المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اسلوب الاستفهام



طارق شفيق حقي
18/09/2004, 01:43 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الإستفهام: أسلوب يستعمل للإستفسار عن شيء ما وهو طلب العلم بشيء
لم يكن معلوماَ من قبل بأداة خاصة . وأدوات الإستفهام كثيرة منها : (الهمزة و هل) ولنبدأ بهاتين الأداتين:-


(1) استعمالات الهمزة :-


1-أن يطلب بها تعيين واحد من شيئين وتأتي بعدها (أم) ويكون الجواب بتعيين المُستفهم عنه مثل: أراكباً جاء خالد أ م ماشياً؟.

الجواب( إما راكب أو ماشي).

2- أن يُستفهم بها عن مضمون الجملة المثبتة. ويكون الجواب (نعم) في حالة الإثبات و(لا) في حالة النفي.


3- أن يُستفهم بها عن مضمون الجملة المنفية. ويكون الجواب(بلى) في حالة الإثبات
ونعم في حالة النفي مثل: ألم يحضر أخوك ؟


الجواب ( بلى للإثبات ، ونعم للنفي).
أمثلة للهمزة:-


1-أخالد فاز بالجائزة أم أسامة؟
2-أكاتب أنت أم شاعر؟


3-أمبكراً حضرت إلى الجامعة أم متأخر؟
4-أأسبوعاً قضيت في الجبل أم أكثر من أسبوع؟


فهذه الجمل جميعها تفيد الإستفهام الذي هو طلب العلم بشيء لم يكن معلوماً من قبل، وأداة الإستفهام في كل منهما هي الهمزة .
أمثلة أخرى للهمزة:-


1-أتصهر النار الأحجار؟
2-أينزل الثلج شتاء في الصحراء؟
3- أيُزرع القطن في الجزائر؟


وفي هذه الأمثلة جاء الإستفهام مخالفاً للأمثلة السابقة فالسائل( أتصهر النار الأحجار؟) متردد بين ثبوت صهر النار للأحجار ونفيه، فهو يجهل هذه النسبة، ولذلك يسأل عنها ويطلب معرفتها. ويكون الجواب (نعم) في الإثبات و(لا) في النفي.
(2) إستعمالات (هل):-



أمثلة على هل:-
1-هل تنام الطيور في الليل؟
2-هل تحب الموسيقى؟
3-هل يتألم الحيوان؟


السائل هنا لا يتردد في معرفة مفرد من المفردات، ولكنه متردد في معرفة النسبة، فلا يدري أمثبتة هي أم منفية، فهو يسأل عنها، ولذلك يجاب عليه ب(نعم) في الإثبات و(لا) في النفي. وعلى ذلك لاتستعمل (هل) إلا لطلب التصديق فقط، ويمنع معها ذكر المعادل.
وإتماماً للكلام عن (الهمزة وهل) يوجد بعض النقاط:-
النقطة الأولى:-



تقسم هل إلى قسمان:-
1- بسيطة: إن استفهم بها عن وجود شيئ أو عدمه، نحو:
هل يصدأ الذهب؟ فالمطلوب هنا هو معرفة ثبوت الصدأ للذهب أو نفيه عنه، ولذلك يُجاب في الإثبات (نعم) وفي النفي (لا).
2- مركبة: إن استفهم بها عن وجود شيء لشيء أو عدمه، نحو:
هل نهر النيل يصب في البحر الأبيض؟ فالعلم بوجود نهر النيل أمر لاشك فيه، ولكن المجهول عنه والمطلوب معرفته هو ثبوت صبه في البحر الأبيض أو نفيه عنه. ولهذا يُجاب عنه أيضاً في الإثبات (نعم) وفي النفي (لا).


