه .
قَالَ الإمَامُ ابن حجر :
والجهة التي بها يستحق الصائم ذلك هي الإخلاص الخاص به ، فلو كان ترك المذكورات لغرض آخر كالتخمة لا يحصل للصائم الفضل المذكور ، لكن المدار في هذه الأشياء على الداعي القوي الذي يدور معه الفعل وجودا وعدما ، ولا شك أن من لم يعرض في خاطره شهوة شيء من الأشياء طول نهاره إلى أن أفطر ليس هو في الفضل كمن عرض له ذلك فجاهد نفسه في تركه ، والمراد بالشهوة في الحديث شهوة الجماع لعطفها على الطعام والشراب ، ويحتمل أن يكون من العام بعد الخاص .
ووقع في رواية الموطأ بتقديم الشهوة عليها فيكون من الخاص بعد العام .
وقَالَ الإمَامُ ابن حجر :
قوله: ( الصيام لي وأنا أجزي به ) أي سبب كونه لي أنه يترك شهوته لأجلي .
ولقد اختلف العلماء في المراد بقوله تعالى " الصيام لي وأنا أجزي به " مع أن الأعمال كلها له وهو الذي يجزي بها على أقوالٍ :
منها أن الصَّوْم لا يقع فيه الرياء كما يقع في غيره ، فأعمال البر كلها لله ، وهو الذي يجزي بها ، فنرى والله أعلم أنه إنما خص الصيام لأنه ليس يظهر من ابن آدم بفعله وإنما هو شيء في القلب .
ومنها أن المراد بقوله " وأنا أجزي به " أني أنفرد بعلم مقدار ثوابه وتضعيف حسناته ، وأما غيره من العبادات فقد اطَّلع عليها بعض الناس .
وقَالَ القرطبي : معناه أن الأعمال قد كُشِفَت مقادير ثوابها للناس ، وأنها تُضَاعَف من عشرة إلى سبعمائة إلى مَا شاء الله ، إلا الصيام فإِنَّ الله يُثِيبُ عليه بغير تقدير .
ومعنى قوله : " الصَّوْم لي " أي أنه أحب العبادات إلي والمُقَدَّم عندي .
وقَالَ القرطبي : معناه أن أعمال العباد مناسبة لأحوالهم إلا الصيام فإنه مناسب لصفة من صفات الحق ، كأنه يقول إن الصائم يَتَقَرَّب إليَّ بأمرٍ هو مُتَعَلِق بصفة من صفاتي .
ومنها : إن سبب الإضافة إلى الله أن الصيام لم يُعبَد به غير الله ، بخلاف الصلاة والصدقة والطواف ونحو ذلك .
ومنها : أن جميع العبادات تُوَفَّى منها مظالم العباد إلا الصيام .
وعن قوله: ( والحسنة بعشر أمثالها ) فالمعنى أن الحسنات يُضاعَف جزاؤها ، وثواب الصَّوْم لا يُقَدِّر قَدْرَهُ ولا يُحصِيه إلا الله تعالى .

ايهاب هديب
23/08/2009, 09:25 PM
جزيت خيرا أديبنا الكريم الأستاذ ايهاب ..
وتقبل الله منكم صالح العمل ..
وكل عام وأنتم بخير وعافية ..
والحديثان الشريفان أوردهما العلامة ( أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ) فى كتابه ( فتح الباري شرح صحيح البخاري ) ، وقام بشرحهما رحمه الله تعالى .. حيث قال عن الحديث الأول تحت عنوان ( بَاب الرَّيَّانُ لِلصَّائِمِينَ ) :
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَقُومُونَ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ ) .
قَوْلُهُ : ( بَابٌ ) بِالتَّنْوِينِ ( الرَّيَّانُ ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ وَزْنُ " فَعْلَانَ " مِنَ الرِّيِّ : اسْمُ عَلَمٍ عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَخْتَصُّ بِدُخُولِ الصَّائِمِينَ مِنْهُ ، وَهُوَ مِمَّا وَقَعَتِ الْمُنَاسَبَةُ فِيهِ بَيْنَ لَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الرِّيِّ وَهُوَ مُنَاسِبٌ لِحَالِ الصَّائِمِينَ ، وَسَيَأْتِي أَنَّ مَنْ دَخَلَهُ لَمْ يَظْمَأْ .
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ : اكْتُفِيَ بِذِكْرِ الرِّيِّ عَنِ الشِّبَعِ ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ أَنَّهُ يَسْتَلْزِمُهُ ، قُلْتُ : أَوْ لِكَوْنِهِ أَشَقَّ عَلَى الصَّائِمِ مِنَ الْجُوعِ .
قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ ) هُوَ ابْنُ دِينَارٍ ، وَسَهْلٌ هُوَ ابْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ .
قَوْلُهُ : ( إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا ) قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ : إِنَّمَا قَالَ : " فِي الْجَنَّةِ " ، وَلَمْ يَقُلْ : " لِلْجَنَّةِ " لِيُشْعِرَ بِأَنَّ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ مِنَ النَّعِيمِ وَالرَّاحَةِ فِي الْجَنَّةِ ، فَيَكُونَ أَبْلَغَ فِي التَّشَوُّقِ إِلَيْهِ . قُلْتُ : وَقَدْ جَاءَ الْحَدِيثُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِلَفْظِ : ( إِنَّ لِلْجَنَّةِ ثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ ، مِنْهَا بَابٌ يُسَمَّى " الرَّيَّانَ " لَا يَدْخُلُهُ إِلَّا الصَّائِمُونَ ) . أَخْرَجَهُ هَكَذَا الْجَوْزَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي غَسَّانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، وَهُوَ لِلْبُخَارِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ ، لَكِنْ قَالَ : ( فِي الْجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ ) .
قَوْلُهُ : ( فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ ) كَرَّرَ نَفْيَ دُخُولِ غَيْرِهِمْ مِنْهُ تَأْكِيدًا ، وَأَمَّا قَوْلُهُ : " فَلَمْ يَدْخُلْ " فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى " أُغْلِقَ " أَيْ : لَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ غَيْرُ مَنْ دَخَلَ . وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَخْلَدٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ : " فَإِذَا دَخَلَ آخِرُهُمْ أُغْلِقَ " هَكَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ مُسْلِمٍ ، وَفِي الْكَثِيرِ مِنْهَا : " فَإِذَا دَخَلَ أَوَّلُهُمْ أُغْلِقَ قَالَ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ : هُوَ وَهَمٌ . وَالصَّوَابُ " آخِرُهُمْ " . قُلْتُ : وَكَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي " مُسْنَدِهِ " وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي " مُسْتَخْرَجَيْهِ " مَعًا مِنْ طَرِيقِهِ ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَالْجَوْزَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَخْلَدٍ ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَغَيْرِهِ ، وَزَادَ فِيهِ : ( مَنْ دَخَلَ شَرِبَ ، وَمَنْ شَرِبَ لَا يَظْمَأُ أَبَدًا .. ) وَلِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ نَحْوُهُ ، وَزَادَ : وَمَنْ دَخَلَهُ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا وَنَحْوُهُ لِلنَّسَائِيِّ وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ ، لَكِنَّهُ وَقَفَهُ ، وَهُوَ مَرْفُوعٌ قَطْعًا ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا مَجَالَ لِلرَّأْيِ فِيهِ .
وفى شرحه للحديث الثانى قال رحمه الله :
قوله : (الصيام جنة) والجَنَّة بضم الجيم الوقاية والستر.
وقوله : (فلا يرفث) أي الصائم ، كذا وقع مختصرا ، وفي الموطأ " الصيام جنة ، فإذا كان أحدكم صائما فلا يرفث .. الخ " ويرفث بالضم والكسر ويجوز في ماضيه التثليث ، والمراد بالرفث هنا وهو بفتح الراء والفاء ثم المثلثة الكلام الفاحش ، وهو يُطلَق على هذا وعلى الجماع وعلى مقدماته وعلى ذكره مع النساء أو مطلقا ، ويحتمل أن يكون لما هو أعم منها .
وقوله : ( ولا يجهل ) أي لا يفعل شيئا من أفعال أهل الجهل كالصياح والسفه ونحو ذلك .
قَالَ القرطبي : لا يُفهَم من هذا أن غير الصَّوْم يُباح فيه مَا ذُكِر، وإنما المراد أن المنع من ذلك يتأكد بالصوم .
وعن قوله: ( وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل : إني صائم مرتين ) فقد اتفقت الروايات كلها على أنه يقول " إني صائم " فمنهم من ذكرها مرتين ومنهم من اقتصر على واحدة.
قال :
إن كان المراد بقوله " قاتله " شاتمه لأن القتل يُطلَق على اللعن ، واللعن من جملة السب ، فالمراد من الحديث أنه لا يعامله بمثل عمله بل يقتصر على قوله " إني صائم ".
واختُلِف في المراد بقوله " فليقل إني صائم " هل يخاطب بها الذي يكلمه بذلك أو يقولها في نفسه ؟ وبالثاني جزم المتولي ونقله الرافعي عن الأئمة ، ورجح النووي الأوَّل في " الأذكار " وقَالَ في " شرح المهذب " كل منهما حسن ، والقول باللسان أقوى ولو جمعهما لكان حسنا .
