المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مواسم الجراد



سيومي خليل
14/08/2009, 10:56 PM
الباقي من الطريق سأقطعه زاحفا ، سأحاكي الثعابين التي قيل إنها كانت تمشي على قدمين ، ثم سأصل شامخا كما يفعل كل واصل ، وسأتمتع بلقياها ، سأسقط على الجسد كما يسقط الجراد على سنابل القمح ، ثم سأرتفع .. ثم سأنخفض .
الجراد أكل قمح جدي . جدي أكل الجراد الذي قتلته مبيدات الجماعة القروية . القروية أكلت عرق سكان الدوواير المنكوبة… وأبي يأكل الحكاية في غيض .
هل أسأل عن الرابط بين جسدها وجسد الجراد المقلي ؟؟؟
أبي هل كان الجراد لذيذا ؟؟؟
-(…)
أيضا هي الآخرى ؛ تسمع لعظامها رنينا معدنيا ، وأغلب مفاصلها تحتاج قبل كل أكلة لتشحيم خفيف . سأجرب أن أقتلها بمبيدات الجماعة القروية .
أكلوا الجراد أكثر منا ، وهم الآن يأمرون ، حتى أوراق الشجر *ويرني * البطاطا البرية … أكلوا الأفئدة والقلوب .
أبي يرهق أكثر من قصة فاشلة . سأجرب أن أزحف كي أصل إليها شامخا . أعطيت أذني لأبي كي لا يعلمني أدب الإستماع . أخذت سطل الماء، صعدت إلى السطح ، إقتربت من بيت الجارة ، قلدت صوتها كي تأتي كما دائما . هذه المرة كما الجراد سألتهمها بعد أن أميتها بالمبيدات القروية .
أبي يحملني إلى أقرب مستشفى خاص . لا يمكنها أن تلحق بي إلى المستشفى . أمعنت في تقليد صوتها أكثر ، ثم قفزت من بين يدي والدي وبدأت أزحف .
-(…)
- الثعابين هي من يأكلها ، والمستشفى لن أجد بها من تشبهها . ثعبان أفضل من جراد .
وضع أحد ما كفه على جبيني ، وأدخلتني سيدة بها رائحة الموت إلى غرفة بها رائحة الموت جنب آخرين بهم رائحة الموت … ثم تركت لوحدي .
أكمل والدي رحلته مع الجراد ، وجدي ما زال حاقدا في تربته على الجراد الذي أكل قمح ضيعته ، وما زالت هي من بيت الجارة لم تأتي … يا لهفي عليك .
أمي تقول أني كنت في مرضي أنادي على فاطمة . زوجة أخي تلعب بخدي … ما ذا كان يأكل الجراد حتى جاءته النوارس ؟؟؟؟. الجراد يملأ غرفة الموت ، ويملأ الشوارع والمدن … هل تحولنا إلى جراد ؟؟؟
سأعود إلى البيت قبل أن يفكر والدي في غلق الباب الذي يؤدي إلى السطح ، الذي سقطت من فوقه ، الذي تأتي إليه مزهوة من بيت الجارة ، والذي فيه أتأمل جسدها .
لم تعدني فاطمة في مرضي ، لكنها جاءت يوم النحر . لست كشبيهاتك يا فاطمة .. هن يختفين في هذا اليوم .
هل سمعت بالجراد الذي لا يحبه والدي ؟؟؟. لم أكن أعرفه مثلك ، لكنه يوجد في أي مكان ودائما . بالمستشفى التي عرفت فيها الموت صدفة يوجد الجراد ، لا يترك أخضرا ولا يابسا ، يترك فقط دما . في الشارع أيضا … فاطمة إقتربي .. لا تسمعي أحدا صوتك فالجراد قد غزا وتمكن وملك … هم يقتلون كل شيء بمبيداتهم التي خزنوها في جيناتهم بعد تعرضهم أول الأمر للإبادة ، لكنهم الآن تمكنوا لأن حماتنا ذهبوا .
فاطمة لا تتركيني ..
زحفت لألحق بها . زحفت كالثعبان لأصطاد الجراد الذي لم يعد يطير . زحفت لأخفف عن جدي حرقة الجراد بقلبه المكلوم . زحفت لأصل شامخا ، فما يفعله هذا الجراد هو أقل بكثير من الزحف .
حتى الزحف أبناء الجراد لم يعد بمقدوركم ممارسته .
فاطمة .. فاطمة .. لقد تعرضنا كلنا لقصف المبيدات ، لا ينقص إلا أن أقتلك بها ، فلن يعيش شيء بعد سيادة الجراد ،وأنا لا أريد لهم أن يقتلوك .. سيكون قتلي لك رحيما . فاطمة .. وتغيب فاطمة ، ويكثر هذا الجراد .
عفوا جدي لن أخذ حقك من الجراد ، بل سأبحث عن فاطمة .
وجدت فاطمة ، لكنها كانت تشبه الجراد الذي لا يستطيع الزحف . فاطمة .. لقد جعلتني أضيع حق جدي . ثم قتلت فاطمة وجدي .. وكل الذين سمحوا بإنشاء مواسم الجراد . وقتلتني .. فلم نخلق لزحف .