النقطة الثانية:-



المسؤول عنه بالهمزة التي للتصور يلي الهمزة مباشرة، سواء أكان هو:-
1-المسند إليه نحو: أأنت الذي جاء لزيارتي أمس أم غيرك؟
2-أو المسند نحو: أمسافر أنت في الصيف أم مقيم؟
3-أو مفعولاً به نحو: أكتاباً قرأت في الأدب أم أكثر من كتاب؟
4-أو حالاً نحو: اماشياً تغدو إلى عملك أم راكباً
5-أو زماناً نحو: أساعة أمضيت في زيارة صديقك أم ساعتين؟


بقية أدوات الإستفهام:-



1- من: ويُطلب بها تعيين العقلاء، كقولنا من هذا؟ هذا محمد.
2- ما : ويُطلب بها شرح الإسم أو ماهية المسمى. وشرح الإسم يُراد به بيان مدلولة لغة، أي بيان المعنى الذي وُضع له في اللغة، نحو: ما الكبرياء؟ فيكون الجواب : إنها العظمة. أما ماهية المسمى فهي حقيقته التي هو بها: كأن يُقال: ماالإنسان؟ فيكون الجواب الإنسان هو الحيوان الناطق.
3- متى: ويُطلب بها تعيين الزمان ماضياً كان أو مستقبلاً مثل: متى جئت؟ والجواب: صباحاً.
4- أيان: ويُطلب بها تعيين الزمان المستقبل خاصة، وأكثر ما تكون في مواضع التفخيم، أي في المواضع التي يُقصد فيها تعظيم المسؤول عنه والتهويل بشأنه، نحو قوله تعالى:يسأل أيان يوم القيامة .


5- كيف: ويُطلب بها تعيين الحال، نحو: كيف أحمد.
6- أين: ويُطلب بها تعيين المكان، نحو: أين المعلم؟ فجوابه: المعلم في الصف.
7- أنى: وتأتي لمعانٍ عدة، فتستعمل مرة بمعنى (كيف) نحو: أنى يتوقع المرء النجاح في عمله وهو لا يعمل له؟ ومرة بمعنى(من أين) نحو: أنا لك هذا؟.
8- كم: ويُطلب بها تعيين العدد، نحو: كم من الوقت جلست في الصف؟ .
9- أي: ويُطلب بها تعيين أحد المتشاركين في أمر يعمهما، نحو قوله تعالى:أي الفريقين خير مقاما. وعلى هذا يُسأل (بأي) عن العاقل وغير العاقل، وعن الزمان والمكان والحال والعدد على حسب ما تُضاف إليه، فإن أُضيفت إلى عاقل أخذت حكم(من)، وإن أُضيفت إلى زمان أو مكان أو عدد أُعطيت حُكم (متى) أو (أين ) أو (كم) على التوالي.


المعاني التي تُستفاد من الإستفهام بالقرائن:-
إن أدوات الإستفهام قد تخرج عن معانيها الأصلية إلى معان أُخرى على سبيل المجاز تفهم من سياق الكلام وقرائن الأحوال . ومن هذه المعاني الأخرى الزائدة التي تحتملها ألفاظ الإستفهام وتستفاد من سياق الكلام:-
1-النفي: وذلك عندما تجيئ لفظة الإستفهام للنفي لا لطلب العلم بشيء كان مجهولاً.
ومن أمثلة ذلك في القرآن الكريم قوله تعالى:فمن يهدي من أضل الله،
وقوله:هل جزاء الإحسان إلا الإحسان.



فظاهر هذه الأيات الكريمة الإستفهام، والمعنى: لا هادي لمن أضل الله . وليس جزاء الإحسان إلا الإحسان .
ومن الشعر الذي خرج فيه الإستفهام إلى النفي قول الفرزدق:
أين الذين تسامى دار ما؟ أم من إلى سلفى طهية تجعل؟


2- التعجب: كقوله تعالى:ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق وقوله تعالى على لسان سليمان عليه السلام:مالي لا أرى الهدهد. فالغرض من هذا السؤال هو التعجب، لأن الهدهد كان لا يغيب سليمان إلا بإذنه، فلما لم يبصره تعجب من حال نفسه وعدم رؤيته.
3- التمني: وذلك عندما يكون السؤال موجها إلى من لا يعقل.
ومن أمثلته:


هل الحدث الحمراء تعرف لونها ؟ وتعلم أي الساقيين الغمائم


هل بالطول لسائل رد؟ أم هل لها بتكلم عهد؟


أيدري الربيع أي دم أراقا؟ وأي قلوب هذا الركب شاقا؟


أما تغلط الأيام في بأن أرى بغيطا تنائي أو حبيبا تقرب؟


فيا ليلة قد رجعنا بها سعيدين، من لى بأن تقبلي؟


وقول أبي العتاهية في مدح الأمين:
تذكر أمين الله حقي وحرمتي وما كنت توليني لعلك تذكر