وأما تكرار قوله " إني صائم " فليأكيد الانزجار منه أو ممن يخاطبه بذلك .
ونقل الزركشي : إن المراد بقوله " فليقل إني صائم مرتين " يقوله مرة بقلبه ومرة بلسانه ، فيستفيد بقوله بقلبه كف لسانه عن خصمه وبقوله بلسانه كف خصمه عنه .
وقَالَ الإمَامُ ابن حجر:
فائدة قوله " إني صائم " أنه يمكن أن يكف عنه بذلك ، فإِنْ أصر دفعه بالأخف فالأخف كالصائل ، هذا فيمن يروم مقاتلته حقيقة ، فإِنْ كان المراد بقوله " قاتله " شاتمه فالمراد من الحديث أنه لا يعامله بمثل عمله ، بل يقتصر على قوله إني صائم .
قَالَ الإمَامُ ابن حجر :
قوله : ( والذي نفسي بيده ) أقسم على ذلك تأكيدا .
وقوله : ( لخلوف ) المراد به تغير رائحة فم الصائم بسبب الصيام .
وقوله : ( يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي ) هكذا وقع هنا ، ووقع في الموطأ " وإنما يذر شهوته .. الخ " ولم يصرح بنسبته إلى الله للعلم به وعدم الإشكال فيه .
قَالَ الإمَامُ ابن حجر :
والجهة التي بها يستحق الصائم ذلك هي الإخلاص الخاص به ، فلو كان ترك المذكورات لغرض آخر كالتخمة لا يحصل للصائم الفضل المذكور ، لكن المدار في هذه الأشياء على الداعي القوي الذي يدور معه الفعل وجودا وعدما ، ولا شك أن من لم يعرض في خاطره شهوة شيء من الأشياء طول نهاره إلى أن أفطر ليس هو في الفضل كمن عرض له ذلك فجاهد نفسه في تركه ، والمراد بالشهوة في الحديث شهوة الجماع لعطفها على الطعام والشراب ، ويحتمل أن يكون من العام بعد الخاص .
ووقع في رواية الموطأ بتقديم الشهوة عليها فيكون من الخاص بعد العام .
وقَالَ الإمَامُ ابن حجر :
قوله: ( الصيام لي وأنا أجزي به ) أي سبب كونه لي أنه يترك شهوته لأجلي .
ولقد اختلف العلماء في المراد بقوله تعالى " الصيام لي وأنا أجزي به " مع أن الأعمال كلها له وهو الذي يجزي بها على أقوالٍ :
منها أن الصَّوْم لا يقع فيه الرياء كما يقع في غيره ، فأعمال البر كلها لله ، وهو الذي يجزي بها ، فنرى والله أعلم أنه إنما خص الصيام لأنه ليس يظهر من ابن آدم بفعله وإنما هو شيء في القلب .
ومنها أن المراد بقوله " وأنا أجزي به " أني أنفرد بعلم مقدار ثوابه وتضعيف حسناته ، وأما غيره من العبادات فقد اطَّلع عليها بعض الناس .
وقَالَ القرطبي : معناه أن الأعمال قد كُشِفَت مقادير ثوابها للناس ، وأنها تُضَاعَف من عشرة إلى سبعمائة إلى مَا شاء الله ، إلا الصيام فإِنَّ الله يُثِيبُ عليه بغير تقدير .
ومعنى قوله : " الصَّوْم لي " أي أنه أحب العبادات إلي والمُقَدَّم عندي .
وقَالَ القرطبي : معناه أن أعمال العباد مناسبة لأحوالهم إلا الصيام فإنه مناسب لصفة من صفات الحق ، كأنه يقول إن الصائم يَتَقَرَّب إليَّ بأمرٍ هو مُتَعَلِق بصفة من صفاتي .
ومنها : إن سبب الإضافة إلى الله أن الصيام لم يُعبَد به غير الله ، بخلاف الصلاة والصدقة والطواف ونحو ذلك .
ومنها : أن جميع العبادات تُوَفَّى منها مظالم العباد إلا الصيام .
وعن قوله: ( والحسنة بعشر أمثالها ) فالمعنى أن الحسنات يُضاعَف جزاؤها ، وثواب الصَّوْم لا يُقَدِّر قَدْرَهُ ولا يُحصِيه إلا الله تعالى .

أستاذي الفاضل الكبير عبد المنعم جبر عيسي (http://www.merbad.net/vb/member.php?u=4158)
شرفني وجودك الخيّر في صفحتي
جزاك الله كل خير سيدي