فمن لي بالعين التي كنت مرة إلي بها في سالف الدهر تنظرر؟



4- التقرير: حمل المخاطب على الإقرار بما يعرفه إثباتاً ونفياً لغرض من

الأغراض، على أن يكون المقرر به تالياً لهمزة الإستفهام، فتقول: أفعلت؟ إذا أردت أن تقرره بأن الفعل كان منه، وتقول: أأنت فعلت؟ إذا أردت أن تقرره بأنه الفاعل، وتقول: أشعرا نظمت؟ إذا أردت أن تقرره بأن منظومه شعر، وهكذا.


ومن الإستفهام التقريري قوله تعالى: ألم نشرح لك صدرك. وقوله:ألم نر بك فينا وليدا.
ومن أمثلته شعرا :
ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راح؟


ألست المرء تجبي كل حمد إذا ما لم يكن للحمد جاب؟


ألست أعمهم جودا وأزكا هم عودا وأمضاهم حساما؟


5- التعظيم: وذلك بالخروج بالإستفهام عن معناه الأصلي واستخدامه في الدلالة

على ما يتحلى به المسؤول عنه من صفات حميدة كالشجاعة والكرم والسيادة والملك وما أشبه ذلك.


ومن أمثلته:


من فيكم الملك المطاع كأنه تحت السوابغ تبع في حمير؟


أضاعوني وأي فتى أضاعوا ليوم كريهة وسداد ثغر؟


من للمحافل والجحافل والسُرى؟ فقدت بفقدك نيرا لا يطلع


ومن اتخذت على الضيوف خليفة؟ ضاعوا، ومثلك لا يكاد يضيع


إذا القوم قالوا: من فتى لعظيمة؟ فما كلهم يُدعي ولكنه الفتى
إذا القوم قالوا: من فتى؟ خلت أنني دُعيت، فلم أكسل ولم أتلبد
6- التحقير: عندما يخرج الإستفهام عن معناه الأصلي للدلالة على ضأالة المسؤول


عنه وصغر شأنه مع معرفة المتكلم أو السائل به، نحو: من هذا؟. والعلاقة أن المحتقَر من شأنه أن يجهل لعدم الإهتمام به فيسأل عنه والإحتقار فيه إظهار حقارة


المخاطب وإظهار إعتقاد صغره، ولذلك يصح في غير العاقل نحو: ما هذا؟ ، أي هو شيء حقير قليل.
ومما ورد منه في القرآن قوله تعالى على لسان الكفار:أهذا الذي بعث الله رسولا
ومن أمثلته شعرا:

فدع الوعيد فما الوعيد بضائري أطنين أجنحة الذباب يطير؟

أتظن أنك للمعالي كاســـــــــب وخبى أمرك شرة وشنار؟

من أية الطرق يأتي مثلك الكرم؟ أين المحاجم يا كفور والجلم؟

أيشتمنا عبد الأراقم ضلة؟ فماذا الذي تُجدي عليك الأراقم؟


ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1)الشرة بكسر الشين: الشر والحدة والحرص، والشنار بفتح الشين: أقبح العيب.
(2) المحاجم : جمع محجمة بكسر الميم وهي الوعاء الذي يُجمع فيه دم الحجامة عند المص، والجلم: أحد شقىالمشرط :
قيل أن كافورا كان عبدا لحجام بمصر ثم إشتراه الأخشيد
.
(3)الأراقم: حي من تغلب، وعبد الأراقم : كناية عن الأخطل.




7- الإستبطاء: وهو عد كل الشيء بطيئا في زمن انتظاره وقد يكون محبوبا منتظرا، ولهذا يخرج الإستفهام فيه عن معناه الأصلي للدلالة على بعد زمن السؤال،

وهذا البعد يستلزم الإستبطاء، نحو قولك لمخاطب دعوته فأبطأ الإستجابة لك: كم دعوتك؟
فليس المراد هنا الإستفهام عن عدد مرات الدعوة أو النداء وإنما المراد أن تكرر

الدعوة قد باعد بين زمن الإجابة وزمن السؤال، وفي ذلك إبطاء، ولهذا جاء السؤال

دالا على استبطاء تحقق المسؤول عنه، وهو الإستجابة للدعوة المتكررة.
ومن أمثلة ذلك قولك: كم انتظرتك؟، ونحو قوله تعالى:متى نصر الله .


8- الإستبعاد: وهو عد الشيء بعيدا حسا أو معنى، وقد يكون منكرا مكروها غير منتظر أصلا، وربما يصلح المحل الواحد له وللإستبطاء. وعلى هذا قد يخرج


الإستفهام عن معناه الأصلي للدلالة على استبعاد السائل للمسؤول عنه، سواء أكان البعد حسيا مكانيا، نحو قول شوقي وهو منفي في الأندلس أين شرق الأرض من أندلس؟ أو بعدا معنويا كمن يقول لمن هو أعلى منه منزلة: أين أنا منك؟


9- الإنكار: وقد يخرج الإستفهلم عن معناه الأصلي للدلالة على أن المُستفهم عنه
أمر منكر عرفا أو شرعا، نحو قولك لمن يقف بسيارته في طريق عام غير مناسب

: أتعوق غيرك عن السير في الطريق؟ ونحو قولك لمسلم يأكل أو يدخن نهارا في رمضان: أتأكل أو تدخن في شهر الصيام؟ فأنت في كلا السؤالين تنكر على

المخاطب صدور مثل هذا العمل منه وتقرعه عليه.
والإستفهام الإنكاري يكون على أوجه، فهو:


1- إما إنكار للتوبيخ على أمر وقع في الماضي، بمعنى ما كان ينبغي أن يكون ذلك لأمر الذي كان، نحو قولك لمن صدر منه عصيان: أعصيت ربك؟.
2- وإما إنكار للتوبيخ على أمر واقع في الحال أو خيف وقوعه في المستقبل، والمعنى على هذا: لا ينبغي أن يكون هذا الأمر، نحو: أتعصي ربك؟ تقول هذا لمن واقع في المنكر أو لمن هم أن يقع فيه، على معنى: لا ينبغي أن يحدث منك حالا أو

يصدر عنك استقبالا . ويسمى الإنكار في الحالتين السابقتين الإنكار التوبيخي.
3- وإما إنكار للتكذيب في الماضي، بمعنى (لم يكن)، أي أن المخاطب إن ادعى وقوع شيء فيما مضى، أو نزل منزلة المدعي أتى بالإستفهام الإنكاري تكذيبا له في


دعواه، نحو قوله تعالى لمن اعتقدوا أن الملائكة بنات الله:أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا . أي: أنه لم يفعل هذا لتعاليه عن الولد مطلقا.


4- وإما إنكار للتكذيب في الحال أو المستقبل، بمعنى (لا يكون) نحو قوله تعالى على لسان نوح عليه السلام عندما دعا قومه للتوحيد فكذبوه قال ياقوم: أرأيتم إن كنت على بينة من ربي، وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم، أنلزمكموها وأنتم لها كارهون .
أي أنلزمكم تلك الحجة البينة على أني رسول الله؟ أي أنكرهكم على قبولها، والحال أنكم لها كارهون، يعني لايكون هذا الإلزام . فالإنكار في هذين الحالين إنكار لأمر كاذب، ولذلك يسمى في الحالتين الإنكار التكذيبي.
ويجب في الإستفهام الإنكاري أن يقع المنكر بعد همزة الإستفهام وقد يكون المنكر هو(الفعل) نحو قوله تعالى:وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة فالمنكر هو نفس الفعل، أي اتخاذ الأصنام ألهة.


وقد يكون المنكر هو(الفاعل) في المعنى، كقوله تعالى: أهم يقسمون رحمة ربك


أي ينكر عليهم أن يكونوا هم المتخيرين للنبوة من يصلح لها المتولين لقسم رحمة الله التي لا يتولاها إلا هو بباهر قدرته وبالغ حكمته.
وقد يكون المنكر (المفعول) نحو قوله تعالى: أغير الله أتخذ وليا 
10- التهكم: ويُقال له أيضا السخرية والإستهزاء، وهو إظهار عدم المبالاة



بالمستهزأ أو المتهكم به ولو كان عظيما. وقد يخرج الإستفهام عن معناه الأصلي للدلالة على هذا المعنى، نحو قوله تعالى حكاية عن الكافرين في شعيب:قالوا يا

شعيب أصلاتك تأمرك أن تترك ما يعبد أباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء، فالقصد هنا هو الإستخفاف بشأن شعيب في صلاته التي يلازمها، لأن شعيب كان كثير الصلاة، وكان قومه إذا رأوه يصلي تضاحكوا، فقصدوا بسؤالهم لشعيب الهزء والسخرية والتهكم لا حقيقة الإستفهام.



11- التسوية: وتأتي الهمزة للتسوية المصرح بها نحو قوله تعالى: إن الذين كفروا


سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ، فهم يعلمون مسبقا أنهم أنذروا ومع ذلك أصروا على كفرهم وعنادهم، وفي هذه الحالة خرج الإستفهام عن معناه الحقيقي ليؤدي معنى مجازيا بلاغيا هو التسوية.
12- الوعيد: ويسميه بعض البلاغيين (التهديد)، وذلك نحو قولك لمن يسيء



الأدب:ألم أؤدب فلانا؟ إذا كان المخاطب إذا كان المخاطب المسيء للأدب عالما بذلك، وهو أنك أدبت فلانا، فيفهم معنى الوعيد والتهديد والتخويف فلا يحمل كلامك على الإستفهام الحقيقي. ومنه قوله تعالىألم تر كيف فعل ربك بعاد
13- التهويل: وهو التعظيم والتفخيم لشأن المستفهم عنه لغرض من الأغراض،


وذلك كقراءة ابن عباس لقوله تعالى:ولقد أنجينا بني إسرائيل من العذاب المهين،

من فرعون فقد قرأ ابن عباس (من فرعون) بفتح ميم (من) على أنها اسم استفهام خبر مقدم، و(فرعون) بالرفع على أنها مبتدأ. وحقيقة الإستفهام على هذه القراءة


غير مرادة، وإنما المراد تفظيع أمر فرعون والتهويل بشأنه لبيان شدة العذاب الذي نجا منه بنو إسرائيل. وللتهويل من شأن فرعون وعذابه، قال تعالى:إنه كان عاليا من المسرفين، أي أنه كان عاليا في ظلمه مسرفا في عتوه.


14- التنبيه على الضلال: نحو قوله تعالى:فأين تذهبون، وليس القصد هنا

الإستفهام عن مذهبهم وطريقهم، بل التنبيه على ضلالهم وأنه لا طريق لهم ينجون به. وكثيرا ما يؤكد هذا الإستعمال بالتصريح بالضلال، فيقال لمن ضل عن طريق القصد: يا هذا إلى أين تذهب؟ قد ضللت فارجع، وبهذا يُعلم أن التنبيه على الضلال لا يخلوا من الإنكار والنفي.



15ـ التشويق: وفيه لا يطلب السائل العلم بشيء لم يكن معلوما له من قبل، وإنما يريد أن يوجه المخاطب ويشوقه الى أمر من الأمور، نحو قوله تعالىيا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم؟ تؤمنون بالله ورسوله، وتجاهدون


في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم، ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون. ومن هذا القبيل قوله تعالى على لسان إبليس عندما راح يوسوس لآدم ويغريه بالأكل من الشجرة

التي نهاه الله عن الإقتراب بها: قال ياآدم: هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى.
16- الأمر: وقد يخرج الإستفهام عن معناه الحقيقي ليدل على معنى الأمر، نحو قوله تعالىفهل أنتم مسلمون أي أسلموا، وقوله تعالى:فهل أنتم منتهون أي


انتهوا، ومن هذا القبيل أرأيت؟ أو أرأيتك فإنه إستفهام خرج إلى الأمر بمعنى (أخبرني). وقد ورد هذا الأسلوب كثيرا في القرآن الكريم، ومنه قوله تعالى:أرأيتم


اللاة والعزة ومناة الثالثة الأخرى أي أخبروني عن هذه الأصنام الثلاثة التي كانوا يزعمون أنها تمثل بعض الملائكة، وكانوا يتقربون بها إلى الله. ومنه قوله تعالى:أفرأيت الذي تولى، وأعطى قليلا ثم أكدى .


17- النهي: وقد يخرج الإستفهام عن معناه الحقيقي إلى معنى النهي، أي إلى طلب الكف عن الفعل على وجه الإستعلاء نحو قوله تعالى:أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه، أي لا تخشوهم فالله أحق أن تخشوه.
18- العرض: ومعناه طلب الشيء بلين ورفق. ومن أدواته(ألا) بفتح الهمزة وتخفيف اللام، و(أما) وتختص كلتا الأداتين اذا كانت للعرض بالدخول على الجملة


الفعلية، نحو قوله تعالىألا تحبون أن يغفر الله لكم ونحو: أما تزورونا فتدخل السرور علينا؟
19- التحضيض: ومعناه طلب الشيء بحث. ومن أدواته (لولا) و (لوما) و (هلا)



وتشديد اللام. وهذه الأدوات إذا كانت للتحضيض فإنها تختص بالدخول على جملة فعلية فعلها ماض أو مستقبل.
فإذا وقع بعد أداة من هذه الأدوات فعل ماض، فإن معناها يخرج إلى اللوم والتوبيخ فيما تركه المخاطب، أو يُقدر فيه الترك، نحو قولك لمن قصر في الإمتحان: هلا أعددت للإمتحان عدته؟ ولمن جاء متأخرا: لولا حضرت مبكرا؟ ولمن تراخى وتباطأ في عمله: ألا بدأت عملك؟ ولمن تسرع في القيام بواجبه فلم يحسنه: لوما تأنيت في أداء واجبك؟ فالتحضيض في كل هذه المعاني قد خرج إلى اللوم والتوبيخ، وذلك لوقوع الفعل الماضي بعد كل أداة تحضيض.
ومنه قول أبي فراس الحمداني من قصيدة طويلة في التشييع لآل على والرد على خصوهم:
هلا صفحتم عن الأسرى بلا سبب؟ للصافحين ببدر عن أسيركم؟
هلا كففتم عن الديباج سوطكم؟ وعن بنات رسول الله شتمكم؟
أما إذا وقع الفعل المستقبل بعد أي أداة من الأدوات السابقة فإن معنى التحضيض يخرج إلى الحث في طلب شيء، كقول المعلم لتلميذه الذي لا يظهر اجتهادا: لولا تجتهد؟ ولمن لا يصغي إليه أثناء الدرس: لوما تصغي إلي؟، ولمن ينقطع عن المدرسة أحيانا: ألا تواظب على الحضور إلى المدرسة؟ ولمن يقرأ من غير جد: هلا تقرأ خير من ذلك؟
فالتحضيض في كل هذه المعاني قد خرج إلى الحث أو الإستحداث على الفعل، وذلك لوقوع الفعل المستقبل بعد أدوات التحضيض. ومما ورد من ذلك في القرآن الكريم قوله تعالى: لوما تأتينا بالملائكة وفي هذا شاهد على وقوع الفعل المستقبل بعد أداة التحضيض فأفاد طلب الفعل بحث، وقد خرج الإستفهام هنا إلى معنى الأمر، أي إيتنا بالملائكة.
وقد يلي الفعل الماضي أداة التحضيض فلا يفيد اللوم والتوبيخ وإنما يفيد الطلب بحث، وذلك لأن الماضي في تأويل الفعل المستقبل، نحو قوله تعالى:لولا أخرتني إلى أجل قريب إذ المعنى: لولا تأخرني إلى أجل قريب.
وقد تستعمل أداة العرض (ألا) للتحضيض إذا دلت على طلب الفعل بحث نحو قوله تعالى :ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم، وكقولك لمن يخلف الوعد: ألا تفي بوعدك؟ ولمن يضيع وقته سدى: ألا تملأ وقتك بعمل نافع؟ وهكذا….

أسامة يوسف
03/01/2006, 11:43 PM
أشكرك على الجهد الذي قمت به